• ×

03:41 صباحًا , الثلاثاء 6 محرم 1447 / 1 يوليو 2025

وفاة النبي صلى الله علية وسلم (الثانية)

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
الحمدُ للهِ أَرسلَ رَسُوَلهُ بِالهدى وَدينِ الحقِّ لِيُظِهرهُ عَلى الدينِ كُلهِ،و الشكرُ لَهُ عَلى مَا أَوَلانا مِن وَاسِعِ كَرَمِهِ وفَضلهِ،وَ أَشهَدُ أَلا إِِله إِلا اَللهُ وَ حَدَهُ لا شَريكَ لَهُ وَ أَشهَدُ أَنَّ مُحَمَدَاً عَبدُهُ وَرَسُولُهُ،المصطَفَى مِن جَميعِ خَلقهِ صَلى اللهُ عَليهِ وَ عَلى آلهِ وَ صَحبهِ وَ سَلمَ تَسليمَاً أما بعد..
أَيُّهَا الإِخوةُ المؤُمِنُونَ اِتقُوا اَللهَ تَعَالى وَ تُوبُوا إِليه ..
مَا أَجْمَلَ أَنَّ نُعَالِجَ مُصَابَنَا دَائِماً بِالعَودَةِ إِلى سِيرةِ خَيرِ البَشرِ مُحَمِدٍ عَليهِ أَفضلُ الصَلاةِ وَ السَلامِ نَستَلْهِمُ فَهَمَهُ لِلإِسلامِ وَ تَفْسِيَرهُ لِلقُرآنِ وَ تَنْزِّيلَ ذَلكَ عَلى الواقعِ وَ الأَحزانْ .
ياربِّ صلِّ على النبيِّ و آلهِ
ما كوكبٌ في الجوِّ قابلَ كوكَبَا

صلُّوا على المختارِ فهو شفيعُكم
في يومِ يبعثُ كلُّ طفلٍ أشيبا

صلَّى وسلَّم ذو الَجلال عليكَ ما
أزكاكَ في الرسْلِ الكرامِ وأطيبا

اليومَ استحضروا قُلُوبَكُم مَحَبةً لِلرسولِ العَظيمِ وَ فَقَداً للنَّبيِّ الكَريم ..مَا أَحرَانا هَذهِ الأَيام مَعَ الحوادثِ الكُبرى في أُمَّتِنَا،وَالفِتَنُ التَي تَتَهَدَّدُنَا أَنَ نَتَذَكَرَ مُصَابَنَا بِفَقْدِ مُحَمَدٍ ..نَتَذَكَرُ وَصايَاهُ ..وَ صَبرهُ..وَ كَيفَ سَارَ الْصَحَابَةُ عَلى دَربهِ فَحَقَّقُوا الإِنجَازَاتْ.
مضى طاهرُ الأثواب لَم تبق روضةٌ
غداةَ مَضَى إلا اشتهت أنَّهـا قبرُ

عليـك سـلامُ الله وقفًـاً فإنَّنِي
رأيتُ الكريمَ الْحرَّ ليسَ لـه عمرُ

حَيَاةٌ كَريمةٌ مِعطَاءَ حَافَلَةٌ بِالخيرِ وَالعَطَاءِ هِيَ سِيرةُ خَاتَمِ الأَنبياءِeو لأَنَ اللهِ تَعَالى لم يَكتُبْ الخُلُودَ لأَحَدٍ مِنْ البَشَرِ مَهَمَا عَلت مَنْزِلَتُهُ..عَاشَ فِي المدينَةِ عَشرَ سَنواتٍ خَاضَ خِلالَهَا الغَزواتِ وَ فَتَحَ الفُتُوحَاتِ وَرَبَى الصَحابةَ عَلى فَهمِ الإِسلامِ ؛ وَ نَشَرَه و ثبَّتهُ فِي الجزيرةِ وَ خَارِجَهَا..فَكيفَ كَانت خَاتِمَةُ حَياتِهِ e؟!الذي لَم يَمُت إِلا وَ قَد بَينَ الإِسلامَ حَقَ البيانِ وَ لَم يَترك شَيئًا إِلا وَ أَعطى فِيهِ البُرهَان:الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً و تكفل الله U بِحِمَايَةِ هَذا الدينِ وَ عِصمَةِ رَسُولِهِ الكريمِ وَ أَهلِ دَعوتِهِ وَ عُلمَاءِ دِينهِ وَ هَذا مِن أَعلى مَراتِبِ اليَقينِ فِي اللهِ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنْ اتَّبَعَكَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَفِي خُطْبَةِ عَرفةَ قَالَ(أَيُّهَا النَاس،إِنكُم سَتُسَأَلُونَ عَني، فَماذَا أَنتم قَائِلون؟))فَقَالوا: نَشهَدُ أَنكَ بَلّغت الرِسالةَ وَأَدَّيتَ الأَمانَةَ وَوَفيتَ وَأَديتَ الذي عَليكَ كُلَّه،ثُمَ رَفعَ rسَبابَتهُ إِلى السَمَاءِ ثُمَّ نَكَتَهَا إِلى الأَرضِ ثُمَ قَال(اَللهُمَّ فَاشهَدَ))..
شَعَرَ رَسولُ اللهِ e بِوَعْكَةِ المرضِ الذي نَزَلَ بِهِ أَواخِرَ صَفرٍ مِنْ السَنَةِ الحَادِيةَ عَشرةَ حَتَى ثَقُلَ عَليهِ الوَجَعُ فَأَذِنَّ لَهُ نِسَاؤُهُ أَن يُمَرَّضَ فِي بيتِ عَائِشَةَ رَضي اللهُ عَنهَا لِمَا رَأَينَهُ مِن اِرتياحهِ لهَا واشتدّتَ وطأَةُ المرَضِ وَ الحرارةِ عَلى رَسُولِ اللهِ e تَقُولُ عَائِشَةُ رَضيَ اللهُ عَنهَا فِيمَا رَواهُ الحَاكِمُ بِسَنَدٍ صَحيحٍ ثُمَّ غُمِرَ رَسُولُ اللهِ eوَاشتَدَّ بِهِ وَجَعُهُ فَقَالَ(هَرِيقُوا عَليَّ سَبعَ قِرَبٍ مِنْ آبََارٍ شَتَى حَتَى أَخْرُجَ إِلى النَّاسِ فَأَعْهَدَ إِليهِم ؛ فَأَقْعَدْنَاهُ في مِخْضَبٍٍ لِحَفصَةٍ،ثم صَبْبنا عَليهِ الماءََ حَتى طَفِقَ يَقولُ حَسْبُكُم..حَسْبُكُم وَ عِندَمَا أَحَسَّ بِأَنَّ سورةَ الحرِّ تخلَّتْ عَن بَدَنِهِ اِستَدعَى الفَضلَ بن عَمِّهِ اَلعبَاس فَقَالَ خُذْ بِيَدي يَا فَضل وَهُوَ مَوعُوكٌ مَعصُوبُ الرَأَسِ فَدَخَلَ اَلمسجِدَ وَ جَلَسَ عَلى المنبَرِ ثُمَّ نَادَى مُنَادٍ فِي النَّاسِ فَاجتَمعُوا إِليهِ..وَكانت ظَهِيرَةً تُظَلِّلُهَا الَكَآبَةُ وَتَغْمُرُهَا اَلرِّقَةُ،اِشْرَأَبَت فِيهَا الأَعنَاقُ إِلى اَلرَجُلِ اَلَذي أَحيَا مَواتَ القُلُوبِ بِإِذنِ اللهِ وَأخْرَجَهُم وَ ذُريَاتِهِم وَ نِسَاءَهُم مِن الظُلُمَاتِ إِلى النُورِ بِدينِ اللهِ..تَطَلَّعت إِليهِ الأَعْيُنُ الحَائِرةُ فَرأَتهُ مُتعَبَاً اِنَهَزَمت اَلَعَافِيةُ فِي بَدَنِهِ الجَلد،أَمَامَ سَطوةِ المرضِ العَاتِي إِلا أَنَّهُ أَخذَ يُحَدِّثُهُم وَ يُرَبِيهِم عَلى عَهدِهم بِهِ دَائِمَاً وأَنّصَتُوا فَإِذَا هُم يَسمَعُونَ مِنهُ عَجَبَاً ((أَمَّا بَعدُ أَيُّهَا النَاسُ:فَإنِّي أَحَمَدُ اَللهَ الذي لا إِلهَ إِلا هُوَ ، فَمَن كُنتُ جَلَدْتُ لَهُ ظَهَرَاً،فَهَذَا ظَهري فَلَسيتقدْ مِنهُ وَ مَنْ كُنتُ شَتَمتُ لَهُ عِرْضَاً فَهَذَا عِرْضِيَّ فَلَيَسَتَقِدْ مِنهُ أَلا وَ إِنَ الشَحَنَاءََ لَيستَ مِنْ طَبعِيَّ وَ لا مِنْ شَأَني أَلا وَ إِنَّ أَحبَّكُم إِلىَّ مَنَ أَخَذَ مِنّي حَقَاً إِنَ كَانَ لَهُ،أَحَلَّني مِنهُ فَلَقَيتُ اللهَ وَأَنَا طَيبُ النَفس؛قَالَ الفَضلُ :ثُمَّ نَزلَ فَصلى الظُهرَ..وَ عَادَ النَبيُّ إِلى بَيتهِ الملاصِقُ لِلمَسجِدِ لِيَنَامَ فِي فِراشِ اَلمرضِ..وَ إِذَا اِستَطَاعَ أَنَ يَخرُجَ فِي فَتَراتٍ قَليلةٍ فَإِلَى اَلمسجد لِيُلقِي نَظَرَاتٍ أَخيرةٍ عَلى الأُمَةِ التَي صَنَعَهَا بِتوفِيقِ اللهِ وَ اْلرِجَالِ اَلَذِينَ أَحَبَّهم.عَن أَبي سَعيدٍ الخدري أَنَّ رَسولَ اللهِ eجَلَسَ يَومَاً عَلى اَلمنبِرِ فَقَالَ(إِنَ عَبداً خَيَّرهُ اَللهُ بَينَ أَنَ يُؤّتِيَهُ مِنْ زَهَرَةِ الدُنيَا مَاشَاءَ وَ بَينَ مَا عِندَ اَللهِ فَاختَارَ مَاعِندَ اَللهِ،فَبَكَى أَبو بَكرٍ ثُمّ قَالَ:فَديتُكَ بِآبَائِنَا وَأُمهَاتِنَا يَارَسُولَ اللهِ قَالَ أَبوسَعيدٍ : فَتَعَجَّبنَا لَهُ،فَكَانَ رَسُولُ اللهِeهُوَ اَلمُخَيَّرُ،وَ كَانَ أَبُو بَكرٍ أَعلَمَنَا بِهِ ثُمَّ إِنَ الرسُولَ e قَالَ لأَبِي بَكرٍ،عَلى رِسلِكَ يَا أَبَا بَكرٍ ثُمَّ قَالَ:اُنْظُرُوا هَذِهِ الأَبَوابَ اللافِظَةَ فِي المسْجِّدِ فَسدُّوهَا إِلا بَيتَ أَبِي بَكرٍ فَإِنِّي لا أَعلَمُ أَحَداً كَانَ أَفْضَلَ فِي اَلصُحُّبَةِ عِندي يَداً مِنهُ،فَإِنِّي لَو كُنْتُ مُتَخِذَاً مِنْ اَلعِبَادِ خَلِيَّلاً لاتَخَذتُ أَبَا بَكرٍ خَلِيَّلاً وَلَكِنْ صُحُبَةٌ وَإِخَاءٌ وَ إِيِمَانٌ حَتى يَجمَعُ اللهُ بَينَنَا عِندهُ)) متفق عليه وَنَحنُ نَذكُرُ شَهَادَتَهُ عَليهِ الصَلاةُ وَ السَلامُ لأَبِي بَكرٍ فِي زَمَنٍ بِتنَا نَرى فِيهِ أَقوامَاً يَتَصَدَرُونَ وَ يُعْلِّنُونَ نُصرَةَ الإِسلامِ وَ تَحَرِيرِ الأَراضِي مِنْ اليَهودِ وَ المقَاوَمَةِ وَ هُم يَقدحُونَ فِي سَبِّ الصَدِيقِ وَ ابْنَتِهِ عَلَنَاً وَ يُثِيرُونَ الفِتَنِ فِي بِلادِنَا وَ مَقَابِرِ صَحَابَتِنَا فهاهُم الرَافضةُ يُثِيرونَ الأَمنَ في الخليجِ بِدّعوى الإِصلاحِ نَسَألُ اللهَ أن يَكفيَّنا شرهم وَزَادّتَ وَطْأَةُ المرضِ عَلى رَسولِ اللهِ e حَتَى تَأَذَّت فَاطِمَةُ اِبْنَتَهُ مِنْ شِدَةِ مَا يَلَقَى فَقَالت رَضِيَّ اللهُ عَنَهَا:وَاكَربَ أَبَتَاهْ فَقَالَ(لاكَربَ عَلى أَبيكِ بَعدَ اليَوم))رَوَاهُ البُخَاريُّ.وَ تَرامت الأَخَبَارُ إِلى جَيشِ أُسَامةَ الذي كَانَ قَد أَعَدّهُ e قَبلَ مَرَضِهِ لِجِهَادِ الرُّومِ فَأجلوا سَفَرهُم ،عَنْ مُحَمَدِ بنِ أُسَامَةَ عَنْ أَبِيّهِ قَالَ:لمَا ثَقُلَ رَسُولُ اللهِe هَبَطْتُ وَ هَبَطَ النَاسُ مَعيَّ إِلى المدِينَةِ فَدَخَلْنَا عَلى رَسُولِ اللهِ eوَ قَدْ أُصْمِتَ لا يَتَكَلَّمُ فَجَعَلَ يَرّفَعُ يَدَهُ إِلى السَمَاءِ ثُمَّ يَضَعُهَا عَلىَّ فَعَرَفتُ أَنَّهُ يَدعُو لِي.رواه الترميذي بسند صحيح .
وَ أُغميَ عَليهِ مِرَارَاً،وَكَانَ إِلى جِوَارِهِ قَدَحٌ فِيهِ مَاءٌ،يَغَمِسُ فِيهِ يَدَهُ ثُمَّ يَمسَحُ وَجْهَهُ الشريفَ بِالماءِ وَيَقُولُ:لا إِلَهَ إِلا اللهَ أَلا وَإِنَّ لِلمَوتِ سَكَرَاتٍ اَللهُمَّ أَعِنّي عَلى سَكَرَاتِ الموتْ))أخرجه البخاري.تَقُولُ عَائِشَةُ(كَانَ إِذَا اِشْتَكَى نَفَثَ عَلَى نَفسِهِ بِالمعَوِّذَاتِ وَ مَسَحَ عَنهُ بِيَدِّهِ)) مُتَفَقٌ عَليهِ.
يا أحباب رسول الله :مِنْ عِظَمِ مَكَانَةِ أَبِي بَكرٍ عِندهُeمَا رَوَاهُ بنُ عَبَاسٍ قَالَ :خَرَجَ رَسُولُ اللهِe فِي مَرَضِهِ اَلذي مَاتَ فِيهِ عَاصِبَاً رَأَسَهُ بِخُرّقَةٍ فَقَعَدَ عَلى المنّبَرِ فَحَمِدَ اَللهَ وَ أَثنَى عَلَيِّهِ ثُمَّ قَالَ( إِنَّهُ لَيسَ مِنْ النَّاسِ أَحَدٌ أَمِنَّ عَليَّ فِي نَفسِهِ وَ مَالِهِ مِنْ أَبِي بَكرٍ بن أَبَي قُحَافَةَ وَلَو كُنتُ مُتَخِذَاً خَلِيّلاً لاتَخَذتُ أَبَا بَكّرٍ خَلِيّلاً وَ لَكِن خِلّةُ الإِسلامِ أَفضَل، سُدُوا عَنّي كُلَّ بابٍ فِي هَذَا المسجدِ غَيرَ باب أَبِي بَكرٍ)) وَحينَ عَجِزَ عَليِّهِ الصَلاةِ وَ السَلامِ عَن الصَلاةِ بِالنَاسِ اِستَقَدَمَ أَبَا بَكرٍ لِيَؤُمَّهُم فَخَشِيتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اَللهُ عَنهَا أَنَ يَكّرَهَ اَلنَاسُ أَبَاهَا بَعدَ رَسُولِ اَللهِ فَقَالتْ : إِنَّ أَبَا بَكّرٍ رَجُلٌ رَقيقٌ وَ إِنهُ حَتى يَقُمْ مَقَامَكَ لا يُطِيقُ،فَقَالَ: مُرُوا أَبَا بَكرٍ فَلَيُصَلِّ بِالنَاسِ فَكّرَرَت عَائِشَةُ اِعتِرَاضَهَا فَغَضِبَ eوَ قَالَ:إِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ مُروا أَبَا بَكرٍ فَلَيُصَلِّ بِالنَاسِ يَأَبَى اَللهُ ذَلِكَ وَ المسلِّمُونَ إِلا أَبَا بَكرٍ وَكَرَرَّهَا فَصَلَّى أَبُو بَكرٍ بِالنَّاسِ سَبَعَ عَشرةَ صَلاةً وَ صَحَّ عَنّهُ أَنَّهُ قَالَ(إِنِّي أُوُعَكُ كَمَا يُوعَكُ اَلرَجُلانِ مِنكُم))وَمِمَا نَتَوَقَفُ عِندهُ إِخوتي فِي هَذِهِ المِحْنَةِ أَنَّهُ مَعَ نَبحِ الَحُمَى وَحِدَةِ مَسِّهَا لِبَدَنِهِ فَقَد ظَلَّ عِلَيَّهِ الصَلاةُ وَ السَلامُ يَقِظَ الذِهنِ مَهمُومَاً بِتَعَالِيمِ الرِسَالَةِ حَرِيصَاً عَلى تَذكِيرِ النَّاسِ بِهَا،وَشِدَّتهُ فِي إِخلاصِ التَوحيدِ لِلهِ هِيَ التي جَعَلَتهُ وَهُوَ يُعَالِجُ سَكَراتِ الموتِ كَمَا رَوَتْ عَائِشَةُ وَ اِبنُ عَبَاسٍ رَضِيَّ اللهًُ عَنهُمَا أَنَّهُ لمَا نَزلَ بِرَسُولِ اللهِeطَفِقَ يَطرحُ خَمِيصَةً لَهُ عَلى وَجهِهِ فَإِذَا اِغتَّمَ كَشَفَهَا عَن وَجهِهِ فَقَالَ: وَهُوَ كَذَلِكَ مُعْلِنَاً بَراءَةَ الإِسلامِ مِِن اليَهُودِ وَ النَصَارَى وَ عَدمَ مُوَالاتِهِم أَلا لَعنَةُ اَللهِ عَلى اَليَهُودِ وَ النَصَارَى اِتَخَذُوا قُبُورَ أَنَبِيَائِهِم مَسَاجِدَ يُحَذِّرُ مَا صَنعُوا))رواه البخاري..وَعَن أَنَسِ بِن مَالِكٍ قَالَ:كَانت عَامَةُ وَصِيةُ رَسُولِ اَللهِeحِينَ حَضَرَهُ اَلموتُ:اَلصَلاةَ الصلاةَ وَ مَا مَلَكَت أَيَمَانُكُم حَتَى جَعَلَ رَسُولُ اَللهِe يُغَرِغِرُ بِهَا صَدَرَهُ وَ مَا يَكَادُ يَفَيضُ بِهَا لِسَانُهُ)) أَخرَجَهُ اِبنُ مَاجَه وَ أَحمد بِسَنَدٍ صَحِيحٍ.
وَرُبَمَا غَلَبَهُ اَلشَوقُ لِحُضُورِ اَلَجَمَاعَةِ وَرُؤيةِ الأَصحَابِ فِي الأَيَامِ الأَخيرةِ فَعَن اِبن عَبَاسٍ قال(لَمَا مَرِضَ النَّبيُeأَمرَ أَبَا بَكرٍ أَن يُصَلِيَّ بِالنَاسِ ثُمَّ وَجَدَ خِفَّةً فَخَرَجَ فَلَمَا أَحسَ بِهِ أَبو بِكرٍ أَرَادَ أَنَ يَنَكِصَ فَأَومَأَ إِليهِ فَجَلَسَ إِلى جَنبِ أَبِي بَكرٍ عَن يَسَارِهِ وَاستَفْتَحَ مِنْ اَلآيةِ التي اِنتَهَى إِليهَا أَبو بَكرٍ فَكَانَ أَبو بَكرٍ يَأَتَمُ بِالنَّبِيِّeوَ النَاسُ يَأَتموُّنَ بِأبيِ بَكرٍ)) أَخرجه أحمد و ابن ماجه بسند صحيح وكان eمُعَلِّقَ اَلقَلبِ بِشُؤُونِ أُمَتِهِ،وَكَأَنَّ اَللهَ أَرادَ أَن يُطمْئِنَهُ عَلى كَمَالِ اِنقِيَادِهَا وَحُسنِ إتباعها،فَأشهَدَهُ آخِرَ وَقَتٍ حَضَرهُ وَهُوَ في الدُنيَا،إِذ أَقبلَ المؤُمنونَ في مِثلِ هذهِ الأَيامِ إِلى اَلمسجِدِ فَجرَ الاثنَينِ الثَالِثِ عَشرَ مِن رَبيعٍ الأَولِ اَلذي قُبضَ فِيهِ،وَ اِصطَفُوا لِصَلاتِهم خَاشِعِينَ مُخَبِتِينَ وَرَاءَ إِمَامٍ رَقِيقِ التِلاوَةِ،فَيَاضِ الإِخلاصِ،وَرَفَعَ النَّبيُّeالسِترَ المضرُوبَ عَلى مَنزِلِ عَائِشَةَ و فَتَحَ البَابَ وَ بَرزَ لِلنَاسِ..فَكَادَ المسِلمُونَ يَفْتَتِنُونَ فِي صَلاتِهِم اِبتِهَاجَاً بِرُؤيَتِهِeظَناً مِنهُم أَنَّهُ شُفيَّ وَ انفَرجوا يَفسَحُونَ لَهُ مَكَانَاً فَأَشَارَ بِيَدِهِ الَكَرِيمَةِ أَنَّ اثبتُوا عَلى صَلاتِكم وَ تَبَسَّمَ e فَرِحَاً مِنْ هَيئَتِهِم فِي صَلاتِهِم وَ اِنِتِظَامِهِم كَالبُنيَانِ المرصُوصِ كَأَنََّهُ يُوَدِعُ مَشهدَ جَمَاعَتِهِم قَالَ أَنسُ بن مَالكٍ :مَا رَأَيتُ رَسُولَ اَللهِeأَحسنَ هَيئَةً مِنهُ فِي تِلكَ السَاعَةِ؛ثُمَّ رَجَعَ وَ انصَرَفَ النَّاسُ،وَ هُم يَظُنُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِeقَد أَفَاقَ مِن وَجَعِهِ وَ اِطمَأنَّ أَبُو بَكرٍ لِهَذَا اَلظَنِ فَرَجَعَ إِلى أَهلهِ فِي ضَواحي المدينةِ متفق عليه..قَالت عَائِشَةُ رَضِيَّ اَللهُ عَنهَا:وَعَادَ رَسولُ اَللهِ مِن المسجدِ فَاضْطَجَعَ فِي حِجريَّ وَ دَخلَ عَلينَا رَجُلٌ مِن آل أَبِي بَكرٍ فِي يَدِهِ سِوَاكٌ أَخضر فَنَظَرَ رَسُولُ اَللهِeإِلى يَدِهِ نَظرَاً عَرَفتُ مِنهُ أَنَّهُ يُريدهُ فَأَخَذَتُهُ فَأَلَنَتُهُ لَهُ ثُمَّ أَعطيتُهُ إِياهُ فَاَستَنَ بِهِ كَأَشَدِّ مَا رَأيتُهُ يَستَنُ بِسِوَاكٍ قَبلَهُ،ثُمَّ وَضَعَهُ وَ وَجَدتُ رَسُولَ اللهِeيَثقلُ فِي حِجري فَذهبتُ أَنظرُ فِي وَجهِهِ فَإِذَا نَظَرُهُ قَد شَخُصَ وَكَانَ كَمَا في الحديثِ يَنظُرُ مَقْعَدّهُ مِن اَلجنَّةِ وَ يخَيرُ eفَيَقُولُ:بَلِّ اَلرَفِيقَ اَلأَعلى وَ يَقرأُ )مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ (رواه البخاري
قُلتُ:خُيّرتُ فَاخَترتُ والذي بَعَثَكَ بِالحَقِ وَ قُبِضَ رَسُول اللهِe-وقفة- وَ تَسَرَّبَ النَبَأُ الفَادِحُ مِن البَيتِ المَحزُونِ وَلَهُ طَنينُ فِي الآذانِ وَ ثِقَلٌ تَرزَحُ تَحتَهُ النفُوسُ ولأبدان وَ تَدُورُ بِهِ البَصَائِرُ و الأبصار..وَ شَعَرَ المؤُمِنُونَ أَنَّ آفاقَ المدِينَةِ أَظلمت،فَتَركَتهُم لَوعَةُ الثَكَلِ حَيَارَى لا يَدرونَ مَا يَفعلُون..وَقَفَ عُمرُ بنُ الخَطَابِ غَاضِبَاً يَقُولُ:إِنَّ المنَافِقينَ يَزعُمُونَ أَنَّ رَسولَ اللهِe تُوفي وَ إِنَّ رَسُولَ اللهِe مَا مَاتَ وَ لَكِن ذَهَبَ إِلى رَبِّهِ كَمَا ذَهَبَ مُوسَى ثُمَّ رَجَعَ بَعدَ أَن قِيلِ قَد مَات وَ اللهِ لَيرجِعَنَّ رَسولُ اللهِe فَلَيُقطِّعَنَ أَيدي رِجَالٍ وَ أَرجُلَهُم يَزعُمُونَ أَنَّهُ مَات ..وَ أَقبلَ أبو بكرٍ بإِيمانهِ وَ ثَبَاتِهِ حَتى نَزلَ عَلى بَابِ المسجِدِ حِينَ بَلغهُ الخبرُ وَ عُمرٌ يُكلم النَاسَ فَلم يَلتَفِتْ إِلى شَيءٍ حَتَى دَخلَ عَلى رَسولِ اللهِ e وَ فِي البَيتِ عَائِشَةُ وَ هُو مُسجَّى بِبُردَةٍ ، فَكَشَفَهَا عَن وَجِهِهِ الشَريفِ ثُمَّ أَقبلَ عَليهِ فَقَبَّلهُ وَقَالَ:بِأَبِي أَنتَ وَ أُمي يَارَسُولَ اللهِ مَا أَطيبكَ حَيَّاً وَمَيتاً أَمَا الموتَةُ التَي كَتَبَهَا اللهُ عَليكَ فَقَد ذُقَْتَهَا،ثُمَّ لَن يُصيبكَ بَعدَهَا مَوتٌ أَبداً ثُمَّ غَطَى وَجهَهُ eوخرجَ وَعُمرٌ يُكَلِّمُ النَاسَ فَقَالَ:عَلى رِسلكَ يَا عُمر،أَنصِت فَأَبى إِلا أَنَ يَتَكّلَمَ،ثُمَّ أَقبَلَ عَلى النَاسِ فَلمَّا سَمِعَ النَاسُ كَلامَهُ أَقبَلوا عَليهِ وَ تَركوا عُمر،فَحَمِدَ اللهَ وَ أَثنَى عَليهِ ثُمَ قال:أَيُّهَا النَاسُ إِنه مَن كَانَ يَعبدُ مُحَمَداً فَإِن مُحَمَداً قَد مَاتَ وَ مَن كَانَ يَعبدُ اللهَ فَإِنَ الله حَيٌ لا يَموتُ) وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِيْن مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (قال الرَاوي:فَو اَلله لَكَأنَّ النَاسَ لَم يَعَلْمُوا أَنَّ هَذهِ الآيةَ نَزَلَت حَتى تَلاهَا أَبُو بَكرٍ يومئذٍ و أخذَها الناسُ عنه،فَقَالَ أَبُو هُريرة:قَالَ عُمرُ:فَوَ اللهِ مَا هُوَ إِلا أَن سَمِعتُ أَبابَكرٍ تَلاهَا فَعَقْرتُ حَتَى وَقَعتُ إِلى الأَرضِ ما تَحمِلُني رِجلايَّ وَ عَرفَتُ أَن رَسولَ اللهِeقَد مَاتَ وَ فِي النَّسَائِي أَنَ فَاطِمةَ رضي الله عنها و أرضاها تبكيهeفتقولُ(يَا أَبتَاهُ مِن رَبِّهِ مَا أَدَنَاه،يَا أَبَتَاهُ إِلى جِبريلِ نَنْعَاهُ يَا أَبَتَاهُ جَنَّةُ الفِردوسِ مَأَوَاهُ)) وَلما دُفنَ تَقُولُ فَاطِمَةُ(يَا أَنس أَطابت أَنفُسُكُم أَن تَحثُوا عَلى رَسُولِ اللهِ التُرَابَ))رواه البخاري
وَكَتَبَ اللهُ نِهَايَةََ هَذَا اَلرَسُولِ اَلكَرِيمِ صَلواتُ اَللهِ وَ سَلامُهُ عَليهِ وَلَكِن بَعد أَن أَكمَلَ اللهُ لَهُ الدينَ يَقُولُ أَبُو ذَرٍ :وَ اللهِ مَا تُوفَيَّ رَسُولُ اللهِeوَطَائِرٌ يَطيرُ بِجَنَاحَيهِ إِلا وَ أَعَطَانَا مِنهُ خَبَراً وَ يَقُولُ سَلمَانُ كَمَا رُوي فِي صَحيحِ مُسلم(لَقد عَلَّمَنَا رَسُولُ اللهeكُلَّ شَيءٍ حَتَى الخِراءَة)) وَيَقُولُ أَنَسٌ بن مَالِكٍ (مَا رَأيتُ يَومَاً قَطُّ فِي المدينَةِ كَانَ أَحسنَ وَ لا أَضوأَ مِن يَومٍ دَخلَ عَلينَا فِيهِ رَسُولُ اللهeوَ مَا رَأَيتُ يَومَاً كَانَ أَظلمَ عَلى المدينَةِ مِن يَومٍ مَاتَ فِيه eو لقد توفي e وهُوَ قَائِدُ اَلأُمَّةِ المؤتَمَنُ عَلى أَموالِهَا وَ عَتَادِهَا وَ بِيَدِهِ خَيرَاتُهَا لَكنَّ حَالهُ مِن الفَقرِ كَانت أَنََّ دِرعَهُ كَانت مَرهُونَةً عِندَ يَهُودِيٍّ بِثَلاثِينَ صَاعاً مِن شَعيرٍ و َ رُبما مرّ عليه شهر أو شهرانِ لم يُوقد في بيتهِ نار،و كان يربطُ الحجرَ على بطنهِ من الجوعِ ، و رُبما نام على فراش فأثر على جنبه الشريف eفَأَينَ ذَلكَ مِن نَهبِ ثَرواتِ البُلدانِ وَ مُقَدَراتِهَا وَ إِفسَادِ مَشَارِيعِهَا التي نَسمعُ عَنهَا بِأرقامٍ و مبالغَ هائلةٍ كُلُّهَا من نهبِ الأموالِ العامةِ و لا حولَ و لا قوةَ إلا بالله ..وَ لقَد كَانَ فِي اِحتِضَارِهِeيَظهَرُ عَليهِ أَثَرُ السُمِّ مِن الأَكلَةِ التي أَكلَهَا فِي خَيبرٍ مِن اليَهُودِيَةِ حَتَى كَانَ يَقُول: ((يَا عَائِشَةُ مَا أَزَالُ أَجِدُ أَلم الطَعَامِ الذي أَكلتُ بِخَيبَرٍ فَهَذَا أَوَانُ وَجدتُ اِنقِطَاعِ أبْهُري مِن ذَلِكَ السُمِّ ))رواه البخاري

بطيبةََ رسمٌ للرسول و معهــدُ
منيرٌ و قد تعفو الرسومُ و تهمَدُ

وأمست بلادُ الحُرْمِ وحْشاًً بقاعُهًا
لغيبةَ ما كانت منَ الوحي تعهدُ

و ما فقدَ الماضونَ مِثلَ محمــدٍ
و لا مثلُُه حتى القيامةُِ ُيفــقدُ

تناهتْ وُصًاةٌُ المسلمين بِكَــفِِّّهِ
فلا العلمُ محبوسٌ و لا الرأيُ يُفْْنَْدُ

جَعَلّنَا اللهُ و إياكم مِن أَهلِ سُنتِه وَ جَمَعَنَا بِهِ فِي جَنَتهِ..وَ أَكرَمَنَا بشفاعته ..اللهم ارحم نَبِيَنَا وَصَلِّ عَليهِ صَلاةً دَائِمَةً أَبَداً وَارزُقنَا صُحبَتَهُ فِي عِليينَ مَعَ النَبِيَّينَ والصِدِيقينَ وَ الشُهَدَاءِ وَ حَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقَاً .
الخطبة الثانية
الحمد لله و حده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده و بعد ..
وفِي يَومِ الثُلاثَاءِ غَسَّلوا رَسُولَ اَللهِ مِن غَيرِ أَنَ يُجَرِدُوهُ مِن ثِيَابِهِ وَغَسَّلَهُ أَقَارِبُهُ ثُمَّ كُفَنُوهُ وهُوَ سَيدُ وَلدُ آدم وَخَيرُ خَلقِ اَللهِ،وَأقسمَ اَللهٌ لهُ بَأَنَّهُ مَا وَدَّعهُ وَمَا قَلاهُُ، وَمعَ ذَلكَ كُفِّنَ كَمَا كُفِّنَ الموتَى، فَحَفَروا تَحتَ فِراشِهِ وَجعلوهُ لَحدًا حَفرهُ أَبو طلحة، وَدخلَ النَاسُ الحجرةَ أَرسالاً، عشرة عشرة، يُصَلِّون على رسول الله rولا يؤُمُّهم أَحدٌ، وصلَّى عليه أولاً أهلُ عشيرتهِ، ثم المهاجرونَ، ثم الأنصار، ثم النساءُ، ثم الصبيانُ، ثُمَّ وَضعوهُ فِي قَبْرهِ وَحثوْا الترابَ على قَبرِهِ الشَريفِ الطَاهرِ و دُفِن في بيته لأن كلَّ نبيٍّ يُدفنُ حيثُ مات و كما تقول عائِشَةُ رضي الله عنها حتى لا يُتَخَذَ قبرهُ عيداً أو معظماً e.
يـا خيرَ من دُفنتَ في القاع أعظُمُه
فطـاب من طيبهنَّ القاعُ و الأكمُ

نفسـي الفداءُ لقبْرٍ أنت سـاكنُهُ
فيـه العفافُ وفيه الطهرُ والكرمُ

أيها المؤمنون.. هَذَا نَبَأُ وَفَاةِ نَبَيّكُم rوَفِيهِ مِن العِبَرِ وَالعِظَاتِ الشَيءَ الكَثَيرَ،وَ اعَلَمُوا أَنَّهُ لَو كَانَ أَحدٌ يَنجُو مِن الموتِ لَنَجَا مِنَّهُ خَيرُ البَرِيةِ e الذي تَوَفَّاهُ اللهُ بَعد سَكراتِ الموتِ..بَعدَ أَنَ أَدَّى الأَمَانَةَ وَ نَصَحَ الأُمَةَ وَ تَرَكَهَا عَلى المحجَّةِ البَيضَاءِ لا يَزِيغُ عَنهَا إِلا هَالِك وأَنَّ اللهَ قَد كَتَبَ الموتَ عَلى كُلِّ بَشَرٍ مِن اَلخَلقِ وَ لَن يَنجُو مِن ذَلكَ أَحَدٌ مَهمَا عَلا مِنصِبُهُ وَ عَظُمت مَكَانَتُهُ فَاعتَبِروا يا عِبَادَ اَللهِ بِذكِرِ الموتِ وَ تُوبُوا إِلى اَللهِ قَبلَ أَنَ تَمُوتُوا وَبَادِرُوا بِالأَعمَالِ قَبلَ أَن تُشغَلُوا،فَهَل تَنتَظِرُونَ إِلا فَقْراً مُنسِياً أَو غِنىً مُطغياً أو مَرضَاً مُقعداً أو هَرَمَاً مُفنِداً أو مَوتاً مُجهِزاً أَو الدَجَّالُ فَشَرُّ غَائِبٍ يُنتظر أَو السَاعَةَ فَالسَاعَةُ أَدَهَى وَ أَمرُّ وَ لا تَكُونُوا رَحِمَكم اللهُ مِمن يَرجوا الآخرةَ بِغَيرِ عَملٍ وَ يُؤخِرُ التَوبةَ لِطولِ الأَملِ وَ قَد عَلِمتُم وَ رأَيتم أَن الموتَ يَأَتي بَغتَةً ..و رأيتم من أعظم مكانته في الدنيا و تعلَّى المناصب ذهبوا في لمحة بصر .. أَكثِرُوا مِن زِيَارَةِ القُبُورِ فَإِنَّها تُذكرُ الآخرةَ و اِعتَبِرُوا بِمنَ صَار تَحتَ التُرابِ ، وَ انقَطَعَ عَنِ الأَهلِ وَ الأَصحَابِ وَ جَاءَهُ الموتُ فِي وَقتٍ لَم يَحْتَسِبْهُ وَهُول لَم يرتقبْه..وَ لِيَتَأَمَلْ الزَائِرُ حَالَ مَن مَضَى مِن أَقرانِهِ أَكثروا الآمالَ وَ جَمعوا الأموال،اِنقعطتَ آمالهم وَ لم تُغَنِ عَنهُم أَموالهم ..محا الترابُ مَحَاسِنَ وُجُوهِهِم وَ تَفَرَّقت فِي القُبُورِ أَشلاؤُهم،وَ تَرَّمَلت مِن بَعدهِم نِسَاؤُهم وَ قُسِّمت أَمَوَالُهم وَ مَسَاكِنُهُم ) وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ ( فاستعدوا للموت ) كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفََّّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنْ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ ( وَ ارجُوا رَحِمَكم اللهَ النَجَاحَ فِي الدّارِ الآخرةِ فِتِلَكَ دَارٌ لا يَموتُ سَكِّانُهَا،و لا يَخربُ بُنيَانُهَا،وَ لا يَهَرُمُ شَبابُهَا،و لا يَبلى نَعيمُهَا،وَ لا يَتغيرُ حُسنُهَا وَ إِحسَانُهَا،وَ حُسانُهَا يتقلَّبُ أَهلُهَا فِي رَحمةِ أَرحمِ الرَاحمين..اللهم اجعلنا و والدينا و ذرياتنا من أهلها ..
اللهم إِنا نَسأَلُكَ الجنَّةَ وَ مَا قَربَ إِليهَا مِن قَولٍ أَو عَمَلٍ وَ نَعُوذُ بِكَ مِن النَارِ وَماَ قَربَ إِليهَا مِن قَولٍ أَو عَمَلٍ اللهُمَ أَحسن خَاتِمَتَنَا وَ تَوفَنَا وَ أَنتَ رَاضٍ عَنَا غَيرَ غَضبَانٍ بِرَحمتِكَ يَا أَرحمَ الراحمين اللهم آمِنَا فِي أَوطَانِنَا وَ أَصلح أَئِمَتَنَا وَلا وُلاةِ أُمُورِنَا..و أدم الأمن و الإيمانَ على أرض مصر و اليمن و سار بلاد الإسلام ..اللهم جَنبِنَا الفِتَنَ مَا ظَهَرَ مِنَهَا وَ مَا بَطَنَ وَاكفنا شَرَّ الأَشرارِ وَ كَيدَ الفَسَدةِ و الفُجَارِ الذِينَ يَكِيدُونَ لأُمَتِنَا بِالليل وَ النَّهَارِ عَبرَ الصَحَافَةِ وَ الإِعلامِ وَ مِن خِلالِ الكُفَارِ وَ اَنصُرِ مَن يُريدُ إِعلاءَ كَلِّمَتِكَ يَا أَرحمَ الراحمين .
الاستغاثة
و صلى الله و سلم و بارك على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين ..


 0  0  971
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 03:41 صباحًا الثلاثاء 6 محرم 1447 / 1 يوليو 2025.

Powered by Dimofinf cms Version 4.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Ltd.