• ×

10:11 مساءً , الإثنين 5 محرم 1447 / 30 يونيو 2025

أسباب الانضمام لداعش

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ..
مقدمة..
لاشكَّ أن داعش أصبحت تُشكل ظاهرة خطيرة على مستوى العالم في أفعالها المعلنةِ والمصورة وتأثيرها حتى رأيناه وصل بها إلى حدِّ الرغبة في زعزعة الدول الآمنة والعبث بإثارة الطائفية بين الشعوب ثمَّ امتد ذلك لاستهداف الأقارب بالتصفية والاغتيال وغير ذلك من أعمال شئنا أم أبينا هي تنسب للدين والمنهج السلفي الذي هو-حقيقةً- براءٌ من فعلها وفكرها..رَغم سعي المتآمرين لنسبتها إليه ورَغم جُهد العلماء والدعاة لنفي فكر داعش والبراءة منه في غير ما مناسبة إلا أنه لا زال له تأثيرٌ على البعض على قلتهم باعتناقه والانتماء إليه والاستعداد لتنفيذ ما يطلب منه حتى ولو لم يسافر إليهم أو يعيش بينهم!!..من هنا أتت أهمية البحث في أسباب ذلك الانضمام،وإغراء الاقتناع بهذا الفكر الشاذ في طرحه العنيف في تناوله والمخالفة للدين والفطرة والذي يستلزم التضحية أيضاًَ..ونحن إذا استطعنا معرفة الأسباب وبحثناها بشكلٍ دقيق فإننا حينئذٍ نستطيع علاجها بتلافي أسبابها..وقد تكون الأسباب متعدّدة إلا أنني أحببت التركيز على المهم منها في نظري وهي تتلخص في الآتي..
أسباب الانضمام لداعش
١-أن يكون المقتنع بفكرها ذو نفسية جاهزة للتأثر وميلٍ إلى العنف في تناول القضايا ولو لم يلتقِ بأحد إلا عبر النت ووسائل التواصل حين يستهويه هذا الطرح فيميل إليه ..
2-قد تكونُ ممارسة المحرمات والولوغ بها سبباً لطلب التكفير عن فعله لها بكفّارةٍ يعتقدُ فيها وضوح الصورة لديه والنجاة مما فعل بالانضمام لجوٍّ يحمل صبغةً دينية ويُضفي عليه عاطفةً نفسية تعوضه عما سبق له من أفعال..
3-التربية والعيش في بيئة أو أسرة متشددة تكثر من النقمة على الأوضاع والحديث عن الواقع بطريقة سلبية ونظرةٍ تشاؤمية تساهم في رسم صورةٍ سوداوية عن الحلول في هذا المجتمع ويزيد من ذلك وجود معتقلين من المحيطين بهم أو المتأثرين بفكرهم..
4-البعد عن العلم الشرعي وفهم العلماء وتقليل مكانتهم وإسقاطهم من الصورة والرأي بدعوى قلة وعيهم وعدم فهمهم للواقع وأنهم قَعَدةً ليسوا من أهل الجهاد واتهامهم بتهمة التخاذل ثم اتخاذ طلبة علم صغار يأخذون مسائل ويركزون عليها ويهملون غيره كالتركيز على مسائل التكفير والجهاد والولاء والبراء وإهمال مسائل أخرى كأهمية تغليب المصالح الشرعية مقابل المفسدة وكذلك مبدأ التعايش بين الطوائف وكيفية العلاقة مع دول العالَم..
5-الرغبةُ العارمةُ للمنتمي والمتأثر بإشباعِ شهوةِ السلطةِ والرياسةِ لديه ورغبة التعامل مع السلاح ولذة السيطرة إضافة لشهواتِ المال والنساءِ وداعش تستخدم كل ذلك بذكاءٍ منقطع النظير عبر رسائل من الموجودين لديهم إلى غيرهم لإغرائهم بالانتماء والقناعة بالفكر من خلال هذه الإغراءات.
6-ضعف برامج التوجيه السليمة الشرعية والتربوية التي تنافس ذلك الإغراء وقلة المناشط التي تستوعب قدرات الشباب بأنواعها وتجميد بعض الفعاليات التي يمكن لها علاج ظواهر الشباب واهتماماتهم أياً كانت وهذا كله يهيئ لبيئةٍ تستقبل الفساد الفكري ولا أخلاقي بأنواعه..
7- ضعف الحوار وفقده وقلة وجود الجو الحر المناسب لطرحه لا شك أنه سببٌ لكثيرٍ من المشكلات ومنها مسألة الغلو والتطرف وحين يكون الحوار مفتوحاً لمناقشة قضايانا المصيرية والبحث عن حلول لها مع احترامٍ لوجهات النظر المتبادلة ونبذٍ للتصنيف والاتهام المسبق فستقل حينئذٍ كثيرٌ من مشكلاتنا..
8-الإحباط الناتج من سوء وضعف التعامل مع الأوضاع المؤلمة في العالَم والمؤامرة المحيطة ببلاد الإسلام كقتل المسلمين والتضييق وضعف الأمن والفقر وانعدام الحلول الممكنة وغيرها من الضغوطات فيرون بِقصر نظرتهم أن داعش تمثل حلاً لما يرونه من تلك المآسي وداعش توظف بذكاء هذه الأحداث والمؤامرات والتحالفات لإغراء المنتمين..
9- سوء التعامل مع ضغوطات الواقع وحب تغيير الحال قد يكون سبباً للتحول الفكري لاسيما عند الشباب العاطفي الذي لا يعرف المواءمة بين واقعه وتربيته وتعليمه فيعيش قلقاً فكرياً ونفسياً ليصبح فريسة جاهزة لفكر الغلو والتطرف..
10- استطاعت داعش عبر الإغراء بالإعلام بالمقاطع والدعاية المنشورة وعبر وسائل التواصل برفع رايات وعناوين دينية وتصوير عيش الحياة الكريمة الحرة باسم الجهاد وأرض الخلافة والجوِّ المحافظ والحكم الإسلامي المزعوم وهذه كلها راياتٌ تُغري وتَغش المنضمين لها لاسيما من صغار السن والعقول وقليلي الخبرة فإذا ما اكتشفوا خلاف ما كانوا يظنون خلف تلك الرايات فإنهم قد تورطوا وصَعُبَ عليهم الانسحاب..
11- سوء التعامل مع ظاهرة داعش لاسيما في الإعلام واستهزائه بهم بمعلوماتٍ قد تكون مغلوطة ومثيرة لهم!!أو كذلك بمجاملة الفكر مع بدايته رغبةً في إصلاحه وتساهلاً مع تطرفه وظناً بمحدوديته لاشك أن كل هذه الأخطاء كانت عاملاً مؤثراً في تسويق هذا الفكر ليعبث بالعقول
المنتمية إليه..
خاتمة..
هذا ما تيسر كتابته حول أسباب الانتماء لفكر داعش والتأثر به وقد يكون هناك أسباب أخرى تختلف من شخصٍ لآخر في التأثير عليه واقتناعه بالفكر كأسبابٍ اقتصادية أو أسريةٍ خاصة أو ظلمٍ تعرض له أو الوقوع بين خيرين أحلاهم مرة كما هو الحال في مناطق الصراع في سوريا والعراق والعشائر المجبرة على اختيار حليفٍ لها..
لكنَّ هذه الأسباب وغيرها مما لم يذكر يبين أن علاج مثل هذا الفكر المتطرف الذي أصبح ظاهرة لا يكون فقط علاجاً أميناً -رغم أهميته- ولكن لابد من تضافر الجهود لدراسته ومعرفته من قبل الخبراء أولاً ورصد ظاهرته ثانياً ومدى تأثيرها بدقةٍ وبلا مبالغةٍ تخرجها عن المقصود ثم التعاون على وضع الحلول والبرامج الكفيلة بالقضاء عليه ورسم خطةٍ طويلة الأجل للوقاية والحماية من التأثر به مستقبلاً..والله نسأل أن يحمينا من فكر الغلو والتطرف وفعلهما وأن يحمي بلادنا وبلاد المسلمين من كل فتنةٍ ومؤامرةٍ..وأن يرينا الحق حقاً ويرزقنا إتباعه ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه ..

كتبه
عبد المحسن بن عبد الرحمن القاضي
@aalqady005
 0  0  1453
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 10:11 مساءً الإثنين 5 محرم 1447 / 30 يونيو 2025.

Powered by Dimofinf cms Version 4.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Ltd.