الحمد لله من اعتصم بحبله وفقَّهَ وهداه،ومن اعتمدَ عليه حفِظَه ووقاه،وأشهدُ ألا إله إلاالله وحدَه لا شريكَ له ولا نعبد إلا إياه،وأشهد أن محمداً عبده ورسوله و مصطفاه،صلَّى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه وهداه وسلَّم تسليماً..أما بعدُ فاتقوا الله عباد الله..
بعثت قريش عتبةَ بن ربيعة إلى رسول اللهلمحاورته للرجوع عن دعوته فقال له:"يا ابن أخي اسمع منّي أعرض عليك أمورًا،لعلَّك تقبلُ بعضها،وترجعُ عن دعواك فقال له:قلْ يا أبا الوليد فقال:يا ابن أخي،إن كنت تريد بما جئت به مالاً جمعنا لك من أموالنا وأعطيناك،وإن كنت تريد به شرفًا سوَّدناك علينا،وإن كنت تريد به ملكًا ملَّكناك علينا،وإن كان هذا الذي يأتيك رئْيًا تراه لا تستطيع ردَّه عن نفسك طلبْنا لك الأطباء،حتى نبرِئَك منْه،فقال:أفرغت يا أبا الوليد ؟قال:نعم قال:فاستمع منّي قال:أفعل فقرأ عليه }حم*تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ،كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ{الآية وهو يسمع حتى وصل إلى قوله تعالى} فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ{فوضع يده على فم رسول اللهخشية العذاب فقام"عتبة"إلى أصحابه فقالوا:نحلف بالله،لقد جاءكم"أبو الوليد"بغير الوجه الذي ذهب به.. يا له من موقفٍ عظيمٍ من رسولنا الكريم يدل على قبولِ الرأي والجلوس للحوار حتى مع مشرك
أيها الإخوة..إن المتأمِّلَ لكثيرٍ من مشكلاتِنَا وصعوبتها وما نراه يُحيطُ بعالمنا العربي هذه الأيام من فتنٍ وثورات يجدْه راجعاً لفقدِ شيءٍ مهمٍ وأساسيٍّ في التعاملات ألا وهو فقد الحوار والاعتراف برأي الآخر..تراكماتِ عشراتِ السنين من تهميش الحريات..والقمع و إهمال الحوار..واعتمادِ ثقافةِ الظلمِ والفسادِ وتقديمِ المرتزقةِ وتأخيرِ الناصحين المخلصين فحصلت الثورات..فالحوارُ والجدال بالتي هي أحسن يكونُ سبباً بإذن الله لمعرفةِ المشكِلةِ ثم حَلِّها أو تلافي وقوعِها أصلاً..الحوار سببٌ لعلاج الفساد والسلامة من الفتن..الحوارُ الذي باتَ شِبهَ مفقودٍ في تعاملاتِنا شعوباً وساسةً وعلماءَ ومثقفين وأفراداً وأزواجاً وأُسراً وأقارب حتى بات منطقُ فرعونمَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِمنهجاً لكثيرٍ منا في تعاملهِ وحوارهِ و لبعض الزعماء في سياسته..
وحينما نَتَأمَّلُ عدداً ِمنْ نُصُوصِ القرآنِ والسُنَةِ التي بُنيَت عليها العقائِدُ والأحكامُ تَجِدُهَا اتخذت الحوارَ مَنهجاً ربانياً فربُّنا جلَّ وعلاَ يُحَاورُ الملائكةَ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ -الآيات- وحينما يرفض إبليس السجودَ يُحاورُهقَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ*قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ*قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ*قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ*قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ فالحوارُ منهجٌ شرعي وحقٌ لكلِّ صاحبِ رأي موافقٌ أو مُخالفٌ ومن يرفضُ الحوارَ ولا يُطبِّقهُ يُخَالفُ السُنَنَ الربانية..فالاختلافُ في آراءِ الناسِ ورؤاهم أمرٌ طبيعي وإن كان الأصلُ هو الحقُ والائتلافُ وعدمُ الاختلافِ..لكننا ينبغي ألا نجعلَ من هذا الاختلافِ سبباً للتفرقِ والتنازع..والحوارُ هو الوسيلةُ الأمثلُ للوصولِ للحقيقةِ ولذلكَ اتخذهُ الأنبياءُ في دعوتِهم..فنوحٌ عليه السلام يجادلُ قومَهُ َقالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينوكانت وصيةُ الله لنبيهِ محمدٍ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُوهذا يوسفُيحاورُ صاحبي السجن بتوحيد اللهفيغتنم سؤالهم عن الرؤيا فيقول:يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ وهذا موسى يوصيه ربهاذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى*فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىويحاورهُ فرعون قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى*قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَىبل إن الله يحاورُ مَنْ في قلبهِ شكٌ بقدرتهِ حين مرَّ على قريةٍ فاستبعَد إحياءَ اللهِ لها فأماته الله مائةَ عامٍ ثم بعثَهُ فحاورهُ حتى قال أعلمُ أن الله على كلِّ شيءٍ قدير..ويحاورُ نبيُّ الله سليمان الهدهد ليعرف سببَ غيابه ..
وقد ورد الحوارُ في القرآن فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُوقوله قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ
وللحوارِ جوانبَ شتى منها دعوةُ الناسِ إلى الإسلامِ والسُنَةِ،ودعوةِ من ضلَ عن سبيلِ اللهِ أو انحرفَ عن الحقِ،وكذلكَ الحوارُ لفصلِ الخلافِ في أمورِ الاجتهادِ والوصولِ إلى الحقيقةِ فهي مطلبُ الجميعِ..وللحوارِ أثرٌ إيجابُّي في تحصينِ النشئ عن الانحرافِ الفكري وله أثرُه في بناءِ العلاقاتِ وجمع الكلمة ونبذِ الفرقةِ والتنازع وله دورُه في إعمال الفكرِ والتفكيرِ الذي أوصى به الله..الحوار لن ينجح ما لم تكن له قواعدُ مهمةٍ تَضبطُه وتَجعلُ لهُ فائدةً و منفعة ..
وأهمُّها تحديدُ نُقطةِ الخلافِ فالحوارُ لا بدَّ له من هدفٍ موضوعٍ ورغبة في الوصول إلى النتيجة وليس لقطع الوقت وتمضيته أو طلباًَ للإثارة..ثم لا بد من إحسانِ الظنِ مِنْ كُلا الطرفين والابتعادِ عن إساءَةِ الظنِ الذي يفسد الحوار وهو مصدرٌ لكثيرٍ من مشكلاتِنا اليوم، وسببٌ للعداواتِ..وانظر مثالاً لحُسنِ الظنِ،الإمامَ الشافعي رحمه الله الذي يقول:"ما ناظرتُ أحداً قط إلا أحببت أن يُوفَّقَ ويُسدَّدَ و يُعان ويكون عليه رعايةٌ من الله وحفظ،وما ناظرت أحداً إلا ولم أبال بين الله الحقَ على لساني أو لسانه "فأين هذه النيّة من حواراتنا؟!!
ولابدَ أن نعرفَ إخوتي- أن هناكَ أموراً لا يُقبلُ الخلافُ فيما بين المسلمينَ عليها وهي من الثوابتِ التي لا حِوارَ على إِثباتِها أو نفيها مع وُجودِ نصوصٍ شرعيةٍ وصريحةٍ تثبتُها وهي مرجعُنا في نقاشها ولفهم علمائنا في إقرارها..لكنَّ الحوارَ في الفروعِ أو ما اختلفت النصوصُ وآراءُ العلماءِ عليه..أما غيرُ المسلمين فإن حوارَنا معهم في جميعِ ما يَردُّ على شبهِهم وبالجدلِ بالتي هي أحسنُ من غيرِ ضعفٍ أو تنازلٍ فإن الدينَ عندَ الله الإسلام و الحوارُ مع أهلِ الكتابِ صيغته وضحها قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ
ولابد للمحاورِ من التواضعِ قولاً وفعلاً وتجنُّب الإعجابِ بالرأيِّ والغرورِ فالتواضعُ في أخذ الحق من أيِّ أحدٍ سببٌ لقبولهفالكِبرُ بَطْرُ الحقِّ وغمطُ الناسكذلكَ من مهماتِ الحوارِ الإصغاءُ وحُسنُ الاستماعِ و عَدمُ رفعِ الصوتِ فبعضُ الناسِ أو الطغاةِ لا يسمعُ إلا نفسَه أو يرفعُ الصوتَ لحدِّ اللُجاجِ والمخاصمة وهذا ليس بحوار..ولابد من العدلِ والإنصافِ وأن تبحثَ عن الحقيقةِ ومحبَتِها وليسَ البحثُ عن معايب الناسِ وزلَّاتِهم وكذلك أن تتركَ التعصُبَ لرأيكَ حتى ولو كانَ الحقُ معك كما تراه وتظنَّه..فإن ذلك يؤثرُ على طرحِكَ له..واحترمِ آراءِ الناسِ واجتهاداتِهم فالبعضُ منا حينما يعتقدُ الحقَّ يريدُ فرْضَهُ على الناسِ من رأيٍّ أو مذهبٍ أو غيرِ ذلك وهذا لاشكَ أنه ليسَ لأحد..يُروى عن الإمامِ مالكٍ رحمه الله"أنه لما ألِّف الموطأ,مكثَ أربعين سنةً يؤلِّفهُ وقُرئ عليه آلافَ المرات,وعَرَضهُ على سبعينَ من العلماءِ فأقرّوه عليه ولما بلغ الخليفةَ المنصور كتابَ مالك أعجبَه,وقال:إننا نريدُ أن نُعَمِّمَهُ على الأمصارِ,ونُلزمهم بإتباعِه,فقال له الإمامُ مالك:لا تفعلْ رحمك الله..سبقت منهم أقاويل,وسمعوا أحاديثَ ورووا روايات,وأخذَ كلُّ قومٍ بقول إمامهم,وعملُوا بذلك ودانُوا به,[يقصدُ المذاهبَ الفقهيَّةَ الأخرى] فدع الناسَ وما هم عليه ودْعِ أهلَ كلِّ بلدٍ وما اختاروا لأنفسِهم"هذا مع قناعته رحمه الله بصحة أقواله.
أيها الإخوة المؤمنون..
إننا إذا عَرَفْنا أهميةَ الحوارِ وما فائِدتَه فلابد من الاهتمامِ بِهِ والعنَايةِ بتطبيقهِ في تعاملاتنا ومشكلاتنا فإن لغةَ الحوارِ القائمة تجعلُ الفتنةَ نائمة..ولو طُبِّقَ الحوارُ بحق في الاستشارات السياسيةِ والاجتماعيةِ لذهبَ الفسادُ والمفسدون..وأصبحت لغةُ الحوارِ للإصلاح سائدة.. ولغةُ النفاقِ للمجاملةِ مُهملةً..وأهميةُ الحوارِ تَعظُمُ في حلقاتِ العلمِ وَمدارسنِا من خِلالِ التعلِيمِ وإصلاحِ الطلبةِ والطالباتِ والوصولِ لتعليمٍ أمثل يفيدُ صاحبَه ومجتمعه..وذلك بأن يكونَ الشيخُ و المعلمُ قدوةً صالحةً لهم في تقبُّلِ الحوارِ والأسئلةِ بناءً على الثقة بينَه وبين تلاميذه ويدرّبَهُم على التآلفِ وقبول الحقِ مِنْ الآخرِ وحُسنِ التعامُلِ مع المخالفِ..وتنميةِ روحِ المنافسةِ والمبادرةِ فيما بينَهم وهذا كلُّه بالحوار الذي يُعدُّ لنا طلبةَ علمِ يُفقِّهونَ الناسَ في المهماتِ و النوازلِ من ديننا..وعلى هذا كان علماءُ الأمةِ المصلحين رحمهم الله الذينَ برزوا في الأُمةِ وأصلحوا أحوالها و غرَسُوا مبادئَ عظيمةً للحوارِ والإصلاح.
يُذكرُ عن الشيخ العلامه ابنِ سعدي رحمه الله في دروس الجامع أنه إذا طرح المسألةََ العلميَّةَ قسَّم طلبتَه إلى مجموعاتٍ حسب كلِّ قولٍ في هذه المسألة ثم يُحضِّرُ كلٌّ منهم أدلةَ كلِّ قول ليُثبتَه ثم يَدَعُهم للتحاور عليها من الغد للوصول إلى الحق الذي يختارونه ويبِّينُه لهم فيغرسُ فيهم معرفة تعدّد الآراء وعدم التعصب للقول وهذا من حكمته وتربيته رحمَه الله..
وللحوارِ إخوتي أهميةٌ كُبرى في منازلنا ومع أُسَرِنا،الزوجُ مع زوجتِه والأمُ والأبُ مع أولادهِما والأقاربُ والجيرانُ فيما بينهم فله أثره على التربيةِ وحُسنِ المُعامَلةِ ولِذلكَ رأيناها مَنهَجَاً.. نبوياً لرسول الله حين يأتِيهِ ذلك الشابُ بمشكلةٍ تؤِّرقه فيقولُ له يا رسول الله:ائذنِ لي بالزِنا فيحاورهُ عليه الصلاةُ والسلامُ مُتَقَبِلاً لسؤالهِ و مشكلتِه التي يعيشُها ولم ينهره،فيسألهُ.. أترضاه لأُمِكَ ؟أولأُختِكَ ؟أولبنتكَ ؟وهو يقول لا حتى أقنعَه بحرمة ذلك..إن للحوار أثرهُ الكبير في التربية وبناء المنازل والأسرٍ على الحُبِّ والتفاهم والإصلاح والتراحم ..
فنحنُ بالحوارِ مع أولادِنا سنقفُ على أخطائِهم لمنَاقشتها ومعرفةِ عاقبتِها ومخاطرَ العلاقاتِ المحرمةِ أو الصداقاتِ السيئةِ ونُربِّيهم على ثقافةِ العملِ الجادِ والعلم النافع وطلب الرزق..كلٌّ حَسَبَ عُمرهِ فمحاورةُ الصغيرِ تختلفُ عن الكبيرِ ومع الأنثى غيرَ الذكرِ..وكثيراً ما يقع الولد في خطأٍ لا يدركُ عاقبتهُ فيُستغلَّ أو يبتَز،وبالحوارِ معهم تنتهي مشكلاتِهم قبلَ وقُوعِها أوبَعد وقوعها بحلها وتخفيف ضررها مع فعل السبب بتقوى الله والمحافظة على الصلاة..والارتباطِ بالمساجدِ وحِِلَقِ الخيرِ والتعليمِ والرِفقةِ الصالحةِ وعدمِ جَلبِ المحُرمِاتِ وأن نكثر من الدعاء لهم.
ويجبُ أن نحرصِ إخوتي على فهم نفسيةِ الأطفالِ وكيفيةِ تربيتهم والاستعانةِ بالمختصينَ في ذلك فما يصلحُ لجيلٍ قد لا يناسبُ الجيلَ الذي بعده فكما أن الأزمان تتغير فإن الأساليبَ تتطور،وليقترن حوارُنا مع أولادنا وأسرنا بإظهارِ العاطفةِ الجياشةِ تجاه الأولاد والزوجات فأكثروا من ملاطفتهم فإن ذلك يَبثُ الحنانَ في الأسرةِ كما كان يفعلُهُ قدوتناحينَ يُقَبِّلُ الصبيانَ ويحملهم ويُراعي النساءَ ويعطفُ عليهم ويُطالبُ بالرفقِ بِهِنّ..وإن ما نراهُ من مُشكلاتٍ أُسريةٍ بين الأزواجِ أو الآباءِ والأُمهاتِ،والأولادِ أو الأقاربِ حتى وصل بعضها للمحاكمِ والشرط ولا حول ولا قوة إلا بالله كُل ذلك راجٌع إخوتي إلى فقد الحوارِ وضعفه فيما بيننا } وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوّاً مُبِيناً {إن ما نراه يظهر في الصحفِ والقنواتِ من صحفيين اتجاهِ ثوابتنا أو علمائنا لا تورثُ إلا مزيداً من الفرقةِ والتنازع والاعتداء ولذا كان بيان قائد البلاد واضحاً في حماية الدين والعلماء ،وضد هؤلاء الصحفيين الذين لا يريدون بنا خيراً..ولو جلسنا مع بعضنا البعض بكلِ صدقٍ وإصلاح وحسنِ ظنٍ وتحاورنا حول أي مشكلةِ لاستطعنا بإذن اللهِ الوصولَ إلى الحلولِ المناسبة}إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَ {
نسأل اللهأن يوفق فيما بيننا وأن يجمع كلمتنا على الحق والدين و اتباع سيد الأنبياء والمرسلين..
أقول ما تسمعون و أستغفر الله لي و لكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية
الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده أما بعد فاتقوا الله عباد الله
إننا إخوتي نَحتاجُ إلى تفعيلِ الحوارِ قَولاً و عَملاً في مؤسساتِنا الرسميةِ دُولاً وشُعوباً و إدارات وألا يكونَ حِوارُنا وتَشاورُنا شِعاراتٍ لا تُنفذ و مجالسَ لا تُطبّق بل تكونُ وسيلةً لتطبيقِ أن أمرهم شورى بينهم كما فعله مع صحابته فنسمع من الناس قولهم وشكايتهم لاسيما من ولاّه الله مسؤولية في عنقه تُلقي عليهِ أن يسمعُ من الناسِ آراءِهم و حاجاتِهم ويُحاورهم لإصلاحها..وأن يبتعد عن صيغ المدح الفارغة التي يغشونه بها بعض المرتزقةِ بإظهارِ صلاح الأحوال وهي فسادٌ في فساد..وهانحن نرى طغاة يتساقطون كانوا يعاملون أنفسهم كالآلهةِ أمام شعوبهم ويتغافلون عن مطالبهم ويهملونُ حقوقهم..و أثبتت لغة الحديد والنار أنها لا تجلب إصلاحاً بل تزيد في الفساد والفتن ..
وما كان للظلمِ أن ينتشرَ وللطغيانِ أن يَستمِرَ وأن يبغي الباغونَ على الضعفاءِ وأن تضيعَ أموالُ الناسِ والأُمةِ ومصالِحِهم إلا من جَراءِ فقدِ الحوارِ والتناصُحِ بالحسنى..ولذلك رأينا أن أبا بكر و عمر رضي الله عنهما جعلوا شعار خلافتهم عند توليهم " فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأتُ فقوموني..أطعيوني ما أطعت الله فيكم فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم "و طبقوا هذا المبدأ فسمعوا من الصغير و الكبير و الغني و الفقير و المرأة و الرجل فكانت خلافةً راشدةً عادلةً عبر التاريخ..نسأل الله أن يجعل ولايتنا فيمن خافه واتقاه واتبع رضاه وأن يوفق ولي أمرنا وسائر ولاة أمر المسلمين لما يحب ويرضى وأن يأخذ بنواصيهم للبر والتقوى..
الاستغاثة
وصلى الله و سلم وبارك على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين ..