اللهم إنا نعوذُ بك من زوالِ نعمتك،وتحوّلِ عافيتك،وفجاءةِ نقمتك،وجميعِ سخطكِ..ياربَّ العالمين.
عباد الله..حينما يحاصرُ المسلم من كل جهة،ويَضَيقُ عليه الخِناق،فلا يستطيع الانتصارَ لنفسه،ولا الثأرَ لإخوانِه المظلومين،ولا يقدرُ على التخلصِ من الظلم الصارخِ الذي أحاطَ به من كلِّ جانب،يلجأ إلى ربّه فتفتحُ له السماء أبوابها،وتأتيه منافذُ الفرج،ويتنزَّلُ عليه من السماء المدد،من ربِّ الأرباب،وخالق الأسباب،الذي أَهَلَكَ عاداً الأولى،وثمود فما أبقى،وقومَ نوحٍ من قبلُ،إنَّهم كانوا هم أظلم وأطغى.
طرقتُ بابَ الرجا والناسُ قدْ رَقَدُوا
وبتُّ أشكوا إلى مولايَ ما أجدُ
اشكوا إليك أموراً أنتَ تعلمُها
مالي على حملِها صبرٌ ولاجلدُ
لقد مددتُ يدي بالذلِّ مفتقراً
إليك يا خير من مُدَّت إليه يدُ
أمةَ الإسلام..ونحن نرى حالَ إخوانِنا المستضعفين في سوريا وغيرها لا يملكون حولاً ولا طولاً أمامَ نظامٍ غاشمٍ يُصليهم ناراً،ويذيقُهم من الفتكِ ألواناً،فإنَّ رحمةَ الله تبارك وتعالى تتجلَّى في هذا السلاحِ الفتاك الذي منحَه الله للمظلومين والمقهورين،والذي ينالُ به الإنسانُ من الذين ظلموه وقهروا إخوانه،بل إن الملوكَ والدولَ الظالمةِ الطاغيةِ مهما بلَغت في الطغيانِ،والتجبّرِ تسقطُ بالدعاء.
هذا فرعون بلغ من الطغيان والجبروت وَقَالَ فِرْعَوْنُ يٰأَيُّهَا ٱلْملاَ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرِى فَأَوْقِدْ لِى يٰهَـٰمَـٰنُ عَلَى ٱلطّينِ فَٱجْعَل لّى صَرْحاً لَّعَلّى أَطَّلِعُ إِلَىٰ إِلَـٰهِ مُوسَىٰ وَإِنّى لاظُنُّهُ مِنَ ٱلْكَـٰذِبِينَ وَٱسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِى ٱلأرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقّ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لاَ يُرْجَعُونَ فدعا عليه نبيُّ الله موسى: وَقَالَ مُوسَىٰ رَبَّنَا إِنَّكَ ءاتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلاَهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ رَبَّنَا ٱطْمِسْ عَلَىٰ أَمْوٰلِهِمْ وَٱشْدُدْ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُواْ حَتَّىٰ يَرَوُاْ ٱلْعَذَابَ ٱلاْلِيمَ قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَّعْوَتُكُمَا فَٱسْتَقِيمَا وَلاَ تَتَّبِعَانّ سَبِيلَ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ فكانت النتيجة فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ فتمزق ملك الفرس إلى اليوم..
ذكر أهل السير أن كسرى لما بعث له رسول الله رسالة يدعوه فيها إلى الإسلام،مزَّقها،فلما بلغ ذلك قال

ودعوةُ المظلوم من الدعوات المستجابة،في البخاري عن ابن عباس>لما بعث رسول الله معاذاً إلى اليمن،وأوصاه،قال له في آخر وصيته

وعند الترمذي والإمام أحمد وأبي داود عن أبي هريرة >،أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ

وحسبك أن ينجو الظلومُ وخلفَه
سهامُ دعاءٍ من قِسِّي رُكوعِ
مريشةً بالهدبِ من كلِّ ساهرٍ
منهلَّةً أطرافُها بدموع
في الصحيحين واللفظ لمسلم عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ أَنَّ أَمرأةً خَاصَمَتْهُ فِي بَعْضِ دَارِهِ فَقَالَ:دَعُوهَا وَإِيَّاهَا فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ

أيها المؤمنون..الدعاءُ على الظالم،أمرٌ مشروع،لاسيما إذا كان الظلمُ واقعاً على المسلمين،وتزدادُ هذه المشروعية إذا كانَ الظالمُ كافراً،أو طاغياً وربما يُقالُ بوجوبِ الدعاء على الظالم الذي يحاربُ الإسلام وأهلَه إذا لم يكن ثمةَ سبيلٍ لإيقافِ عدوانِه على الإسلام وكفِّ شره عن المسلمين،إلا سبيلُ الدعاء،وكفُّ عدوانِ الظلمةِ والمتجرئين على الإسلام واجب،كما أن كفَّ شرَّهم عن المسلمين واجب أيضاً،فإذا ما اعتدى الظالمُ واحتلَّ وأفسد وغرَّته قوته فلا ملجأَ حينذاك إلا إلى الله ذي القوة المتين ندعوه ونرجوه : لاَّ يُحِبُّ ٱللَّهُ ٱلْجَهْرَ بِٱلسُّوء مِنَ ٱلْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ ٱللَّهُ سَمِيعاً عَلِيماً
فسرها ابن عباس رضي الله عنهما(لا يحب الله أن يدعو أحد على أحد، إلا أن يكون مظلوماً، فإنه قد أرخص له أن يدعو على من ظلمه، وإن صبر فهو خير له)..في البخاري عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ>{أَنَّ رِعْلًا وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ وَبَنِي لَحْيَانَ اسْتَمَدُّوا رَسُولَ اللَّهِ عَلَى عَدُوٍّ فَأَمَدَّهُمْ بِسَبْعِينَ مِنْ الْأَنْصَارِ كُنَّا نُسَمِّيهِمْ الْقُرَّاءَ فِي زَمَانِهِمْ كَانُوا يَحْتَطِبُونَ بِالنَّهَارِ وَيُصَلُّونَ بِاللَّيْلِ حَتَّى كَانُوا بِبِئْرِ مَعُونَةَ قَتَلُوهُمْ وَغَدَرُوا بِهِمْ،فَبَلَغَ النَّبِيَّ فَقَنَتَ شَهْرًا يَدْعُو فِي الصُّبْحِ عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ وَبَنِي لَحْيَانَ}
وفي الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ >:أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ عَلَى أَحَدٍ أَوْ يَدْعُوَ لِأَحَدٍ قَنَتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ فَرُبَّمَا قَالَ إِذَا قَالَ: ((سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْد،ُ اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ وَسَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ وَعَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ، اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، وَاجْعَلْهَا سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ، يَجْهَرُ بِذَلِكَ))..وكان يقنت في جميع الصلوات الخمس على الصحيح
عباد الله..وعجباً من هؤلاء الظلمة والطغاة،ألم يفكروا في مصائر من قبلهم،أين الأمم السوالف قبلَهم؟أين عادٌ؟،أين فرعونُ والنمرود،أين القياصرةُ،؟أين الجبابرة؟أين من مضى قبلهم من رؤساء..
أَلَمْ تَرَى كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (7) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ (8) وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِي (9) وَفِرْعَوْنَ ذِي الأَوْتَادِ (10) الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ (11) فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ (12) فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ (13) إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ
عباد الله..لا يهولَّنكم قوةُ الظالم،ولا كثرة عتاده،ولا طول طغيانه،فما يحصل لإخواننا في أرض الشام اجأروا إلى ربكم واستنصروه،فلن يغلبَ عسكرٌ واحدٌ عسكرين من الدعاء،ولن يُنصرَ في الأرض من حُوربَ من السماء.قال بعض البلغاء:أقرب الأشياء صَرْعةً الظلوم،وأنفذُ السهامِ دعوةُ المظلوم.
أتهزأُ بالدعــاء وتزدريه
ولا تدري بما صنع الدعاء
سهام الليل لا تخطي، ولكن
لها أمد، وللأمـد انقضاء
وقـد شـاء الإله بما تراه
فما للملك عندكــم بقاء
وجدَ أحدُ الأمراءِ مرةً في جيبهِ رقعة لم يعرف من رفَعها،ولا من قالها،فإذا فيها مكتوب:أما بعد،فإنكم ملكتم،فأسرتم،ووُسِّع عليكم،فضيَّقتم،وعلمتم عاقبةَ الدعاءِ،فاحذروا سهامَ السحر،فإنها أنفذُ من وَخْزِ الإبر،لاسيما وقد جرحتْم قلوباً قد أوجعتمُوها،وأكباداً أجعتموها،وأحشاءَ أنكيتمُوها،ومُقَلاً أبكيتمُوها،ومن المحال أن يهلَك المنتظِِرون ويبقى المنتظَرون،فاعملوا إنا عاملون،وجوروا إنا بالله مُستجيرون،واظلمُوا فإنا إلى الله متظلِّمون وَسَيَعْلَمْ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ أَىَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ فبكى هذا الأمير بكاءً شديداً،وجعل يتعَّهد قراءتَها في غالبِ أوقاتِه،ويستعينُ بها على إجراءِ عبراتِه.
لا تظلمنَّ إذا ما كنتَ مقتــدراً
فالظلمُ آخـرُه يأتيك بالنــدم
واحذر أُخيّ من المظلومِ دعوتَه
لا تأخذْنك سهامُ الليلِ في الظُلَمِ
نامـت عيونُك، والمظلومُ منتبهٌ
يدعو عليك وعيــنُ الله لم تنم
أيها المستضعفون في مشارق الأرض ومغاربها،يا من طال عليكم ظلم النصيرية والصليبية وتلك الدول الظالمة المنافقة،اسمعوا إلى هذه القصة التي رواها جملةٌ من أهل التاريخ والسير،عن يحيي بن هبيرة الوزير الصالح،قال لما استطال السلطانُ مسعودُ بن محمدٍ السلجوقي وأصحابُه وأفسدُوا عزمَ الخليفة على قتاله، قال يحيى:ثم إني فكَّرتُ في ذلك،ورأيت أنه ليس بصواب مجاهرته،لقوة شوكته،فدخلتُ على الخليفة،فقلتُ أني رأيتُ أن لا وجهَ في هذا الأمر إلا الالتجاءِ إلى الله تعالى وصدقِ الاعتمادِ عليه،فبادرَ إلى تصديقي في ذلك،وقال:ليسَ إلا هذا،ثم كتبتُ إليه،إنَّ رسول الله قد قنت شهراً يدعو على دعا رعل وذكوان وينبغي أن ندعو نحن شهراً،فأجابني بذلك..ثم لازمنا الدعاءَ في كلِّ ليلةٍ،وقتَ السحر،نجلسُ فندعو الله سبحانه فمات مسعود السلجوقي،لتمام الشهر،لم يزد يوماً،ولم ينقص يوماً،وأجاب الله الدعاء،وأزال يد مسعود وأتباعه عن العراق،وأورثنا أرضهم وديارهم.. أَمَّن يُجِيبُ ٱلْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ ٱلسُّوء وَيَجْعَلُكُمْ حُلَفَاء ٱلأرْضِ أَءلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ روى البخاري عن:رسول الله

عباد الله..إن للدعاء على أعداء الدين والظلمة،من يهود ونصارى،ومنافقين فوائدُ جمة.. فالدعاءُ عبادةٌ عظيمة،فهو لبُّ العبادة وروحها،ولذا ثبتَ في الحديثِ الصحيح عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ النَّبِيِّ قَالَ

وفي الدعاء يتمَّثلُ التوحيدُ في أنقى صوره، وأسمى معانيه، ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلا إِيَّاهُ بَلْ إِيَّـٰهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاء وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ وهو منهجٌ للأنبياء في الدعاء.
والدعاء يحقّقُ استحضارَ العبد صفاتِ الله تعالى وزيادة الإيمان بها والشعورِ بعظمتِها وجلالتِها,فهو إقرارٌ من المؤمنِ بأنّ القوةَ لله جميعاً،وأنّ العزَّةَ للهِ جميعاً،وأنّ الناصر هو الله والقاهر هو الله,والضار النافع هو الله,والآمر الناهي هو الله,والظاهر الباطن هو الله يعزُّ من يشاء ويُذلّ من يشاء بيدهِ الخير وهو على كلّ شيء قدير والإحساسُ بهذه العظمةِ لله هو الذي يقودُ المسلمين إلى امتثالِ أمرِ الله تعالى: فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ
فتحقيقُ هذا اليقين،يخلعُ الخوفَ الذي تولْدَ في قلوبِ المسلمين من قوةِ المتجبِّرين،وطغيانَ الظالمين،ويجعلهُم يحتقرون القُوى كلَّها بجانبِ قوة العزيز القهار،ويعلمون أَنَّ ٱلْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا فتصغر في عيونهم كلُّ قوةٍ مهما عظُمت إِذا هم استمدُّوا قوَّتَهم من الله ربِّ العالمين..نتذكرُ ذلك ونحن نرى الظلمَ الذي وقعَ ويقعُ على المستضعفينَ اليومَ في أرضِ الشام وأرض العزةِ غزَّة وفي كل مكان تسلّط عليهم الظالم وخذلهم القريب والبعيد فلا نمك إلا أن..ندعوا لهم والدعاء على أعداء الدين بشتى أنواعهم يا عباد الله تعبيرٌ صادقٌ عن عقيدة ((أوثقُ عُرى الإيمان الحبُّ في الله والبغض في الله)),وهي العقيدةُ التي تُوجدُ المفاصلةَ في العقائد والأفكار.
والدعاءُ على معسكر والظلم الكفر،إذكاءٌ لروح اليقين في حياة المسلمين, ليعلموا أنّ الأمر كلَّه لله وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ فتمتلئ قلوبهم بمعية الله,فلا يشكّون في نصره ولا يخالجهم تردّدٌ في صدق وعده وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ ٱلْغَـٰلِبُونَ ..
والدعاء على من اعتدى على المسلمين،وبغى عليهم،علامةٌ ظاهرةٌ على إيمان العبد وتضامنه مع إخوانه المسلمين{فمَثَلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحمهم وتعاطفهم,مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسّهر والحمى}..وقال {أعجز الناس من عجز عن الدعاء،وأبخل الناس من بخلَ بالسلام} اللهم تقبل منا دعاءنا واغفر ذنوبنا..واستر عوراتنا..وآمن روعاتنا..أقول ما تسمعون..
الخطبة الثانية الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده وبعد..
فاتقوا الله عباد الله..واعلموا أن الدعاء يردّ القضاء فعليكم بالدعاء واجتهدوا فيه..
وللدعاء آداباً يلتزم بها الإنسان منها:اختيار الأوقات الفاضلة للإجابة كرمضان ويوم عرفة ويوم الجمعة والسَحر وحين يكون ساجداً أو مسافراً..ومن آدابه استقبال القبلة..ويرفع يديه بالدعاء عامة ويبدأ دعاءه بتحميد الله سبحانه ويختمه بالصلاة والسلام على رسوله وأن يجزم في المسألة وألا يعلقها على المشيئة فلا يقول اللهم اغفر لي إن شئت وأن يوقن بالإجابة وكان عمر يقول:{إني لا أحمل هم الإجابة ولكن أحمل همَّ الدعاء}..ويلحُّ في سؤاله ويتوسل بأسماء الله الحسنى وبصالح الأعمال وأن يبتعد عن غفلة القلب..واستبطاء الإجابة وفعل المعاصي وأكل الحرام الذي يمنع الإجابة وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر..وكذلك التركيز في قنوت النوازل على المصيبة النازلة بلا إطالة ولا تكرارٍ ممل ولا تجاوز ولا تعدٍ في الدعاء كما يفعل البعض..بعض الأئمة حين يطيلون الدعاء أو يظنونه كقنوت الوتر للتراويح فهذا ليس للنوازل..ولابد للدعاء من أن يخرج من قلوب صادقة ملتجئة إلى ربها مستحضرةً لمعاني دعائها فالدعاء سلاح ليس له ثمن أو مرتبة قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنْ الشَّاكِرِينَ
يارب بك نستجير ومن يجير سواك
فارحم ضعيفاً يحتمي بحماك
يا أيها المؤمنون:إني داع فأمّنوا:اللهم إنا نشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الواحد الأحد..حكم فعدل..علا فقهر وخَلَق فقدَّر وأنعمَ فأكثر..اللهم لا ربَّ لنا سواك فندعوه ولا خالق لنا غيرك فنرجوه أنت ربُّ المستضعفين،وناصر المظلومين..ومجيب المضطرين وجابر المنكسرين إن لم يكن بك غضب علينا فلا نبالي فأنت أكرم من أن نُقبلَ عليك فتصد..أو نلجأُ إليك فترد لا ملجا ولا منجى منك إلا إليك..أنت المرتجى إذا ضاقت علينا الخطوب..وأنت المؤمَّل عند الكروب..تطاع فتشكر..وتعصى فتغفر..تمحو الذنب العظيم..وتشفي الداء السقيم..حلتَ دون النفوس..أخذت بالنواصي والأقدام..لاإله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين..اللهم فرّج عن إخواننا في سوريا الكرب،وأزل عنهم الخطب،اللهم قد عزَّ الظالم وطغى وتجبر،وأحدق بهم الخطب،..اللهم إن الأطفال نادوك،والشيوخ دعوك،والأرامل رجوك..فما لنا ولهم غيرك يا ألله..اللهم فلطفك يا كريم..وفرجك يا رحيم..ونصرك يا عظيم..اللهم إن طرقُهم قد سالت بالدماء..ومقابرهم امتلأت بالشهداء،رُملت النساء واعتدي عليهن،اللهم فنصرك نرجوا،اللهم انتقم للأطفال الرضع،والشيوخ الركع، ولكرامة النساء..اللهم انتقم للمساجد التي هُدّمت،والمآذن التي حُطمت..اللهم كما هدّموا المآذن فاقصم ظهورهم،وأبطل مكرهم،وشتت شملهم واسحق نظام بشار وأعوانه ،وزلزل أقدامه،وأبطل كيده وسهامه،واخذل رفاقهم..اللهم أنقذ بلاد الشام،أرض الإسلام،وديار الأئمة الأعلام،اللهم فك أسرها،وتولَّ أمرها،وارفع قدرها..واحفظ أهلها..ووفق ولاة أمور المسلمين للحكم بشريعتك ونصرة المستضعفين والدفاع عن المظلومين..