يا راحلين إلـى منـى بقيـادي
هيجتمُوا يوم الرحيـل فُـؤادي
سرتم وسارَ دليلُكم يا وحشتـي
الشوقُ أقلقني وصوتُ الحـادي
ويطيب لي مابين زمزم والصفا
عند المقام سمعت صوت منادي
من نال من عرفات نظرةَ ساعةٍ
نالَ السرورَ ونالَ كـلَّ منـادي
عباد الله..كلما جاء شهر ذي الحجة نتذكر ذلكَ السيلَ البشري الذي يُقبل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينةِ إلى مكةِ حاجين يعودُ بهم صلى الله عليه وسلم..إلى مكة في اليوم الرابع من ذي الحجة فطافوا البيتَ ثم سَعوا وفي اليومِ الثامن توجهّوا وهم يتجاوزون المائة ألف إلى مِنى ثم في التاسعِ إلى عرفة يُلبُّون ويهللون ويكبرون ومعالم الحج ووقفاتها كثيرة،إلى جانب أداء المناسك لكن خطبته صلى الله عليه وسلم بعرفة لخصت أموراً هامة فالخطابة كانت ديوان العرب وميدانهم بالحروب والأسواق والشعر مثلها للحماسة والبيان وبيان الحق والبرهان ولذلك اعتمدها الإسلام عبادة وبيان فكانت في الحج والجمعة والحروب وإعجازا للقرآن..أعجز الله بها العرب وقادة البيان ومن هنا اختصر صلى الله عليه وسلم تعاليم الإسلام في خطبته للحجاج بيوم عرفة..
ومعاني خطبة عرفة الجامعة ومبادئها البليغة،خاطب بها صلى الله عليه وسلم المسلمين في حجة الوداع بيوم عرفة والتي نحتاجها بشدّةٍ اليوم،فلقد أعلنَ صلى الله عليه وسلم في عرفة تلك المبادئ التي لم تكن شعاراتٍ انتخابية يرفعُها أو يتاجرُ بها،بل كانت مبادئَه منذُ فجرِ دعوته يومَ كان وحيداً مضطهداً،وهي مبادئه يومَ كان قليلاً مستضعفاً،لم تتغيرْ في القلّةِ والكثرة،والحربِ والسلمِ،وإعراضِ الدنيا وإقبالِها،يُرسّخها في نفوس أصحابه في خطبة حج الوداع،لينقلوها إلى العالم فيسعدَ بها،ولقوَّتِها وصدقِها لم تذبلْ مع الأيام،ولم تمتْ مع تعاقبِ الأجيال،وإنما هي راسخةٌ تتجدَّدُ في الأقوالِ والأعمالِ،مبادئُ سُكبت مع عباراتها دموعُ الوداع،ولذلك سُمّيت خطبةُ الوداع التي نتأمّلُها اليوم مع منظر الحجيج،وفيها حذّر عليه الصلاة والسلام من الشرك،الذي يفتك بالإنسانية،فالمعنى الأصيل الذي تدورُ عليه أحكامُ الحج وتقومُ عليه أحكام الدين كلُّها وحدانيةُ الله سبحانه وتعالى ونبذ الشرك..وفي خطبةِ الوداع يقول صلى الله عليه وسلم


يرعى الإسلامُ حقَّ الإنسانِ في حِفظِ حياتهِ لتكونَ حياةً كريمةً،يحوطُها الأمنُ والاستقرارُ والاطمئنانُ،يبني الإسلامُ الأمنَ في نفس المسلم،لتُبنى بها حياته،فيقيمُ العدلَ بين الناسِ على شرعِ الله،ويبني القوةَ والسلطان،الذي يقيم شرع الله في الأرض،ويبني العلاقاتِ الكريمةِ بينَ الناسِ بروابط إيمانية،تحمي الأمن وتصونه،أخوةٌ لله لها حقوق وعليها مسؤوليات،أرحامٌ توصلُ في الله،برُّ الوالدين وحسنُ الجوار،خِطبةٌ وزواج،ثم تعارفٌ بينَ الشعوب ليكونَ أكرمُ الناس أتقاهم لله..فأين من ذلك كلّه من ديانات تزعم إقامة الخلق وتغذية الروح وأين هي من أعراف السياسات اليوم التي تبنى على المصالح أو من عصبية قبلية عليها يوالي بعضهم ويعادي؟
ومن مبادئِ حقوقِ الإنسان في الإسلامِ أنه لا يجوزُ أن يؤذى إنسانٌ في حضرةِ أخيه،ولا أن يُهان في غيبته،إيذاءٌ للجسمِ أو للنفسِ بالقولِ أو الفعلِ،ومن ثم حرّمَ الإسلامُ ضرب الآخرين بغير حق، ونهى عن التنابز والهمز واللمز والسخريةِ والشتم ولو كان غاضباً،روى البخاري أن رجلاً أقيم عليه الحدُّ مراراً في شُربِ الخمر،فأُتي به يوماً،فأُمر به فجُلد،فقال رجلٌ من القوم:اللهم العنْه ما أكثَر ما يؤتى به،فقال صلى الله عليه وسلم


أيها المسلمون..إن الحضارةَ الحديثة،الماديةُ البحتةُ أعلنت مبادئَ لحقوق الإنسان،وهيئات ومنظمات لكنها قاصرةٌ ضعيفةٌ،تُسيرهُا المصالحُ الأرضيةُ،وتقودُها العنصريةُ المقيتةُ،وهي لا تملك عقيدةً تُرسِّخُها،وأحكاماً تحرسُها،ولذا فهي تُنتهك في أَرقى دولِ العالم تقدُّماً وحضارةً مادية،ثم أين حقوقُ الإنسانِ في فلسطين التي انتهكت مقدساته،واغتُصبت أرضه؟!،أين تلكَ المنظمات والأخلاق عما يحصلُ للمستضعفين في سوريا منذ ثلاث سنين ما بالها لم تتنصرْ لهم؟؟!أين حقوقُ الإنسانِ وأخلاقُه تُدمّر،وقيمُه تُحطّم،وإنسانيته تُنتهك في حربٍِ إعلاميةٍ لا فضيلةً تحرسُها،ولا قيماًَ توجهُّهَا؟!أم أنَّها مصالحُ تُحركُ تلكَ المنظمات ليحارِبُوا إقامةَ الحدودِ الشرعيةِ في بلادِنا وتطبيقَ أحكامِ الإسلامِ. وقال صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع


ألا لا يجـهلن أحد علينا
فنجهلَ فوقَ جهلِ الجــــاهلينا
إذا بلغَ الرضيعُ لنا فِطاماً
تخرُّ له الجبابرُ ساجدينا
فأعلن صلى الله عليه وسلم مبدأَ الإسلامِ فقال في عرفة



وفي خطبة الوداع يقول صلى الله عليه وسلم

وفي خطبة الوداع قال صلى الله عليه وسلم






هذه خطبةُ الوداع نداءٌ يُوجَّه إلى أُمةِ الإسلامِ بمناسبةِ الحجِ،لتحقيق المراجعة المطلوبة،والاستقامةِ على الطريقِ،والاستجابةِ لنداءِ سيدِ المرسلين الذي كان يقول عندَ كلِّ معلومة((اللهم هل بلغت اللهم فاشهد وحين قال لهم فما أنتم قائلون إن سُألتم عني قالوا نقول:نشهدُ أنَّك قد بلغتَ وأديت ونصحَت فقال بأصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس اللهم اشهد اللهم اشهد ثلاث مرات](( وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ ))أقول ما تسمعون .....
الخطبة الثانية
الحمد لله وحد ه والصلاة والسلام على من لا نبي بعده و بعد..
فاتقوا الله معاشر المسلمين،واعلموا أنكم مقبلون على أيامٍ فاضلة هي أيام عشر ذي الحجة روى البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عنها




عباد الله،صِلوا الأرحام،وأحسنوا إلى الوالدين والإخوان في هذه الأيام،وأكثروا من الإحسان إلى الفقراء،وعمّروا لياليها بطلبِ علمٍ أو قيامِ ليلٍ تكونوا من الفائزين بإذن الله..اللهم انصر إخواننا المجاهدين في أرض الشام سدد رميهم واجمع كلمتهم وتقبل شهداءهم, اللهم أرنا في الطاغية وأعوانه عجائب قدرتك اللهم لا ترفع له راية واجعله لمن خلفه عبرة وآية..اللهم احفظ على بلادنا أمنها واستقرارها ..