• ×

09:22 مساءً , الإثنين 5 محرم 1447 / 30 يونيو 2025

النار أهلها وأهوالها

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
الحمد لله المبدئِ المعيدِ،ذي البطشِ الشديدِ،الفعالِ لما يريدِ،أحمدُه سبحانه وأشكره؛وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله أنذرَ القريبَ والبعيد،صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين..
أما بعد..فأوصيكم أيها الناس ونفسي بتقوى الله..هذه الجمعة والتي بعدها بإذن الله لها شأن،خطبتنا اليوم موضوع يتعلق بالجمعة القادمة ولكي نحقق المقصود والمبتغى..فاتجهزوا اليوم بقلوبٍ خائفةٍ وأنفسٍ راجيةٍ وعيونٍ دامعةٍ..فموضوعنا اليَومَ خوفٌ ووجلٍ..وأَوصافٌ جلل..فأنت أخي المسلم تتقلب بينَ الخوفِ من عذاب الله والرجاءِ في عفوه ومغفرته وهذا من معاني الإيمان..واليوم نتحدث عما نخاف وخطبتنا القادمة بإذن الله عما نرجوه وهي الجنة..نسأل الله أن نكون وإياكم و والدينا من أهلها..وأن يعيذنا من النار وحرها..
أريد مني ومنك أخي المؤمن أن نضع لأنفسنا صورة نتخيل بها تلك الأوصاف ولن نستطيع فالأمر أشد والله والمستعان وعليه التكلان..
أيها الإخوة المسلمون..كل نفس لا تحمل إلا حملها،ولا تكسب إلا عليها،ولا تزر وازرة وزر أخرى،ولسوف تأتى كلُّ نفسٍ تجادلُ عن نفسِها.


خف اللهَ وارجوه لكلِّ عـظـيمةٍ
ولا تطع النَّفس الّلجوج فتنـدمـا

وكن بين هاتين من الخوف والرَّجا
وأبشر بعفو الله إن كنت مسلمـا


هذا هو المؤمن الذي وصفه الله بقوله: أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ
عباد الله..أهلكتْ كثيرًا من الناس الأماني،إيمانٌ بلا أثرٍ،وقولٌ بلا عملٍ،وكثر منا ذلك الرجل،ترى فيهم رجالاً ولا ترى عقولاً،وتسمعُ حسيسًا ولا ترى أنيسًا،عَرفٌوا ثم أَنكروا،وحُرِمُوا ثم استحلُّوا وفرَّطُوا وغفَلُوا عن التوبةِ..يقول الحسن البصري رحمه الله:أَمؤمنون بيومِ الحسابِ هؤلاء؟!! كلا،كذبوا ومالك يوم الدين.
عبادَ الله..إنها دارٌ لأعداءِ الله..تنوَّعَ عذابُها حتى يبلغَ منتهاه..قعرُها بعيدٌ..وحرُّها شديد..وإذا امتلأت تقول:هل من مزيد إنها دار البوار..دارُ البؤس والشقاء..ساكنوها شرُّ الخلقِ عند الله..فرعونُ وهامانُ وقارون..مكانُها أسفلُ السافلين،وأبعدُ ما يكون من ربِّ العالمين..إِنَّها النار..التي طعامُ أهلِهَا إذا جاعوا الزقومُ الذي إذا نزلت منه قطرةٌ في بحارِ الدنيا لأفسدت على أهل الأرض معاشهَم كما في الحديث..إنَّهَا النارُ التي يبلغُ قعرهُا سبعين عاماً..ونارُ الدنيا جزءٌ من تسعةٍ وستين جزءاً من نارِ الآخرةِ و من منَّا يا عبادَ الله يطيقُ لسعةً من نار الدنيا..قال يؤتى بأنعم أهلِ الدنيا من أَهلِ النَّارِ(ذاك الذي عاشَ في القصورِ وتنعَّم بنعمِها ولم يأتِه حرٌ قطر ثم يصبغ في النارِ أي يغمسُ فيها مرةً واحدةً ثم يقالُ:يا بن آدم هلْ رأيت خيراً قط؟!هل مرَّبك خيرٌ قط فيقول لا والله يارب) أخرجه مسلم فكيف إذاً بمن خلِّد فيها.
أعوذ بربي من لظى وعذابها
ومن حال من يهوي بها يتجلجل

ومن حال من في زمهرير مُعذَّب
ومن كان في الأغلال فيها مُكبَّل

أيها الإخوة..لا يدخل الجنة إلا من يرجوها،ولا يسلمُ من النارِ إلا من يخافُها،ورودُ النار متيقَّن على الصراط وَإِن مّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً ولكن هل الخروج منها متيقن؟!
أين الخوفُ من هول ذلك المورد؟ومن ترى بالنجاة والفكاك يحظى ويسعد؟يقولُ موسى بنُ سعد: كنا إذا جلسنا إلى سفيان كأن النار قد أحاطت بنا لما نرى من خوفه ووعظه،من خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزل: قَالُواْ إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِى أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ فَمَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَـٰنَا عَذَابَ ٱلسَّمُومِ إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ ٱلْبَرُّ ٱلرَّحِيمُ حقـًا وصدقـًا،إن هدى الله ورحمته للذين هم لربهم يرهبون.
أيها الإخوةُ في الله..وهذا حديثُ ذكرى وتذكير،وإنذارٌ وتخويف عما أخبرَ به الكتابُ وصحت به الأخبار عن رسولنا محمد من الوعيد للمكذِّبين،والخوفِ على المقصرين،حديثٌ عن النارِ وأهلِها وأهوالِها أعاذنا الله منها بمنِّه وكرمه: يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ قُواْ أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَـئِكَةٌ غِلاَظٌ شِدَادٌ لاَّ يَعْصُونَ ٱللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ
يقولُ الحسن البصري رحمه الله:والله ما صدَّقَ عبدٌ بالنارِ إِلا ضاقَت عليه الأرضُ بما رحبت،وإن المنافقَ لو كانت النارُ خلْفَ ظهرِه ما صدَّق بها حتى يتجَهّم في دَرِكِها.والله ما أُنذِرَ العبادُ بشيءٍ أَدهى منها. فَأَنذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّىٰ لاَ يَصْلَـٰهَا إِلاَّ ٱلاْشْقَى ٱلَّذِى كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ إنها نار السعير لا ينامُ هاربها،كما أن جنة الفردوس لا ينامُ طالبُها.
الخوفُ من النار فَلَذَ أكبادَ الصالحين: إِنَّهَا لإِحْدَى ٱلْكُبَرِ نَذِيراً لّلْبَشَرِ لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ ألم تعلموا أن التخويفَ من النارِ نالَ الملائكةَ المقرَّبينَ والأنبياءَ المرسلين؟اقرأوا في شأن الملائكة: وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنّى إِلَـٰهٌ مّن دُونِهِ فَذٰلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِى ٱلظَّـٰلِمِينَ واقرأوا في حقِّ الأنبياء: وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهًا ءاخَرَ فَتُلْقَىٰ فِى جَهَنَّمَ مَلُومًا مَّدْحُورًا
أيها الناس..اتقوا النار..اتقوا النار..ولو بشق تمرة..اتقوا النار بكلمة طيبة.أكثرُوا من ذكرِها، واعملُوا للنجاةِ منها: ذٰلِكَ يُخَوّفُ ٱللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يٰعِبَادِ فَٱتَّقُونِ والنارُ شرُّ دار،وعذابُها شرُّ عذاب، قعرها بعيد،ومقامعها حديد، يهوي الحجرُ من شفيرِها سبعينَ خريفـًا ما يدركُ قعرها.مسالكُها ضيقة،ومواردُها مهلكة،يوقدُ فيها السعيرُ،ويعلو فيها الشهيقُ والزفيرُ،أبوابُها مؤصدة،وعمَدُهَا مُمدَّدة،يرجعُ إليها غمهُّا،ويزدادُ فيها حرُّها،هي غضبُ الجبارِ ورِجْزُه،وسَخَطُه ونِقْمَتُهُ..يؤتَى بها يومَ القيامةِ لها سبعونَ أَلفَ زِمَامٍ مَع كُلِّ زِمَامٍ سَبعونَ أَلف ملك يجرّونها..قال رسول الله ((يقالُ لليهودِ والنصارى يوم القيامة:ماذا تبغون فيقولون عطشْنَا ربنَّا فاسقنا فيشارُ إليهم(ألا تروْن) فيخرون إلى جهنَّم كأنَّها سرابٌ يحطمُ بعضُها بعضاً فيتساقطون في النارِ)) أخرجه البخاريُّ ومسلم وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْداً
هنالك جَثت الأُمَمُ على الركب،وتبينَ للظالمين سوءَ المنقلب،انطلقَ المكذِّبون إلى ظلٍّ ذي ثلاث شعب،لا ظليلٍ ولا يغني من اللهب،وأحاطت بهم نارٌ ذاتُ لهبٍ،سمعوا الزفيرَ والجرجرةَ،وعاينُوا التغيّظَ والزمَجرة،ونادتْهم الزبانية: فَٱدْخُلُواْ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَـٰلِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى ٱلْمُتَكَبّرِينَ الهاويةُ تجمعُهم،والزبانيةُ تقمعُهم،في مضايقِهَا يتجلجلون،وفي دركاتها يتحطَّمون.ترى المجرمين مُقرَّنين في الأصفادِ،سرابيلهم من قَطِرانٍ،وتغشى وجوههم النارُ.الأَغلالُ في أَعناقِهم والسلاسِلُ يُسحبونَ، وبالنواصي والأَقدامِ يُؤخذونَ،وفي الحميمِ ثُمَّ في النَّارِ يُسجرون.
يُصَبُّ مِن فَوقِ رُءُوسِهِم الحميمُ،يُصهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهم والجلودُ ولَهُم مَقَامِعُ مِن حَديدٍ فَوق رءُوسِهم.تُكوى جِبَاهُهُم وجُنُوبُهُم وظُهُورهُم ذُوقُواْ مَسَّ سَقَرَ
ما ظنَّكُم عِبادَ اللهِ بِقَومٍ قَاموا على أقدامهم خمسينَ أَلفَ سَنةٍ لَم يَأَكُلوا فِيهَا أَكلةً ولم يَشربوا فيها شَربَةً..تَقَطَعت أَكبَادُهُم جُوعاً واحترقت أَجوافُهُم عَطشَاً..طَعَامُهُم الزَقُومُ والضَريعُ،لا يُسمنُ ولا يُغني من جوع.شرابُهم الحميمُ والغساقُ والماءُ الصديدُ،يشويِّ الوجوهَ ويُقَطِعُ الأَمعَاءَ،ويَملأ البُطُونَ: يَتَجَرَّعُهُ وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ أما لِبَاسُهم فِلِبَاسُ الشَرِّ والعَارِّ قُطِعت لَهُم ثِيَابٌ مِن نَارٍ عَلى أَقدار أَبدانِهم لاتقيهم حرَّها بَل تَزيدُهُ اِشتعالاً فَهي مِن قَطِرَانٍ وتَغشى وُجُوهَهُم النار وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَـٰلِحاً غَيْرَ ٱلَّذِى كُـنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمّرْكُمْ مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءكُمُ ٱلنَّذِيرُ فَذُوقُواْ فَمَا لِلظَّـٰلِمِينَ مِن نَّصِيرٍ كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَـٰهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ ٱلْعَذَابَ يتمنون الموت والهلاك،ولكن أين المفر؟ومتى الفكاك؟
يرتفعُ بِهم لَهِيبُهَا إلى أَعلاها فَكُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخرجوا مِنهَا أُعيدوا فِيهَا وَقيلَ لَهم ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الذي كُنتم بِه تُكَذِّبون..يَقولون لخزنتها: ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِنْ الْعَذَابِ فتجيبهم الملائكة أَوَ لَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فيقولون بلا فيردُّون عليهم فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلال وَنَادَوْاْ يٰمَـٰلِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَّـٰكِثُونَ لَقَدْ جِئْنَـٰكُم بِٱلْحَقّ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقّ كَـٰرِهُونَ ثم يتوجَّهُون إلى ربِّ العالمين ذي العظمة والجلال والعدل والحُكم قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَالِّينَ فيردُّ عليهم أحكم الحاكمين قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ * فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيّاً حَتَّى أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ
ثم يعلو شهيقُهم،ويزدادُ زفيرهُم،وقد حيلَ بينهَم وبينَ ما يشتهون،فيعظمُ يأسُهم،ويرجِعُون إلى أنفسِهم: سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ نعوذُ بالله من غضبه وأليم عقابه وعذابه.
أيها الإخوة..هذهِ أخبارُ صدقٍ عن جهنم،وأنباءُ حقٍّ عن السعيرِ والحُطمةِ،وواللهِ ثُمَّ واللهِ لَتُملأَنَّ والله لَتُملأَنَّ: وَلَـٰكِنْ حَقَّ ٱلْقَوْلُ مِنْى لاَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ
فويلٌ لِكُلِّ مُشركٍ ومُشركةٍ،وويلٌ لِكُلِّ خَبيثٍ وخَبيثةٍ مِمن طَغى وبَغى وآثرَ الحياةَ الدنيا،ولم يؤمن بيوم الحساب: يُعْرَفُ ٱلْمُجْرِمُونَ بِسِيمَـٰهُمْ حَلاَّفٍ مَّهِينٍ هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ مَّنَّاعٍ لّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ عُتُلٍ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ لا يؤمنُ بِالله العظيمِ،ولا يحضُ على طَعامِ المسكينِ،لم يكُ من المصلينَ،ولم يكُ يُطعمُ المسكينَ،يَخوضُ مَع الخائِضينَ،ويُكَذِّبُ بِيومِ الدينِ.هؤلاءِ هُم أَصحابُ الجحيمِ عِيَاذاً بِالله.
عِبَاد اللهِ..النَّارُ مَوعُودٌ بِهَا مُدمِنُ الخمرِ وقَاطِعُ الرحِمِ والمصدقُ بِالسحرِ والمنانِ والنمَّامِ،ومَا أَسفلَ الكَعبينَ مِن الإِزارِ فَفَي النَّارِ مَوعُودٌ بِهَا الذينَ يَكنزونَ الذهبَ والفِضةَ ولا يُنفِقُونَّهَا في سبيلِ اللهِ، ومن أَشدِّ النَّاسِ عَذابًا طائفتان:المصورون الذين يُضاهئون خلق الله ويرسمونه وينحتون ذوات الأرواح والذين يُعَذِّبُونَ النَّاسَ في الدُنيَا.
يا تُرى مَا حَالُ المرائِينَ مِن القُرّاءِ والعُلَمَاءِ والمجاهدين؟!يَأَمروُنَ بالمعروفِ ولا يَأَتونهُ،وينهَونَ عَن المنكر ويأَتونَهُ،يَقُوُلونَ مَا لا يَفعلونَ إِذَا وعَظُوا عنَّفوا وإِذَا وُعِظُوا أنِفُوا.
وأَصنَافٌ مِن القضاة الذين لايعدلون في النار،وأيُّما والٍ غَشَّ رعيتهُ فَهُوَ في النار ((ومن بَايَعَ إِمَامَهُ لا يَبَايعُه إلا لدنيا فإن أعطاه منها رضي وإن لم يُعطَ لم يفِ)) ((ومن اقتطعَ مالَ أخيه بيمينٍ فاجرةٍ فليتبوأ مقعدَه من النار))((والذي يشربُ في آنيةِ الذهبِ والفضةِ فَإِنَّمَا يُجَرْجِرُ في بطنهِ نَارَ جهنم))والذين يأكلُون أموالَ اليتامى ظلماً إِنَّمَا يَأَكلُّونَ في بُطُونهم نَارًا وسيصلونَ سعيرًا..وويلٌ لأَكلةِ الربا ثُمَّ ويلٌ لأَكلةِ الربا،و((كلُّ جَسدٍ نبتَ مِن سحت فالنارُ أَولى به))
((وصنفانِ مِن أَهلِ النَّارِ:قَومٌ مَعهم سِيَاطٌ كَأَذنَابِ البَقرِ يَضربونَ بِها الناس،والكَاسياتُ العَارياتُ المائِلاتُ المميلاتُ عَلى رُءُوسِهِنَّ كَأَسنِمَةِ البُختِ لا يَدخُلْنَ الجنَّةَ ولا يَجدنَ ريحهَا)) ((والنَائِحةُ إِذا لَمْ تَتَبْ تُقامُ يومَ القيامة وعليها سربالٌ من قَطران ودرْعٌ من جَرَب)) ((والمكرُ والخداعُ في النار)) ((والفجورُ يهدي إلى النار)) ((وشرُّ الناس منزلةً عندَ الله من تركَه الناسُ اتقاءَ فحشه في كلامه وفعله)) وويلٌ للذينَ يُحبونَ أَن تَشيعَ الفَاحشةُ في الذين آمنوا لهم عذابٌ أَليمٌ في الدنيا والآخرة.
أَيُّهَا الأَحبةُ..رحمني الله وإِياكم هَذِهِ أَلوانٌ مِن أَهوالِ النَّارِ،وَصُنُوفٌ مِن أَهلِهَا؛فَاتقوا الله واتقوا النَّار،اتقوا النَّار بِالبُكَاءِ مِن خَشيةِ اللهِ؛فَلن يَلجَ النَّارُ رَجلٌ بَكى مِن خَشيةِ اللهِ حتى يَعودَ اللبنُ في الضِرع،وعَينَانِ لا تَمَسَّهُمَا النَّار؛عينٌ بَكت مِن خشيةِ اللهِ،وعينٌ بَاتت تَحرسُ في سبيلِ اللهِ.ومن صَامَ يَومًا زحزحهُ اللهُ عَن النَّارِ سَبعينَ خَريفـًا..جددْ توبتكَ يا عبدَ الله إلى ربِّكَ،ويا من يداومُ على المعاصي اِتقِ اللهَ..اِتقِ الله..هَذهِ النَّارُ التي سَمِعت وَصفهَا وأَهوالَهَا وهي حَقٌ وَربَّ الكعبة..ألا تخافُ منها؟!وأنتم ترون هذا الحر في هذا الجو الذي لاتطيقونه فكيف بحرِّ جهنم؟!وحرّ الدنيا من لهيبها كما في الحديث ..
عباد الله..تعوذوا بالله من النار؛فهذا دأب الصالحين الذاكرين..وفي الحديث ((ملائكة الله السياحون يمرون بمجالس الذكر ثم يسألُهم ربهم عن أحوالِ الذاكرين فيقول لهم وهو أعلم بهم: مِمَّ يتعوذون؟ فيقولون:من النار.فيقول:وهل رأوها ؟قالوا: لا.والله ما رأوها.فيقول:كيف لو رأوها؟ فيقولون:لو رأوها كانوا أشد منها فرارًا وأشد منها مخافة؟قال فيقول:إني أشهدكم أني قد غفرت لهم)) متفق عليه
قال (ما سأل رجل مسلمٌ الجنة ثلاثـًا،إلا قالت الجنة:اللهم أدخله الجنة.ولا استجار رجل مسلم من النار ثلاثـًا،إلا قالت النار:اللهم أجره مني)) رواه أحمد وابن ماجة وصححه الحاكم
اللهم أجرنا من النار،اللهم أجرنا من النار،اللهم أجرنا من النار.ووالدينا وذرياتنا وجميع المسلمين رَبَّنَا إِنَّنَا ءامَنَّا فَٱغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ رَبَّنَا ٱصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً بارك الله لي ولكم في الفرقان العظيم ونفعني وإياكم بما فيه .....
الخطبة الثانية
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده أما بعد ..فاتقوا الله عباد الله
فيا أيها الناس،أزعج ذكر النار قلوب الخائفين،وأطار النوم من عيون المتعبدين،شاهدوا موقف القيامة بقلوبكم،وانظروا في منصرف الفريقين إلى الجنة والنار بهممكم.
أشعروا أفئدتكم وأبدانكم ذكر النار ومقامعها،وأطباقها ودركاتها ووقودها وحجارتها،السلاسل والأغلال،والسعير والحميم، والغَسّاق والغِسلين، وسَقَر والهاويةَ.
اذكروا بُعدَ القَعْرِ،واشتدَّادِ الحرِّ،ابكوا وتباكوا،اعرضُوا على قلوبِكم تقلَّب الظالمينَ بين أطباقِ النيران: لَهُمْ مّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مّنَ ٱلنَّارِ وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ثُمَّ ٱلْجَحِيمَ صَلُّوهُ ثُمَّ فِى سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاْسْلُكُوهُ فِى سَمُومٍ وَحَمِيمٍ وَظِلّ مّن يَحْمُومٍ لاَّ بَارِدٍ وَلاَ كَرِيمٍ
ألا فاتقوا الله رحمكم الله:اللهم إنا نعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل.احذروا عباد الله آيات الله المخوفة لكم من كسوف الشمس والزلازل،وانعدام الأمن،وانظروا إلى أحوال الناس في بلدانهم وما حباكم الله من النعم وتوبوا إلى ربكم وأسلموا له واتقوا النار التي أعدت للكافرين.
اللهم ارفع عن بلاد المسلمين الظلم والفقر والخوف والغلاء والوباء واحقن اللهم دماءهم وولِّ عليهم خيارهم .......
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..

 0  0  937
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 09:22 مساءً الإثنين 5 محرم 1447 / 30 يونيو 2025.

Powered by Dimofinf cms Version 4.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Ltd.