• ×

10:47 مساءً , الإثنين 5 محرم 1447 / 30 يونيو 2025

الأمن

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
الحمدُ لله ربِّ العالمين،أحمده سبحانه وأشكرُه على نِعمةِ الأمن والإسلام،وأشهد أن لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريكَ له الملك العلام،وأشهدُ أنّ سيّدَنا ونبيّنا محمّدًا عبدُه ورسولُه سيدُ الأنام صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه البررة الكرام وسلَّم تسليما..
أما بعد:أيُّها الناس اتقوا الله تعالى و توبُوا إليه..واعَلمُوا أنَّ من أعظمِ نعمِ اللهِعلى بني الإنسان ـ بعدَ نعمةِ الدينِ والإسلام ـ هي نعمةُ الأمنِ والاستقرار.فحاجةُ الإنسانِ للأمنِ والاطمئنانِ كحاجتِه إلى الطعامِ والشرابِ والعافيةِ للأبدان الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْف
إذا عَمّ الأمنُ البلادَ وألقى بظلّه على الناس،أَمِنَ الناسُ على دينهم،وعلى أنفسِهم وعقولهم وأمِنُوا على أموالهِم وأعراضِهم ومحارمهِم.ولو كتبَ اللهُ الأمنَ على أهل بلدٍ من البلادِ سارَ الناسُ ليلاً ونهارًا لا يخشون إلا الله.وفي رحابِ الأمنِ وظلّه تعُمّ الطمأنينةُ النفوسَ،ويسودُها الهدوءُ،وتعمُّها السعادةُ،قال(من أصبح آمنًا في سِرْبه معافًى في جسده عنده قوت يومه فكأنما حِيزت له الدنيا بحذَافِيرها)).
إذا اجتمعَ الإسلامُ والقوتُ للفتَى
وكان صحيحًا جِسمُهُ وهو في أمنِ

فقد ملكَ الدنيا جميعًا وحـازهـا
وحقّ عليـهِ الشُكـرُ للهِ ذي المنّ

وكذلك العكسُ أيُّها الإخوة..فإذا سلبَ الله بعزتهِ وقُدرتِهِ الأمنَ من بلدٍ ما فتصوّر كيف يكونُ حالُ أهلهِ؟!..لو خرجَ ابنكُ إلى الشارعِ لا تأمن عليه،لو ذهبَتْ بنتُك إلى المدرسة خشيتَ أن لا ترجعَ إليك،لو ذهبتَ أنتَ إلى عملك كنت قلقًا على نسائِك ومحارمِك في المنزل،إضافةً إلى سرقاتِ البيوتِ وسرقةِ السياراتِ والخطف وقُطّاعِ الطُرقِ في السفرِ وغيرها كثير.كم من البلاد الآن يعيشُ أهلُها في خوفٍ وذُعرٍ،في قلقٍ واضطرابٍ،ليلَ نهار،لا يهنأُون بطعامٍ،ولا يتلذّذونَ بشراب ولا يرتاحونَ بمنامٍ،كلٌ ينتظرُ حَتْفه بينَ لحظةٍ وأخرى،عَمّ بلادَهم الفوضى،كل هذا يبين لنا نعمةَ الأمنِ،فنسألُ اللهَأن يرحمنا برحمته،ونحن نخاف والله أن يدرِكَنَا ما أدركَهم..كيف ونحن نرى اليومَ بعضَ الناس يكفرُون بالنعمةِ فيُسرِفُون فيها واللهُ لا يحبُّ المسرفين،أو توضعَ في غيرِ محلِّها وترَى من البعض الاستهتارَ بتعاليم الدين..أفلا نخشى أن نكون من الذين عاقبهم الله ولو كان فينا الصالحون
أيّها المسلمون..لقد كانت أوَّلَ تضرُّعاتِ إبراهيمَ الخليللربّهأن يبسُطَ الأمنَ على مهوى أفئِدَةِ المسلمين فقال:ربِّ اجعل هذا البلدَ أمنًا،فاستجاب الله دعاءَه)وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا(وفضَّل الله البيتَ الحرام بما أحلَّ فيه من الأمنِ والاستقرار)وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا( ويوسفُيخاطبُ والدَيه وأهلَه ممتنًّا بنعمة الله عليهم بدخولِهم بلدًا آمنًا مستقرًّا تطمئنّ فيه نفوسهُم)وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ(وحَبَس اللهُ عن مكةَ الفيلَ وجعلَ كيدَ أصحابِ الفيل في تضليل لتبقَى مكةُ آمنةً)أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ(أيها الأحبة..نعمةُ الأمن في بلادِنا ولله الحمد مذكورةٌ مشكورةٌ بعدما مرَّ عليها الخوف في عصورٍ سالفة وعاش ذلك أجدادُنا وروَوه وحدَّثوا به،إلا أنَّ ما دفعَني إلى التحدثِ عن نعمةِ الأمنِ في هذا الموضوعِ ما سَمعتُ وسَمِعتُم مما يحصلُ في الآونةِ الأخيرةِ من استهتار البعضِ بهذه النعمة والرغبة في إهدارها من تمردٍ للشبابِ بأعدادٍ كبيرةٍ واستغلالٍ للمناسباتِ بالفسادِ والإفسادِ والتعدي على الممتلكاتِ والأعراضِ..وكذلك نرى اختلالَ الأمن بكثرةِ السطو على المنازلِ الذي أصبح مؤخراً من عادات الحياة أن تُسلبَ المنازلُ ويُعتدى عليها ولا حول ولا قوة إلا بالله،نرى الشبابَ يستغلون الفعاليات للتخريبِ والتمردِ والإخلالِ بالأمنِ بممارساتٍ إرهابيةٍ تجاه الناسِ والنساءِ والمحلاتِ بل وتجاه الشرطِ والهيئات حتى صارَ ذلك عادةً لهم عند كلِّ مناسبة،وكذلك استعراضُ السيارات والتفحيطُ الذي يزهقُ الأرواحَ ويفسدُ الأموالَ ويريعُ الناسَ أصبحَ ظاهرةً تُشغلُ الجميعَ إضافةً إلى جرائمِ ترويجِ وتهريبِ المخدراتِ وجرائمِ القتلِ والخطفِ وغيرها من الحوادثِ الأمنيةِ المعلنةِ مؤخراً التي تُقلقُ الخائفَ على أمنِ بلدهِ..حقًّا إن هذا الموضوع يُزعج،وإذا لم يوضع له حدٌّ ونهاية فإن العواقبَ لا تُحمدُ عُقباها.فليس بعد ضياعِ الأمنِ شيء..الإنسانُ يمكنُ أن يعيشَ وهو يعاني فقيراً جائعاً لكنه لا يعيش مع الفوضى والقلاقل والاضطرابات.فلا بد أن يسعى كلٌّ منا لتحقيق الأمن ودفعِ أسبابِ نزعه،منها ما هو واجبُ الفرد، ومنها ما هو واجبُ المجتمع، ومنها ما هو واجبُ الدولة.
ومن الوسائل المهمةِ لحفظِ الأمنِ أن نحفظَ ونُحافظَ على ما شرعَهُ تعالى من إقامةِ الحدودِ على المجرمينَ التي فيها زجرٌ للناسِ،فاللهُ سبحانَه وتعالى قد شرعَ لنا وأَمَرَنا بأن نقيمَ حدودَه المنصوصَ عليها في كتابه أو في سنة رسولهلكي ينزجرَ الناسُ عن الجرأةِ على المعاصي،ولكي يستقرَّ حالُ المجتمعِ،ولكي يأمنَ الناسُ على أموالهِم وأعراضِهم،فلو أَمِنَ السارقُ بأنَّ يدهَ لا تُقطع وأَمِن الزاني بأنه سوفَ لا يُرجم وأَمِن المرابي والغاش والمزوّر بأنه لا يُعزّر فهل يسودُ أمنٌ في المجتمع؟!لا والله،وعلى كثرةِ السرقاتِ مُؤخَّراً فانّك لا ترى مع الأسف مقابلَها عدداً من إِقامةِ حدودِ السرقةِ وقطعِ يدِ السارقِ..وكذلك إقامةُ حدودِ التعزيرِ والجلدِ بلا مجاملة لأولئك الشباب المستهترين بالأعراضِ والأنظمةِ وهذا ما أدَّى إلى كثرةِ الجريمةِ وتنوعِهَا وتمردِ الشبابِ وفوضويتهم تمرُّ الأيامُ وهؤلاءِ الشبابُ يزدادُ استهتارُهم ويقلُّ وعيهم كلَّ يوم وآباؤُهم في غفلةٍ عنهم ولا رادعَ لهم..
عبادَ الله..لقد لعنَ اللهُ أقوامًا كان إذا سرقَ فيهم القويُّ تركوه، وإذا سرقَ فيهم الضعيفُ أقامُوا عليه الحد،ولهذا لمّا جاء حبيبُ رسول الله أسامةُ بنُ زيد يستشفعُ في المرأةِ القرشية التي سرقت لكي لا يقيم عليها الحد غضب وقال(والله،لو أنَّ فاطمةَ بنتَ محمدٍ سرقت لقطعت يدها)).
بإقامةِ حدودِ اللهكانت تسيرُ المرأةُ من شرقِ البلادِ إلى غَربِها لا تخشى إلا اللهَ والذئبَ على غنمها،لكن عندما صارَ المسلمونَ يعطلونَ إقامةَ الحدودِِ..فيسرقُ ذاك الألوف المؤلفة ثم يُترك،ويبلعُ الآخرُ الملايينَ باسم فساد المنصب الغش أو المحسوبية ولا يعرضُ أصلاً على حكم الله،والثالثُ يرتكب الفواحش ويجاهرُ بِها وينشرُها في قنواته والذين حولَه يعلمون عنْه والناسُ تتناقلُ أخبارَه وروائحَ جرمه ومنكراتَه بلغَت كلَّ مكان ولا يُقامُ عليه حد، والرابع يستهتر بتعاليم الدين،والعلماء على صفحات الجرائد والمسلسلات ويُسكت عنه فمن أين يُنزل الله أمنه؟!وكيف تريدونَ بعد ذلك أن يرحمنَا اللهُ بأمنهِ ويكلأنا برعايته إذا ضيعنا حدوده؟!
وإذا أمِن الناسُ العقوبة استشرى فيهم الجريمةُ والفوضى،)تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ(
أيها الشباب..إذا اختلَّ الأمنُ تبدَّل الحالُ،ولم يهنأْ أحدٌ براحةِ بال،فيلحقُ الناسَ الفزعُ في عبادتهم، فتُهجَرُ المساجدَ ويمنَعُ المسلمُ من إظهارِ شعائرِ دينهفَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ(
باختلالِ الأمنِ تُقتَلُ نفوسٌ بريئة، وتُرمَّلُ نِساءٌ، ويُيتَّم أطفال. إذا سُلِبت نعمةُ الأمن فشا الجهلُ وشاعَ الظلمُ وسُلبتِ الممتلكاتُ، وإذا حلَّ الخوفُ أُذيقَ المجتمعُ لباسَ الفقر والجوع)فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ(
أيها المسلمون..ومما يجبُ علينا حِفظهُ لو أَردنا حِفظَ الأمن علينا أن نَحفظَ العقولَ، أن نحفظَ عقولَ المسلمينَ مما يُفسدُها ويُضرُّ بِها،سواءً كانت مفسداتٍ ماديةٍ أو مفسداتٍ معنوية..يجبُ حِفظُ عقولِ الناسِ من كُلِّ مُسكِرٍ ومن كُلِ مُخدّر،وكذلكَ المحافظةُ على عقولِ الناسِ من التصوراتِ الفاسدةِ والأفكارِ المنُحرفةِ الضالة في التكفيرِ والتفجيرِ والتبديعِ والفسقِ والفجورِ..عقولُ الناسِ لو أَصابَها العَطَبُ وأصابَها الخَدَر ماذا تكون النتيجة؟! النتيجةُ إقبالُ الناسِ على الشهواتِ وانتشارُ المعاصي،مما يُقلّلُ وازعَ الخوفِ من الله عندَ الناس،فيفعلُ كلُّ شخصٍ ما يريد،فيترتبُ عليه الفوضى وقلةُ الأمن وحفظُ العقولِ يكونُ بتعليمٍ يدركُ أهميةَ الواقع والمنافسة..وبثقافةٍ يتبناها مثقفون مُخلصون لدينِهم وأمتهِم وملتزمون بأخلاقهِم..وبمشاريعَ تنشرُ الخيرَ وتبذلُ النفعَ العامَّ للناس في حياتِهم وتعليمِهم وأخلاقِهم وعلاقتِهم فيما بينهم ..
إن المحافظةَ على عقولِ الناسِ من أَهمّ أسبابِ حِفظِ الأمن؛لأن الناسَ لو استقامت عقولُهم صارُوا يُفكِّرون فيما ينفعُهم ويبتعدُون عما يضرُّهم،لو استقامت عقولُ الناسِ لاستقامت حياتُهم؛ لأنَّهم سوفَ يبحثونَ عما يُرضِي الله فيفعلونه،ويتعرفون على ما يغضب الله فيبتعدون عنه..واستقامة العقل بالإيمان)الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون(
ماذا تتوقعون من مجتمعٍ أهملَ عقولَ الناسَ وثقافتهم،بل سعى إلى إفسادِ ها وتخريبها ماديًا ومعنويًا؟!لم يُحكمِ الرقابةَ والضبط عمّا يُفسدُ عقولَ الناسِ ماديًا،فإذا أتيتَ إلى إعلامهِ هالَكَ ما ترى فيه،سواءً كان إعلامًا مقروءًا أو مسموعًا أو مرئيًا،يحتوي جميع أنواعِ المخالفاتِ الشرعية من غناءٍ مُحرم وصورٍ عاريةٍ ودعوةٍ لتحريرِ المرأةِ من تعاليم الإسلام وخلطِها بالرجالِ وأخلاقٍ رديئةٍ وكلماتٍ فاضحةٍ وأفكارٍ علمانيةٍ تافهة،كلُّ هذا وغيرهُ سيطرَ على عقولِ البعضِ في القنوات الفضائية فأفسدها، ولم يدع لها لحظةً واحدةً تفكر في دينها،أو تُفكر في عاقبتها، أو حتى تُفكر فيما ينفعها في دنياها،وحماية أوطانها فصار أغلبُ الناسِ ـ إلا من رحم الله ـ يعيش و يكتبُ في زاويتهِ الصحفية و قناته الفضائية في خواءٍ فكري وفراغ عقلي وبلا فائدة تذكر هذا ينال من الدين وعلمائه وذلكم يستهترُ بالأخلاق المحافظة..وغيُره يطالب بالحريةِ الغيرِ منضبطة لو جاءهُ الخطرُ لم يعلمْ عنه،ولو سُلبت خيراتهُ ما سأل عنها،بل لو استبدلَ حاله من أمنٍ إلى فوضى وجريمةٍ لربطِ هذا بالحضارةِ المعاصرةِ فهل هذا هو الانتماء للوطن؟!..رأيناهم يدعونَ صراحةً إلى اختلاطِ النساءِ بالرجالِ ويشجعونهُ ويدافعونَ عنه في التعليم والتجارة و ما علموا أنه مفتاحُ الشرورِ لعددٍ من الأخطارِ وذلكَ حين يكونُ بلا رقابةٍ و لا نظامٍ صارم وإنما بتقليد غربي لا حول ولا قوة إلا بالله ..
فاتقوا الله أيَّها المسلمون..حافظوا على هذه النعمةِ في أوطانكم نعمةُ العقل والدين والأخلاق والأمن، حافظوا على عقولِكم وأولادكم من كُلِّ ما يضرها في دينها ودنياها،كم المفاسد الأخلاقية وفقدٍ للأمنِ من جراءِ هذه القنواتِ الفضائية التخريبية كيف نريدُ من شبابِنا بعدَ ذلكَ أن لا يتمردَ ولا يُفسدَ ولا يَتطرف ولا يسرق؟!فأينَ الأمنُ في الأوطانِ والغربُ قد وجّه كل قواه علينا؟!هو يقصد التغريب،ونحن تلقيناه على أنه ترفيه وتسلية بل وتعليم
إن الأمنَ لا يُمكن أن يحصلَ إلا في ظل شريعةِ اللهِ حُكمًا وتَحاكمًا، مع المحافظةِ على الدين والعقل والأخلاق وفق منهج الله، ولو فرطنا في تحكيم كتاب الله فبطن الأرض خير لنا من ظاهرها
) وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُون (اللهم إنا نعوذ بك من حال الفاسقين وألا تجعلنا من غير الآمنين واجعلنا من عبادك الصالحين يا أرحم الراحمين ..
الخطبة الثانية الحمد لله و حده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده و بعد..
أيها الناس اتقوا الله تعالى و توبوا إليه ..
أيّها المسلمون، نعمةُ الأمن من نعَم الله حقًّا)وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمْ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ(ونعمةُ الأمن تُقابَل بالذكر والشكر، ) فَإِذَا أَمِنتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (
وببركةِ الأمرِ بالمعروف والنهي عن المنكر تُمنَع الشرور والآفاتِ عن المجتمعات. وحِفظُ العبد نفسَه من شهواتِ النفس وشبهاتِ القلبِ أصلٌ في صيانةِ المجتمع من المخاوف والمكاره.
وحِفظُ الأمن في بلادِ الحرمينِ ألزمُ، فعلى ثراها تنزَّل الوحي، ومِن بين لابتَي المدينة شعَّ النورفي الآفاق، فيها بيتُ الله قائم، وفيها مسجدُ رسول الله r عامر والحكم معلن أنه بشريعة الله.
ويجب أن ينهلَ الجميعُ من منبع الكتاب والسنّة من غير تحريفٍ أو تأويل لنصوصِهما، ومعرفة ضوابط الولاءِ والبراء من غير إفراطٍ فيها أو مجافاة عنها, وبالتمسك بالشريعة يسعَدُ الجميعُ بالأمن والرخاء وإذا كان للجهاتِ المختصةِ بالأمنِ دورها المباشرِ و المؤثرِ الذي تؤديه بكل حزمٍ والحمد لله ونسأل الله لها المزيد و التوفيق و التسديد فإن لأهل هذه البلاد جميعاً دورهم ،ولكل وافد ومقيم عليها أيضاً دوره الذي يتعين عليه القيام به،لأن مظلةَ الأمن تظلنا جميعاً فنتعاون كلنا على إقامتها و عدم الإخلال بها أو الانتقاصُ منها أو تحريفُ الدينِ وتعاليمه مضر بنا جميعاً نسأل الله التوفيق والإعانة من هنا فإن ما يفعله بعض شبابنا في تلك الفعاليات التي تقام بعض المرات بلا حسن تنظيم من فوضى وإخلالٍ للأمن هي مسؤولية على عاتق كل أبٍ وأم فرّطوا في تربية أولادهم..نرى بعض الأسر يتداعون للذهاب للفرجة على تلك الفوضى بدعوى الفرحة ومن ثم تحدث الترحة كما رأيناه في سنواتٍ مضت ..
نرى الجهات الأمنية وفقها الله تستعد بشكلٍ كبير للتنظيم خشية فوضى الشباب فلماذا لاننتبه نحن لأولادنا ونعلم حقاً كيف يحافظون على مقدرات وطنهم الذي يعيشون فيه بلا إفسادٍ ولا فوضى هذا هو احترام الوطن ومبادئ الدين فالوطن ليس شعارات ترفع ولا يُعرف معناها أو صورٌ تعلق أو حفلاتٍ تقام..
حب الوطن وخدمته أسمى من ذلك بكثير وأمنه أغلى علينا والنعم التي نعيشها والله ثم والله أنها تحتاج بعد شكر الله عليها إلى المحافظة عليها من ذلك الإسراف والتبذير بالفوضى والعبث الذي يمارسه شبابنا ولننظر بعبرة وعظة إخوتي إلى من حولنا الله المستعان ..
اللهم آمنا في أوطاننا و أصلح أئمتنا و ولاة أمورنا وأدم علينا نعمة الأمن والإيمان والسلامة والاطمئنان وارزقنا شكرها و المحافظة عليها..اللهم ارزق بلاد المسلمين الأمن والإيمان والحكم بشرعية الرحمان والنجاة من الظلمة والطغيان يا كريم يا منان يا أرحم الراحمين ..
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..

 0  0  800
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 10:47 مساءً الإثنين 5 محرم 1447 / 30 يونيو 2025.

Powered by Dimofinf cms Version 4.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Ltd.