• ×

02:46 صباحًا , الثلاثاء 6 محرم 1447 / 1 يوليو 2025

الأختلاط وشروره

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
الحمد لله أهل الحمد و مستحقِّه ، لا إله غيره و لا ربَّ سواه ، و أشهد ألا إله إلا الله و حده لا شريك له في عُلاه ، و أشهد أن محمداً عبده و رسوله الرحمة المداه ..صلى الله عليه و على آله و أصحابه المتبعين لهداه .. و التابعين و من تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين و سلم تسليماً أما بعد فاتقوا الله عباد الله ..
كلُّ الحـوادث مبداها من النظرِ و معظمُ النارِ من مستصغرِ الشرر
و المرءُ ما داَم ذا عينٍ يُقلِّبــها في أعين الغيدِ موقوفٌ على الخطر
كم نظرةٍ فعلت في قلبِ صاحبها فِعل السِهام بلا قوسٍ و لا وترِ
يــسرُّ ناظرَهُ ما ضَرَّ خاطِرهُ لا مرحباً بسرورٍ عادَ بالضررِ
لما توجّه موسى من أرض فرعون ورد ماء مدين ..وجد عليه أمةً من الناس يسقون و وجد من دونهمُ امرأتين تذودان يريدان السقيا لكنهما لا يختلطن بالرجال حياءً قال ما خطبكما ؟ قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاءُ و أبونا شيخٌ كبير (رباهما على الحياء و عدم الخلطة بالرجال حتى في مثل هذه الحاجة المهمة )  فسقى لهما ثم تولى إلى الظلِّ.. ألآية
أيها المسلمون ..مع الاغترار بزُخرف الدنيا و مباهجها و مطامعها يطول الأمدُ على فريقٍ من الناس فيتناسون بعض مبادئ الدين و يتساهلون بها غير مدركين المصالح المتحققة للمحافظة عليها و درأ المفاسد المترتبة على التهاون بها ..
و في كتابِ ربِّنا سبحانه وسنّةِ نبيِّنا دعوةُ المجتمعِ المسلِم إلى الأخلاقِ الفاضلة والقِيَم الكريمة، وإنَّ المجتمعَ المسلمَ عندما يقومُ على أسُسٍ مِنَ الأخلاق والفَضائِلِ يكونُ ذلكَ المجتمعُ مجتمعًا سَعيدًا ومجتَمعًا محافِظًا على أخلاقِ دينِهِ وقيَمِه، وإنَّ المؤمن حقًّا ليعتقِدُ كمالَ هذا الدين، وأنَّ محمّدًا بُعِثَ بالهدَى ودينِ الحقّ، أكمَل الله به الدينَ، وأتمَّ به النعمةَ، ورضِيَ به لنا دينًا، وإنَّ المؤمنَ ليعتقِد حقًّا كمالَ هذه الشريعةِ، وأنَّ هذه الشريعةَ التي عاشَ بها النبيّ مع أصحابه وعاشَ بها الصحابةُ مع نبيِّهم هي الشريعة الصالحةُ لكلِّ القرون لكلِّ الأجيالِ منذ بعَثَ الله عبده ورسولَه محمّدًا إلى أن يرِثَ الله الأرض ومَن عليها وهو خيرُ الوارثين، ولن يُصلِحَ آخرَ هذه الأمة إلاّ ما أصلَحَ أوَّلَها، وإنَّ المؤمنَ الحق ليقبَل أوامرَ الله التي جاءَ بها الكتابُ والسنّةُ فيمتَثِلها، ويقبَل النواهيَ التي نُهِيَ عنها فيجتنبها، ويَدين لله بتحريمِ المحرَّمات والتِزام الواجباتِ ..وجاءَ الإسلامُ ليقرر أن الحياء مطلوبٌ من الرجال و النساء لكنه في حق النساء ألزم فلا يخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض ولا يتبرجن و لا يبدين زينتهن و لا يخالطن الرجال و لا يزاحمنهم في الأسواق و المدارس و أماكن العمل و النزهة و غير ذلك من نواحي الحياة ..هذا الاختلاط الذي يكون مبدأ الشرور وهو موضوعنا اليوم..
أيّها المسلم، أيّها المؤمن، إنَّ اختِلاطَ الجنسين الرّجال والنّساء في ميادينِ الحياةِ المختلِفة سواءٌ كانت منها المؤسَّساتُ الماليّة أو العلميّة أو اختلاف ميادينِ العمل المختَلِفة، إنَّ اختلاط الجنسين بعضهما مع بَعض منكرٌ جاءَت شريعتُنا بتحريمه، وبلاءٌ جاءت شريعتُنا بالتحذير منه، ومصابٌ أصاب الأمّةَ المحمديّة فصار بابًا واسِعًا لهدمِ القِيَم والأخلاق والفضائل. إنَّ اختلاطَ الجنسَين الرجال والنساء على رأسِ الأولَويَّات التي يدعو لها دعاةُ التغريبِ مِنَ المنافقين من هذهِ الأمّة المسلمة؛ لأنَّ هذه الدّعوة إلى الاختلاط دعوةٌ لسلخِ الأمة من دينها وأخلاقِها وبُعدِها عن مبادئ دينها. إنَّ الأمّةَ يجب أن تعتقدَ أنَّ العزّةَ الحقيقيّة إنما هي باتِّباع هذا الدّين، ليس عيبًا على الأمّة أن تتمسَّكَ بدينها، ليس عيبًا عليها أن تحافِظَ على أخلاقِها، ليس عيبًا عليها أن تجعَلَ مجتَمَعَها مجتمعًا أخلاقيًّا كريمًا، ليس ذا عيبًا عليها، بل هذا مصدرُ عزِّها وكرامتها. إنَّ أولئك الذين يدعون إلى اختلاطِ الجنسَين وتحطيم الحواجِزِ الفارقة بينهما كما يزعمون هي محادَّةٌ للهِ ورسوله وسبَبٌ للذّلِّ في الدّنيا والآخرة إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ [المجادلة:20].
أمّةَ الإسلام، دين الإسلام جاء ليقيمَ مجتمعًا طاهرًا نظيفًا، مجتمعًا طاهرًا عَفيفًا، لا يتأثَّر بالفواحِشِ، ولا يروج فيه سوقُ الخنا، ولا يُعَطَّل فيه الأمرُ بالمعروف والنهيُ عن المنكر، جاء ليقيمَ المجتمعَ المسلمَ على أُسُسٍ من القِيَم والأخلاقِ والفضائلِ، دعا إلى الحياءِ، وجعلَ الحياءَ من أخلاقِ المؤمنين، الحياءُ شعبةٌ من شُعَب الإيمان، والحياءُ مطلوبٌ من الجميع وإن كان في جانِب النساء أشدّ .. و المرأة لها دورٌ كبير و أثرٌ جميل في حياتنا بدونها لا نستطيع إقامة مجتمع ، فهي الأم و الزوجة و البنت و الأخت و المعلمة و الموظفة فواجبٌ علينا حمايتها من الأخطار و حسن التعامل معها و حفظها من كلِّ ما يتهددها و قد بين لنا ذلك الإسلام ، فالإسلام ينهى المرأةَ عن التبرّجِ والسفور وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى [الأحزاب:33]، ينهاها من أن تخضَعَ بالقول: فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ [الأحزاب:32] يأمرها بغضِّ البصر وتحصينِ الفرج وينهاها عن إبداء زينَتِها إلاّ ما ظهر منها ولمن أباح الله له النّظرَ إليها كما بيَّن الله ذلك في كتابه العزيز. وهذه سنّةُ محمّد تدلّ على أمور، منها .. أمرُ المؤمن بغضِّ البصر، يقول الله: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ [النور:30]، ويقول النبيّ عليه الصلاة و السلام لعليّ رضي الله عنه: ((لا تُتبِعِ النظرةَ النظرةَ، فإنّ لك الأولى، وليست لك الثانية)) وها هو يمنَع المؤمنَ مِن أن يدخلَ على امرأةٍ ليست من محارِمِه، فينهى عن دخولِ الرّجل على من ليسَت محرمًا له فيقول [ إياكم و الدخول على النساء ] ، ولما قيل له في الحمو قريبِ الزّوج قال: ((الحموُ الموت)) رواه البخاري و لما سألت عائشة رضي الله عنها رسول الله (( فقالت ما الخير لنساء قال لها ألا يرين الرجال و لا يراهن الرجال ))وها هو ينهاهَا عن السّفَرِ بلا محرَمٍ محافظةً على كرامَتِها وفضائلها.



أيّها المسلم، أيّها المؤمن، إنّ الدعوةَ لاختلاط الجنسَين هو بلاء ومصيبةٌ عظيمة، وهو فَتحٌ لأبواب الشرِّ على مصرَاعَيه. وإنَّ الدعاةَ للاختلاط لو ناقشتَ بعضَهم لا يرضاه لابنتِه ولا لأخته ولا لأمّه، ولكن يتفوَّه بهذه الكلماتِ أو يكتبها في الصحف تقليدًا واتِّباعًا لغيره ورغبةً في تغيير المجتمع. إنّ أولئك يريدونَ أن يحوِّلوا المجتمعاتِ المسلمة إلى مجتمعات تابعةٍ لغيرِها لا تتقيَّد بخلقٍ ولا بفضيلة، ولكن تكون تابعةً لغيرها، ينفِّذ الأعداء فيها مرادَهم، ويُملون عليهم ما يريدون أن يفعَلوه. إنَّ الله أعزَّ الأمةَ بالإسلام كما قال عمرُ رضي الله عنه: (نحن أمّة أعزَّنا الله بالإسلام، ومتى ابتَغَينا العزّةَ من غير الإسلام أذلَّنا الله) و ليست مثل هذه القضايا التي تهم المرأة و المجتمع في بلادنا و فيها أحكام دينية خاضعة لرأي فلانٍ أو فلان أو حتى لقرارٍ من فلانٍ أو فلان فالأولى للغيورين المحافظة على هذه المبادئ ضدَّ من يحاول تغييرها أو تشويهها ..
إنَّ الله جلّ وعلا حرَّم على المرأةِ المسلمة أن تخالطَ غيرَ محارِمِها محافظةً على كرامَتِها. إنَّ الذين خلَطوا الجنسَين المرأةَ بغيرها يشكون من ويلاتِ ذلك الاختلاطِ وآثاره السيّئة القبيحة عليهم جميعًا. التي بها انتشَرَتِ المنكرات، وبها فشا الزّنا وكثُر اللّقطاء، وبها عمَّت الجرائِم وضعُف الإنتاج وصار عليهم مِنَ البلاء ما الله به عليم. فما حرَّمَ الله ورسوله شيئًا إلاّ وضررُه واضح ضرَرُه ظاهِر، ولا منفعةَ فيه مطلَقًا. إنَّ أولئك الزّاعِمين أنَّ الاختلاطَ لا يؤثِّر وأنّ التربيَة تحمي الإنسانَ من الانزلاق كلُّ هذه مكابَرات، وكلّ هذه مغالَطات بل إننا نرى دعواتٍ جادة في دولٍ غربية لترك الإختلاط خصوصاً في المدارس لّما رأوا آثاره السيئة ..كما أنه من السذاجة الزعم بأنه كان النساء في السابق يخالطون الرجال و المحارم في الأسواق بدعوى طلب تطبيق هذا الآن فإن الأزمان تختلف و الحاجات السابقة تتغير و الوعي و العلم و الورع يختلف في الناس من زمانٍ إلى زمان فالاحتياط في هذا الزمن أولى و أشد .. فالواجِب على المسلمين جميعًا تقوَى الله، وأن يعلَموا أنّ العزّةَ والرّفعة إنما هو باتباعِ شريعة الله، وأنَّ الذلَّ والهوان بالتّخلِّي عن مبادِئِ الإسلام وتعاليمِه.
ليس عيبًا على الأمّةِ أن تحافظَ على شرفِها وكرامَتِها، ليس عيبًا عليها تمسُّكها بدينها، ليس عيبًا عليها ثباتُها على أخلاق إسلامِها، مهما قال الأعداء ومهما تفوّهوا، فهم لن يَرضَوا عنّا إلاّ بمفارقةِ هذا الدين والعياذ بالله وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ [البقرة:120] وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً [النساء:89].




أمّةَ الإسلام، الدّعوةُ إلى الاختلاط دعوةُ إجرام ودعوةُ نفاق ودعوة ضَلالٍ ودعوة بُعدٍ عن الهدى، لا تصدُرُ من قلبٍ فيه إيمان بالله واليومِ الآخر، فمَن في قلبه الإيمانُ الصّادق يعلم أن الدعوةَ إلى الاختلاط دعوةٌ ضالّة مضلَّة، ومن سعى فيها أو حبّذها فليراجِع نفسَه، وليتُب إلى الله من أخطائهِ، وليعلَم أنّه تفوَّه بأمرٍ أسخَطَ اللهَ عليه جلّ وعلا. فليتَّقِ المسلمون ربَّهم، وليحافظوا على قِيَمهم وفضائلهم..كما أنها مسؤولية عظمى تقع على عاتق الآباء و الأمهات في حفظ أولادهم خصوصاً البنات عن الاختلاط المحرم في المدارس و الجامعات و الأسواق و المنتزهات و لا يتركوا الأمر تساهلاً و إهمالاً يجدون مغبته و ضرره على نسائهم و مجتمعهم و لنقتدي جميعاً بنبيِّنا الذي يقول في الصّلاة: ((خيرُ صفوف الرجال أوّلُها وشرُّها آخرها، وخير صفوفِ النّساء آخرُها وشرّها أوّلها)) حثًّا للمرأةِ على البُعد عنِ الرجال. وكان النساءُ في عهدِ النبيّ يشهدن الصلوات، تقول عائشة: ((يشهَد نساءٌ مع النبيّ الصلاة يرجِعنَ في غايةٍ مِنَ التحفُّظ، لا يعرِفُهنّ أحدٌ مِن حسنِ سِترهنّ وعفافِهن، متلفِّعاتٍ بمروطهِنّ، لا يُعرَفنَ من الغَلَس )) أخرجه مسلم و في عهد النبي كانت المجتمعاتُ مجتمعاتٍ نظيفةً ومجتمعاتٍ طيّبة، ومع هذا حُذِّروا من كلِّ وسيلة توقِع في الشرّ والفساد..حتى جعل رسول الله باباً للرجال و باباً للنساء وهو يقول لو تركت هذا الباب للنساء يقول نافع فو الله ما دخل منه عبد الله بن عمر حتى مات ..و قال لهم الله تعالى و إذا سألتموهن متاعاً فسألوهن من وراء حجاب ذلك أطهر لقلوبكم و قلوبهن
فلنتَّق الله في أنفسنا، ولنحافِظ على ديننا. وعلى من ينادي بالاختلاط أو يدعو إليه أو يحبّذه أو يتساهل فيه أن يعلمَ أنه على طريقٍ خاطئ ومنهج سيّئ، فليتُب إلى الله، وليستغفِرِ الله ممّا زلَّ بهِ اللسان والقلَم، وليحاسِب نفسَه؛ فإنَّ الله سائلٌ كلَّ قائل عن قوله مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [ق:18].
إن ما دعانا للتفكير بهذا الأمر ما لوحظ في الآونة الأخيرة من ضعف رقابة بعض الآباء و الأمهات على بناتهم في الأسواق و المنتزهات البرية و غيرها و كذلك عند السفر بالتساهل في اختلاط بناتهم مع الرجال الأجانب أو الأقارب و هذا ما حذر منه رسول الله و ذكر أخطاره ..
و إنَّ الله جلّ وعلا فاوتَ بين الرجال والنساء، ولكلٍّ خصوصيّاتُه وقُدُراته، فمتى خلَطنا الأوراقَ ومتى حاولنا عبثًا أن نصيِّرَ الجنسين جنسًا واحدًا ومتى تغاضَينَا عن النتائجِ السيِّئة و تساهلنا بها فإنَّ هذا دليل على سوءِ الفهم وقلّةِ اليقين.أسأل الله للجميع الثباتَ على الحقِّ والاستقامة عليه، وأن يرزقَنا جميعًا الفقهَ في دين الله والتمسّكَ بشريعته والثباتَ على ذلك إلى أن نلقاه، إنه على كلِّ شيء قدير.بارَكَ الله لي ولَكم في القرآنِ العَظيم، ونفعني وإيّاكم بما فيه من الآياتِ والذّكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفِر الله العظيمَ الجليلَ لي ولكم ولسائِرِ المسلمين من كلّ ذَنب، فاستغفروه وتوبوا إلَيه، إنّه هو الغفور الرحيم.


الخطبة الثانية ..

الحمد لله حمدًا كثيرًا طيّبًا مباركًا فيه كما يحبّ ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إلهَ إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّدًا عبده ورسوله، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلّم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.
أمّا بعد: فيا أيّها الناس، اتقوا الله تعالى حقَّ التّقوى.
عباد الله، إنّ التمسّكَ بشريعة الإسلام سبَبٌ لعِزِّ الأمّة ورِفعتها، وسبب لرُعب أعدائها مِنها، فتمسُّك الأمّة بهذا الدين يجعل لها المكانةَ العالية والرفعةَ والسّؤدَد، ويلقي الله الرعبَ في قلوب أعدائها إن هِي تمسَّكَت بهذا الدين حقَّ التمسّك.
إنَّ ما أصاب العالمَ الإسلاميَّ من نقصٍ كان أوّله السماحَ للنّساء بالاختلاطِ في ميادينِ الأعمال، فهذا سبَبٌ عظيم فتح أبوابَ الشرِّ على مصراعَيه، ولذا يقول النبيّ : ((ما تركتُ [في] أمتي فتنةً هي أضرّ من فتنةِ [النساء على الرجال])) متفق عليه ويقول: ((اتَّقوا الدنيا واتقوا النساء؛ فإنّ هلاكَ بني إسرائيل كان في النساء)) رواه مسلم .
هذه القضيّةُ هي التي فتحَت أبوابَ الشرِّ على مصراعَيه، وتداعت الشرورُ والمصائب على الأمّة لما استخفّوا بمحارمِ الله وتساهلوا في ذلك، وفُقِدت الغَيرة من القلوب على محارمِ الله، فعند ذلك وقَعَ المسلمون في شرورٍ عظيمة ومصائبَ وبلايا نتيجةً لهذا التّساهُل، ونتيجةً لهذا التهاوُن، وطاعةً لمن ينادي: "إنّ المرأةَ شقيقة الرجل، دعوها والرجلَ يقفان صفًّا واحدًا، دعوها تعمل ويَعمل على جانبٍ واحد"، فلا حياءَ ولا سمتَ ولا مروءة، إنّه الشرّ بعَينه حينما يختلط الجنسان في الأماكن، تذهَب الغَيرة من القلوب، وتخفّ قيمةُ المحرَّمات في قلوبِ الناس وتلك مصيبةٌ عُظمى، نسأل الله أن يعافيَ المسلمين من هذا الداءِ العضال، وأن يمنَّ عليهم بالاستقامةِ عَلى الهدَى..و اليوم بتنا نرى هذا التساهل يطالنا في هذه البلاد بممارسات الاختلاط بين المرأة و الرجل في ميادين العمل بدعوى الحاجة للوظائف و شبابنا عاطلون أو الاختلاط في أماكن السياحة و المتنزهات و السفر بسبب التساهل و عدم الاهتمام حتى أصبحنا نرى في مجتمعنا المحافظ ظواهر لاختلاط الجنسين نستغربها و نتعجب للتساهل الذي نتناول به هذه القضايا بالرغم مما تؤدي إليه من أخطار لا تُدرك إلا على المدى البعيد إضافةً إلى البعد عن الدين بمثل هذه الممارسات ..فالحقيقةُ أنَّ مصائبَ العالم الإسلاميّ سببُها بُعدهم عن دينهم، ولهذا تسلَّط عليهم الأعداءُ من كلِّ جانب بأسباب بُعدهم عن دينهم، فإنَّ تمسُّكَ الأمة بدينها هو السّبَب في عزَّتها وقوّتها ورَهبةِ أعدائها منها..و سبب لدفع العقوبات من الزلازل و المحن و الخسوف و الكسوف و الفتن و لذا لما كسفت الشمس زمن رسول الله صلى الله عليه و سلم قام فصلى بالناس ثم خطب بهم و خصص جزءً من خطبته عن النساء و كيفية التعامل معهن و الحذر من فتنتهن ، فنسأل الله أن يوفِّقَ المسلمين جميعًا للفِقه في دين الله، وأن يعيدَهم للطّريق المستقيم، وأن يرزقَنا جميعًا الثباتَ على الحقّ والاستقامة عليه، وأن يهديَ ضالَّ المسلمين ويثبِّتَ مطيعَهم ويحفَظ الجميع بالإسلام، إنّه على كلّ شيء قدير.اللهم جنبنا الزلازل و الفتن و الأخطار و المحن ..اللهم لا تؤاخذنا بذنوبنا و احمنا من كل من يريد الشرور بمجتمعاتنا الإسلامية إنك على كل شيءٍ قدير .
واعلَموا ـ رحمكم الله ـ أنّ أحسنَ الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهدي هدي محمّد ، وشرّ الأمورِ محدثاتها، وكلّ بدعةٍ ضلالة، وعليكم بجماعةِ المسلمين، فإنّ يدَ الله على الجماعةِ، ومَن شذّ شذّ في النّار.
وصلّوا ـ رحمكم الله ـ على عبدِ الله ورسولِه محمّد كما أمركم بذلك ربّكم، قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56].
اللّهمّ صلّ وسلّم وبارك على عبدِك ورسولك محمّد، وارضَ اللّهمّ عن خلَفائِهِ الرّاشدين الأئِمّة المهديّين...



 0  0  790
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 02:46 صباحًا الثلاثاء 6 محرم 1447 / 1 يوليو 2025.

Powered by Dimofinf cms Version 4.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Ltd.