• ×

03:59 صباحًا , الثلاثاء 6 محرم 1447 / 1 يوليو 2025

كفى بالموت واعضاً

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
الحمد لله غير مقنوط من رحمته،ولا ميؤس من مغفرته،أحمده سبحانه وأشكره على سوابغ نعمته،وأشهد ألا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده اصطفاه لرسالته صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته والتابعين ومن سار على نهجه واستمسك بسنته وحافظ على شريعته وسلم تسليما كثيراً.أما بعد: إن تَتَّقُواْ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا اللهم اغفر لأمواتنا وعافهم واعف عنهم،وأكرم نزلهم ووسع مدخلهم..
أيُّها المسلمون..من خاف الوعيد قَصُر عليه البعيد،ومن طالَ أملُه ضَعُفَ عملُه،وكلُّ ما هو آتٍ قريب فإنَّ ربكم لم يخلقكم عبثا ولم يترككم سدا،فتزودوا من دنياكم ما تُحرزون به أنفسَكم غداً. فالأجل مستور،والأمل خادع..يكاد لا يمرُّ بنا يومٌ إلا وجنازةٌ يُصلّى عليها وتدفنُ في القبور ثم تبعثُ يومَ النشور..كثرت الوفيات فامتلأت المقابر وازدحمت بأهلها والمشيعين..
حكمُ المنية في البرية جار
ما هذه الدنيا بدار قرار

طُبعت على كَدَرٍ وأنتَ تريدُها
صفواً من الأقذارِ والأكدارِ

ومكلفُ الأيامِ ضدَّ طباعِها
متطلِّبٌ في الماءِ جذوةُ نارِ

فالعيشُ نومٌ والمنيةُ يقظةٌ
والمرءُ بينهما خيالُ سارِ

تمرُّ الجنائزُ بنا ونجهزّها ونصلي عليها ونسيرُ خلفَها ونشيعها محمولةً إلى القبور..فترانا نُلقي عليها نظرات عابرة،وربما طاف بنا طائف من الحزن أو الكآبة يسير..ثم سرْعان ما ننسى وننشغل بنشوة الحياة وغفلة المعاش.
أَيُّها الإخوة..أهلُ الغفلةِ أعمارُهم عليهم حُجَّة،وأيامُهم تقودُهم إلى شقوة..كيف ترجى الآخرةُ بغير عمل؟أم كيف ترجى التوبة مع الغفلة والتقصير وطول الأمل؟ويل لأهل الغفلة إن أُعطوا لم يشبعوا،وإن مُنعوا لم يقنعوا،يأمرون بما لا يفعلون،يُنهون وهم لا ينتهون،هم للناس لوَّامون ولأنفسهم مداهنون.
يا نفس توبي فان الموتَ قد حانا
واعصي الهوى فالهوى مازال فتانا

في كـــلِّ يوم لنـا ميْتٌ نشــيُّعه
نُـحيي بمصـرعهِ آمالَ موتــانـا

يا نفـسُ مالي وللأمـوالِ أجمعُها
وأخـرجُ مـــــن دنيـاي عريانا

يا أهل الغفلة..هذه الدنيا كم من واثق فيها فجعته؟وكم من مطمئنٍ إليها صرعتْه؟وكم من محتالٍ فيها خدعتْه؟وكم من مختالٍ أصبح حقيرا؟وذي نخوة أردتْه ذليلا؟سلطانُها دول وحلوها مر،وعذبُها أجاج، وعزيزها مغلوب،العمرُ فيها قصير،والعظيمُ فيها يسير،وجودُها إلى عدم،وسرورُها إلى حزن،وكثرتُها إلى قلة،وعافيتُها إلى سقم،وغِناها إلى فقر دارُها مكَّارة،وأيامها غرارة،ولأصحابِها بالسوء أمَّارة..الأحوالُ فيها نعمٌ زائلة أو بلايا نازلة ومنايا قاضية.عِمارتُها خراب،واجتماعُها فِراق،وكلُّ ما فوقَ الترابِ تراب.وأهلُ الغفلة لا يشبعون مهما جمعوا،ولا يحسنون الزاد لما عليه قد أقدموا،يبنون ما لا يسكنون..يأملون ما لا يدركون: ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلْهِهِمُ ٱلاْمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ والموت آتيهم في أي مكان وأية لحظة..
طويل الأمل يبني ويهدم،وينقضُ ويبرم،ويقدِّر فيخطئ ويخطِّطُ ويدبر،وتأتي الأمور مخالفةً للتدبير..يسيءُ في الاكتساب ويسوّفُ في المتاب ثم هاهو قد تم أجله وانقطع عمله وأسلمه أهله وانقطعت عنه المعاذير: أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَـٰهُمْ سِنِينَ ثُمَّ جَاءهُم مَّا كَانُواْ يُوعَدُونَ مَا أَغْنَىٰ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يُمَتَّعُونَ
أيها المسلمون..((أكثروا من ذكر هادم اللذات))بهذا أوصى نبيكم كلام مختصر وجيز،قد جمع التذكرة وأبلغ في الموعظة؛فمن ذكر الموت حقَّ ذكره حاسب نفسه في عمله وأمانيه..
واعلموا أن كلَّ لحظةٍ تقرّبكم من الدارِ الآخرة وتبعدُكم عن الدنيا فلا تغتروا وشمروا للأعمال الصالحة فهي القرائن في القبور فإن العبد إذا مات يخرجُ أهلُه ومالُه ويبقى عملُه فإن كان صالحاً فنعم القرين وإن كان غيرَ ذلك فهو الخسرانُ المبين..أكثرُوا من ذكرِ هادم اللذات فما ذكرهَ أحدٌ في ضيقٍ من العيش إلا وسَّعه،ولا غفلةٍ إلا انتبه قاله وبعض الناس يأنف من ذكر الموت ويتشاءم عند سماعه وينهى عن الكلام فيه والتذكير به في موضعه وما ذاك إلا غفلةٌ في الحياة وتجاهلٌ للسنن وهجرٌ للوعظ به.
وأيمْ الله ليوشكن الباقي منا ومنكم أن يَبْلَى،والحيُّ منا ومنكم أن يموت وأن تُزال الأرضُ منا كما أُزلنا منها،فتأكلَ لحومنا وتشربَ دماءَنا،كما مشينا على ظهرِها وأكلْنا من ثمرِها وشربنا من مائها ثم تكونُ كما قال الله: وَنُفِخَ في ٱلصُّورِ فَصَعِقَ مَن في ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَمَن في ٱلأرْضِ إِلاَّ مَن شَاء ٱللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَىٰ فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ
وقف على شفير قبر فبكى حتى بلَّ الثرى ثم قال(يا إخواني لمثل هذا فأعدُّوا))،وسأله رجل فقال:من أكيس الناسِ يا رسولَ الله؟فقال(أكثرُهم ذكراً للموت وأشدُّهم استعداداً له،أولئك هم الأكياس ذهبوا بشرف الدنيا وكرامة الآخرة))أخرجه ابن ماجه وقال :"الكيّسُ من دانَ نفسَه وعملَ لما بعدَ الموت والعاجزُ من اتبعَ نفسَه هواها وتمنَّى على الله الأماني "رواه الترمذي
خطب الخليفة عمر بن عبد العزيز أخرَ خطبةٍ له فقال:أيها الناس إنكم لم تُخلّقُوا عبثاً ولن تُتركُوا سُدى وفي كلِّ يوم تشيِّعون غادياً ورائحاً إلى الله قد قضى نحبه وانقضى أجله قد خلع الأسباب وفارق الأحباب وسكن التراب وواجهَ الحساب غنياً عمّا خلَّف من المالِ فقيراً إلى ما أسلف من الأعمال وإني لأقول لكم هذه المقالة وما أعلم عند أحدٍ من الذنوب أكثر مما عندي ولكني استغفرُ الله وأتوبُ إليه ثم رفعَ طرفَ ردائه وبَكى حتى شهِق ثم نزلَ فما عادَ للمنبر بعدها حتى مات رحمه الله..
ويقولُ يونس بن عُبيد:ما ترك ذكرُ الموتِ لنا قرةَ عينٍ في أهل ولا مال.ويقول مطرِّفٌ:إن هذا الموت
قد أفسد على أهل النعيم نعيمهم،فالتمسوا نعيما لا موت فيه. لقد أمِنَ أهلُ الجنةِ الموتَ فطابَ لهم عيشهُم وأمِنوا الأسقامَ فهنيئًا لهم طول مقامهم.
أيها المسلمون..اذكرُوا الموتَ والسكرات،وحشرجةَ الروح والزفرات،اذكروا هولَ المطْلعَ..من أكثرَ ذكرَ الموتِ أكرمَه الله بثلاث:تعجيلُ التوبة،وقناعةُ القلب،ونشاطُ العبادة..ومن نسيَ الموتَ اُبتلي بثلاث:تسويفُ التوبة،وتركُ الرضى بالكفاف،والتكاسلُ في العبادة..
عباد الله..استبدل الأمواتُ بظهرِ الأرض بطنا،وبالسعةِ ضيقاً،وبالأهلِ غُربةً،وبالنورِ ظُلمةً،جاءُوهَا حُفاةً عراةً فرادا..اللحودُ مساكنُهم،والترابُ أكفانهم،والرفاتُ جيرانهم لا يجيبون داعيا،ولا يسمعون منادياً..كانوا أطولَ أعمارا وأكثرَ آثارا،فما أغناهم ذلك من شيء لما جاءَ أمرُ ربك،فأصبحت بيوتُهم قبوراً،وما جمعوا بوراً،وصارت أموالهم للوارثين،وأزواجُهم لقوم آخرين..حلَّ بهم ريب المنون،وجاءهم ما كانوا يوعدون: )أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَـٰكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ(
هل كان الموتُ إخوتي للصغيرِ أم كان للكبير؟!أم للصحيح المعافى أم للمريض؟!هل كان الموتُ للغنِّي أم للفقير أم كان للأمير والحقير كلُّهم عبادَ الله جاءتْهم سكرةُ الموت بالحق وجاءهم الموتُ من كلِّ مكان فما كانَ العمرُ ليحمي وما كانت الصحةُ تحولُ دونَه وما كان المال ليغني ولا المنصبُ ليحمي من الموت..
فإذا جاءَ الموت فهل يستأذنُك قبل أن يأتيك؟قد تموت وفي رقبتِك حقوقٌ للعباد..أخذتَها أو ضيَّعتها..إذا جاءك الموتُ كيف سيأتيك؟وبأيِّ خاتمةٍ من الحياة ينهيك؟هل بحسنِ الخاتمةِ أم بسوئِها؟ نسأل الله السلامةَ والعافية..شيَّعنا قبل يومين من قضى100عام من حياته قضى نصفها أو أكثر بالمسجد مكوثاً وصلاةً وقراءةً للقرآن هادئاً مسالماً فإذا به يخرج على عادته الساعة2فجراً للمسجد فيُصلي إحدى عشر ركعة ثم يقرأ القرآن ما شاء الله له ثم يضطجع لتخرج روحه إلى بارئها في خاتمةٍ حسنة يغبط عليها ويهنى بها ذووه نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحدآ..
وبالمقابل تجد من تأتيه منيته وهو عاكفٌ على وسائلِ اللهو والغفلةِ أو في مستنقعِ المخدراتِ والمسكرات..وهناك من مات وقد عاش مرابياً لعّاناً فاحشاً مؤذياً قاطعاً للرحم معادياً لأقربائه والناس..
كم سوَّفَ هؤلاء التوبة وأرادوا العودة فحالت بينهم وبينها الشهوة ؟جاءهم الموت الذي ما كانوا يتوقعّون وقته فمن عاش على الخير والإخلاص أنجاه الله بخاتمةٍ حسنة..نسأل الله أن نكون وإياكم منهم وأما من عاش على اللهو والغفلة ونسي التوبة فخاتمته كذلك إلا أن تدركه رحمةُ ربه..
يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (57) قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ثم يقول تعالى- وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (61) أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ
هل تفكرت يا عبد الله يوم المصرع؟يوم ليس لدفعه حيلة،ولا ينفع عند نزوله ندم..أزِلْ عن قلبك غشاوة الغافلين،فإنك واقف بين يدي من يعلم وسواس الصدور،ومن يسأل عن لحظات العيون، ويحاسب على إصغاء الأسماع: )يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لاَ تَخْفَىٰ مِنكُمْ خَافِيَةٌ(..
تذكّرُ الموتِ يردعُ عن المعاصي،ويلين القلبَ القاسي،ويمنعُ الركون إلى الدنيا )وَلَيْسَتْ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً(فتذكروا الموت لعلكم تسلمون من حسرة الفوت.
احذر السكرة والحسرة يفاجئك الموت وأنت على غرة تذكر أخي إذا حضرك الموت وسكرته هل يسُّرك أن يكون نصيبك من الدنيا هذا العبث الذي تعيش فيه من لهوٍ وغناء ورقص فهل يسرك أن تحشر مع هؤلاء الذين أحببتهم وعلقت صورهم من أهل السفر المحرم والرقص والغناء وساهمت بتصويتك لنصرتهم وخذلت إخوانك المستضعفين فالمرء مع من أحب؟احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ(22)مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ(23)وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ احذر لا يأخذك الله على ذنب فتلقاه ولا حجة لك.
أيها الإخوة..أين الخائفُ من قلةِ الزاد؟اكتفى من الدنيا بكفنٍّ أبيض يُلفُّ به..وتَذَكَّرَ الموتَ والبلى فحفظَ الرأسَ وما وعى والبطنَ وما حوى أراد الآخرة فترك زينة الحياة الدنيا..آثر ما يبقى على ما يفنى ذلكم هو الناجي ..
هُوَ المَوتُ ما منهُ ملاذٌ وَمهربُ
متى حُطَّ ذا عن نَعشهِ ذاكَ يَركبُ

شاهدُ ذا عَينُ اليَقينَ حَقيقَةً
عَلَيهِ مضى طِفلٌ وَكهلٌ وَأَشيَبُ

نؤَمِّلُ آمالاً وَنرجو نِتاجَها
وَعلَّ الرَدى مِمّا نُرَجّيهِ أَقرَبُ

)كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ ٱلْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ ٱلنَّارِ وَأُدْخِلَ ٱلْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما ٱلْحَيَوٰةُ ٱلدُّنْيَا إِلاَّ مَتَـٰعُ ٱلْغُرُورِ (
أيها المسلمون..توبوا إلى الله قبل أن تموتوا،((بادروا بالأعمال قبل أن تُشغلوا،فهل تنتظرون إلا فقراً منسياً أو غنى مطغياً أو مرضاً مفسداً أو هرماً مفنداً أو موتاً مجهزاً أو الدجال فشرٌّ غائب ينتظر أو الساعة فالساعة أدهى وأمرُّ))لا تكونوا رحمكم الله ممن يرجو الآخرة بغير عمل ويؤخر التوبة لطول الأمل.وقد علمتم أن الموت يأتي بغتة.
ونبني القصور المشمخرات في الهوى
وفي علمنا أنا نموت وتخرب

إلى الله نشكوا قسوة في قلوبنا
وفي كل يوم واعظ الموت يندب

أكثروا من زيارة القبور فإنها تذكر الآخرة..اعتبروا بمن صار تحت التراب وانقطع عن أهله والأحباب، جاءه الموت في وقت لم يحتسبه وهول لم يرتقبه.
ولنتأمل حال من مضى،أكثَروا الآمال وجمعوا الأموال انقطعت آمالهم ولم تُغن عنهم أموالُهم، محا الترابُ محاسن وجوههم،وتفرقت في القبور أشلاؤهم،وترملت من بعدهم نساؤهم وقسمت أموالهم ومساكنهم: )وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَىٰ كَمَا خَلَقْنَـٰكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَّا خَوَّلْنَـٰكُمْ وَرَاء ظُهُورِكُمْ (
اتقوا الله وارجوا الدار الآخرة فتلك دار لا يموت سكانها،ولا يخرب بنيانها،ولا يهرم شبابها،ولا يبلى نعيمها،ولا يتغير حسنها وإحسانها وحِسانُها،يتقلب أهلها في رحمة أرحم الراحمين)دَعْوٰهُمْ فِيهَا سُبْحَـٰنَكَ ٱللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ(
اللهم أحينا ما كانت الحياة خير لنا وتوفنا ما علمت الوفاة خيراً لنا..اختم بالصالحات أعمالنا.. اجعل خير أعمالنا خواتيمها..وخير أعمارنا أواخرها..وخير أيامنا يوم لقائك..في غير ضراء مضرّ ولا فتنة مضلة،واجعل آخر كلامنا من الدنيا لا إله إلا الله نحيا ونموت عليها عاملين عارفين موّحدين والحمد لله ربِّ العالمين..
الخطبة الثانية
..الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده وبعد..
قال((من أحبَّ أن يُزحزَح عن النّار ويُدخل الجنّةَ فلتأتِه منيّته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأتِ إلى الناس الذي يُحبُّ أن يؤتَى إليه))أخرجه مسلم ونظراً لما يتعرض له إخواننا على أرض الشام من مصائب عظيمة..وموتٍ وهلاك فالدعاء لهم من أعظم القربات..الذي ينبغي أن نقدمه لهم وتخيلوا وأنتم تدعون الله لهم بالإغاثة والنصر أن لو كنتم مكانهم ووقع عليكم مصابهم من فقدٍ للأمن وتسلطٍ للظلمة والطغاة..
اللهم إنا نسألك توبةً قبل الموت..وشهادةً عند الموت..ومغفرةً بعد الموت..وعفواً عند الحساب وأمانا من العذاب ونصيباً من الجنة.. مضلة..اللهم ثبتنا عند سؤال..اللهم ثبتنا عند سؤال..اللهم اجعل قبورنا روضةً من رياض الجنان.
اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى..وصفاتك العلى..بأنك أنت الله الذي لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك..يا مغيث المستغيثين ويا أمان الخائفين أن تغيث أهل سوريا..اللهم إنا نستودعك إخواننا على أرض سوريا فأنت أعلم بحالهم،وأرحم بنسائهم وعيالهم ..اللهم اكشف كربهم..عجّل بفرجهم..ألف بين قلوبهم..وحد كلمتهم..اشدد أزرهم..واربط على قلوبهم..اللهم وأنزل عليهم دفئا وسلاما وأمنا وأمانا يا ذا الجلال والإكرام..اللهم وثبت أقدامهم وانصرهم على القوم الظالمين..اللهم تقبل شهداءهم وشفي مرضاهم..اللهم عليك ببشار وجنده يا قوي يا جبار..اللهم شتت شملهم وفرق جمعهم..اللهم مزقهم كل ممزق..اللهم وأخرج المسلمين من بينهم سالمين غانمين منصورين إنك على كل شيءٍ قدير وبالإجابة جدير..
الاستغاثة

 0  0  1088
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 03:59 صباحًا الثلاثاء 6 محرم 1447 / 1 يوليو 2025.

Powered by Dimofinf cms Version 4.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Ltd.