خطبة (التحذير من الفئة الضالة ) للشيخ عبد المحسن بن عبد الرحمن القاضي إمام و خطيب جامع السلام
الحمد لله رب العالمين ، جعل تحقيق الأمن مقروناً بالإيمان ، الخالصِ من الشركِ و الطغيان فقال تعالى الذين آمنوا و لم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن و هم مهتدون و أشهد ألا إله إلا الله و حدَهُ لا شريكَ لهُ و أشهدُ أن محمداً عبدهُ و رسوله صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم تسليماً .. أما بعد..
فيا عباد الله اتقوا الله تعالى و توبوا إليه و بتقواه فأمنوا من جميع المخاوف ..
أيها الأحبة
يقول الله ظهر الفساد في البر و البحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون
ظهورُ الفسادِ في أي أمةٍ منْ الأُمَمِ دليلُ شؤمٍ و بلاءٍ ، و نذيرُ فتنةٍ و شقاء . و إن من الفسادِ العظيمِ ترويعُ الآمنين و زعزعةُ الأمنِ و الاستهانةُ بعصمةِ الدماءِ المسلمةِ من قتلٍ و تفجيرٍ و تطرفٍ و إفساد فالأمنُ هذهِ النعمةُ العظيمةُ التي يسعى لتَحقيقهَا الجميع فإذا ما حَصلوا عليها عضوا عليها ليحافظوا على بقائِها و يزيدوا في نمائِها بفعل أسباب بقائِها ..
و لذلكَ فإنَ من الأهميةِ بمكان أن يكونَ حَدِيثُنا عمَّا يَحصُلُ مُنَاسِباً للحال لا مُسَاهِماً في زيادةِ الفِتَنِ باستثارةِ أصحَابِها و عدمِ حِوَارِهم أو مُجَامَلَتُهُم مِنْ قِبَلِ البَعضِ فَنَحَنُ نَعلَمُ جميعاً أن هذهِ الأحداث مُؤشِرٌ خَطِيٌر يَلزَمُنَا جَمِيعاً بألاّ نَقِفَ موقِفَ المُتَفَرِجِ أو اللائِم..
إنّها أحَداثٌ تُحِيطُ بِبِلادِ المُسلِمِينَ و في داخلِ بِلادِنا من قَتِلٍ و زَعَزَعَةِ أمنِ و احتلالٍ للبلدانِ وانتهاكٍ للمقدسات،كمَا رأيناهُ في حَادِثِ إطلاقِ النارِ العَشوائِي على رجالٍ كُلُ وَظِيفَتِهِم هي المحافظةُ على الأمنِ و درءِ الشَرِ عنِ البِلادِ و العِبَادِ ثمّ يَأتِي أحَدٌ مِن واقعِ عُلُوِهِ و تَطَرُفِهِ ليُفسِدَ في البلادِ و يُرَوِعَ الآمِنِينَ و يَسلُبَ السياراتِ فأيُّ ضَلالٍ هذا و أيُّ فِتنةٍ أَعظَمُ مِن هذا الهرج الذي يُمَارِسُهُ البَعضُ بِاسمِ الدينِ و لا حَولَ و لا قُوَةَ إلا بِاللهِ و لا بُدَّ أن نُحَاوِلَ درءَهَا بما نَستَطِيعُ ..و أن نحفظ أبناءنا و بناتنا من هذا الغلو و الضلال و نبحث لهم عن الوسائل التربوية الرسمية السليمة من الانحراف كحلقات تحفيظ القرآن الكريم و الجمعيات و المراكز الصيفية ..
عباد الله
إنّ هَذِهِ الحوادثُ أبوابٌ للشرِ لا يَنبَغِي أن تُفتَحَ و كُلُ ذَلِكَ مِنَ الفِتَنِ العَظِيمَةِ و كم تَعَوذَ رسولُ اللهِ مِن الفِتَنِ ما ظَهَرَ مِنهَا و مَا بَطَنَ و مِن الهرجِ و المرَجِ ، و يَجِبُ أن نَستَفيدَّ أيُّهَا الإِخوةُ مِن مِثلِ هَذِهِ الأَحدَاثِ بِالعودةِ إلى كِتَابِ الله عزَّ و جلَّ و سُنَةِ نَبِيهِ فَمِنهُمَا المُنطَلَقُ و فِيهِمَا النَجَاةُ و الحَلُ لِكُلِ ذَلِكَ ..فَمَا كُنَا نَرَاهُ و نَسمَعُ عَنهُ في بلادٍ أُخرَى أصبَحنَا نَراهُ في بِلاَدِنَا و لا حَولَ و لا قوةَ إلاَّ بالله ..
كذَلِكَ لا بُدَّ مِن الحذَرِ مِنَ المَنَاهِجِ المُنحَرِفَةِ في عَقِيدَتِهَا و أَخلاقِهَا و عَدَمِ مُجَامَلَتِهَا أو السُكُوتُ عَنهَا تَحتَ أيِّ دعوى كانت أو رايةٍ ترفع فَهَذَا ضَلالٌ لا يُمكِنُ تَبرِيرهُ أو التَهَاونُ مَع أصحَابِه بَل لا بُدّ مِن مُحَاوَرَتِهِم و مُقَاوَمَةِ فِكرِهِم بالحِكمَةِ و الموعِظَةِ الحَسَنةِ و الأَخذِ على يدِ السفيهِ مِنهُم و عَليكُم إِخوَتِي بِالدعاء ..
نَسأَلُ اللهَ جَلَّ وَعَلاَّ أن يَنصُرَ الإسلامَ و المُسلِمينَ و أن يَرُدَ كَيدَ المبطِلينَ ، و أن يَحميَ حَوَزَةَ الإِسلامِ و يَكفِيهَا شَرَّ الأَشَرارِ ، و أن يُهلِكَ بِعِزتِهِ كُلّ مَن أَضمَرَ دَخيلةَ السوءِ للإسلامِ و المسلمين ، و أن يَحمي بِلادَنَا و يَحفَظَ أَمنَنَا و رِجَالَهُ القَائمينَ على الحقِ و يُصلِحَ ولاتَنَا و يَرزُقَنَا الأمَن و الإيمانَ و يُهلِكَ اليَهُودَ و النصّارى و دُوَلَهُم و أَهلَ الطُغيانِ مِمَن يِسعى لإفسادِ المُسلمينَ و حَربِهم و دسِ المُتَشدِدِينَ بَينَهُم ..
اللهُمَ ادفَع عَنَا الغَلاءَ و البَلاءَ و الوَبَاءَ ، و الرِبَا و الزِنَا ، و الزَلازِلِ و المِحنَ و سُوءَ الفِتَنِ ما ظَهَرَ مِنهَا و ما بَطَنَ عَن بَلدِنَا هَذا خَاصةٍ و عَن سَائِرِ بِلادِ المُسلِمينَ ، اللهُمَ مَن أَرَادنا و أَرَادَ بِلادَنَا وَوُلاتَنَا و عُلَمَاءَنَا و نِسَاءَنَا بِسُوءٍ فَأَشغِلهُ بِنَفِسِهِ و اجعَل كَيدَهُ في نَحرِهِ و اجعلَ تَدبيرهُ تَدميره ، اللهُمَّ إنا نَدرأُ بِكَ في نُحُورِهِم و نَعُوذُ بِكَ مِن شُرُورِهم ، اللهُم رُدَ عنا كيد الكائدين و عُدوانَ المُعتَدين و اقطع دابر الفساد و المفسدين ..
اللهُمَّ آمنا في أوطانِنِا و أصلِح أَئِمَتنا وَ وُلاةِ أمرنا وارزقهُم البِطَانة الصالحةَ النَاصحةَ التي تأمرُهُم بالحقِ و تُعينُهُم عليهِ إنكَ سميعٌ مجيب ..
و صلى الله و سلم و بارك على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين ..