• ×

04:15 صباحًا , الثلاثاء 6 محرم 1447 / 1 يوليو 2025

كيف نقوي الصلة بالله

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
الحمد لله الذي خلقنا ورزقنا وهدانا للإسلام،وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له،الكريم المنان وأشهد أنّ محمّدًا عبده ورسوله،سيد الأنام صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الأعلام وسلم تسليماً أما بعد فاتقوا الله عباد الله.
أيها المسلمون..مع عنت الحياة ومصاعبها يَبحثُ كُلُ واحدٍ منا عن صِلةِ تقويهِ وتساعده على مواجهةِ أَعباءِ الحياةِ ولاحول ولا قوة إلا بالله العظيمِ بتقوية الصلة بهِ واللجوءِ إليهِ عزَّ في علاه.
ولما قسا قلبي و ضاقت مذاهبـي
جعلت الرجا مني لعفوك سلمـا

تعاظمنـي ذنبـي فلمـا قرنـتـه
بعفوك ربي كان عفـوك أعظمـا

أيها المسلمون..الله((كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِى شَأْنٍ))يَغفرُ ذَنباً،ويُفرّجُ كَرباً،ويَرفعُ قَوماً،ويَضعُ آخرين ويَشفي مريضاً وينصرُ مَظلُوماً،ويَقصِم جَباراً،ويُقيلُ عَثرةً،ويَسترُ عورةً،ويؤمنُ روعة..ربنا هو الواحدُ الأحدُ،الفردُ الصمدُ،الذي لم يَلد ولم يُولد ولم يكن له كفواً أحد..خلق فسوى،وقدر فهدى يَبسطُ الرزقَ ويَغدقُ العطاءَ ويُرسلُ النِعم،فالقُ الحَبِ والنوى،هو الأَولُ فليسَ قَبلهُ شيءٌ،وهو الآخرُ فليسَ بعده شيءٌ،وهو الظَاهِرُ فَليسَ فوقهُ شيءٌ،وهو الباطنُ فليسَ دونهُ شيءٌ حبيبُ الطائعينَ،وأَمانُ الخائِفينَ،يُحبُ التوابينَ ويُحبُ المتطهرينْ. وهو اللهُ التَوابُ الرحيمُ،ذو الفَضلِ العَظِيمِ،ابتلى إِبراهيمَ بكلماتٍ،وسَمع نداءَ يُونسَ في الظُلُمَاتِ،أَزالَ الكَربَ عن أَيوبَ،وأَلان الحديدَ لداودَ،وسَخَر الريحَ لسليمانَ،وفَلقَ البَحرَ لموسى،ورُفع إليهِ عيسى،وشقَ القَمر لمحمد صلى الله عليهم وسلم ونَجَّى هُوداً وأَهلكَ قومه،ونَجى صَالحاً من الظالمينَ،فأَصبحَ قَومُهُ في دَارِهم جاثَمين،وجَعلَ النارَ بَرداً وسَلاماً على إبراهيم،وفدى إِسماعيلَ بذبحٍ عظيم،وجَعلَ عيِسى وأُمه آيةً للعالمين.
إنه الله..جَلَّ جَلاله،أَغرق فرعونَ وقومه،ونجّاه ببدنهِ ليكونَ لمن خلفهُ آيةً، وخَسفَ بقارونَ وبدارهِ الأرضَ فيفرحون ويشكرون((وَأَصْبَحَ ٱلَّذِينَ تَمَنَّوْاْ مَكَانَهُ بِٱلاْمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ ٱللَّهَ يَبْسُطُ ٱلرّزْقَ لِمَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلا أَن مَّنَّ ٱللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلْكَـٰفِرُونَ))ونجّا يوسفَ من غَياهبِ الجبِ، وجَعلهُ على خزائِن الأرض..إذا أَجدبتِ الأَرضُ،وماتَ الزرعُ،وغَارَ الماءُ،واشتدَ البلاءُ.خَرجَ المستغيثونَ بالشيوخِ الرُّكَعِ، والأَطفَالِ الرُّضَعِ، فاستسقوا:يا اللهُيا الله، فَينـزلُ المطرُ، ويَذهبُ الظمأُ،وترتوي الأرض((وَتَرَى ٱلأرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا ٱلْمَاء ٱهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلّ زَوْجٍ بَهِيجٍ))إذا حَلَّ الهمُ و الغمُ..واشتدَ الكربُ و ضاقت السبل وعظم الخطب نادى المنادي:يا الله((لا إلهَ إلا الله العظيمُ الحليم،لا إله إلا الله ربُّ العرشِ العظيم،لا إله إِلا الله ربُّ السماواتِ وربِ الأَرضِ وربِ العرشِ الكريم))..فيفرج الهم وينفس الكرب((فَٱسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَـٰهُ مِنَ ٱلْغَمّ وَكَذٰلِكَ نُنجِـى ٱلْمُؤْمِنِينَ)) ((وَمَا بِكُم مّن نّعْمَةٍ فَمِنَ ٱللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ ٱلضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْـئَرُونَ))
إِذا اشْتَدّ المرضُ بالمريضِ، وضَعُفَ جِسمهُ لونُه وقَلّّت حيلته..وعَجِزَ الطبيب وحَارَ المداوي.انطرحَ المريضُ واتَجهَ العَليلُ إلى العَليِّ الجليلِّ ونادى:يا الله..يا الله سُمعَ الدعاءَ فزالَ الداءُ ودَبّ الشفاء ((وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنّى مَسَّنِىَ ٱلضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ ٱلرَّاحِمِينَ فَٱسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرّ وَءاتَيْنَـٰهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَّعَهُمْ رَحْمَةً مّنْ عِندِنَا وَذِكْرَىٰ لِلْعَـٰبِدِينَ))إذا انطلقت السَفينةُ بَعيداً في البَحرِ اللُّجيِّ، وهَبت الزوابِعُ،ولعبت بها الأَمواجُ،وأَشرفت على الغَرقِ، وتَربصَ الموتُ بالرُّكَابِ،اتجهت الأَفِئدةُ وجَاءَت الأصواتُ:يا الله...يا الله،فجاءَ عَطفهُ،وأَشرقَ ضياؤُه في الظَلامِ الحَالكِ فأَزال المهالك..((قُلْ مَن يُنَجّيكُمْ مّن ظُلُمَـٰتِ ٱلْبَرّ وَٱلْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَّئِنْ أَنجَـٰنَا مِنْ هَـٰذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّـٰكِرِينَ قُلِ ٱللَّهُ يُنَجّيكُمْ مّنْهَا وَمِن كُلّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنتُمْ تُشْرِكُونَ))
إذا اعترضَ الجنينُ في بَطنِ أُمه، وعَسُرت ولادَتُه وصَعُبت وفَادَتُه، وأَوشكت الأُمُ على الهلاكِ،لجأت إلى مُنفّسِ الكُرباتِ وقَاضي الحاجاتِ ونادت:يا الله..يا الله، فزال أَنينُها،وخرجَ جَنينُها.
إذا حلَّ بالعالِم مُعضلةٌ، وأَشكلت عَليهِ مَسألةٌ،وعَزَّ عليهِ الجوابُ،نادى:يا الله...يا معلمَ إبراهيم علَّمني ـ يامفهم سليمان فهمني ((اللَّهمَ ربَّ جبرائِيل و ميكَائِيلَ وإِسرافيل فَاطرَ السماواتِ والأَرضِ عالم الغيبِ والشهادةِ أَنَتَ تَحكُمُ بين عِبادِكَ فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختُلفَ فيهِ من الحقِ بإِذنكَ، إنَكَ تَهدي من تَشاءَ إلى صراطٍ مستقيم))إذا ضاقت بالدعاةِ الدروبُ،وادلهمت بِهم الخطوبُ،وطالَ الطريقُ وقَلّ الناصرُـ واتُهموا لجأؤوا إلى رُكنٍ شديدٍ..ونادوا يا الله..يا الله..فَجَاءَ الفرجُ ونُفِسَ الكَربُ وفُرِجَ الهم((حَتَّىٰ إِذَا ٱسْتَيْـئَسَ ٱلرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا فَنُجّىَ مَن نَّشَاء وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ ٱلْقَوْمِ ٱلْمُجْرِمِينَ))فهو تعالى الملاذُ في الشدةِ، والأَنيسُ في الوحشة، والنصير في القلة..يتجهُ إليه المكروبِ يَسأَلهُ الصبرَ والرِضَا، والخَلَفَ مِن كُلِّ فَائِتٍ، والعَوضَ من كل مفقود(( ٱلَّذِينَ إِذَا أَصَـٰبَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رٰجِعونَ))ويتجهُ إليهِ المظلومُ آملاً يوماً قريباً ينتصرُ فيهِ على ظالمه، فليسَ بين دعوةِ المظلومِ وبين اللهِ حِجاب..يتجهُ إليهِ المحرومُ من الأَولادِ سَائِلاً إياهُ أَن يرزقهُ ذريةً طيبة((قَالَ رَبّ إِنّى وَهَنَ ٱلْعَظْمُ مِنّى وَٱشْتَعَلَ ٱلرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبّ شَقِيّاً وَإِنّي خِفْتُ ٱلْمَوَالِىَ مِن وَرَائِى وَكَانَتِ ٱمْرَأَتِى عَاقِرًا فَهَبْ لِى مِن لَّدُنْكَ وَلِيّاً يَرِثُنِى وَيَرِثُ مِنْ ءالِ يَعْقُوبَ وَٱجْعَلْهُ رَبّ رَضِيّاً يٰزَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشّرُكَ بِغُلَـٰمٍ ٱسْمُهُ يَحْيَىٰ لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيّاً))وكُلُّ واحدٍ من هَؤُلاءِ آملٌ في أَن يُجابَ إلى ما طَلب وما ذلك على الله بعزيز أَيُّ سَكينةٍ يَشعرُ بِها المؤُمنُ حِينَ يَلجأُ إلى ربِه في ساعةِ العُسرة ويومَ الشدةِ فيدعوهُ بما دعا محمد صلى الله عليه وسلم من قبل(اللهم ربَّ السماواتِ السَبعِ،وربِّ العرشِ العظيمِ،ربُنا وربُّ كُلِّ شيءٍ،فَالقِ الحبِّ والنوى،مُنزلِ التوراةِ والإنجيلِ والقرآنِ، أَعوذُ بِكَ من شرِ كُلُّ دابةٍ أَنت آخذ بناصيتها،أَنت الأولُ فَليسَ قبلكَ شيءٌ، وأَنتَ الباطنُ فَليسَ دونَكَ شيءٌ،اقض عنا الدينَ و أَغنني من الفَقرِ))فهو سُلوةُ الطائِعينَ ومَلاذُ الهاربينَ وملَجأُ الخائفينَ.من عَلقَ نفسهُ بِمعروفٍ غَيرَ معروفِ اللهِ فَرجاؤُهُ خَائِبٌ،لا يغيبُ عن عِلمهِ غَائب،((وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبّكَ مِن مّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي ٱلأرْضِ وَلاَ فِى ٱلسَّمَاء وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذٰلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِى كِتَابٍ مُّبِينٍ))
أَيُّها الأَحبة..قد يُعطى الإِنسانُ أَموالاً..وجاهاً وعيالاً..قد يحفُّ به الخدم ويحيط به الجند وتحرسه الجيوش وترضخ له الناس.وتذل له الرؤوس ولكنه مع ذلك كله فقير إلى الله، محتاج إلى مولاه ((يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ أَنتُمُ ٱلْفُقَرَاء إِلَى ٱللَّهِ وَٱللَّهُ هُوَ ٱلْغَنِىُّ ٱلْحَمِيدُ))إن لذةَ الحياةَ، ومتعتها،وحَلاوةِ العُمرِ،وراحةُ النفسِ هي في شعورٍ الإنسانِ بفقرهِ إلى الواحدِ الديان..ومتى غُرسَ في القِلبِ هذا الشعور، ونَقشِ في الفؤادِ فهو بدايةُ الغِنى،وانطلاقةِ الرضا في أَن يعيشَ فَقيراً إلى اللهِ،وهذهِ حقيقةُ العبوديةِ وخُلاصةِ التقوى،فالمرءُ في صلاتِه،ودُعَائِه،وسائر عباداتِه يُعلن الخضوعَ للهِ والاستسلامِ لهُ والتذللَ بَينَ يديهِ والافتقارَ إليهِ،إِن الفَقر أَن يَكونَ المرءُ بأحاسيسهِ ومَشاعِرهِ ووجدانِه مُفتقراً إِلى الله تعالى،ولا يَعني ذلكَ أَن يترك المرء الدُنيا وعمارتها ويرفضَ اكتسابِ الرِزق وجمعِ المالِ فليس ذلكَ الافتقارُ الحقيقيِّ، فقد يكونُ المرءُ من أَكثر الناسِ مَالاً عِيالاً وأَعظمهُم ثَروة،ومع ذلكَ هو شديدُ الافتقارِ إلى العزيزِ الجبارِ
يا من يرى ما في الضمير ويسمع
أنت المعد لكـل ما يتـوقـع

يا مـن يرجـى للشـدائد كلهـا
يا من إليه المشتكـى والمفزع

يا من خزائن رزقـه في قول كن
امنن فإن الخير عنـدك أجمع

ما لي سوى فقري إليـك وسـيلة
فبالإفقار إليـك فقـري أدفـع

ما لي سوى قرعي لبابك حيلـة
فلئن رددت فأي بـاب أقـرع

إن الفقرَ إلى الله تعالى هو حقيقةُ الغِنى وأَصلُ العِزةِ في الدنيا والآخرةِ. لا يَزدادُ بِه المرءُ إلا رفعةٌ ـ ولا ينالُ بِه إلا عِزاً ـ ولا يَجني مِنهُ إلا فَضلاً. فَهلَ يَكونُ فَقيراً من استغنى باللهِ جَلَّ وعلا ؟ وهل يكونُ فَقيراً من كان اللهُ معه واللهُ ناصرهُ واللهُ معينهُ واللهُ حافظهُ..ويا ألله مالنا غيرك يا ألله..نداء للضعفاء وفي الشام وغيرها للواحد الجبار وهو ناصرهم بإذن الله..ضعوا حَاجَاتكِم عباد الله دائماً بين يدي الله..التجأوا إليه و اعتمدوا عليهِ فلا ملجأ و لامنجا من الله إلا إليه.
أيها الإخوة المؤمنون..إذا كانت هذه عظمة الله وقدرته وجبروته ونصرته للظالم فإنك تتساءل ألا يشعر هؤلاء الظلمة والطغاة وهم يتسلّطون على عباد الله ألا يشعرون بضعفهم البشري مقارنة بانتقام والله الواحد الأحد فإنه الناصر للمظلوم والمغيث للضعيف المنكسر والله لن يُضّيع عباده((مَا لَكُمْ مّن دُونِهِ مِن وَلِيّ وَلاَ شَفِيعٍ أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ))..أَين َالولي من دونِه جلَّ وعلا؟ وأَينَ الشفيعُ؟ وأَين النصيرُ؟وهو سبحانهُ المسيطرُ على العرشِ والسماواتِ والأَرضِ وما بينهما فأَينَ الوليُّ أو الشفيعُ الخارجُ على سلطانه؟أفلا تذكرون؟إن تَذكر هذهِ الحقيقةِ يَردُ القَلب إلى الافتقار إلى الله..واللجوءِ إليهِ وحدهُ دون سواه..لقد كانَ صلى الله عليه وسلم يُعلنُ افتقارهُ إلى اللهِ وشِدةَ حاجتِه إليهِ وعَدمَ غِناهُ عَن فَضلِهِ أَو لُطفِهِ ولو لطُرِفةِ عين..ويدعوهُ أن لا يَكله إلى نفسهِ، يَلجَأَ إليهِ في السَراءِ والضَراءِ و يَنطَرِح بينَ يَديه في النعماءِ والبأساءِ..(( وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنْ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمْ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ ))أقول ما تسمعون
الخطبة الثانية الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده ..أما بعد فاتقوا الله عباد الله
أَيُّها المسلمونَ..إِنهُ الله جَلَّ جَلالُه،من تَقربَ إليهِ شِبراً تَقربَ إِليهِ ذِراعاً،ومن تَقربُ إليهِ ذِراعاً تقربَ إليهِ باعاً،ومن أتاه يمشي أتاه هرولة،فالباب مفتوح ولكن من يلج؟والمجال مفسوح ولكن من يُقبل؟ والحبلُ ممدودٌ ولكن من يتشبث به؟والخيرُ مبذولُ ولكن من يتعرض له؟
من أَقبلَ إليهِ تَلقاهُ من بعيدٍ،ومن أَعرضَ عَنه،ناداهُ من قريب،ومن تَركَ من أَجلهِ أَعطاهُ فوقَ ومن أَرادَ رضاهُ،أَرادَ ما يُريد،ومن تصرفَ بِحولهِ وقوتِه،أَلان لهُ الحديد،أَهلُ ذِكرهِ هم أَهلُ مجالسَته،وأَهلُ شُكرهِ هم أَهلُ زيادتِه، وأَهلُ طاعتِهِ هُم أَهلُ كَرامته،وأَهلُ مَعصيتهِ لا يقنطهم من رحمتهِ إن تابوا إليهِ فَهو حَبيبُهم،وإِن لم يتوبوا فهو رحيمٌ بِهم،يَبتليِّهم بالمصَائبِ ليطهرهم من المعايب،الحسنةُ عندهُ بِعشرِ أَمثالها إلى سَبعمِائِة ضَعف،إلى أَضعافٍ كثيرةٍ،والسيئةُ عندهُ بواحدةٍ، فإن نَدمَ عَليها واستغفرَ،غَفرها له، يَشكر اليَسير من العملِ، ويَغفر الكثيرِ من الزللِ.اللهم لا نحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك ..
يا رب إن عظمت ذنوبي كثرة
فلقد علمتُ بأن عفوك أعظـم

إن كان لا يرجوك إلا محسـن
فبمن يلوذ ويسـتجير المجـرم

أدعوك رب كما أمرت تضرعاً
فإذا رددت يدي فمن ذا يرحم

مالي إليك وسيلـة إلا الرجـا
وجميل عفـوك ثم إني مسـلم

أَيُّها الأحبةِ..إِنْ في القلبِ شَعثاً لا يَلمُهُ إلا الإقبالُ على اللهِ، وفيهِ وحَشةٌ لا يُزيَّلُها إلا الأُنس به في خلوتِه، وفيهِ حزنٌ لا يُذهبه إلا السُرورُ بِمعرفتِهِ وصِدقِ مُعاملَتِه، وفيهِ قَلقٌ لا يَسكنُهُ إلا الاجتماعُ عليهِ والفرارُ مِنهُ إليهِ، وفيهِ نِيرانُ حسراتٍ لا يُطفِئُها إلا الرضى بأَمرهِ ونِهيهِ وقَضائِه ومُعانَقةِ الصبرِ على ذلك إِلى لقائهِ، وفيهِ فاقةٌ لا يَسدها إلا مَحبتهُ والإنابةُ إليهِ ودوامِ ذِكرهِ وصدقِ الإخلاصِ له .
سُبحانهُ ما أَعظمهُ وأَرحمهُ، سبقت رَحمتهُ غَضبهَ،وسَبقَ عَفُوهُ عقُوبتَه، لا أحدٌ أَصبر على أَذى خَلقهِ مِنه..فَسبحانِه من خالق عظيم، جواد كريم، الكرم صفة من صفاته، والجود من أعظم سماته، والعطاء من أجل هباته، فمن أعظم منه جوداً؟ الخلائق له عاصون وهو لهم مراقب، يكلؤهم في مضاجعهم كأنهم لم يعصوه، ويتولى حفظهم كأنهم لم يذنبوا، يجود بالفضل على العاصي، ويتفضل على المسيء، من ذا الذي دعاه فلم يستجب له؟ أم من ذا الذي سأله فلم يعطه؟ أم من ذا الذي أناخ ببابه فنحاه؟ فهو ذو الفضل ومنه الفضل، وهو الجواد ومنه الجود، وهو الكريم سبحانه ومنه الكرم.
يا من ألوذ به فيما أؤمله
ومن أعوذ به مما أحاذره

لا يجبر الناس عظما أنت كاسره
ولا يهيضون عظما أنت جابره


نسأل الله تعالى أن يبصرنا بحالنا وأن يلهمنا رشدنا..وأن لا يكلنا إلى أنفسنا طرفة عين..و أن يمن علينا برحمته و مغفرته و رضوانه إنه ولي ذلك و القادر عليه..اللَّهُمَّ نسألك فَرَجَكَ القَرِيبَ العاجل لإِخْوَانِنَا الْمُسْلِمِينَ فِي سوريا،وبورما،وفلسطين اللَّهُمَّ قَدْ تَدَاعَى عَلَيْهِمْ أَعْدَاءٌ لَكَ أَهْلَكُوا الْحَرْث وَالنَّسْلَ، وَلاَ نَاصِرَ لَهُمْ سواك،وَلاَ كَاشِفَ لُغُمَّتِهِمْ سِوَاكَ فَاجْعَلْ لَهُمْ فَرَجاً وَمَخْرَجاً وَأَيِّدْهُمْ بِنَصْرٍ مِنْ عِنْدِكَ وَادْحَرْ عَدُوَّهُمْ وَتَقَبَّلْ شُهَدَاءَهُمْ وَأَخْلِصْ نِيَّاتِهِمْ يَا رَبَّ العَالَمِينَ،اللهم احفظ على بلادنا وبلاد المسلمين أمنها وأمانها واستقرارها..وجنبنا الفتن ماظهر منها وما بطن عن بلدنا هذا خاصة وعن سائر بلاد المسلمين...

 0  0  1305
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 04:15 صباحًا الثلاثاء 6 محرم 1447 / 1 يوليو 2025.

Powered by Dimofinf cms Version 4.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Ltd.