• ×

10:48 مساءً , الإثنين 5 محرم 1447 / 30 يونيو 2025

أزمة الأخلاق

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
الحمد لله و حده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده و أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمداً عبده و رسوله ..صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم تسليماً . . أما بعد ..فاتقوا الله عباد الله و توبوا إليه ..
أبها الأحبة إذا كان توحيد الله و عدم الإشراك به هو لب الإسلام فإن جوهرة هو الخلق الحسن و المعاملة ..و نلاحظ في حياتنا و معاملاتنا فيما بيننا خللاً منتشراً ..فإذا ما أختلف أحدٌ مع أحدٍ في الرأي و خالفه في وجهة نظره سلح عليه التهم المشينة و الغير صحيحة و قد يكون بعضها مخرجٌ من الملة لمجرد اختلافه معه في الرأي ..و تسمع عن فسادٍ عريضٍ في التعاملات الحكومية في عددٍ من بلاد المسلمين و عن عقوقٍ كبيرٍ بالوالدين و عن قطعٍ لصلة الأرحام و اختلاف بين الإخوة و الأقارب على الأموال..و حدةٍ و قسوةٍ في التعامل فيما بيننا و سوء ظنٍ و إلقاءٍ للتهم جزافاً ..أم الغيبة النميمة فأصبحت فاكهة لا تغيب في مجالسنا و يتلذذ بها بعضنا و غير ذلك من المساوئ الظاهرة مما يبين لنا أن أزمتنا اليوم أزمة أخلاقٍ ! فما وزن الأخلاق و التعامل في ديننا الإسلامي الذي ندين به ؟! سؤالٌ مهم يستدعي منا جميعاً الانتباه ..فبالأخلاق نحقق المبتغى ..
و إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
و إذا أصيب القومُ في أخلاقهم فأمم عليهم مأتماً و عــويلا
كتب أهل سمرقند إلى عمر بن عبد العزيز رحمه الله يشكون الجيش الأموي الفاتح أنه قد دخل بلدهم عنوة بلا تخيير قبل اقتحامها كعادة الجيوش الفاتحة المسلمة ..فأرسل رحمه الله إلى جيشه بأن يخرج فيمكث خارج المدينة ليخير ألها بين الإسلام أو الجزية أو الحرب فلماعرضوا عليهم ما كان منهم إلا دخلوا جميعاً في الإسلام الذي عرفوا خلقه من خلال عمر بن عبد العزيز ..و هذه أخلاق الفاتحين و هكذا دخلت في الإسلام كثيرٌ من أصقاع الدنيا بتعاملات و أخلاق تجار المسلمين بلا حروبٍ تذكر ..
أيّها المسلمون، لا يجادل أحد أنَّ سبيل النجاة وطريقَ السعادة في الدّنيا والآخرة التزامُ كتاب الله عزّ وجلّ وسنّةِ رسوله محمّد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلّم، على مثل ما كان عليه رسول الله وأصحابه رسول الله الذي إنما بعث ليتمم مكارم الأخلاق ، تلكم هي سفينة النجاة وسبيلُ العزّة وطريق السّلف الصالح. غيرَ أنّ هناك أمرًا مهمًّا في نهج السلف الصّالح لم يأخذ حقَّه من العناية ولم يوضَع مكانَه من التربيّة، ذلكم هو منهجُ أخلاقهم وطريق سلوكهم الذي نحتاجه في هذه الحياة و عرفنا شيئاً منه ، ذلكم أنّ منهجَ السلف الصالح رضوان الله عليهم ليس علمًا مجردًا ولا اعتقادًا جامدًا، ولكنّه نهجُ العقيدة والفقهِ والأخلاق والعمل. وإنّ المتأملَ في حياة بعض المسلمِين حتّى بعضِ المنتسبين للعلمِ والدعوة يلحَظ انفصالاً وانفصامًا بين الجانِبِ العلميّ النظريّ الاعتقاديّ والجانبِ السلوكيّ الأخلاقيّ العمليّ.
فإنّ ثمّةَ تلازمًا بل تلاحُمًا بين السّلوك والاعتقاد والإيمَان والأخلاق، فالسّلوك الظّاهر مرتبطٌ بالاعتقاد الباطِن بل لقد صرّح أهل العلم بهذا المنهجِ الأخلاقيّ وهم يذكرون منهجَ السلف في كتب العقائد، يقول الإمام الإسماعيليّ: "ويَرون محاربةَ البدع والآثام والفخر والتكبّر والعُجب والخيانةِ والدّغل والسعاية، ويرَون كفَّ الأذى وتركَ الغيبة"ويتواصَون بقيامِ الليل للصّلاة وبصلةِ الأرحام وإفشاءِ السلام وإطعام الطّعام والرحمةِ للفقراء والمساكين والأيتام والاهتمامِ بأمور المسلمين والتعفُّف في المأكلِ والمشرَب والملبس والمصرَف والسعيِ في الخيرات والأمر بالمعروف والنهيِ عن المنكر والبدار إلى فصل الخيرات أجمَع واتّقاء شرّ الطمع، ويتواصَون بالحقّ ويتواصَون بالصبر" [5]، ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في بيان منهج السلف: "ويدعون إلى مكارمِ الأخلاق ومحاسِن الأعمال، ويعتقِدون معنَى قولِه r: ((أكملُ المؤمنين إيمانًا أحسنُهم خلقًا)) [6]، ويندبون إلى أن تصلَ من قطعك وتعطيَ من حرمَك وتعفوَ عمّن ظلمَك، ويأمرون ببرِّ الوالدين وصلةِ الأرحام وحسن الجوار والإحسانِ إلى اليتامى والمساكين وابنِ السبيل، وينهَون عن الفخر والخُيَلاء والبغي والاستطالةِ على الخلق بحقّ أو بغير حقّ، ويأمرون بمعالي الأخلاقِ وينهَون عن سفاسِفها" [7].
أيّها الإخوة الإيمان والصلاحُ والأخلاق عناصرُ متلازمةٌ متماسِكة لا يمكِن الفصل بينها، ولكن قد يُبتلى العبدُ بالتّفريط فيها أو التّقصير في بعضِها تقصيرًا قد يؤدّي به إلى الهَلَكة.
تأمّلوا ـ رحمكم الله ـ من هو المفلس في معيار الإسلام. المفلسُ ـ كما في الحديث الذي رواه مسلم من يأتي بصلاة وزكاةٍ وصيام و حسناتٍ أمثال الجبال لكنه يأتي وقد شتَم هذا وقذَف هذا وأكلَ مالَ هذا وسفك دمَ هذا وضرَب هذا، فيُعطى هذا من حسناتِه وهذا من حسناتِه، فإن فنيَت حسناتُه قبل أن يٌقضَى ما عليه أخِذ من خطاياهم فطُرحت عليه ثمّ طُرح في النار، ذلكم هو المفلسُ عياذًا بالله.
و لو أنني خيرت كل فضيلة ما اخترت غيرَ مكارم الأخلاق
عباد الله، الأخلاق حُلَّة تقصُر دونها الحُلَل وسِتر لا يغني عنه سِتر، وهل افترق الإنسان عن حيوان الغابِ وسِباع الدواب إلا بالأخلاق؟!
الأخلاقُ تمتزِج بتصرّفات الإنسان كلِّها، في سلوكه جميعِه وأحواله كلِّها، في جدِّه وهزلهِ، وفرَحه وحزنِه، ورضاه وسَخَطه، وخطئِه وصوابِه. إنَّ عند ابن آدم رغبةً شديدة في نيلِ السّعادة والعيش في أكنافها، ومِن المعلوم جَزمًا أنّ السعادة لا تُدرك بالمنصِب ولا بالجاه ولا تُنال بالشّهوات ومُتَع الحياة ولا بِجمال المظهَر ورقيق اللّباس، لا تُنال السّعادة إلا بلباسِ التّقوى ورِداء الخُلُق، عملٌ صالح وقول حسَن، }ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ{ [الحج:77، 78].
ابحَث ـ حفظك الله ـ بعنايةٍ عن أصولِ الأخلاق ومزكّيات النّفوس، تأمّل في الأمانةِ والصّدق والعفّة والمروءة والحِلم والصّبر والاعتراف بالحقّ لأهله والجميلِ لأصحابه، قدّر ما عند الآخرين مِن الفضلِ والعِلم والخِبرة احترام الكبير و ارحم الصغير ، آثِر الحقَّ وأحِبَّ أهلَه وخُذ بالرّحمة وفروعِها وقوّة الإرادة وضبطِها والصّبر ومظاهِره وسماحةِ النّفس علوّ الهمّة والاحترامِ المتبادل ما أحوجنا إلى أن نحسن الظن ببعضنا و نعتذر عن لأخطاء الغير ما أمكننا ..
إنّ لمحاسنِ الأخلاق في دينِكم ـ عبادَ الله ـ مكانةً عالية، بلغت بصاحبها أن كان الأقربَ والأحبّ لصاحب الخلُق العظيم نبيّنا محمّد الذي يقول عليه الصلاة والسلام: ((إنّ من أحبِّكم إليّ وأقربِكم منّي مجلسًا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقًا)) رواه البخاري [9]، ويقول عليه الصلاة والسلام: ((إنّ من خيارِكم أحسنَكم أخلاقًا)) رواه البخاري [10]. والكلمة الطيّبةُ صدقة، وتبسُّمك في وجه أخيك صدقة..(( و إن الرجل ليبلغ بحسن خلقه درجة الصائم الذي لا يفتر من صيام و القائم لا يفتر من قيام ))
آيات كتابِ الله وأحاديث رسول الله rكلُّها مشتملاتٌ على جوامع الأخلاق في جوامعِ الكلم وسواء منها ما كان في التّوحيد والعقائدِ أو كان في العبادةِ والشّريعة، وما كان في معاملةِ الخالقِ جلّ وعلا أو معاملةِ المخلوقين، حتّى في إقامةِ حدودِ الشّرع وحتّى مع الحيوان في قتلِه أو ذبحِه، ((إنّ الله كتب الإحسانَ على كلّ شيء، فإذا قتلتم فأحسِنوا القِتلة، وإذا ذبحتم فأحسِنوا الذِّبحة، وليحِدَّ أحدكم شفرتَه، وليرِح ذبيحتَه)) حديث صحيح أخرجه الإمام مسلم من حديث أبي يعلى شدّاد بن أوس رضي الله عنه [11].
وتأمّلوا هذه الآياتِ الجوامعَ من كتاب الله عزّ وجلّ: } هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَانُ{ [الرحمن:60]، }وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا{ [البقرة:83]، }وَلا تَنسَوْا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ{ [البقرة:237]، }فَصَبْرٌ جَمِيلٌ{ [يوسف:18]، }فَاصْفَحْ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ{ [الحجر:85]، }خُذْ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ{ [الأعراف:199]، }وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ{ [القصص:55].
وفي السنّة: ((من يستعفِف يعفَّه الله، ومن يستغنِ يغنِه الله، ومن يصبِر يصبِّره الله)) متفق عليه [12]، و((ليس الغنى عن كثرةِ العَرَض، ولكن الغِنى غِنى النّفس)) [13]، و((ليس الشّديد بالصُرَعَة، إنّما الشديد الذي يملِك نفسَه عندَ الغضب)) [14] أحاديث متّفق عليها، و((من لا يشكر الناسَ لا يشكر الله)) [15]، و((لا يؤمِن أحدُكم حتّى يحبّ لأخيه ما يحبّ لنفسه)) [16]، و((أحسن الناسِ إسلامًا وإيمانًا أحسنُهم خلقًا)) [17]، و((ما من شيء أثقلُ في ميزان المؤمن يومَ القيامة من خلُق حسن)) [18].
أيّها المسلمون، ولئِن ذكر المربّون والحكَماء أن الأخلاقَ أمورٌ مستحسَنة فإنّها في ديننا تكاليفُ مطلوبَة كسائر العباداتِ والمطلوباتِ الشرعيّة فرضًا وسنّة، ومذمومًا منهيّ عنه تحريمًا وكراهة.
هذه هي عباداتُ الإسلام الكبرى وأركانه العظمى، يستبين منها مكانة الأواصِر بينَ الخلُق والدّين والعبادةِ والأدب، فالصّلاة تنهى عن الفحشاءِ والمنكر، والزّكاة صدقةٌ تطهِّر المسلمَ وتزكّيه، وفي الصيام: ((من لم يدع قولَ الزور والعمل به والجهلَ فليس لله حاجةٌ في أن يدَع طعامه وشرابَه)) [19]، والحجّ أشهر معلومات، }فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ{ [البقرة:197]، ومن لم يكن له من عبادتِه ما يزكّي قلبَه ويطهِّر نفسَه ويهذّب سلوكه ويُحسِّن خلقه وينظّم صلتَه بالله وبالنّاس فليحاسِب نفسَه حتى لا يكونَ من المفلسين، ((والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن قالوا من يا رسول الله ؟! قال : مَن لا يأمَن جاره بوائقَه)) [20]، ((ومَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرِم ضيفَه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقُل خيرًا أو ليصمت)) [21]، ((والحياء شعبة من الإيمان)) [22]، وطوبى لمن شغَله عيبُه عن عيوبِ النّاس، ومن ابتُلي بالعجب فليفكِّر في عيوبه، وتعرَّف على أخلاقك بالنّظر في أحوالك في غضبِك وإذا خلوتَ وإذا احتجتَ وإذا استغنيتَ وإذا قدرتَ وإذا عجزتَ، واعلم أنّ النمامَ يفسِد في ساعة ما لا يفسِده الساحر في سنةولا مروءةَ لمن لا دين له يفسِد رياضةَ سَنة، وإذا ذهَب حظّ النفس حضَر الإخلاص، وإذا انضمّ إلى الإخلاص الصوابُ كمُل النّصاب، والنفس غيرُ السّويّة تثير الفوضى في أحكمِ النُّظُم، والنّفس الكريمَة ترقع الفتوقَ في الأحوالِ المضطَربة، فتحِسن المسيرَ في أجواء الأعاصير، والقاضِي النزيه يكمِّل بعدلِه نقصَ النّظام، والقاضي الجائرُ يحذف النّصوص المستقيمة، وإذا لم تصلُحِ النّفوس أظلمتِ الآفاق وبرزَت الفِتن.
قالوا يا رسول الله إن فلانة تكثر من صلاتها و صيامها و صدقتها لكنها تؤذي جيرانها بلسانها قال: هي في النار قال : فإن فلانة تصلي فرضها و تصوم شهرها و تتصدق بالقليل من الإقط و تحسن إلى جيرانها قال هي في الجنة ..
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: }يَا بُنَيَّ أَقِمْ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنْ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ * وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ{ [لقمان:17-19].
نفعني الله وإيّاكم بالقرآنِ العظيم وبهديِ محمّد r وأقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كلّ ذنب وخطيئة، فاستغفروه إنّه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله وكفى، أحمده سبحانه وأشكره على ما أنعم وأوفى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له إذا وعَد وفى، وإذا أوعَد عفا، وأشهد أنّ سيّدنا ونبيّنا محمّدًا عبد الله ورسوله النبيّ المجتبى والرّسول المصطفى، صلى الله وسلّم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أهل البرّ والصّدق والوفا، والتابعين ومن تبعهم بإحسان وسار على نهجهم واقتفى.
أمّا بعد: فيا أيّها المسلمون، حسنُ الخلُق بابٌ عظيم لعلَّ فيه ما يعالِج ما انتابَ كثيرًا مِن المسلمين في هذه الأعصارِ من انحرافٍ وهبوط، فأمّة الإسلام تمرّ عليها في كثيرٍ من ديارها ومواقعها محنٌ عصيبة وتيّارات هادِرة من الإلحاد والزّندقة والتعصّب والمادّية والبلبلات الفكريّة، في هجماتٍ شرِسة وفوضى إعلامية وفكريّة وأخلاقيّة تهدد أخلاق أجيالنا ، مصائبُ لا تزَال تنصبّ ونوائب تنزِل، كأنّها لم تجِد غيرَ ديار المسلمين ديارًا، ولا غيرَ منازلهم منازلاً.
وإنّ دروسَ التاريخ وعبَر الزمن لتبيِّن أنّ كلَّ أمّة نهضت وكلّ حضارة ازدَهرت كان ذلك كلُّه بإذن الله وأمره بفضل أبنائِها الذين ملكوا نفوسًا قويّة وعزائمَ مضّاءة وهِممًا عالية وأخلاقًا زاكية وسِيَرًا فاضلة، يحكم ذلك سياجٌ متين من الدّين الحقّ والعقيدة الراسخة، ابتعدوا عن سفاسِف الأمور ومحقَّرات الأعمال ورذائلِ الأفعال، لم يقَعوا فريسةً للفساد أو أسرَى الملذّات والشّهوات والاشتغال بعيوب الآخرين وتلمُّس العيوب للبرآء.
لم تكن سعادة الأمّة ولا عزّة الدّيار بكثرةِ الأموال ولا بجمَال المباني ولكن السّعادة والعزّة برجالٍ تثقّفت عقولهم وحسُنت أخلاقهم وصحّت عقائدُهم واستقامت تربيّتهم واستنارت بصائرُهم، أولئك هم رجالُ الأخلاقِ والقوّة، وذلكم هو بإذن الله مصدرُ العزّة.
أحب مكارم الأخلاق جهدي و أكره أن أعيب و أن أعابا
و أصفح عن سباب الناس حلماً و شر الناس من يهوى السبابا
اللهم أحسن أخلاقنا و أحسن خاتمتنا و ارزقنا حسن الخلق و التعامل مع الجميع و نجنا من حقوق الغير علينا و نجنا من الظلم و رفقة الظالمين و عن الغيبة و المغتابين و سائر الخلق المشين يا أرحم الراحمين ..
اللهمّ صلِّ وسلِّم وبارك على عبدك ورسولك نبيّنا محمّد، صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر والخلق الأكمل، وعلى آله الطيبين الظاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين، وارض اللهمّ عن الخلفاء الأربعة الراشدين...

 0  0  852
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 10:48 مساءً الإثنين 5 محرم 1447 / 30 يونيو 2025.

Powered by Dimofinf cms Version 4.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Ltd.