• ×

03:48 صباحًا , الثلاثاء 6 محرم 1447 / 1 يوليو 2025

فضل الصحابة

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
الحمدُ للهِ فَضلَ من شاءَ من عِباده،ورفع في الجنَّةِ مَنَازِلَ الصحَابَةِ،وأَشهدُ أَن لا إِله إِلا الله وَحدَهُ لا شَريكَ لَهُ ولا نُؤمِن إِلا بِه،وأَشهدُ أنَّ سَيّدنَا ونبيّنَا مُحمّدًا عَبدهُ ورَسُوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابهِ وسلَّم تسليماً..أما بعد فاتقوا الله عباد الله..
أَيُّهَا الإِخوةُ المؤُمنون..السُنَّةُ النَّبَوّيَةُ هي التَشريعُ الثَاني في دِينِنَا الإِسلامي بعد كتاب الله جلَّ وعلا..ومِمَا يَحفَظُهَا مَعرِفَةُ من نقلَها إِلى النَّاسِ كَآفَةً،وحَفِظَهَا وبلَّغهَا عَليه،وهُم صَحَابَةُ رسول الله الذين وَعوْها وَأَدُّوْهَا نَاصِحِينَ مُحسِنِينَ فَأَكمَلُوا بِهَا الدّينَ وثَبَّتَ بِهم حُجَّةَ اللهِ تَعَالى عَلى المسلمينَ،فَهُم خَيرُ القُرُونِ،وخَيَرُ أُمَّةٍ أُخرجت للنَّاسِ..ثَبَتتَ عَدالَةُ جَمِيعَهُم بِثَنَاءِ اللهِعَليهمِ وثَنَاءُ رَسُولِهِ ولا أَعدل مِمّن اِرتَضَاهُ اللهُ لِصُحبَةِ نَبِيّهِ ونُصرَتِهِ،ولا تَزّكِيةَ أَفضَلَ مِن ذَلكَ قال تعالى مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُود فَتَعَالُوا لِنَتَحَدثَ عَن فَضلِ صَحَابَةِ رَسُولِ اللهِ في زَمنٍ بِتنَا نَسمَعُ هُنا وهُناك من يزعم أَنّهُ كَاتِبٌ أَو مُثقفٌ صَحفيٌّ يُريدُ النَّيلَ من صحابة رسول الله أَو يتحدثَ عنهم في رأَيِهِ فيهم كَما يَزعُم..
عِبَاد الله..أَبرُّ هَذِهِ الأُمَّة قُلُوباً،وأَعمَقُهَا عِلمَاً،وأَقَلُّهَا تَكَلُّفاً،وأَقوَمها هَدياً،وأَحسَنُهَا حَالاً،اِختَارَهُم الله لِصُحبَةِ نَبِيّهِ وإِقَامَةِ دِينَه،كما قَالَ اِبن مَسعودٍ {فَحُبُّهُم سُنّةٌ،والدُّعَاءَ لَهمْ قُربَةٌ،والاقتِدَاءُ بِهمْ وَسيلة}..هُم صَفوَةُ خَلقِ اللهِ تَعَالى بَعدْ النَّبِيِينَ عَليهم الصَلاةُ والسَلامُ،رَوَى الطَبَريُّ عَن اِبنِ عَباسٍ رَضي الله عَنهُمَا في قولِ اللهِ: قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى قَالَأَصحَابُ مُحَمَدٍ )وَلَقد،أَجمعَ المسلمونَ عَلى أَنَّ الصَحَابَةَ رَأَسُ الأَولِيَاءِ وصَفّوَةُ الأَتْقِيَاءِ،قُدْوَةُ المؤُمِنِينَ وأُسوَةُ المسَلِمِينَ وخَيرُ عِبَادِ اللهِ بَعدَ الأَنَبِيَاءِ والمرسَلينَ،جمَعوا بَينَ العِلِمِ بِمَا جَاءَ بِهِ رَسُولُ اللهِ وبَينَ الجهادِ..بَينَ يَدَيّهِ،شَرّفَهُم اللهُ بِمُشَاهَدْةِ نَبِيّهِ وَصُحبَتِهِ في السَّراءِ والضَّرَّاءِ وبَذْلِهِم أَنْفُسَهُم وأَموَالَهُم فِي الجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللهِ،حَتَّى صَارُوا أَفضَلَ القُرُونِ بِشَهَادَةِ المعصومِ أَقَامُوا أَعمِدَةَ الإِسلامِ وأَوصَلُوهُ إِلى أَطرافِ المعمُورَةِ،،فَهُمَ أَدَقُّ النَّاسِ فَهمًا وَأَغَزَرُهُم عِلمًا وأَصدَقُهُم إِيمانًا وَأَحسَنُهُم عَمَلاً كَيفَ لا؟!وَقد تَربُّوا عَلى يَديِهِ ونَهلُوا مِن مَعينهِ الصّافي،روى أحمد عن عَبدْ اللهِ بِن مَسعودٍ قَالَإِنَّ اللهَ نَظَرَ في قُلوبِ العِبَادِ فَوَجد قَلبَ مُحمّدٍ خيرَ قلوبِ العبادِ، فاصطفاهُ لنفسهِ فابتعثهُ برسَالَتهِ، ثمّ نَظرَ في قُلوبِ العِبادِ بَعدَ قَلبِه فَوَجد قُلوبَ أَصحَابِهِ خَيرَ قُلوبِ العِبَادِ،فَجَعَلَهُم وُزَرَاءَ نبيِّهِ، يُقَاتِلُون على دينه)..
مَن صَحِبَ النَّبيَّ أَو رَآهُ مِن المسلمين فَهُوَ مِن أَصحَابِه وَٱلسَّـٰبِقُونَ ٱلأوَّلُونَ مِنَ ٱلْمُهَـٰجِرِينَ وَٱلأنْصَـٰرِ وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِىَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّـٰتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا ٱلأنْهَـٰرُ خَـٰلِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذٰلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ وقال عزّ وجلّ: لَّقَدْ رَضِيَ ٱللَّهُ عَنِ ٱلْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ ٱلشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِى قُلُوبِهِمْ فَأنزَلَ ٱلسَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَـٰبَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَان ٱللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا وفيهم يقول (لا يدخل النارَ أحد ممّن بايع تحت الشّجرة)) لِلْفُقَرَاء الْمُهَـٰجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَـٰرِهِمْ وَأَمْوٰلِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضْوٰنًا وَيَنصُرُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلصَّـٰدِقُونَ وَٱلَّذِينَ تَبَوَّءوا ٱلدَّارَ وَٱلإيمَـٰنَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِى صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُواْ وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى ٱلْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مّنَ ٱللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَـٰهُمْ فِى وُجُوهِهِمْ مّنْ أَثَرِ ٱلسُّجُودِ في البُخَاريُّ عن عمران بن حصين رضي الله عَنهُمَا قال:قال (خير أمّتي قرني،ثمّ الذين يلونهم، ثمّ الذين يلونهم))
إِنَّ الخَيرَ كُلَّ الخَيرِ فِي مَا كَانَ عَليهِ أَصحابُ مُحمدٍ حَفِظَ اللهُ بِهم دينه السُنَّةَ،وحَمِلُوا أَمَانَةَ الخِلافَةِ والجِهَادِ،وعَمِلُوا عَلى نَقلِ الأُمَمِ إِلى الإِسلامِ،يُعَرِّبُونَ أَلسِنَتَهَا،ويُطهِّرونَ نُفُوسَهَا،ويَدّلُّونَها طَريقَ الله المستقيمِ،بَاركَ اللهُ فِي أَوقاتهم،وأَتمَّ عَلى أَيدّيهِم مَا لم يَتحقّقَ لِغيرهم،فَرضِيَ اللهُ عَنهم وأرضاهم..
نَصَروا رسولَ اللهِ في غَزّوَاتِه وحُرُوبِهِ،بايَعوا عَلى بَذلِ أَنفُسِهِم في سَبِيلِ اللهِ،أخرج البخاريّ عن أنس قال:خَرجَ رَسُولُ اللهِ إِلى الخَندَقِ فلم خرج إلى الخندق فَإِذَا المُهَاجِرُونَ والأَنَصَار يَحفِرُونَ فِي غَداةٍ بَارِدَةٍ،فَلَمّا رَأى ما بِهِم مِن النَصَبِ والجُوعِ قَالَ(اللهمّ إنّ العيشَ عَيشُ الآخرةِ،فَاغفِر للأَنصارِ والمهاجِرة))
يُحِبُونَهُ ويُعَظِمُونَهُ سُئِلَ عليُّ بن أبي طالب ))كَيفَ كَان حُبُّكُم لِرسُولِ الله؟قال:كان والله أَحَبَّ إِلينَا مِن أَموالِنَا وَأَولادِنَا وَآبَائِنَا وَأُمّهَاتِنَا وَمن المَاءِ البَارِدِ عَلى الظَمأ))
سَأَلَ أَبُو سُفيَان بن حرب وَهُوَ عَلَى الشِّركِ حِينَذَاكَ زيدَ بن الدّثِنّة حِينَمَا أَخرَجَهُ أَهلُ مَكَّةَ مِن الحَرمِ لِيقْتُلُوهُ وقد كَان أَسيرًا عِندَهُم:أَنشُدُكَ بِاللهِ يِا زَيدُ،أَتُحِبُّ أَنَّ مُحُمّدًا الآن عِندنَا مَكَانَكَ نَضِربُ عِنُقَه وَأَنَّك فِي أَهلك؟قَالَ:واللهُ،مَا أُحِبُّ أَنَّ مُحَمَّدًا اَلآنَ فِي مَكَانِهِ الذي هُوَ فِيهِ تُصِيبُهُ شَوكَةً تُؤذِيهِ وأَنَّي جَالسٌ فِي أَهلي،فَقَالَ أَبُو سُفيَان(مَا رَأيتُ مِن النَّاسِ أَحدًا يُحِبُّ أَحدًا كَحُبِّ أَصحابِ مُحَمّدٍ محمّدًا))
حَكَّمَ الصَحَابَة رَضِيّ الله عَنهُم رَسُولَ الله فِي أَنفُسِهُم وأَموالِهم فَقَالوا:هَذِهِ أَموَالِنَا بَينَ يَدَيك فَاحكُم فِيهَا بِمَا شِئت،هَذِهِ نُفُوسُنَا بَينَ يَديكِ لَو اِستعرضتَ بِنَا البَحرَ لَخُضنَاهُ نُقَاتِلُ بَينَ يَديكَ ومن خَلفِك، وعَن يَمِينِكَ وعَن شِمَالِكَ..يقَول عَمَرو بن العَاص (ومَا كَان أَحدٌ أَحبَّ إِليَّ مِن رَسُولِ اللهِ ولا أَجلَّ فِي عَينِي مِنهُ،ومَا كُنتُ أُطِيقُ أَن أَملأَ عَينِي مِنهُ إِجلالاً لَه،ولَو سُئِلتُ أَن أَصفَه مَا اِستطعت))
نَحنُ نُحِبُّ أَصحَابَ رسُولِ الله ولا نَذْكُرُهُم إِلا بِالخيرِ،ونَشهَدُ لِجَمِيعِ المُهَاجِرينَ والأَنصارِ بِالجَنَّةِ والرِّضوانِ ثُمَّ نتَرحّم عَلى جَميعِهم صَغِيرهُم وكَبِيرهُم أَوّلِهم وآخرُهم وذِكرُ مَحَاسِنُهم ونَشرِ فَضَائِلهِم والاقتداءِ بِهَديِهم والاقتفَاءِ لآثَارِهم،نَكُفَّ عَمَّا شَجَرَ بَينَهم..فهم سَبَقُوا النَّاسِ بِالفضلِ،غَفَر الله لَهُم،وأَمرَ بِالاستِغفَارِ لَهُم والتَقَرُّبَ إِليهم وبِمَحَبَّتِهِم،فَرَضَ ذَلكَ عَلى لِسَانِ نَبيِّه فَلا يَتَتَبّعُ هَفواتِ أَصحابِ رسول الله وزَللَهم إِلاّ مَفتُونُ القَلبِ فِي دِينهِ..ومَا يُروى في بعض ِكُتُبِ التَاريخِ مِنهَا مَا هُوَ كَذِبٌ،ومنها ما قد زِيّدَ فيه ونقص فَغُيِّر عن وجههِ،والصَحِيحُ مِنهُ هُم فِيهِ مَعذُورُون،إِمَّا مُجتَهِدُونَ مُصِيبُونَ،وإِمَّا مُجتَهِدُونَ مُخطِئُون فلا يتحدث الإنسان بنقدٍ أو ملاحظة..
إِخوةَ الإِسلامِ،أَفضلُ الصَّحَابَةِ الخُلفَاءُ الأَربعة،ثُمَّ بَقيّةُ العَشرةِ المُبشّرينَ بِالجنَّةِ،قال (خَيرُ هَذهِ الأُمّةُ بَعد نَبيُّهَا أَبُو بَكرٍ وعُمر))وقَالَ (اِقتَدوا بِاللّذَيْن من بَعدي:أَبي بكرٍ وعُمر))وفي صَحيحِ مُسلمِ أَنَّ أَصحَاب النَّبيِّ كَانُوا فِي سَفَرٍ فَقَالَ (إِنْ يُطِيعُوا أَبَا بَكرٍ وعُمر يَرْشُدُوا))وفي صَحيحِ البُخَاريِّ عن مُحَمَدٍ بن الحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ قَالَ لأَبيّهِ عَليِّ بن أبي طالب (يا أبتِ،مَن خَيرِ النَّاسِ بَعد رَسولِ الله؟قَالَ:أوَ ما تَعلم يَا بُنَيِّ؟!قُلتُ:لا،قال:أبو بكر ))أَنزلَ الله فَي فَضَائِلِ أَبي بَكرٍ آياتٍ مِن القُرآنِ وَلاَ يَأْتَلِ أُوْلُواْ ٱلْفَضْلِ مِنكُمْ وَٱلسَّعَةِ أَن يُؤْتُواْ أُوْلِى ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْمَسَـٰكِينَ لا خِلافَ أَنَّ ذَلكَ في أَبي بَكرٍ فوصفَ بالفضلِ رٍضوانَ الله عليهِ،وقال تعالى ثَانِيَ ٱثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِى ٱلْغَارِ لا خِلافَ أَيضًا أَنَّ ذَلكَ في أبي بكر ،شَهِدَ لَهُ رَبُّ العَالمينَ بِالصُّحُبَةِ،وبَشَّرَهُ بِالسَّكِينَةِ،وحَلاّه بِثَاني اِثنين كما قال عمر (مَن يَكونُ أَفضلَ ثَانِي اِثنينِ اللهِ ثَالِثُهُمَا؟!،وقَال (مَا نَفَعَني مَالٌ قَطّ مَا نَفَعنِي مَالُ أَبي بَكر))،فبكى أبو بكر وقال:هَل أَنَا ومَالي إِلاَّ لكَ يَا رَسُول الله؟!))وفي عمر يَقولُ كَمَا في البخاري(مَا لقيَك الشَيطانُ سَالِكًا فَجًّا إِلا سَلَكَ فَجًّا غَيرَه))ويقولُ (قَد كَانَ فِي الأُممِ قَبلَكُم مُحدَّثون،فإِن يَكن في أُمّتِي مِنهُم أَحدٌ فَإِنَّ عمرُ منهم))أَخرجهُ مُسلم ومَعنى مُحَدَّثون أي:-ملهَمون-وعمر مُلِهَم..جَاءَ القُرآنُ بِمُوافَقَتِهِ في غيرِ مَا مَوضِعٍ،نَصَحَ النَّبيَّ أَن يُحجِبّ نِسَاءَهُ،وقال(يا رسول الله،لو اتّخذتَ من مَقَامِ إِبراهيم مُصَلَّى))وقَال لَهُ فِي شَأنِ الأَسرىفَأَنزلَ اللهُ القُرآنَ بِمُوافَقتهِ)).وهَكَذَا أَيَضَاً فَتحَ الله الفُتُوحَاتِ على يَدِ عُمر وعَن جَابر قَال:قِيلَ لِعَائِشة رضي الله عنها:{إِنَّ نَاسًا يَتَنَاوَلُونَ أَصحَابَ رَسولِ الله حَتّى أَبَا بَكرٍ وعُمرٍ،فقالت:{وما تعجَبون من هذا؟!اِنقطع عنهم العَملُ،فَأحَبَّ الله أن لا ينقطعَ عنهم الأجر}
أَمَّا عُثمَان بنُ عَفَّانٍ فَقد جاءَ إِليهِ بِأَلفِ دِينَارٍ في ثَوبِهِ لِيُجَهِّزَ جَيشَ العُسرةِ،قَال:فَصَبّحَ في حِجر النَّبِيِّ ،فَجَعَلَ النّبِيَّ يُقَلِّبُهَا بِيَدِهِ ويَقُولُ(ما ضَرّ عُثمانَ ما عمل بعد اليوم.. ما ضَرّ عُثمانَ ما عمل بعد اليوم يردّدها مرارًا))
وفي عليًّ قَالَ في غَزّوَةِ تَبوك(لأُعطِيَنَّ الرّايَةَ غَدًا رَجُلاً يَفتَحُ اللهُ عَلى يَدَيهِ،يُحِبُّ اللهَ ورَسُولَهُ،ويُحِبُّهُ اللهُ ورسُولُه))فَبَاتَ النَّاسُ لَيلَتَهُم أَيُّهم يُعطَى،فَغَدوا كلّهم يرجوه،فقال(أين علي؟)) فقيل:يشتكي عينيه،فَبَصَقَ في عِينِيهِ ودعاً لَه فَبَرأَ كَأَنْ لَم يَكن بِه وَجَع،فأَعطَاهُ فَقال:أُقُاتِلُهُم حَتَّى يَكُونُوا مِثلَنا،فقال(انفُذ على رِسلك حَتَّى تَنزّلِ بِسَاحَتِهم،ثُمَّ ادعهم إِلى الإِسلام،وأَخبرهُم بِمَا يَجِبُ عَليهم))وعن أنسم مَرفُوعَاً((آية الإيمانِ حُبُّ الأَنصارِ وآيةُ النّفِاقِ بُغضُ الأَنصارِ))أخرجه البخاري
إِخوةَ الإِسلامِ،الصَحَابَةُ كُلُّهُم مِن أَهلِ الجَنَّةِ كما،قال تعالى: لاَ يَسْتَوِى مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ ٱلْفَتْحِ وَقَـٰتَلَ أُوْلَـئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مّنَ ٱلَّذِينَ أَنفَقُواْ مِن بَعْدُ وَقَـٰتَلُواْ وَكُلاً وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلْحُسْنَىٰ اللهم إنا نسألك محبة صحابة نبيك واتباع سنته والاقتداء بهديه وارض عن صحابته يا أرحم الراحمين..
الخطبة الثانية
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده وبعد..
من الوَعيدِ الشَدّيدِ فيمَن آذَى أَصحابَ النَّبِيِّ قولُه (الله الله في أصحابي،لا تتخذوهم غرضاً بعدي،فمن أحبهم فَبُحُبِي أَحبهم،ومن أبَغضهم فببغضي أبغضهم،ومن آذاهم فقد آذاني،ومن آذاني فقد آذى الله تبارك وتعالى،ومن آذى الله فيوشك أن يأخذه)) رواه أحمد والترمذي وصححه عددٌ من العلماء وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال:قال (مَن سبَّ أَصحابي فَعليهِ لَعنَةُ اللهِ والمَلائِكَةِ والنَّاسِ أَجمعين))رواه الطبراني في الصحيحين قال (لا تَسبُوا أَحدًا مَن أَصحَابِي،فَإنَّ أَحدَكم لو أَنفق مِثل أَحدٍ ذَهبًا مَا أَدركَ مُدَّ أَحدهم ولا نصيفَه))
عرف السلف الصالح رضوان الله عليهم ورحمهم الله فضل الصحابة الكرام،وبيَّنوا ذلك، وردوا على كل من أراد انتقاصهم رضي الله عنهم بمجملهم من أبي بكرٍ وعائشة وعُثمان ومُعاوية وزيدٍ وبلالٍ رضي الله عنهم وأرضاهم أجمعين..
قال الإمام أحمد رحمه الله:"إِذا رَأيتَ رَجُلاً يَذكُرُ أَصحابَ رَسُولِ الله بِسُوءٍ فَاتْهِمُهُ على الإسلام"ولا يجوزُ لأُحدٍ أَن يَذكُرَ شَيئًا مِن مَسَاوِّيهِم،ولا يَطعنَ عَلى أَحدٍ مِنهُم بِعَيبٍ ولا نَقصٍ،فَمَن فَعَلَ ذَلكَ فَقد وَجَبَ عَلى السُلطَانِ تَأديبه وعقوبتهِ،ليسَ له أَن يَعفُو عَنهُ،بل يُعَاقِبُهُ ويَستَتِيبُهُ،فَإِن تَابَ قَبلَ منه،وإن أبى أعاد عليه العقوبة))وقال بشر بن الحارث رحمه الله:"مَن شَتَم أَصحابَ رسول الله فَهُوَ كَافِرٌ وإِن صَامَ وصَلى وزَعمَ أَنَّهُ من المسلمين"
ولعلَّ كَثيراً مِن الكُتَّابِ يَستَسهِلُونَ اليوم النَيلَ والحديث في أصحابِ رسول الله في الصُحُفِ والقَنَواتِ ويُنَاقِشُونَ أُمُوراً عَن الصَحَابة والخِلافَاتِ بَينَهُم وكَأَنَّ الموضوعَ خَاضِعٌ لِوجهاتِ نَظَرِهِم القَاصِرة وآراؤُهُم النّاقِصة يقول أبو زرعة الرازي:"إِذَا رَأيت الرّجُلَ يَنتَقِصُ أَحداً مِن أَصحابِ رسولِ الله فاعلم أَنَّهُ زِنديقٌ،وذلكَ أَنَّ الرسولَ حَقٌّ والقرآنَ حَقٌّ،وإنّمَا أَدّى إِلينَا القُرآنَ والسُّنَةَ أَصحابُ رسول الله وهؤلاءِ يُريدُونَ أَن يَجرَحُوا شُهُودنا ليُبطِلُوا الكِتَابِ والسُنَّة،والجُرح بهم أولى))

وقال الإِمامُ مُحَمد بن السَّمَاكِ رحمه الله لمن انتقص الصحابة:"علمتَ أن اليهودَ لا يسبونَ أصحابَ موسى ،وأن النَّصَارى لا يسبون أصحاب عيسى،فما بالكـ يا جاهل سببت أصحاب محمد؟
يا سَائِلي عَنْ مَذْهَبِي وعَقيدَتِي
رُزِقَ الهُدى مَنْ لِلْهِدايةِ يَسْأَل

اسمَعْ كَلامَ مُحَقِّقٍ في قَولِه
لا يَنْثَني عَنهُ ولا يَتَبَدَّل

حُبُّ الصَّحابَةِ كُلُّهُمْ لي مَذْهَبٌ

وَمَوَدَّةُ القُرْبى بِها أَتَوَسّل

وقال ابن الصلاح:"إِنَّ الأُمَّةَ مُجمِعةٌ على تعديلِ جميعِ الصَحَابَةِ,حَتى ومَن لابس الفتن منهم فكذلك بإجماع العلماء الذين يُعتد بهم في الإجماع".
وإذا تكلمَ العلماءُ عن فضل الصحابةِ يتكلمون عنهم في كتب العَقَائِد رَفعًا لِشأَنِهم وعلوًّا لمنزلتهم،وتحذيراً من خطر النيل منهم قال الطحاوي رحمه الله:"ونُحِبُّ أَصحابَ رَسُولِ الله ،ولا نُفرِّطُ في حُبِّ أَحد منهم،ولا نَتَبَرأُ مِن أَحدٍ مِنهُم،ونُبِغِضُ من يبغضهم وبغيرِ الحق يَذكرهم،ولا نذكرهم إلا بخير،وحبّهم دين وإيمان وإحسان، وبغضهم كفر ونفاق وطغيان".
أَيُّهَا الإخوة..إنَّ ما ذكرناه عن فضل صحابة رسول الله رسالةٌ لمِذهبٍ رافضيٍّ اِتخذ سَبَّ الصحَابة وأُمهاتِ المؤمنين والنَيلِ منهم مَذهباً بَاطِلاً ومَنهَجاً ثَأرياً كَما يزعمون يُضِلُونَ بِه أَبتْاعهم نسأل الله أن يهديَّ ضَالهم ويَكفيّ الأُمَّةَ شَرّهم..وهي رسالةٌ لِكُلِّ إِنسانٍ أَن يَنتَبِهَ من الحديث عن صحابة رسول الله بنقدٍ أو لمزٍ أو يتجرأ على ذلك لما علمناه..
وفي الختام لا نقول إلا كما قال الله: وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ اللهم ارض عن أصحاب نبيك أجمعين واجمعنا بهم في الفردوس الأعلى يارب العالمين ..
اللهم يا من أجاب نوحاً حين ناده..يامن كشف الضر عن أيوب في بلواه..يامن سمع يعقوب في شكواه ورد إليه يوسف وأخاه وبرحمته ارتد بصيراً وعادت إلى النور عيناه..يا مالك الملك يا ودود يا ذا العرش المجيد يا فعالاً لما تريد نسألك اللهم فرجاً من عندك قريبا لإخواننا المستضعفين في أرض الشام..طال بهم البلاء واشتدت بهم البأساء..ولا ناصر ولا مغيث لهم إلا أنت يارب رب الأرض والسماء اللهم أرحم ضعفهم اللهم تولى أمرهم اللهم أجبر كسرهم اللهم ارحم شهيدهم واشفي مريضهم وفك أسيرهم..أنس وحشتهم ..كن معهم ولا تكن عليهم..احرسهم بعينك التي لا تنام احفظهم بركنك الذي لا يرام وبعزك لذي لا يضام ياذا الجلال والإكرام..اللهم إليك نشكو ضعف قوتهم وقلة حيلتهم وهوانهم على الناس يا أرحم الراحمين إلى من تكلهم إلى عدو يتجهمهم أم إلى قريب ملكتهم أمرهم إن لم يكن بك سخط عليهم فلا نبالي إلا إن عافيتك اقرب لهم.. اللهم انتقم لهم من بشار اللهم اللعناً كبيراً اللهم اقتله شر مقتل..اللهم عليك به وجيشه وزرمته ياقوي يا عزيز ولا حول ولا قوة إلا بك..
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد...


 0  0  936
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 03:48 صباحًا الثلاثاء 6 محرم 1447 / 1 يوليو 2025.

Powered by Dimofinf cms Version 4.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Ltd.