الحمد لله بين لعباده الحق وأقام الدليل،وهداهم بمحمد صلى الله عليه وسلم لأكمل هدي وأهدى سبيل،وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةً نرجوا بها النجاة من العذاب الأليم،وأشهد أن محمداً عبده ورسوله،صلى الله عليه وعلى آله وصحبه من تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين وسلَّم تسليماً كثيراً أما بعد..فاتقوا الله عباد الله..
بعد متعة الإجازة لأبنائنا وبناتنا ولذيذ الراحة عاد أكثر من خمسة ملايين طالب وطالبة وحوالى نصف مليون معلم ومعلمة إلى الدراسة..انتظمت برامج البيوت بوقتها ونومها وصحوها..وكثر التسوّق للمدارس،وصرنا نفكر بطموحاتنا في العلم وهموم التعليم وحديثنا اليوم عن ذلك..
عباد الله..حينما أوجد الله البشرية من لدن آدم عليه السلام قُرنت بالعلم..خلقه الله فعلَّمه الأسماء كلَّها..وفي تاريخ الأمم كان أنبياء الله ورسله يُبعثون ويُجاهدون ويصبرون ويُصابرون على العلم وإيصاله((لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمْ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ)) كانوا مناراتٍ يَهتدي بها النَّاسُ في الظلمات،ويتحمَّلُ النبيُّ في سبيلِ تعليمِ قومهِ ما يَلْقَى مِنهم من صُدودٍ وأَذى وعنتٍ وتكذيبٍِ..هكذا العلم..ثم بُعث محمد صلى الله عليه وسلم فكان أولَ وحيِّهِ أَن سما بقدْرِ القَلمِ،ونوََّهَ بقيمةِ العلمِ،وأعلن الحرب على الأميِّة((اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ*خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ*اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ *الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ*عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ))ويسمو القرآن الكريم بمن خدم العلم وقدَّمهُ للناسِ((شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ))وأمة الإسلام رفع الله شأنها برسالةٍ عالميةٍ،أكرمها الله بها،وحمَّل الله أهل الإسلام المحافظة عليها،وتبليِغَهَا..
والأمةُ بناشِئَتِهَا وأجيالها إنما تبقى محافظةً على كيانها،مدركةً لمسؤولياتها،ثابتةً في مواقعها حين يُرَّبى صغارها وطلاب العلم فيها ليكونوا ورثةً صالحين للإسلام بناةً للأوطان أمناء على الميراث،يصاغون من خلال عقيدة التوحيد وخلق الإسلام لتكون منهج حياة لهم،هنا تكمن أهمية العلم لأمة جعلها الله شهيدة على الناس.
أيها الأحبة..العلم هدفٌ أساس لكل أمةٍ،ولا تفسد الأمة وتهلك إلا حين ينتشر في ثناياها الجهل..ولذلك تولي الدول المتقدمة والمجتمعات المتحضرة التعليم كلَّ رعايتها،وجُلَّ اهتمامها،لأنها علمت أن التعلّمَ أساس الهوية ومرتكزُ الشخصيِّة،والسبب الأول بعد توفيق الله لإعطاء الأمة مكانةً مرموقةً وكلمةً مسموعة..وليس لأمةٍ أن تتطور بمعزلٍ عن نهضةٍ علميةٍ تشملُ حواضرَها وبواديها..ولن تكون لها دورٌ فاعلٌ وحضورٌ لافت إذا لم تمتلك نهضةً علميةً في جوهرها،أخلاقيةً في وسائلها وأهدافها..إذا اهتمت الأمةُ بالعلم فإنها تبني صروح عزٍّ شامخة وترفع مآذن مجدها شاهقةً،وإذا أهملته فقد ظلمت نفسها،وخسرت أجيالها،وهضمت حقَّ دينها وأضاعت رسالتها..أدرك غيرنا ذلك فتقدموا تقنيَّاً وأولى بمن يحمل رسالة الإسلام أن يكون هو المقدّم بدينه وتاريخه وحضارته التيسبق أن قدّمها للعالم في المدينة ودمشق والقاهرة وبغداد والأندلس.
أيها الإخوة..العلمُ لباسٌ ودثارٌ يفصّل على قامة الشعوب،منبثقاً من عقائدها منسجماً مع أهدافها وآدابها..تُصبغ العلوم بصبغة الإيمان،وتؤخذ العقول بميزان الدنيا والآخرة،ومناهج التربية والتعليم يجب أن تكون قائدةً إلى الإيمان،قاصدةً إصلاح النفس،وتهذيب الخلق مع التطوير والتحديث..ولابد من تحصين الناشئة بالثوابت المجمع عليها،وإبعادهم عن خلافات الفروع ليكونوا خير ممثلٍ لدينهم وأمتهم عند ابتعاثٍ أو اتصالٍ بغيرهم،وتلافياً لسلبيات اختلاطهم بفكر غيرهم..
إذا تداخلت في العقول الثقافات المتناقضة،والعلوم المتنافرة تفرقت بطلابها السبل،وتنازعتْهم التياراتُ والأهواء..فليس مقياسُ النجاحِ في العلمِ وطلبهِ بمعرفةِ القراءةِ والكتابةِ،وثقافةِ التلقينِ وليس دليلَ التفوق كثرةُ دور العلم ومباني المدارس،وأفواج الخريجين،وأعداد الجامعات..بل حقيقةُ العلم نُصرةُ الدين وتطوير المجتمعات وازدهار الوطن والسبق التقني في العالم..
إنَّ كثيراً من البلاد الإسلامية في عصورها المتأخرة خسرت أكثر مما ربحت حين ظنَّت أن مبادئ التربية وأصولَ التعليم تُستورَدُ كما تُستوردُ البَضَائعُ والصناعات،وضلَّت حين ظنَّت أنها تقايضُ في معاملاتٍ تجارية لتكسبَ علماً أو تمحو أميةً فقلدت وما أتقنت..وجلبت علماً أجنبياً يؤثر على الفكر والخلق ولا يقدِّم الخير والتطور وفتحت الجامعات الأمريكية والمدارس الأجنبية فتأثرت الأجيال بالتقليد والتبعية والبعد عن دين الله ولم تنتفع إلا من رحم الله..
أيها المسلمون..بالتربية تسعى كل أمة إلى إعداد أبنائها إعداداً يؤصل فيهم عقيدتها،وينقل إليهم ثقافتها مؤكداً في نفوسهم عادات مجتمعاتها وأعرافها مع عقيدتها وثقافتها..فلا فائدة من علمٍ لم يُكسَ بخلقٍ،وتصحبه ثقافة ولا جدوى من تربيةٍ لا تثمر عملاً صالحاً وتحظى بجدارة،لا خير في معارف تورِّث بلبلاتٍ فكرية،ولا نفع في ثقافاتٍ تشكِّكُّ في الصحيح من المعتقدات..إذا كان العلم الشرعي ما قرره الله عز وجل وأخبرنا به رسوله الكريم وفهمَه صحابتُه وسلفُنا الأخيار فإنه يُقدّم مع فهمٍ للواقع ومشاركةٍ مع الجميع لبناء المجتمع ونأُخذ من غيرنا العلم المفيد والحديث..
مناهج التعليم التي نريدها هي المناهج التي تؤكد على الكيف لا الكم،تقوم على التجديد والإبداع وليس على الاجترار والتكرار..مناهج ترتكز على الثوابت لا متغيّرة أو مبدَّلة حسب الظروف والأحوال والضغوطات،لا نريد علماً لطلابنا وطالباتنا يسعى إلى الشكل دون المضمون،والشهادة دون الثقافة،ويجعل الوظيفة وسيلةً وغايةً وبدايةً ونهاية..
لا نريد علماً يقوم على آلياتٍ متداعيةٍ أو يعتمد على وسائل عقيمة..أو علماً يتأخر بالإنسان ويطاول في البنيان ويتفاخر في قيم العلم ومقومات الحضارة..ولذلك فإنه من الضروري كما يُركَّزُ على العلوم الشرعية التي تقيمُ دينَ الناس فلا بد من الحاجة إلى العلوم الطبيعية من طبٍ وعلوم فيزياءٍ وغيرها مما يقيم حياة الناس ويجعل لهم نصيباً في منافسة الغير في تلك العلوم التي تميّزوا بها وتلك من الضرورات..
إن العلم الذي نريده في مدارسنا ونسعى إليه والمناهج التي نطمح إليها هي التي تدرك أنها تتعامل مع نشءٍ هم غرس المصطفى صلوات الله وسلامه عليه وثمرةُ دعوته وجهاده،وأحفاد أصحابه رضي الله عنهم أجمعين،يجب أن تنسجمَ المناهج في كل هذا وتعيشَ في ظلِّه،لتبقى محصنةً بدينها،متماسكةً بقوته،مرتبطةً بحبله،بعيدةً عن كل فوضى فكرية أو صراعاتٍ مذهبيَّة طائفيةٍ،أو فوضى أمنيَّة،نقيةً من عوامل الفساد وأسباب الزيغ والإلحاد،واتجاهات الزندقة والتحلُّلِ والاختلاط الذي يُراد..نريد مناهج تغرس الخلق وحسن التعامل..تحافظ على تماسك الوطن والبيئة..صحيح أن مناهجنا التعليمية بنين وبنات نلحظ بها ولله الحمد انجازاتٍ تحققت في المحافظة على أصالة هذا البلد ومعتقده وأعرافه والمحافظة على عدم اختلاط البنين بالبنات بجهود مؤسسين علموا أن فلاح الأمة في صلاح أعمالها،وصلاح أعمالها في صحة علومها وفي المناهج الصحيحة الجارية على السنن المستقيمة والعقيدة الصحيحة التي تنتج رجالاً أمناء أوفياء،ذوي نصحٍ وإخاء..ونشدُّ أيدينا مع رجالات التعليم ومسؤوليه لكي يحافظوا على هذا التميز ولكن مع التطوّرِ والإصلاح..فالدولة وفقها الله تُخصِّصُ للتعليم أعلى أرقام ميزانيتها السنوية وتسعى لتطويره،وكما هي مسؤولة عن إصلاحه وتقدّمه فإن رجالات التعليم كباراً وصغاراً على عاتقهم عظيم المسؤولية في إعداد الجيل علماً وعملاً ونفعاً لهم ولدينهم ووطنهم في هذه المناهج،وإن أيَّ محاولة لتغييرها أوالجرأة بخلط البنين والبنات بلا مراعاةٍ لأصول الأمة وثوابتها إنما هو ضررٌ على أجيالِ الأمة وهدمٌ للمجتمع ..
عباد الله..ونحن في بداية عامٍ دراسيٍّ جديد يستقبل فيه المعلمون والمتعلمون نشاطهم الفكري والعملي..علينا أن نشمِّر عن ساعد الجدِّ من بدايته حتى لا نندم في نهايته..
إن من نجاح المعلم أن يكون قويَّ المعرفةِ قويَّ الشخصية،وأن يكون حسن النية والقصد والتوجيه،فينوي بتعليمه الإحسان إلى طلبته بإرشادهم إلى ما ينفعهم في أمور دينهم ودنياهم،كما عليه أن يظهر بالمظهر اللائق من أخلاقٍ فاضلةٍ وآدابٍ عالية أساسها التمسُّكُ بشريعة الله وهدْي رسول الله،إن على المعلِّم أن يكونَ في علمه مبدعاً في المنهج..حواريِّ الطابع..يجعلُ من الفصل قاعة بحثٍ لا غرفةَ حبس،ويكونُ النقاش الموضوعيُّ لحمةَ التدريسِ وسُداه وعمادَه وسنادَه..
من مقوماتِ المعلِّم الناجحِ قوتُه في علمه وبروزُه في خلقهِ ليكون قدوةً أمام تلاميذه في العلم والعمل..مبدعاً في وسائل التعليم النافعة..يستخرج المواهب منهم فيُنميّها..ويصلح ما فسد لديهم من عادات ويخفيها..
ليكن قدوتُك في العلم أخي المعلِّم- علم مالك وإيمان الشافعي،وثبات أحمد وفهم أبي حنيفة وشمولية علم ابن تيمية،وسماحة ابن سعدي ورؤيته رحمهم الله..أولئك العلماء الربانيون الذين لم تزل آثارُهم محمودةً وطريقتهم مأثورةً وسعيهم مشكوراً،وذكرهم مرفوعاً..(( أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا))وعليك بالتركيز على المناهج والتربية والاستفادة من جميع العلوم بطريقة تُوصل العلم وتُفهم المعنى أكثر من الحفظ والتلقين..
ورسالتنا الأخرى إلى المتعلمين من طلابنا وطالباتنا بأن يبذلوا الجهد من أول السنة حتى يدركوا العلم إدراكاً يثبتُ في قلوبهم ويرسخ في نفوسهم..فالاجتهاد في العلم منذ البداية يسهل وصوله إلى الذهن ويثبته في الفؤاد..أما الإهمال والتهاون فإنه يورث العجز والقصور والندم ولات حين مندم..
أخي الطالب..إن من مظاهر ضعف الهمم في التعليم والتوجيه،ومن بخس حق العلم والمعرفة أن نرى كثيراً من طلابنا طالباتنا يطلبون العلم لينالوا به رزقاً حتى إذا أدرك الواحد منهم الوظيفة أو الشهادة أخلد إلى الراحة ونسي العلمَ وأضاع المعرفة،وتنحّى عن طلب العلم..وإنما يرتفع رأس الأمة ويظهرُ عزُّها بهمم أولئك الذين يقبلون على العلم بجدٍّ وصبرٍ وثباتٍ،ولا ينقطعون عنه مدى حياتهم..ويحضرون حلق العلم والثقافة ويتابعون الجديد وإذا كان رائدُك إخلاصَ النية لله فستنالَ التوفيق والأجر..
أيها المسلمون..إذا كان ذلك هو واجب المعلِّمين والمتعلمين الذي يلزمُهم فإن على الآباء والأولياء واجبٌ يلزمهم القيام به..يتفقَّدوا أولادهم ويسْبرُوا سْيرهُم ونهْجَهُم العلميَّ والفكريَّ والخلقيَّ،وأن لا يتركوهم هملاً لا يبحثون معهم ولا يسألون عن طريقتهم ولاعن صحبتهم ومن يعاشرُهم لأن تركهم ضياعٌ لهم وظلم،فهم رعيّةٌ يجب على آبائهم وأوليائهم أن يرْعوها حقَّا لأنَّ الضياع سببٌ للندم،ولتكنأخي الأب -متواصلاً مع مدرسة ولدِك لتتعرف على مستواه العلميِّ والخلقي..
إخوتي..إن المدارس ودور التعليم في كآفة مستوياتها محاضنُ الجيل،وهي الحصن الحصين،تكمن فيها حماية الأمة،والحفاظ على أصالتها وبقائها ونقائها..ولما ضعفت مخرجات التعليم انتشرت ظاهرة تصنيف الأفراد والجامعات لتنتج التهميش والإقصاء،وأزيح الحوار بالجدال والمواقف الشخصية؛ليسود التشرذم والكراهية لا الوحدة والألفة،وتدخل علينا عادات غريبة،ووجد المتربصون بهذا المجتمع بيئةً مناسبةً لنشر سمومهم من مخدراتٍ ومسكراتٍ لتعمق الأثر،وساعد الفقر والبطالة على تلك الخرافات..خرجت أجيال لاتعرف أمن الوطن ولا بيئته ونظافته..تحدث الفوضى وسوء الخلق الا من رحم الله
إذا رأينا نتاج كثير من مدارسنا وطريقة بعضها في التعليم نأسى على حالٍ للتعليم لا يُساعد على صناعة جيل وتعليم أمة بل يخرج شهادات لايُعمل بها و لايُؤبه لها..ولذلك ضاعت الهمم لدى شبابنا في التعليم فإذا ما أقبل العام الدراسي رأيتهم يصدُّون عنه صدُوداً وإذا ما انتهى اليوم الدراسي أو العام رأيت فرحتهم بإلقاء العناء ومفارقة الجدّية.. وهذا لاشك يأتي من عدم توفير بيئةٍ دراسيةٍ مشجعةٍ وطريقةٍ علميةٍ نافعةٍ،وتسليةٍ مقبولةٍ راشدةٍ تجعل من الطلبة مقبلين بشغفٍ ورغبةٍ للتعلم والمعرفة أسوةً ببيئاتٍ علمية أخرى ناجحة لدولٍ أخرى لايمنع أن نأخذ منهم ما ناسب التعليم وحسّنه مع محافظتنا على ديننا وأخلاقنا..
صحيح أن بعض مدارسنا أخفقت تربوياً بأداء منسوبيها وبمناهجها الدراسية وببيئتها المدرسية وبأنشطتها المدرسية لاستكمال أهدافها وتفعيل دورها؛لكن ذلك لايعني التعميم فلدينا بحمد الله كوادر علمية نفخر بها،وإنتاجٌ مدرسي نفاخر فيه على قلته التي نطمح لزيادته وموهوبين نريد العناية بهم،وإبرازهم ليكونوا قدوة لزملائهم..
إن هذه الدور تحوي أثمن ما تملكه الأمة،تحتضن فلذات الأكباد ورجال الغد وجيل المستقبل،إنها ثروةٌ تتضاءل أمامها كنور الأرض جميعاً..
إن شر ما يطرأ على هذه المعاقل والحصون أن تُؤْتى من قبل مَن وُكل إليهم رعايتها وصيانتها بإهمالها وعدم العناية بها ومخرجاتها..فاتقوا الله يا رجال التعليم وطلاَّبَه،واعلموا أنه إذا حُفظت العقولُ والأخلاقُ،وأحيط التعليم بسياج الدين المتين ورُبط برباط العقيدة الوثيق،والفهم العميق فلسوف تصحُّ المناهج،وينفع العلم،وتثبت الأصالة،ويتضحُ السبيلُ،وترتفع الراية ويحصل التمكين..
((قلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَاب)) أقول ما تسمعون ..
الخطبة الثانية..الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده وبعد..
نرى ما بداية عام دراسيٍّ جديد اهتماماً كبيراً من الناس بالتجهيز لذلك وإعداد المتطلبات،لكن البعض قد يغفُل عن أمورٍ مهمة أود التنبيه إليها...
أولها أن بعض أولياء الأمور يهتمون بإدخال أولادهم إلى المدارس وتجهيزهم بما يحتاجون من أغراض لكنهم يغفلون غفلةً عظيمةً عن متابعتهم أثناء دراستهم بالانتباه لمستواهم العلمي والخلقي والمتابعة داخل المدرسة أو خارجها..والاهتمام برفقة الأولاد من بنين وبنات في مدارسهم وخارجها حيث يجب علينا أن نحثهم على رفقةٍ صالحةٍ تحفظ دينهم وخلقهم.وعليك أيها الأب أن تتفقد ابنك أو ابنتك بحكمة وحسن رعاية حتى تجني من وراء ذلك صلاحاً واستقامة بإذن الله...
نلاحظ أنه مع بداية العام وتجهيزات القرطاسية التكلف بشراء ما غلا ثمنه من أدوات مدرسيّة لا هدف لها إلا المفاخرة وإتباع الموضات وإذا كان الله أنعم عليك بالمال الوفير فتذكر عند إسرافك إخوة لك قريبين لا يتوفر لهم ذلك..ومع الأسف أنك ترى تساهلاً لدى البعض كذلك بشراء أدوات المدرسية بالرغم مما تحمله من محرمات كصور ذوات الأرواح أو الشعارات الهابطة المرسومة أو المكتوبة عليها كذلك ننبه أيها الآباء الكرام إلى ضرورة الاهتمام بأمر نقل البنات من وإلى المدرسة فلا عيب أن تقوم أنت بنقلهن فإن ذلك أحفظ لهن وأستر،وإن اضطررت إلى سائق لنقلهن فعليك الاهتمام باصطحابه للمحرم وأن يكون من ذوي الخلق والدين والأمانة..
نسأل الله أن يوفق أولادنا والقائمين عليهم في المدارس،وأن يرزقنا علماً نافعاً وعملاً صالحاً متقبلاً.. وصلّوا وسلموا يا عباد الله على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه