أما بعد فاتقوا الله عباد الله
اللهم اغفر ذنوبنا واستر عوراتنا وآمن روعاتنا،وتول أمرنا وأحسن خلاصنا وفقهنا في ديننا اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد نرجو رحمتك ونخشى عذابك إن عذابك الجد بالكفار ملحق..
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"يتعاقبون فيكم ملائكةٌ بالليل وملائكة بالنهار ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر،ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم ربهم وهو أعلم بهم:كيف تركتم عبادي؟فيقولون:تركناهم وهم يصلون،وأتيناهم وهم يصلون".متفق عليه وقال عليه الصلاة والسلام:"إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته فإن صلحت فقد أفلح وأنجح وإن فسدت فقد خاب وخسر فإن انتقص من فريضته شيء قال الرب عز وجل انظروا هل لعبدي من تطوع فيكمل بها ما انتقص من الفريضة"رواه الترمذي..
أيها الأحبة..حديثنا اليوم عن فريضة الصلاة وإن كنا نفخر بحمد الله بمحافظة الكثيرين عليها والخشوع بها مع عظمتها في الإسلام وأثرها على الدين والخلق وسائر شؤون الحياة..لكن هناك في المجتمع من لا يعرف المسجد على قلتهم،وهناك من لا يؤدون الصلاة حق الأداء..وهناك من اتخذ الصلاة عادةً وليس عبادة وغير ذلك من مظاهر تُفقد معنى الصلاة فتعالوا إلى حديثٍ عن عمود الإسلام وركنه الثاني..جعلها صلى الله عليه وسلم فرقاً بين الإسلام والكفر ومن تركها فقد حبط عمله عياذاً بالله.. فريضةٌ ليست مرتبطة بموسم ولا موقوفة على مناسبة..ليست في العمر مرة ولا في العام مرة،ولكنها في اليوم والليلة خمس مرات..مفروضة على كل مسلم مكلف غني وفقير،صحيح ومريض،ذكر وأنثى،مسافر ومقيم في الأمن والخوف لا يستثنى منها مسلم مكلف ما عدا الحائض والنفساء.
إنها قرة عيون المؤمنين،ومعراج المتقين،بل قبل ذلك وبعده قرة عين سيد المرسلين عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم..هي ركن الدين وعموده كما قال صلى الله عليه وسلم"لا دين لمن لا صلاة له" "ولا حظَّ في الإسلام لمن ترك الصلاة""وليس بين الرجل والكفر والشرك إلا ترك الصلاة""ومن ترك صلاة مكتوبة متعمداً برئت منه ذمة الله"
وكان أصحابه صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة هذه كلها أخبار وزواجر وآثار صحت عن نبيكم عليه الصلاة والسلام،نقول ذلك مع الأسف ونحن نرى بعض الناس يتهاونون بالصلاة بعدم أدائها عياذاً بالله مما يوصلهم للكفر أو بجمع الصلوات إلى آخر الليل كما يفعله بعض العمالة أو بإهمالِ بعض فروضها،وعدم معرفة أركانها وواجباتها وشروطها ومن أراد أن يحاسب نفسه صادقاً فليتفقد نفسه في صلاته التي تنهى عن الفحشاء والمنكر ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع،إنها آخر ما يفقد العبد من دينه فليس بعد ضياعها والتفريط فيها إسلام..ومن أجل هذا فإنها أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة فإن قُبلت قُبل سائرُ العمل،وإن رُدّت رد سائر العمل..الصلاة أول ما فرض على نبيك محمد صلى الله عليه وسلم من الأحكام فرضت في أشرف مقام وأرفع مكان،لمّا أراد الله أن يُتمّ نعمته على عبده ورسوله محمد،ويظهر فضله عليه أسرى به ثم رفعه إليه وقرّبه فأوحى إليه ما أوحى،ما كذب الفؤاد ما رأى،ثم فرض عليه وعلى أمته الصلوات الخمس.
كانت خمسين فرضاً في اليوم والليلة فأصبحت خمساً في الفعل وخمسين في الأجر..وهي آخر ما أوصى به النبي أمته وهو على فراش الموت يحتضر منادياً:"الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم"والصلاة لم يُرخص في تركها لا في مرضٍ ولا في خوف،بل إنها لا تسقط حتى في أحرج الظروف وأشد المواقف في حالات الفزع والقتال((حَـٰفِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوٰتِ وٱلصَّلَوٰةِ ٱلْوُسْطَىٰ وَقُومُواْ لِلَّهِ قَـٰنِتِينَ فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنتُمْ فَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ))الله أكبر رجالاً أو ركباناً،مستقبلي القبلة أو غير مستقبليها تومئون إيماءً قدر الطاقة..
يأمر الله بالصلاة جماعة في حال الخوف..أما المريض والمضطر فليصلِّ قائماً فإن لم يستطع فقاعداً فإن لم يستطع فعلى جنبه،وإذا عجز عن شروطها من الطهارة وستر العورة واستقبال القبلة صلى بلا طهارة وبلا ستر عورة وإلى غير قبلة، فالصلاة لا تسقط بحالٍ ما دام العقل موجوداً. الصلاة إخوتي أكثر الفرائض ذكراً في القرآن،وإذا ذكرت مع سائر الفرائض قدمت عليها لا يقبل الله من تاركها صوماً ولا حجاً،ولا صدقةً،ولا جهاداً ولا أي عملٍ من الأعمال حتى يؤديها.هي فواتح الخير وخواتمه..يفتتح المسلم بالصلاة نهاره،ويختم بها يومه،يفتتحها بتكبير الله،ويختمها بالتسليم على عباد الله..وهي من صفات المؤمنين



يجتمع للمصلي شرف المناجاة وشرف العبادة وشرف البقعة،لا يقعده عن الصلاة ظلمة ليل ولا صعوبة طريق ولا صوارف دنيا ((بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة)) الصلاة هي المَفْزَع إذا حزب الأمر،وهي المستراح(أرحنا بها يا بلال)
يتدبرُ المصلي في صلاته قرآنه،ويرفع إلى مولاه دعاءه،ويخشع لربه في مناجاته..مؤمنون مفلحون،في صلاتهم خاشعون،إذا قاموا إلى الصلاة أقبلوا على ربهم،وخفضوا أبصارهم، ونظروا في مواضع سجودهم،قد علموا أن اللهَ قِبلُ وجوههم،فهم إلى غير ربهم لا يلتفتون، لقد دخلوا على رب الأرباب وملك الأملاك،كل خير عنده،وكل أمر بيده، إذا أعطى لم يمنع عطاءه أحد،وإذا منع لم يعط بعده أحد..فاللهم إنا نسألك من فضلك وكريم عطائك..
أين نحن عباد الله من حال أهل الفلاح حين يناديهم منادي الصلاة والفلاح؟!أين هؤلاء من مصلٍ لاهٍ لا يدري أخمساً صلى أم أربعاً؟تسلَّط عليه الشيطان،ينتقل من وادٍ إلى وادٍ،ومن همٍّ إلى همٍّ، يقومُ إلى صلاته وقلبُه بغير الله متعلق،وفكره بسواه مشغول، يُحرّكُ لسانهُ ما لا يعي قلبه.
ويلٌ لهم عن صلاتهم ساهون،ويلٌ لهم يراءون ويمنعون الماعون، تحولت الصلاةُ عندَهم إلى عادة،لا يخشعون فيها ولا يفقهون من حكمتها ولا يتقنون أحكامَها وطريقتَها..فيا لطول حسرة من ضيع صلاته،حين ضيّع ركن دينه،ما أعظم خيبته،وما أشد غفلته،أما سمع الزواجر؟((مَا سَلَكَكُمْ فِى سَقَرَ قَالُواْ لَمْ نَكُ مِنَ ٱلْمُصَلّينَ))يسمع منادي الصلاة والفلاح ثم يدبر ((فَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صَلَّىٰ وَلَـٰكِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ ثُمَّ ذَهَبَ إِلَىٰ أَهْلِهِ يَتَمَطَّىٰ أَوْلَىٰ لَكَ فَأَوْلَىٰ ثُمَّ أَوْلَىٰ لَكَ فَأَوْلَىٰ))..((وَإذَا قِيلَ لَهُمُ ٱرْكَعُواْ لاَ يَرْكَعُونَ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذّبِينَ))
أخي المقصر بصلاته قد علمت أن التكاسل والتهاون وقلَّة الذكر صفاتُ المنافقين

أيها المسلمون..الصلاة عمود الإسلام،وركنه،من أدى حقها،وأتم ركوعها وسجودها،وخشوعها،كانت قرة عينه وحلاوة قلبه وانشراح صدره قال صلى الله عليه وسلم"خمس صلوات كتبهن الله على العباد فمن جاء بهن ولم يضيع منهن شيئاً استخفافاً بحقهن كان له عند الله عهداً أن يدخله الجنة ومن لم يأت بهن فليس له عندالله عهد إن شاء عذبه وإن شاء أدخله الجنة" ومن المحافظة عليها إتمام أركانها وشروطها وواجباتها والطمأنينة فيها،واجتناب مسابقة الإمام أو مقارنته في أفعالها وإن من المحافظة عليها أمرَ الأهل بها والأقربين وبخاصة من تحت يده من الأولاد، والأخذ على يد المفرط منهم

فاعلموا أن خير أعمالكم الصلاة،ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن"وأحب الأعمال إلى الله الصلاة على وقتها"ألا فاتقوا الله رحمكم الله وحافظوا على صلواتكم

الخطبة الثانية الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد..
عباد الله..يقول صلى الله عليه وسلم((أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهْرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ،هَلْ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ؟قَالُوا:لَا يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ،قَالَ:فَذَلِكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، يَمْحُو اللَّهُ بِهِنَّ الْخَطَايَا.أخرجه مسلم هذه الصلاة عباد الله التي عرفنا أهميتها وصلتها مع الله ولذلك فإن الحملة المباركة التي قامت بها هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باسم النهر الجاري للعناية بالصلاة والتي صحبها دعم رسمي وإعلامي يبين أهمية الصلاة في حياتنا وأنها ركن عظيم من أركان الإسلام ينبغي أن يشترك بالتذكير به والمحافظة عليه جميع فئات المجتمع والدوائر الرسمية
نسأل الله أن يبارك بجهود هذه الحملة والقائمين عليها وإذا كنا بحمد الله نفرح بمحافظة كثير من فئات المجتمع على الصلاة والحضور إليها جماعة إلا أننا نُذكّر بأن الخشوع بالصلاة مهم فلا يؤديها الإنسان بلا تدبر للآيات وخشوعٍ بالصلوات كذلك اتخاذ المظهر المناسب للصلاة فالبعض هداهم الله يأتون للصلاة بملابس لا تليق ولو كان في عمل أو مقابلة مسؤول لما لبس ذلك فما بالكم بمقابلة رب العزة والجلال((يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ)) كذلك السرعة في الصلاة مذمومة ومخلة بها وهو يمارس في بعض مساجد المحطات..
إنها الصلاة عباد الله التي توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يوصي بها فلنحرص على أدائها بخشوعٍ وطمأنينة..تقبل الله منا ومنكم..
اللهم فرج كرب إخواننا في سوريا واحقن دمائهم واستر أعراضهم وانصرهم وحقق الأمن والأمان في ديارهم..وجبنهم الفتن ما ظهر منها وما بطن..
الاستغاثة
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ...