• ×

10:20 مساءً , الإثنين 5 محرم 1447 / 30 يونيو 2025

تأملات في خلق الله

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
الحمدُ للهِ خَالِقِ كُلِ شَيءٍ،ورازقِ كُلِّ حَيٍّ،أَحمدهُ وأَشكُرهُ وأَستَغفِرهُ وأَتوبُ إِليهِ،وأَشهدُ أَلا إِلهَ إِلا اللهُ المعبودُ،وأَشهدُ أَن سَيدنا ونَبيَّنا مُحَمِداً عَبدهُ ورسُولهُ صَلى اللهُ وسَلّمَ صاحب الحوضِ المورود وبَاركَ عَليهِ وعَلى آلهِ وصَحبهِ وسَلَّمَ تَسلِّيماً أَما بَعد..عباد الله فاتقوا الله تعالى وتُوبوا إِليهِ ..
تَأَمّلْ في الوجودِ بِعينِ فِكـرٍ
تَرى الدُنيا الدنيئَةً كالخيـالِ

ومن فيها جَميعاً سَوفَ يَفْنى
ويَبقى وجهُ رَبِكَ ذُو الجـلالِ

وقفاتٌ خَاشعةٌ وتفكّرٌ وتأَملٌ في تَوحيدِ الرَّبِ -،في توحيد الله جل وعلا وتَدبّرِ في ملكوت الله..هذا الكَونُ الذي نَعيشهُ،ونتقلب في نعمه للهِ في كُلِّ شيءٍ مِنهُ آيةٌ تدلُّ على وحدانِيتهِ وكَمالِ رُبوبيتِهِ وكَمالِ قُدرتهِ وعَظمَتِهِ،وكَمَالِ حِكْمَتِه ورحمتهِ،((يَخلُقُ ما يَشآءُ ويَختَار))،((وما كانَ ليُعجِزَهُ شيءٌ في الأَرضِ ولا في السماء))وإذا تَأَملَّنَا كِتَابَ اللهِ العَزيزِ رَأَيناهُ يُقرِرُّ ذلكَ بِكُلِ وضُوحٍ وجَلاءٍ ويدعونا القرآن لتوحيدِ الله والحديث عن مخلوقاته والإعجازُ في آياته يظهر كل يوم..ولذلك رأينا القرآن الكريم يمتلئ بتفضل الله على العباد في خلق هذه المخلوقات وتنوعها وتفضل الله بها علينا..
عباد الله..تعالوا بنا نؤمن ساعةً..إنه الله عليٌ بذاتِه كَاملٌ في صِفاتِه..قديرٌ خَلقَ السَمواتِ والأَرْضَ وما بينهُما في ستةِ أَيامٍ فَما نالهُ من تَعبٍ ولا لُغوب،وإِنما أَمرهُ إذا أَرادَ شَيئاً أَن يَقولَ لهُ كُن فيكون ذلكمُ اللهُ ربُكم فاعبدوه..ذلكم اللهُ الذي لا يعجزه شَيءٌ في السَمواتِ ولا في الأرضِ إنه كان عَليماً قديراً..وسنتأَمَّلُ بَعضاً من صِفاتِ اللهِ جَلَّ وعَلا ومَخلوقاتِه ونَتدبُرُ قُدرةَ القادرِ في خَلقِه لنزدادَ إيماناً مع إِيمانِنا..ذِكرى للغافلينَ اللاهين عَلَّهم يَستَيقظِون فَيقْدُّرُونَ اللهَ حَقَ قَدرهِ..وهو عِلمٌ باللهِ يَقودُ إلى خَشيتهِ ومَحبتِهِ فمن كان به أَعلم كانَ له أخشى((وَمِنْ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ))((وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَك فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ))تأَمَّلُوا كِتابَ اللهِ جَلَّ وعَلا وهو يَرتادُ آفاقَ السَماءِ يَجولُ في جنباتِ الأرضِ يَفتحُ البَصر والبصيرة على إتقانٍ ليسَ لهُ مثيلْ ويُريكَ عَظَمةَ اللهِ وقُدرتَهُ في المخلوقاتِ ثم يسألك الله في القرآن ((أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ))حَديثٌ يَتكرَرُ في القُرآنِ تُحَرِكُهُ المشَاعِرُ وتَستَجيبُ لهُ الفِطَرُ المستَقيمةُ ويُنبِهُ الغَافلينَ لعَلَهُم يَذَّكَرون((إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَات وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنْ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ))
لا تَرى في السَمواتِ على عِظَمها خَلَلاً ولا فُطُوراً،رَفعهَا بِغيرِ عَمدٍ وأَمسكَها لكي لا تَقعَ على الأرض((أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ*وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ))نجومٌ وكَواكِبٌ سَيَّارة في نظِامٍ بديعٍ وملايين السنين الضوئية،وتوازنٌ أَذْهَلَ كُلَّ من عَرَفهُ واطلَّع عليهِ مِنْ علماء وبشر من مُسلِمٍ وكَافِر..وأقسمَ اللهُ بِمواقِعِها((فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ))في السَماءِ مَلائِكةٌ لا يُحصِيهمُ إلا الله فَما مِنْ مَوضعِ أَربَعِ أَصَابعٍ إِلا وفيهِ مَلكٌ قَائِمٌ للهِ تعالى راكعٌ أو سَاجدٌ يَطوفُ مِنهُمُ كُلَّ يَومٍ بالبيتِ المعمورِ في السَماءِ سَبعونَ أَلفاً لا يَعودُونَ إِليهِ إِلى يومِ القيامةِ كما في الحديث الصحيح وفي الأَرضِ أَنواعُ الدوابِ ما لا يُحصيهِ إِلا اللهُ تَعالى كُلُهُم على اللهِ رِزقها ويَعلَمُ مُستَقَرهَا ومُستَودَعَها وهي تُسَبِحُ لله((وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ))ومِنْ قُوتِه وعَظَمتهِ سُبحانَهُ أَن الأَرضَ وما فِيهَا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه قال صلى الله عليه وسلم وهو يخطب على المنبر(يَقبضُ اللهَ الأرضَ ويَطويّ السَماءَ بِيمينهِ ثم يقولُ أَن الملكُ فأَينَ مُلوكُ الأرض ثم قرأ عليه الصلاة والسلام على المنبر(وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ))فذكر تََمجيدَ الرّب لِنفسِهِ وأَنهُ يَقولُ:أَنا الجَبارُ أَنا المتكبرُ أَنا الملكُ أَنا العزيزُ الكَريمُ فيقول ابن عمر فَجَعلَ المنبرَ يَرجُفُ بِرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَعظِيماً للربِ قال ابن عمر:حتى أَني لأَقولُ أَسَاقِطٌ بِرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم))أخرجه البخاري هذا المنبرُ وعِيدانُه الجمادُ تَرجُفُ مِنْ عَظَمَةِ اللهِ وكَثيرٌ مِنْ النَاسِ عَن هَذهِ الآيَاتِ مُعرِضُون بل إَن أَكثَرَهُم غافلون..
أيها المؤمنون..السماءُ مِنْ بِالكَواكِب زَينَهَا..والجِبَالُ مَنْ نَصَبَهَا..والأَرضُ مَنْ سَطَحَهَا وذَلَلَها وقال: ((فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا))الطَبيِبُ من أَرداهُ..المريضُ وقد يَئِسَ من عَافَاهُ..الصَحِيحُ مَنْ بِالمنايا رماهُ..والأَعمى مَنْ يَقودُ خُطاهُ..الجَنينُ في ظُلمَاتٍ ثَلاثٍ مَنْ يَرعاه..الثعبانُ من أَحياهُ والسُمُ يَملأُ فَاهُ..الشهدُ من حَلّاهُ..اللَبنُ مِن بَينِ فَرثٍ ودَمٍ مَنْ صَفَاهُ..الهواءُ تَحُسُهُ الأَيدي ولا تَراهُ مَن أَخفاهُ..النَبتُ في الصَحراءِ من أَرباهُ..النَخلُ مَن شَقّ نَواهُ..الجبلُ مَنْ أَرسَاهُ..الصَخرُ مَنْ فَجَّرَ مِنهُ المياهَ..البَحرُ مَنْ أَطغاهُ..الليلُ مَنْ حَاكَ دُجَاهُ..الصُبُحُ مَنْ أَسفَرهُ وصَاغَ ضُحَاهُ..العَقلُ من مَنَحهُ وأَعطاه..الجبَارُ مَنْ يَقصِمه..المظَلُومُ مَنْ يَنصرهُ..المضطرُ من يُجيبُهُ..الضَالُ مَنْ يَهديهِ..الفَقيرُ مَنْ يُغنيهِ..من خَلقكَ يا بن آدم..من صورك وشق سمعك وبصرك ؟!..من سَواكَ فَعدلك؟!من أَطعمكَ ورَزَقكَ مَن آواكَ و نَصرك ؟!إنه الله..إنه الله..الذي أَحسنَ كُلَّ شَيءٍ خَلقه..لا إِله إلا هو((صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ))
للهِ فــــي الآفاقِ آيــــاتٌ لَعَلَّ
أَقلَّـها هــو مـــا إليه هداكـا

والكونُ مشحونُ بأَســرارٍ إذا
حَاولـتَ تفســـــيراً لها أَعياكــا

قُل للطبيـبِ تَخطفتهُ يـد الـــردى
من يا طبيبُ بطبــــِّـــه أرداكـا

قُل للصحيحِ يـَموتُ لا من عِلـــــةٍ
مَـن بالـمنايا يا صَحيحُ دهاكـــــا

قُل للجَنينِ َيعيشُ مَــعزولاً بـــــلا
رَاع ٍ ومَـرعَى مــا الذي ير عـاكــا

و اسـأَلْ بُطونَ النَحلِ كَـيفَ تَقَـاطرتـ
شَهداً وقُــلَ للشهدِ مَنْ حَـلاَّكـا


أَبعــدُ كـلَّ شيءٍ ما الذي أدناكـــا سَتُجيبُ ما في الكـــونِ من آياتـــه

عَـجَبٌ عجابٌ لو تَـرى عـــيناكــا

آياتٌ عَظِيمةٌ نَصبها اللهُ لخلقهِ دَلالاتْ..وأَوضحَ لهم آياتٍ بيناتٍ في الأَنفُسِ والأَراضينَ والسموات..((لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ ))
هذا القرآنُ المعجِزُ في كلامِهِ العَجِيبُ في أَلفَاظِه أَعجَزَ العَربَ بِلُغَاتِه وأَنزلَ فِيهِ أَحكَامَهُ،يسمعه العربي الجاهلي من أول وهلة فيؤمن ويدخل في الإسلام..وما يَزالُ النَاسُ في عَجَبٍ مِنْ آياتَه،لأنه كلامُ اللهِ،وكلامُ اللهِ لا ينفد ولو كَانت الشَجَرُ كُلُهُا أَقلامٌ والبَحرُ مِدادٌ لهذهِ الأقلامِ ما نفدت كلمات الله((وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ))آياتٌ بيناتٌ بَالِغةٌ دَالةٌ عَلى عَظَمَةِ اللهِ سُبحَانه وتَعَالى وعَلى أَحقِيَتِه في التَفرُدِ بالعبَادَةِ لا شَريك له،فَما مِنْ دَقَيقٍ ولا جَليلٍ ولا خَفيٍ ولا جَلِّيٍّ في الأرضَ ولا في السماءِ إلا وقد أَحاطَ اللهُ بِهِ عِلماً((وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ))كَيفَ سَخَّرَ اللهُ الشَمسَ والقَمرَ دَائِبينِ لمصَالِحِ النَاسِ بانتِظَامٍ بَديعٍ وسَيرٍ سَريعٍ لا يَخرُجَانِ عَن فَلَكَيهِمَا قَدرَ أَنمُلة،لا يَرتَفعانِ ولا يَنخَفِضَان حتى يأذن الله بِخَرابِ العالم..عن أَبي ذِرٍ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ لهُ حِينَ غَربت الشَمسُ:أَتدري أَن تَذهب؟قلتُ اللهُ ورسولهُ أَعلم قال:فِإنَها تَذهبُ حتى تَسجُد تَحتَ العَرشِ فَتَستَأَذِنُ فَيُؤُذَنُ لها،و يُوشِكُ أَن تَسُجدَ فلا يُقبَلُ مِنهَا،وتَستَأَذِنُ فَلا يُؤذَنُ لها يُقَالُ لها:ارجعي من حيثُ جِئتِ فَتَطلُع مِنْ مَغرِبِها..فذلك قوله تعالى(وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ))متفق عليه.. اختلافُ الليلِ والنَهارِ طُولاً وقَصراً وبَرداً وحَراً..يُعز اللهُ في هذهِ الليالي والأَيامِ ويهدي مَنْ يَشاءُ..ويُذِلُ ويضلُّ فيها مَنْ يَشاءُ..((هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ))
هذا خَلقُ الإنسانِ..ذكَرهُ بالقُرآنُ قَبلَ الاكتِشَافِ مِن نُطَفَةٍ ثُمَ عَلقَة ثم مضغة فَيكسو العظامَ لحمَاً حتى يصبح جنيناً في بطنِ أُمهِ فَتَبَاركَ اللهُ أَحسُنُ الخَالقين..يَتَأَثَرُ الجنينُ بِصِحَتِهَا ومَرَضِهَا((وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمْ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ))هدانا الله لصنع الفلك((وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِي فِي الْبَحْرِ كَالأَعْلامِ*إِنْ يَشَأْ يُسْكِنْ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ))ثمُ تَأَملِ البَحرَ وما فِيهِ من مخلوقات((وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً وَحِجْراً مَحْجُوراً))ينُزل المطرَ عَلى أَرضٍ قَاحِلةٍ فَتصبحُ مُخضُرةٌ رَابيةٌ بِالزهورِ والأَعشابِ..إِن الذي أَحياها لمحَي الموتَى وهو عَلى كُلِّ شَيءٍ قَدير..
تأَمل كَيفَ يُحركُ اللهِ الريحَ فَيجَعَلُّها رَخَاءً وبُشرىً بينَ يَديّ رَحمتهِ ولواقحَ وذاريات أو يحرِّك الريح فَيَجعَلُهُا عَذاباً قَاصِفاً في البَحرِ وعَقيماً صرصراً في البر((هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلْ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ))أين أولئك الذين يعظمون بشراً؟؟رأيناهم يعظمون البشر في القبور..رأيناهم يحلفون بهؤلاء البشر..رأيناهم يتقربون إلى ذلك البشر من ميت وحي يطلبون منهم الصحة والولد أين أولئك من الله سبحانه وتعالى أيشركون مع الله أحداً وهو الذي خلقهم؟! من آيات الله ذَلكَ السَحَابُ المسخر بين السماءِ والأَرضِ ويُرسِلُ الصَواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَن يَشاءُ من عِبادِهِ يُنشِئُهُ اللهُ إذا أَرادَ ويُفَرِقُهُ في وقتٍ قَصير((وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنْ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ))انظر يا عبد اللهِ إلى ما أَودعهُ اللهُ في الأَرضِ مِنْ كُنوزٍ عَظِيمَةٍ سَخَرهَا لبني آدمَ(( وفي الأَرضِ آياتُ للموقِنين))((وفي الأَرضِ قِطَعٌ مُتَجَاورِاتٌ))ذَهَبٌ وفِضَةٌ وحَدِيدٍ ونِفطٍ ونُحاس وألماس..زُرُوعٌ تُسقَى بِماءٍ واحدٍ وفي أَرضٍ واحدةٍ فَتَختَلِفُ أَلوانُها وأَشكَالهُا وطُعُومُها ومَنَافِعُهَا ونُفَضِلُ بَعضَهَا على بَعضٍ في الأُكل فَتَبَاركَ اللهُ أَحسنُ الخَالِقين ..
هذهِ الدوابُّ صَغيرُهَا وكَبيرُهَا فِيهِا القَويُ والضَعِيفُ والضَارُ والنافِعُ مَخلُوقَاتٌ مِن جِنسٍ واحدٍ وهي مُتَباينَةٌ لكن خَالِقْهَا واحدٌ سُبحَانه((وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ))لكنَّ ربنا يَرى عَلى صِغَرِ تلك الدواب عُروقَ النَملَةِ السَودَاءَ على الصَخرةِ الصماءِ في الليلةِ الظَلمَاءِ،وهو الذي لا تُدِرِكُهُ الأَبصارُ وهو يُدرِكُ الأَبصَارَ وهو اللطيفُ الخبير
كَم للهِ مِنْ آيةٍ مِمَا يُبصرهُ العِبادُ ومالا يُبصِرونه،وتَفنى الأَعَمَارُ دونَ الإِحاطةِ بِجَميعِ تَفَاصِيلها آمن بِها الحيوانُ والشجرُ والماءُ والصخرُ فالجبل خاشعٌ مُتَصَدِعٌ مِنْ خَشيةِ اللهِ وكُلُّ شَيءٍ يُسبِحُ بِحمد الله،وكُلُ الكونِ بِكائِنَاتِهِ يُوحِد ويَنقَادُ لله((ذَلِكُمْ اللَّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ))فَكَيفَ إِذن يُجَادِلُ الإنسانُ في اللهِ عياذاً بالله-وهو شَدِيدُ المحال؟!كيفَ يَبقى الإنسانُ في هذا الكونِ وهو ظلوم مبين؟!كيف تجد من يُلحد وينكر وجود الله ويستهتر ويشكك بآياته ((أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ))تَعجبُ لكثيرٍ مِمن تعمى أَبصَارُهم عن الحقِ فَيُكَذِبُونَ الرِسَالةَ ويكابرونَ ليَكُونُوا حَرباً على تَعالِيمِ الإسلامِ و دُعَاتِه ..
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال أَقبَلنا مَعَ رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حتى دفَعنا إلى حَائِطِ بني النجارِ فإذا فِيهِ جَمَلٌ هَائِجٌ لا يَدخُلُ الحَائِطَ أَحدٌ إِلا شَدّ عَليهِ فَذكروا ذَلكَ للنّبيَ صلى الله عليه وسلم فأَتَاهُ فدعاهُ فجاءَ الجملُ واضعِاً مِشفرهُ على الأَرضِ حتى بَركَ بَين يديه صلى الله عليه وسلم فقال لهم:هَاتوا خُطَاماً فَخَطَمَهُ ثم دَفعهُ إلى صَاحِبهِ ثُمَّ التَفَت فقال(إنهُ ليسَ شَيءٌ بَينَ السَماءِ والأَرضِ إِلا ويَعلَمُ أَني رسولُ اللهِ إِلا عَاصِي الجِنِ و الإنس))رواه البخاري..فَسُبحَانَ من هدى الكَائِنَاتِ للإِيمانِ يومَ ضَلَ بَعضُ بني الإِنسان..الكونُ بِكَائِنَاتِهِ يُسبحِ اللهَ ويُمَجِدهُ فَسبَحَانَ اللهِ وبِحَمدهِ عَددَ خَلقِهِ ورضى نفسهِ وزِنةِ عَرشهِ ومِدَادَ كَلِمَاتِهِ..((أَلَمْ تَرَى أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ))قال صلى الله عليه وسلم( ما تستقل الشمس فيبقى شيء من خلق الله إلا سبح الله بحمده إلا ما كان من الشياطين و أغبياء بني آدم))رواه الطبراني و غيره
يا مُدركَ الأَبصَارِ والأَبصارُ لا

تدري لهُ ولكنهُ إدراكا


إن لم تكن عــيني تراك فإنني
في كل شيء أستبين علاكا

تدبَر أَخي آي الكِتابِ الحكِيمِ واقرأ دائماً في القرآن وتدبر خلق الله لتعرف نعمة الله عليك لتَعرِفَ ولتُؤكد تَوحيدكَ للهِ و تُعزِزِ مَحَبَتَكَ له جلَّ وعلا وارتباطِك بٍِه وبتعظيمنا لله نزداد إيماناً ونستيقظ من رقدة الغفلة..اللَّهم اجعَلَنَا مِنْ المعتَبرينَ بآياتك..الواصِلينَ بِها إِلى مَرضَاتِكَ..المؤمنين بك الموحدين لك وغير المشركين بك يارب العالمين..وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 0  0  1125
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 10:20 مساءً الإثنين 5 محرم 1447 / 30 يونيو 2025.

Powered by Dimofinf cms Version 4.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Ltd.