• ×

09:54 مساءً , الإثنين 5 محرم 1447 / 30 يونيو 2025

العصبية القبلية والعنصرية وأثرها على المجتمع

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
الحمد لله يقضي ما يشاءُ ويفعلُ ما يريد،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،وأشهد أن محمداً عبده ورسوله خلاصةُ العبيد،صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه وسلما تسليماً كثيراً..أما بعد..فاتقوا الله عباد الله ..
أيها المسلمون منهج الشرع الحكيم،والعقل السليم،تدعوان البشر ليعيشوا متآلفين في مجتمعٍ واحدٍ متكاتفين تسودهم المحبةُ والتراحمُ والتفاهمُ إنها دعوة الإسلام للعرب بعد جاهلية من سماتها العصبية القبلية،والفخر حتى بأطفال القبيلة..
إذا بلغ الرضيع لنا فطاماً
تخرُّ له الجبابر ساجدينا

ومن يقول:لنا الصدر دون العالمين أو القبر،وحين بُعث صلى الله عليهأ وسلم كانت دعوته أن تقوى الله هي كلُّ شيءٍ في تقويم الفرد،يؤكد ذلك في خطبة حجة الوداع نبذاً للعصبيات المستحكمة التي كانت العرب تحي ذكرها وتهتف بحمدها وتتفاخر على أساسها فأعلن صلى الله عليه وسلم((ألا كل شيءٍ من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع كلكم لآدم وآدم من تراب،إن أكرمكم عند الله أتقاكم ليس لأعرابي على أعجمي،ولا أبيض على أحمر فضلٌ إلا بالتقوى))رواه مسلم..فليست العبرة في التقويم بلونِ الإنسانِ ولا بنسبهِ ولا بمالهِ،ولا بمنصبه،بادية وحاضرة ينتسب لقبيلة أو لاينتسب فالأمةُ بأجناسها وتعدد مناطقها وأوطانها وقبائلها واختلاف أشكالها وألوانها،لا يربطهم إلا رابطة التوحيد ولا نسب يجمعهم إلا نسب الدين متى تمسكوا به كانوا إخوةً متحابين،وقوةً متراصين ومتى ابتعدوا عنه ازدادوا اختلافاً وافتراقاً..وأواصرُ الأخوة بالتقوى هذه جمعت بين أبي بكرٍ القرشي وبلالٍ الحبشي وعمرَ وصهيبٍ الرومي وعثمانَ وزيدٍ،وسلمان وعليٍّ،وآخت بين المهاجرين والأنصار فأقامت دولة الإسلام ورفعت رايتهُ،واعتمد عليها صلى الله عليه وسلم في تأسيسِ أُمةٍ قاومت الوثنيةَ والمجوسيةَ..ربَّى صحابته رضوان الله عليهم على إزالة العصبية الجاهلية ودواعيها من نفوسهم في البخاري ومسلمٍ أنا أبا ذرٍ غضبَ من بلالٍ رضي الله عنهما فدعاه قائلاً يا بن السوداء فاشتكاه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له(يا أبا ذر إنك امرؤٌ فيك جاهلية فما كان من أبي ذرٍ إلا أن وضع خده على الأرض وطلب من بلاٍل أن يطأه بقدمه تكفيراً لذنبه))
واليوم هان المسلمون أفراداً وتخلفوا أمماً يوم وهت أواصرُ الأخوة بينهم ونشروا العصبية للمناطق والأوطان،والقبائل وتفاخروا بالأحساب والأنساب،فعاد كثيرٌ منهم إلى ما كان عليه حال الجاهلية وذلك حينما تخلوا عن الهمم العالية فسقطوا في مثل هذه الدنايا وهذه المفاخرة والخيلاء والإسراف،وكُفر النعم،يتباهون بالتوافه،باسم القبيلة ليتفرقوا فيما بينهم،والخيرية والرجولة إنما هي بالتقوى والخلق الحسن واللهُ إنما ردَّ الأصول إلى ذكرٍ وأُنثى لم يقل عدنان ولا قحطان،لا تميم ولا وائل((يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَـٰكُم مّن ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَـٰكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَـٰرَفُواْ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ ٱللَّهِ أَتْقَـٰكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ))
عباد الله..عقيدةُ التوحيدِ تجمعُنا ودارُ الإسلام تُؤوينا،لا فخر لنا إلا بطاعةِ الرحمن،ولا عزةَ ولا كرامةَ إلا بالإيمان،ولن تقوم الأوطان وتعتز إلا حين يتآلفُ أهلها فيما بينهم وتذهب النزعات العرقية والفئوية بينهم،وما كثرت الخلافات،ونبعت الأحقاد،وتعددت الحزبيات،واستغلها الأعداء ومروّجوا الفتن إلا حينما انتشرت لدى ضعاف الإيمان..لَم تدخلْ في مجتمعٍ إلا فرَّقته،ولا في صالحٍ إلا أفسدته،ولا في كثيرٍ إلا قللَّته،ولا في قويٍّ إلا أضعفتْه،وما نجحَ الشيطانُ في شيءٍ مثلما نجحَ فيها،شبَّ عليها الصغير وشاب عليها الكبير،وتبناها حُثالةُ المجتمع..تتجسدُ من خلال فلتات اللسان وصفحات الوجوه ومرابع الشعر ومزايين الإبل،وطاولات التلاميذ في المدارس بل وفي المساجد.
مجالسُ الدهماء تروُّجها،وأشعارُ الصعاليك تُردّدها،وكلما خبَت نارُها جاءَ من يُسعرها،ويحذرُ من نسيانها والغفلةِ عنها إنها العصبية القبلية المقيتة،بالفخر بالأحساب والطعن في الأنساب،إنها الفخرُ بالأرض والتراب،إنها الفخرُ بالعرق واللون وما أسوأ هذا،والأسوأ حين تُنسب إلى الدين ويقول عنها صلى الله عليه وسلم(دعوها فإنها منتنة))رواه مسلم,لأنها دعوى الجاهليةِ تأصَّلت فيمن رَقَّ إيمانُه وضعُفَ يقينُه وطُمس على قلبه،وغَفَل عن أًصله وحقيقته..فذهبوا يعتمدون المناسبات لأجلها وإن ظهرت بغير صورتها تبرز وتتفاخر فيها القبائل متمثلين قول الشاعر الجاهلي..
ألا لا يجهلن أحدٌ علينا
فنجهل فوق جهل الجاهلينا

رأينا هذه الجاهلية تظهر بين البادية والحاضرة،وبين مناطق وطننا حجازه ونجده،جنوبه وشماله في تعليقاتٍ واستئثارٍ بالمناصب واستهزاءٍ فيما بينهم تنافي روح الإسلام وجمعاء الوطن،وإذا كانوا في الجاهلية تقاتلوا أربعين سنة في داحس والغبراء وحرب البسوس لسباق فرسين ولأجل ناقة فلقد رأينا قصائد هجاء بين القبائل واتهامٍ بالأعراض لأجل منافسة مزايين الإبل وهي حيوانات لا تعقل إضافة إلى مفاخرةٍ وإسرافٍ وتبذيرٍ للنعمة رغم وجود فقراء عندنا،وكلٌ يفاخر بقبيلته بالولائم والإبل والشعر وأفخم السيارات ولا يهتمون بفقرائهم وكأن الجاهليةَ عادت بل حصل من جراء ذلك حوادثُ جنائية بالاعتداء والنيل من الأعراض،وقضايا داخل المحاكم أصبحت بدعوى العصبية والنسب،ويُفرَّقُ بين الأزواج وأولادهم وهي قضايا مكانها في المحكمة لكن العصبية القبلية أذكت نارها،وهي تنذر أن الولاء والبراء إذا تجاوز حدود الدين فإنه لن يكون محلُّه إلا العداوة والبغضاء وهذه الحمية لغير الدين التي حذرالله منها((إِذْ جَعَلَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ في قُلُوبِهِمُ ٱلْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ ٱلْجَـٰهِلِيَّةِ))وجاء في سنن أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال(ليس منا من دعا إلى عصبية،وليس منا من قاتل على عصبية،وليس منا من مات على عصبية))
ألا ننظر ما حدث بين صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الأوس والخزرج حين جلسوا ذات يومٍ كما فمرّ بهم شاس اليهودي فغاظه اجتماع كلمتهم فأرسل شاباً فجلس معهم وذكر ثارات يوم بُعاث((حربٌ بين الأوس والخزرج))وذكر شيئاً من شعرها التي أذكت نارها فتكلّم القوم عند ذلك وتنازعوا وتفاخروا حتى تواثب رجلان من الحيين على الرُكب ثم قال أحدهما:[إن شئتم رددناها الآن جذعةً فغضب الفريقان وقالوا قد فعلنا موعدكم الظهر عند الحرة..فخرجوا إليها فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج إليهم فيمن معه من المهاجرين حتى جاءهم فقال:يا معشر المسلمين اللهَ اللهَ أبدعوى الجاهلية،وأنا بين أظهركم بعد أن هداكم الله للإسلام،وأكرمكم به وقطع عنكم أمر الجاهلية واستنقذكم به من الكفر وألف بين قلوبكم؟فعرف القومُ أنها نزعةٌ من الشيطان وكيداً من عدوهم فبكوا وعانق بعضهم بعضاً ثم انصرفوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سامعين مطيعين متشابكي الأيدي]وقال صلى الله عليه وسلم(إن الله أوحى إليّ أن تواضعوا حتى لا يبغي أحد على أحد ولا يفخر أحد على أحد))رواه مسلم،وقال عليه الصلاة والسلام(إنَّ اللَّهَ قَدْ أَذْهَبْ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَفَخْرَهَا بِالآبَاءِ،مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ،وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ،النَّاسُ بَنُو آدَمَ،وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ،لَيَدَعَنَّ رِجَالٌ فَخْرَهُمْ بِأَقْوَامٍ،إِنَّمَا هُمْ فَحْمٌ مِنْ جَهَنَّمَ،أَوْ لَيَكُونُنّ أَهْوَنَ عَلَى اللَّهِ مِنَ الْجِعْلانِ الَّتِي تَدْفَعُ بِأَنْفِهَا النَّتْنَ))رواه الترمذي وأبو داود فأين هذا ممارسات نراها في مجتمعنا من استهزاء الحاضرة بالبادية أو العكس وتنابزٍ بالألقاب بين المناطق أو النيل من رجلٍ لنسبه ولونه وفيما لا يد له فيه؟!والرفعةُ والرجولةُ والخير إنما هو بالتقوى والخلق الحسن..وقوله تعالى(ياأيها الناس إناخلقناكم من ذكر وأنثى وَجَعَلْنَـٰكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لتعارفوا)) لا لتتفاخروا، فحسمت الآية موضوع التفاخر بتأصيل أن أصل خلق الناس جميعاً واحد من ذكرٍ وأنثى،وما يحتج به الناس بانتسابهم إلى شعب كذا أو قبيلة كذا للتعارف وليس للتفاخر،لما يترتب عليه من حقوق وواجبات،وأن موضوع العائلة أو القبيلة ليس للفخر كي يساعدُ الغنيُّ الفقيرَ،وصاحبُ الجاه المحتاج إليه ولصلة الرحم فيما بينهم ولذلك ورد في حديث الترمذي((اعرفوا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم))هذا هو الهدف..
وقد قرر بعض أهل العلم أن كفاءةَ النسب تُراعى في الزواج مراعاةً للعرف الغالب ودفعاً للمشاكل وليس كما يفعل البعض بأن يحامي عنه ويعادي بسببه ويقاضي عليه في المحاكم تعصباً للقبيلة وهدماً للبيوت والأسر أو ما يفعله البعض بالاستماتة بالبحث عن قبيلة ينتسب إليها مهملاً ما عُرف به أهله وعائلته من مكارم وأخلاق وكأن ذلك الانتساب هو الذي سيُعزّه ويرفعه..فالتفاخر والتفاضل والتقدم إنما هو بالتقوى((إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ ٱللَّهِ أَتْقَـٰكُمْ))..هذا هو اللواء الذي رفعه الإسلام لينقذ البشرية من العصبية للجنس والعصبية للأرض والعصبية للقبلية،وكلّها من الجاهلية ..
أبي الإسلامُ لا أبَ لي سواه
إذا افتخروا بقيسٍ أو تميمِ

عباد الله..إن المسلم العاقل ليقف حائراً أمام جاهلية تستهدف أخوة الدين وتقدح بالاعتصام بالكتاب والسنة وتفرق المجتمع بإثارة النعرات القبلية أو تَنَقُّصِ الناس باسم البلد فالذي من غير بلدك تنتقصُّه حتى ولو كان مسلماً((وبحسب امرئٍ من الشر أن يحقر أخاه المسلم))وإنه ليزداد العجب من إنسان يفخر بشيء لا جهد له فيه ولا كسب،ويسخر من إنسان في أمر لا حيلة له فيه.
كن ابن من شئت واكتسب أدباُ
يغنيك محموده عن النسـب

إن الفتى من يقول ها أنذا
ليس الفتى من يقول كان أبي

فلابد أن نعلم أن مسألة النسب والانتساب مسألةٌ خاصة للفرد ليعرف أهله وفصله لا ليفاخر فيه وإنما ليعرف نسبه الذي يرجع إليه فيصلُ رحمهَ ويزيدُ علمهَ..لكن الخطأ حينما يكون هذا هو ميزان التفاضل أو يُتخذُ سبباً للتعالي على الآخرين والتكبر عليهم،وتقسيم المجتمع إلى طبقات وتصنيفهم حتى أن البعض من كِبْره لا يُجالس بعض الفئات عنده ويحتقرهم وقد يكونون أكرم منه عند الله في ميزان التقوى..
إن من مصلحة البلدان حينما تندمج الفئات من بادية وحاضرة ومواطنين ومقيمين مع بعضهم البعض ليتساعدوا في إقامة كيان بلدهم ورفعته،وتطوّره أما التشرذم والتفرقة والاستهزاء فإنها سببٌ للتخلف والسقوط والتاريخ شاهد،انظر إلى بلدان غربية تمثلت ذلك واستقطبت العقول المهاجرة بلا تفرقة عرقٍ ولا لونٍ فاستطاعت بناء دولها وحضارتها،أليس هذا بالمسلمين أولى وتاريخهم الإسلامي شاهد كيف نشر العلم وتبناه من دخل في الإسلام من شعوب شرقية وغربية؟ألسنا نرى مقيمين في بلادنا،ونعرف كثيراً منهم بصدقه وأمانته واستقامته يواجهون صلفاً في التعامل وغلظة في القول وهمزاً ولمزاً يغرس الحقد ويولّد البغضاء ويتسبب في الإيذاء من قبل بعض صغارنا باحتقارهم أو إيذائهم وبعضنا يساهم بهذا؟!فإلى متى نحقق أهداف أعدائنا والماكرين ببلادنا وننفذ خططهم في تفريق شملنا وبث العداوة بيننا؟!ألم يساهم هؤلاء المقيمون في بلادنا ببناء البلاد عبر التدريس والطب والعمارة والتجارة حتى من كان منهم في وظائف دنيا كنظافة الشوارع لا بد من احترامهم وعدم احتقارهم فلا يحل لمسلم أن يحقر أخاه المسلم لمهنته أو جنسه..
إن الأخوة الإسلامية تفوق جميع الصلات..تتجاوز بذلك الحدود الجغرافية والمناطقية والأرضية ((إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)) ((المؤمن للمؤمن كالبنيان)) ((المسلم أخو المسلم)) هذا هو الشعار الذي يجب أن يرفع،ومن أجله يُحَبْ..لما اختصم مهاجري وأنصاري فقال المهاجري:يا للمهاجرين،وقال الأنصاري:يا للأنصار،غضب صلى الله عليه وسلم لذلك غضباً شديداً فقال(أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم))
أيها الآباء،أيها المربون،إننا نسمع قصصاً في أحيائنا ومدارسنا تربي الأطفال على العنصرية والعصبية القبلية فيما بينهم فاتقوا الله في أنفسكم لا تُنْشِئُوْا صغاركم على التعصب والافتخار لغير الإسلام،ربّوهم على المبادئ الكريمة والخصال الحميدة من ديننا القويم،وحثوهم على الاتصاف بها..
لسنا وإن أحسابُنا كَرُمَت
يوماً على الأحساب نتكلُ

نبني كما كانت أوائلُنـا
تبني ونفعلُ مثلما فعلُـوا

أما أنت يا من تطعنُ في الأنساب وتفخر بالأحساب،وتنال من بعض فئات المجتمع يا من حقّرت الناس وتنقصتهم يا من جعلت مقياسك في التقييم القبيلة والمنصب والبادية والحاضرة والمال والجاه،ألا تعلم حقيقتك؟!ألا تعلم أن أوّلك نطفة مذرة وآخرك جيفة قذرة وتحمل في جوفك العذرة؟!((أَلَمْ نَخْلُقكُّم مّن مَّاء مَّهِينٍ))فعلام الكبرياء وعلام التعالي؟!
إن احتقار الآخرين والحمية لغير الدين تُوقعُ المرءَ في المصائب،وتؤدي إلى ظلم العباد ورد الحق ومنع الحقوق والانتصار للباطل وأهله والقصص كثيرة ألم يقل الأول..
وهل أنا إلا من غزيةَ إن غوت
غويتُ وإن ترشدْ غزيةُ أرشدِ

أسأل الله تبارك وتعالى أن يؤلف بين القلوب،ويجنبنا العصبية وأن يجعلها متحابة في ذات الله،والله ثم والله ثم والله أنه لا نعمة إلا بالإسلام الذي امتن الله به علينا وسمّانا به فلا نعمة بعده ((يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ*وَٱعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ ٱللَّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَٱذْكُرُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُم أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مّنَ ٱلنَّارِ فَأَنقَذَكُمْ مّنْهَا كَذٰلِكَ يُبَيّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ ءايَـٰتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ))..أقول ما تسمعون...
الخطبة الثانية الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده ..أما بعد فاتقوا الله عباد الله
روى مسلم في صحيحه عن أبي مالك الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم قالأربعٌ في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن:الفخر في الأحساب،والطعن في الأنساب،والاستسقاء بالنجوم،والنياحة))
نعم،والله إنك لتجد الرجل يقيم شعائر الدين،ويبكي من خشية الله يصوم ويصلي ويتصدق،وفيه خير كثير،ثم تجده بعد ذلك قدْ مُلئَ قلبُه بالعصبية،فلأجلها يحب ومن أجلها يعادي،ويربي أولاده عليها ألا يعلم قوله صلى الله عليه وسلم(الحب في الله والبغض في الله من أوثق عرى الإيمان))فنحب ما يحبه الله ونبغض ما يبغضه،والله تبارك وتعالى يبغض العصبية والحمية لغير دينه..فالإسلام والتقى يرفع وضيع النسب ويُهبط رفيعَ الحسب،فهذا بلال عبد حبشي من سادات المسلمين
خَذَلَتْ أبا جهل أصالتُه
وبلالُ عبدٌ جاوز السحبا

أبو لهبٍ من قريش تبت يداه وبلال الحبشي يُسمع قرع نعاله في الجنة وسلمان من آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعض سادات قريش جُرُّوا إلى قليب بدر هذا هو العز..فلنتق الله عباد الله، ولنطلب العزة في مظانها،فإن العزة لله ولدينه ولرسوله وللمؤمنين..نسأل الله أن يعزنا بطاعته..وأن لا يذلنا بمعصيته..وأن يشملنا برحمته..وأن لا يخزينا بغضبه..كما نسأله جلا وعلا أن يرفع الغمة والبلاء عن إخواننا المستضعفين في سوريا ومالي وبورما..وأن يبدلهم خيراً مما وقع بهم من ظلم وعدوان..وأن ينتقم لهم ممن بغى واعتدى عليهم شر انتقام..ويجمع كلمة المسلمين بمصر وتونس ويحرر فلسطين وأن يكفي بلادنا وبلاد المسلمين شر الفتن والشقاق والمؤامرات..


 0  1  9547
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 09:54 مساءً الإثنين 5 محرم 1447 / 30 يونيو 2025.

Powered by Dimofinf cms Version 4.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Ltd.