• ×

09:54 مساءً , الإثنين 5 محرم 1447 / 30 يونيو 2025

أحكام وسنن وعبر في الشتاء والربيع

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
الحمد لله،مكور النهار على الليل ومكور الليل على النهار،وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له العزيز الفغار،وأشهد أن محمداً عبده ورسوله سيد الأبرار،صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أولي الأقدار،وسلم تسليماً كثيراً ما تعاقب الليل والنهار..أما بعدُ:فيا عباد الله..اتقوا الله العزيز الغفار..
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:{اشْتَكَتْ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا فَقَالَتْ يَا رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ فَهُوَ أَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنْ الْحَرِّ وَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنْ الزَّمْهَرِيرِ-أي البرد-}رواه البخاري..هذه النار تشتكي عباد الله من بعضها فكيف بمن في داخلها يعذبُ فيهاومُخلّدٌ بها؟ نسأل الله العافية ونسأله النجاة من النار..
أيها الإخوة المؤمنون,الدهور والأعوام الليالي والأيامُ سننُ الله تتعاقب في هذه الدنيا ولن تجد لسنة الله تبديلاً،وبتعاقبِها وسيرِها تتعاقبُ الفصولُ على الناس،فذلك فصلٌ للصيف ثم يأتي بعده الخريف وآخر للشتاء ثم الربيع ومن نعمهِ أن خصَّ كلَّ موسمٍ بما يناسبُه من الزروع والثمار ونوّع الأعمال،ودَفْعِ السآمةِ عن الإنسان,والمؤمنُ الحق من تدّبر هذه النعمةِ،وشكَر الله لأجلِها قولاً وعملاً،ونقفُ اليوم مع فصل الشتاء الذي قال عنه صلى الله عليه وسلم(الشتاءُ ربيعُ المؤمن))أخرَّجه البيهقيُّ،وزاد فيه(طال ليلهُ فقامَه وقصر نهاره فصامه))والشتاء ربيع المؤمن لأنه يرتع فيه في بساتين الطاعات،والعبادات بقدرته على قيام ليله مع النوم لطوله وصيام نهاره بلا عناء لبرودته وتلك الغنيمة البادرة التي وصفها أبو هريرة رضي الله عنه بأنها(الصيام في الشتاء وقيام ليل الشتاء))نسأل الله أن يوفقنا،لذلك قال ابن مسعود رضي الله عنه(مرحباً بالشتاء تنزل فيه البركة,ويطول فيه الليل للقيام ويقصر فيه النهار للصيام))وبكى معاذ رضي الله عنه عند موته، فلما سُأل عن ذلك قال:إنما أبكي على ظمأ الهواجر وقيامِ ليل الشتاء ومزاحمةِ العلماء بالركب عندَ حِلَقِ الذكر"ومن فضائل الشتاء أنه يُذكِّرُ بالخوف جهنم،والاستعاذةَ منها,يقول صلى الله عليه وسلم(إذا كان يومٌ شديدُ البرد فإذا قالَ العبدُ لا إله إلا الله ما أشدَّ بردَ هذا اليوم!،اللهم أجرْني من زمهريرِ جهنَّم،قال الله تعالى لجهنم إن عبداً من عبادي استجارَ بي من زمهريرك وإني أشهدُك أني قد أجرْتُه)) قالوا يا رسول الله وما زمهريرُ جهنم؟!قال(بيتٌ يُلقى فيه الكفارُ فيتميَّزونَ من شدةِ برده))،وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما قاليستغيث أهل النار من الحر فيغاثون بريح باردة يُصدِّعُ العظامَ بردُها فيسألونَ الحرَّ مرةً أخرى ويستغيثون بحرِّ جهنم) نسأل الله أن ينجينا ووالدينا وجميع المسلمين من حرِّ جهنم وزمهريرها وأن يسكننا الجنة ونعيمها.
تأملوا إخوتي الشتاء كيف خصّه الله ببعض الثمرات كما هو الصيف فما بالكم ونحن بحمد الله يُجلب إلينا هنا ثمرات الصيف والشتاء التي لا تنقطع طوال العام،وقد تجد البعض يتأفَّفُ من الأجواء بل قد يسبُّها وهذا تعدٍ وتجاوزٍ وغفلة عن حكم الله في تغيير الأجواء،فهنا من الناس من يسب البرد وهناك من الناس من يسب الحر وكلها مواسم يقلبها الله جل جلاله وهذا تعدٍ وتجاوزٍ عن حكم الله سبحانه وتعالى في تغيير الأجواء وقد تجد هناك من يُرجع تقلب تلك الأجواء إلى العوامل المناخية ودوران الكرة الأرضية وينسى المقدر الأعلى سبحانه وتعالى وكل ذلك فيه آياتٌ بينات واضحاتٍ في عظمةِ قيومِ الأرضِ والسمواتِ سبحانَه وتعالى..نحمد الله على النعم ونسأله دوامها وشكرها..
أيها الإخوة..ومما يحتاجه المؤمنُ كثيراً في الشتاء،المسح على الخفين،وهذا من تيسير الله على عباده،ويلزمُ الإنسانَ عند لبس الخفين أو الشراب ونحوه أن يكون طاهراً متوضئاً،ويمسحُ عليهما عند الوضوء،إن كان مقيماً يوماً وليلة،وإن كان مسافراً ثلاثة أيام بلياليهن،وتبدأُ مدةُ المسحِ على الخفين من أولِ مسحةٍ عليهما,فإن لبسَ الإنسانُ خفيه عندَ صلاة الفجرِ ومسحَ عليهِما في صلاةِ الظهر فابتداءُ المدة من الوقت الذي مسح فيه عند صلاة الظهر،فيمسحُ المقيم إلى مثل ذلك الوقت من الغد،وإذا تمت المدة،وهو على طهارته،فطهارتُه باقية حتى ينتقضَ وضوؤه،وإذا انتقضَ بعدَ تمام المدة وجبَ عليه غسلَ رجليه إذا توضأ،ثم يلبسُ من جديد،ومن تمَّت مدَّتُه فنسيَ ومسحَ بعدَ تمامِ المدة فعليه أن يُعيدَ صلاته والمسحِ أن يبلَّ يديه بالماء ثم يُمرِّهُما على ظهرِ الخفين من أطرافهِ مما يلي الأصابع إلى الساق مرةً واحدة،ومن رحمةِ الله بالعباد أنَّ من احتاجَ إلى ربطِ شيءٍ على كسرٍ أو جرحٍ أو بجبيرةٍ فإنه يمسحُ عليها كلَّها بدلاً من غسلِهَا في الوضوءِ والغسلِ حتى تبرأ,ويقومُ مسحُها مقامَ غسلها تيسيراً من الله وتسهيلاً على عباده ولله الحمد والمنة.
أيُّها الإخوة..كذلك مما يردُ على الإنسان في الشتاء وجود الأمطار،وهي نعمةُ الله جل جلاله،وخيرٌ للبلادِ والعبادِ،يستغيثون الناس بالله ليمطرهم ويسألونه الغيث وهي نعمة تستحقُّ منا الشكر،ووقتُ نزولِ المطر من أوقاتِ الاستجابةِ للدعاء،ومما وردَ من الأدعيةِ عندَ نزولِ المطر(مُطرْنا بفضلِ الله ورحمته))،وكذلك أن يقول(اللهم اجعلْه صيباً نافعاً))،وغير ذلك من الأدعيةِ والسنن،وإن في تصريفِ الأمطارِ في بعضِ الأمصارِ وحبسِها عن بعضِ الديار لعبرةً لأولي الأبصار وعظةً للعصاة الفجار(وَهُوَ ٱلَّذِى أَرْسَلَ ٱلرّيَـٰحَ بُشْرَىً بَيْنَ يَدَىْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَاء مَاء طَهُوراً لّنُحْيِىَ بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً وَنُسْقِيَهِ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَـٰماً وَأَنَاسِىَّ كَثِيراً وَلَقَدْ صَرَّفْنَـٰهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُواْ فَأَبَىٰ أَكْثَرُ ٱلنَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً))
وإذا كانت نعمة فإن الله تعالى عذَّب أقواماً بالغرق بالمطر وعذب أقواماً بالريح الباردة كقوم نوحٍ ثم كقوم عاد الذين استبشروا بها فإذا هي عذابُهم-نسأل الله العافية- تقول عَائِشَةُ - رضي الله عنها - أن النَّبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - إذا رأى غَيْمًا فتقول:كَانَ إِذَا رَأَى غَيْمًا أَوْ رِيحًا عُرِفَ ذَلِكَ في وَجْهِهِ،فَقَلَتْ:يَا رَسُولَ اللَّهِ!أَرَى النَّاسَ إِذَا رَأَوا الغَيْمَ فَرِحُوا؛رَجَاءَ أَنْ يَكُونَ فِيهِ المَطَرُ،وَأَرَاكَ إِذَا رَأَيْتَهُ عَرَفْتُ في وَجْهِكَ الحزنَ؟!:فَقَالَ:«يَا عَائِشَةُ!مَا يُؤَمِّنُنِي أَنْ يَكُونَ فِيهِ عَذَابٌ،قَدْ عُذِّبَ قَوْمٌ بالرِّيحِ،وَقَدْ رَأَى قَوْمٌ العَذَابَ؛فَقَالُوا(هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا))فقال لهم الله((بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ))متفق عليه اللهم اجعل أمطارنا مباركةً نافعةً لاسقيا هدمٍ ولا غرقٍ ولا بلاءٍ يا أرحم الراحمين..
وفي نهايةِ الشتاءِ تخضرُّ الأرضُ،وتُخرجُ بركاتِها بفضلِ اللهِ ومنته،فيُكثرُ الناس من الخروجِ إلى البراري للنزهة وللتخييم ولكنك مع الأسف تلاحظ مخالفاتٍ تقع من بعضهم كسوء تنظيم أوقاتهم ما يتبعه إضاعةٍ للوقت بغيرِ المفيد بالسهر والتهاونِ بالصلاةِ وأدائها في غير وقتها،كذلك الإسرافُ والتبذيرُ بالعبثِ بالسياراتِ والدراجاتِ الناريةِ والاستهتارِ بأرواحِ الناس ونتساءل بعد ذلك أين أولياء أمورهم من هذا العبث الذي يحدث من قبل هؤلاء السفهاء حتى أصبحت عادة لهم يمارسونها في البراري وبعد الأمطار؟..كذلك مما نراه تهاونُ بعضُ الأولياءِ في الخروجِ بالعوائلِ للبراري مع عدم اختيار الأماكن المناسبة الساترة وعدم الاهتمام بالبيئة والتعدي على الأشجار بالاحتطاب الجائر وعدم نظافة المحلات التي يتنزهون بها فيفسدون في الأرض بعد إصلاحها عن طريق ترك مخلفاتهم وهذا ليس من شكر الله على نعمة المطر والأمن قال صلى الله عليه وسلم(إن أخوف ما أخاف عليكم ما يُخرِجُ الله لكم من بركاتِ الأرض،قيل:وما بركات الأرض؟قال:زهرة الدنيا،فقال له رجل يا رسول الله:وهل يأتي الخير بالشر؟فصمت صلى الله عليه وسلم حتى ظننا كما يقول راوي الحديث أنه يُنزلُ عليه، أي الوحي ثم جعلَ يمسحُ عن جبينه،فقال أين السائل؟ قال:أنا،قال:لا يأتي الخيرُ إلا بالخير،إن هذا المالَ خَضِرةٌ حُلوة،وإن كل ما أنبتَ الربيعُ يقتلُ حَبَطاً أو يُلِمُّ ـ أي يشبع ـ إلا آكلةَ الخَضِرَةِ أكلتْ حتى إذا امتدت خاصرتها استقبلت الشمس فاجترَّتْ وثلطت وبالت ثم عادت فأكلت وإن هذا المال خَضِرةٌ حُلوة من أخذَه بحقِّه،ووضعه في حقه،فنعم المعونةُ هو،ومن أخذه بغير حقه كان كالذي يأكلُ ولا يشبع))أي الذي يأخذ المال ثم يسرف به نسأل الله العافية ..
عباد الله..كل ما في الدنيا يذكِّر بالآخرة،ودليل عليه،فإنبات الأرض واخضرارها بعد يبسها،يدلُّ على بعث الموتى من الأرض(وَتَرَى ٱلأرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا ٱلْمَاء ٱهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ذٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْىِ ٱلْمَوْتَىٰ وَأَنَّهُ عَلَىٰ كُلّ شَىْء قَدِيرٌ وَأَنَّ ٱلسَّاعَةَ ءاتِيَةٌ لاَّ رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ ٱللَّهَ يَبْعَثُ مَن فِى ٱلْقُبُورِ))ويقول تعالى((وَنَزَّلْنَا مِنَ ٱلسَّمَاء مَاء مُّبَـٰرَكاً فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّـٰتٍ وَحَبَّ ٱلْحَصِيدِ وَٱلنَّخْلَ بَـٰسِقَـٰتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ رّزْقاً لّلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً كَذٰلِكَ ٱلْخُرُوجُ))قال أبو رزين للنبي صلى الله عليه وسلم:كيف يحيي الله الموتى وما آية ذلك في خلقه؟قال(أما مررت بواد أهْلِكَ مَحْلاً,-أي وادٍ يابسا-قال:بلى,قال:أما مررت به يهتز خَضِراً قال:قلت بلى،قال:ثم مررت به محلاً,قال:بلى,قال:فكذلك يحيي الله الموتى,وذلك آيته في خلقه)) خرجه الإمام أحمد.
تفكَّر في نباتِ الأرضِ وانظرْ
إلى آثارِ ما صنَع المليـكُ

عيونٌ من لجيـنٍ ناظـراتٌ
بأحداقٍ هي الذهبُ السبيكُ

على قُضُبِ الزبرجدِ شاهداتٌ
بأنَّ الله لَيس لـه شريـك

أيها الأحبة..فصولُ السنةِ تذكِّرُ بالآخرة,فشدةُ الحر تذكِّرُ بحرِّ جهنم،وهو من سَمومِها،وشدةُ بردِ تذكِّرُ بزمهريرِ جهنم،وهو من نفسها،والخريفُ يكمُل فيه اجتناءُ الثمراتِ التي تُدَّخَرُ في البيوت،فهو منبِّه على اجتناءِ ثمار الأعمالِ في الآخرةِ،وأما الربيعُ فهو أطيبُ فصولِ السنة وهو يذكِّرُ بنعيمِ الجنة،وطيب عيشها,فهذه التنقلاتُ توجبُ للعاقلِ الدهشَ والتعجبَ من صُنع وقدرةِ خالقهِ تعالى..
فوا عجباً كيف يُعصى الإلـ
ـهُ أم كيفَ يجحدُه الجاحدُ

وللهِ فـي كـلِّ تحريـكـةٍ
وتسكينـةٍ أبـداً شـاهـدُ

وفي كـلِّ شيءٍ لـه آيـةٌ
تـدلُّ علـى أنَّـه واحـدُ

أيها الأحبة..كم من أناس يأتي عليهم البردُ بثلوجه ثم يعقبه الحر ولا أمنَ يظلِّهم ولا بيتَ يؤويهم ولا سقفَ يُغطِِّّيهم أو طعامٌ يدفئُهم فهل نتذكَّرُ ذلك مع هذا البرد؟!ألا ترون من حولكم يا عبادَ الله انظروا من حولكم خائفون..جائعون..يهانون ويقتلون..يمرُّ عليهم الشتاءَ ولا دفء..ولا أمنَ.. ولا غذاءَ ولا دواءَ..انظرُوا إخوانَكم في أرض سوريا انظروا لاجئيهم يأتيهم البرد وليس لديهم الدفء حتى توفي بعض أطفالهم من الصعيق وهم يطالبون بأبسطِ حُقوقِهم تحت رحمةِ نظامٍٍ لا يرحم ولا يسمع ولا زال يقتل وتحت عالمٍ إسلامي فإلى الله المشتكى..فماذا قدّمنا لهم؟! انظروا إخوانكم الفقراءَ في آسيا وأفريقيا..وكثرةَ الفوضى في البلدان وأنتم بحمد الله آمنون مطمئنون دافئون فهل قمتم بحق الله في شكر نعمته؟هل نتذكرُ إخواناً لنا من المسلمين القريبين أو البعيدين يأتي عليهم موسمُ البردِ والثلوج وهم بأمسِّ الحاجةِ لدعمِنا ونحنُ من نعيشُ نعمةَ الدفء من هذه النعم المتوفرةِ دفٌ البيوتِ والسياراتِ والمساجدِ فهل شكرْنا نعمَ الله بدعمِهم بالمال ونصرتهم وبالدعاءِ واللجوء إلى الله أن ينصرَهم على الظالمين المعتدين وأن يحميهم من نوائبِ الدهر ونتعاون مع الجمعيات لمساعدتهم في هذا البرد وهكذا نحسُّ بفضلِ النعم ومن أراد دوامَ النعم فليشكرْ واهبهَا تعالى..((وَهُوَ ٱلَّذِى أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلّ شَىْء فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِراً نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبّاً مُّتَرَاكِباً وَمِنَ ٱلنَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوٰنٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّـٰتٍ مّنْ أَعْنَـٰبٍ وَٱلزَّيْتُونَ وَٱلرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشَـٰبِهٍ ٱنْظُرُواْ إِلِىٰ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِى ذٰلِكُمْ لأَيَـٰتٍ لّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ))بارك الله لي ولكم ...
الخطبة الثانية ..الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعده..
أيها الأحبة..جعل الله المسلمين أُمةً واحدة،ارتبط أفرادها برابطة الإخوة الإيمانية،((إنما المؤمنون إخوة))ويسعون بما فيه صلاحهم واستقامة مجتمعاتهم..وإن طائفةً من أبناء المجتمع وهم موجودون في كل مجتمع قد زلَّت به القدم فوقعوا في المشكلة التي اقتضت الحكم بسجنهم ورغم مصيبتهم فإن بالمسلمين لهم حق الأخذ بأيديهم إلى الخير لعلها تكون لهم دافعاً للعودة والتوبة والعودة للمجتمع أما تركهم والشماتة بهم بعد خروجهم فإنه لا يجوز قال صلى الله عليه وسلم(لا تظهر الشماتة لأخيك فيرحمه الله ويبتليك))رواه الترمذي..فقبول السجين بعد الإفراج عنه فيه إعانة له على نفسه وشدٌ من أزره،وقطعٌ لأطماع رفقاء السوء عنه،والسجين يبتلى بعد خروجه كما يبتلى بسجنه..وترك إعانة الشيطان عليه وكذلك الاهتمام بذويه وأسرته أثناء سجنه واجبٌ على الجميع فأسرته لا ذنب لها لاسيما إن كانوا محتاجين للمعونة والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه فبادروا رحمكم الله بعونهم والعناية بهم عن طريق جمعية رعاية السجناء وأسرهم..نسأل الله أن يُفرّج عن المأسورين ويشفي مرضانا ومرضى المسلمين..وأن تجعلنا يا ربنا من عبادِك الشاكرين..وأن ترزقنَا حسنَ الحمدِ والثناءِ عليك ياربَّ العالمين..اللهم وكن لإخواننا المستضعفين في سوريا احفظهم بحفظك واكلأهم برعايتك واجمع كلمة المسلمين في كل مكان على الحق والدين،وجنبهم الفتن ما ظهر منها وما بطن،وأدم الأمن والإيمان والسلامة والاطمئنان على بلادنا خاصة وعلى جميع بلاد المسلمين..

 0  0  1315
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 09:54 مساءً الإثنين 5 محرم 1447 / 30 يونيو 2025.

Powered by Dimofinf cms Version 4.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Ltd.