• ×

04:19 صباحًا , الثلاثاء 6 محرم 1447 / 1 يوليو 2025

غلاء الأسعار

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه،وأشهد أن لا إله إلا الله و حده لا شريك له تعظيماً لشأنه,وأشهد أن سيدنا محمد عبداً عبده ورسوله الداعي إلى جنته ورضوانه،صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأعوانه،وسلم تسليماً أما بعد..فيا عباد الله اتقوا الله تعالى و توبوا إليه ..

خرج مرةً رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو بأبي بكر و عمر رضي الله عنهما فقال:ما أخرجكما من بيوتكما في هذه الساعة؟فقالا:الجوع يا رسول الله قال وأنا والذي نفسي بيده أخرجني الذي أخرجكما،قوما فقاما معه فآتى رجلاً من الأنصار فإذا هو ليس في بيته فلما رأته المرأة قالت مرحباً وأهلاً فقال لها صلى الله عليه وسلم أين فلان؟:قالت:ذهب يستعذب لنا الماء إذ جاء الأنصاري فنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه ثم قال:الحمد لله ما أحدٌ اليوم أكرمُ أضيافاً مني فانطلق فجاءهم بعذقٍ فيه بُسرٌ و تمرٌ ورطب فقال:كلوا و أخذ المدية فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم إياك والحلوب فذبح لهم فأكلوا وشربوا فلما أن شبعوا ورووا قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم(و الذي نفسي بيده لتسألن عن هذا النعيم يوم القيامة أخرجكم من بيوتكم الجوع ثم لم ترجعوا حتى أصابكم هذا النعيم ))رواه مسلم
هذا رسول الله عليه الصلاة والسلام الذي مات ولم يشبع من خبز الشعير والبُر وكان يمرُّ عليه الشهرُ والشهران والثلاثة وما أُوقد في بيته نار وكان طعامه الأسودان فقط التمر والماء هو وأصحابه ولما أن فتح الله عليهم الأرض فرأوا خيرات الأرض هل تغيرّوا؟!بل هذّبتهم هذه الشدة وذلك الجوع في أخلاقهم فإذا هم قلوبٌ تتصل بالله،تتذكره وتخشاه،تُؤْثره على مُتع الحياة..أخلاقُهم عما يشين نقيةٌ..نفوسهم عما يعيب مكفكفة..ما استعبدتهم شهوةٌ ولا زخرفة..ليسوا بأسرى الأطعمة..قومٌ إذا جدّ الوغى كانوا ليوث الملحمة..ويعود التاريخ لهذه الجزيرة في نجد التي كانت حتى وقتٍ قريب مذأبة منهبة يجوع فيها الناس و يهربون منها للهند والعراق لطلب الرزق تاركين كل من وراءهم فتبدل الحال و أخرج الله كنوز الأرض منها فإذا هي نعمٌ لا تحصى ولا تعد بفضل الله وحده((وما بكم من نعمةٍ فمن الله))يجد الناس ما يشترون ويحصلون على ما يشتهون لكن بعضهم عن معرفة قدر هذه النعم غافلون..ثم بدأت البركات تقل والنعم تتناقص والقحط ينتشر وشكر النعم يضمحل..وأصبح بعض الفقراء يريد منافسة الأغنياء وارتفعت الأسعار،وقلّت البركات وكثرت الطلبات فأصبح ما يُشترَى بالأمس لا يكفي اليوم وزاد الغلاء..وارتفعت أسعار المواد الغذائية وغير الغذائية،ووصل جنونُ الأسعار إلى حليبِ الأطفال وأدويةِ المرضى،والأرز والسكر والدواجن وكل شيء،حتى حملات الحج والأضاحي أصبحت بمبالغ هائلة أما أسعار المساكن التي يأوي إليها الناس فقد وصلت إلى أرقام فلكية يصعبُ تصديقُها ويعجزُ القادر عن مجاراتِها،بل الجمعيات الخيرية التي تساعد الفقراء والمحتاجين تضررت من ظاهرة الغلاء المبالغ فيها حيث أثَّر ارتفاعُ أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية في ميزانيتها المتواضعة التي كانت مهددةً بعجزها أمام تغطية تكاليف معيشة الفقراء..وغيرها من هموم المعيشة ..
عباد الله..لقد كان الفقراء في الماضي هم الطبقة الأكثر تذمرًا من غلاء الأسعار لأنهم لم يمتلكوا ما يعيشون به أما اليوم وفي ظل هذا الغلاء الفاحش والارتفاع اليومي للأسعار والتنافس بين الشركات العملاقة لاحتكار السلع بكآفة أنواعها وضحيتها المواطن العادي المستهلك فإننا بحاجة إلى بعض التنبيهات نحاول من خلالها معالجة مشكلة الغلاء التي نسأل الله سبحانه أن يكشفها عن أمة محمد عاجلا غير آجل و التي لا بد من طرحها لأنها مما يهمُّ الناسَ في حياتهم..وهي لاشك مسؤولية الدول والمسؤولين والتجار بالبحث عن حلولٍ لها والسعي لتخفيف ضررها على الناس لا أن تهمل لتنتهي مدخرات الناس من هذا الغلاء ـ عبادَ الله ـ يجب أن نعلم أولاً أن ما يصيبنا إنما هو بسبب ذنوبنا،وإلا فالله جل جلاله خلق الخلق وتكفل برزقهم إذا لم يعصوه ((ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ))إنها سنة الله تعالى الماضية في الأمم الغافلة((فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلاً))قال بعض السلف: جزاء المعصية الوهن في العبادة والضيق في المعيشة والتعسر في اللذة،قيل:وما التعسر في اللذة؟قال:لا يصادف لذة حلال إلا جاءه من ينغصها عليه.
إذا كنتَ فِي نعمةٍ فارعها
فإن المعاصي تزيلُ النِعمْ

وحطها بطاعة رب العباد
فرب العباد سريع النقم

ألم يتهاون كثيرٌ منا بالمال الحرام،ولعلَّ أعظمَه الربا التي لا زالت بعض قلاعه تحاربُ الله في مبانيها الشاهقة وإعلاناتها الماحقة..كيف سقط الناس في شراك الأسهم المحرَّمة وتنافسوا عليها حتى خسروا الكثير والقليل..أصبح النصبُ والاحتيال سمةَ بعضِ الشركات المُساهمة وصارَ الطمع سُعاراً يركض وراءَه الجميع بلا تورعٍ عن الحرام ..
انتشرت الديون والمداينات والأقساط بصورٍ شتى حتى طالت غالب الناس وبالمقابل ضعف الإنفاق والبذل في سبيل الله للمسلمين المحتاجين حين كان هذا البلد ينطلق خيرهُ لكل بلاد المسلمين الجوعى ثم قلّ ذلك بشكلٍ ملحوظ و تسرّب الخوف إلى قلوب الناس وأيديهم من مساعدةٍ للمسلمين الفقراء فقلت البركة،وهي لاشك من أسباب البلاء والغلاء وقلة البركة في الأرزاق..نسأل الله ألا يؤاخذنا بذنوبنا ويرزقنا شكر النعم..
عباد الله،كما أنه مما يُعاب علينا مع غلاء الأسعار تفشّي الإسراف في حياتنا على كافة المستويات،حيث تحول الإسراف من سلوك فرديّ لدى بعض الأغنياء في المدن الكبرى إلى ظاهرةٍ عامة تجتاحُ الأمةَ كلّها،فالغنيُّ يُسرف،وترى الولائم التي ترمى ولا تؤكل وهي للمباهاة وغير الغني يقترض من أجل أن يُسرف ويلبي متطلبات أسرته من الكماليات وما لا يحتاجون إليه،وهذا كلّه من إغراء الدعاية والإعلان..واعتاد أكثر الناس على مستوى من الإسراف في مآكلهم ومشاربهم وملابسهم ومراكبهم،وكثيرمن مصروفاتهم ليست لحاجات بل لكماليات،وأضحى الواحد منهم يشكو من قلّة دخله ولو كان كثيرا،ومن كثرة مصروفاته ولو كان أكثرها ليس ضروريآ..فهل تصدقون أن أناساً مدخولهم الشهري حوالي العشرين ألفاً أو أكثر بالشهر في بيوت يملكونها يستدينون قبل وصول الراتب لسوء تدبيرهم فكيف بمن رواتبهم أقلَّ كيف يعيشون؟
كم حدَّث التاريخُ ـ عبادَ الله ـ عن بيوت عامرة أسّسها آباء مقتدرون صارت إلى أبناء غلبَ عليهم الإسراف، فأفسدوا وأتلفوا ما ورّث آباؤهم، ثم التحق أولئك بطبقات المعدمين الذين لا يجدون ما ينفقون، كم خَربَِت بسبب الإسراف بيوتٌ تحكمت فيها نساء وأشباه نساء يتكلّفون ما لا يطيقون،وينافسون على ما لا يقدرون،وتناسى أولئك أن المبذرين كانوا إخوان الشياطين،وكان الشيطان لربه كفورا((وكم أهلكنا من قريةٍ بطرت معيشتها فتلك مسا كنُهم لم تُسكن من بعدهم إلا قليلاً وكنا نحن الوارثين)) والإسرافُ منهيٌّ عنه ومَعيبٌ في كلّ شيء ((وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)) وقال صلى الله عليه وسلم ((كلوا واشربوا وتصدقوا والبسوا في غير إسراف ولا مخيلة))رواه النسائي وابن ماجة إن هذا التشديد في النهي عن السّرف لأجل الحفاظ على الأموال التي يُسأل عنها العبدُ يوم القيامة،:من أين اكتسبه؟وفيم أنفقه؟والإسراف علامةُ شرٍ للهلاك((و إذا أردنا أن نهلك قريةً أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحقَّ عليها القول فدمرناها تدميرا))
ومع غلاءِ الأسعار فإنه لابد من القناعة وهي الاكتفاء باليسير من الأغراض المحتاج إليها فإن الناس إذا قلّت القناعة فيهم زاد التسخّطُ بينهم وافتقدوا الرضا بما رزَقهم الله، وحينئذ لا يُرضيهم طعامٌ يُشبعهم، ولا لباسٌ يواريهم،ولا مراكبُ تحملهم وكان صلى الله عليه وسلم يقولُ(اللهم قنًّعني بما رزقتني،وبارك لي فيه)) أخرجه الحاكم،بل كان عليه الصلاة والسلام يوصي أصحابه بالقناعة وعيش الكفاف،فيوصي أبا هريرة((كن ورعًا تكن أعبدَ الناس،وكن قنعًا تكن أشكر الناس))أخرجه ابن ماجة ومن عمرَ قلبه بالقناعةِ نَعُمَ بالراحةِ،وعاش الحياةَ الطيبة،وُبشرّ بالعزِّ والغنى،فسَّرَ علي وابن عباس والحسن رضي الله عنهم قوله سبحانه(فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً))فقالوا:الحياة الطيبة هي القناعة..
خذ القنـاعة من دنياك وارض بِها
لو لَم يكن لك منها إلا راحة البدن


وانظر لمن ملك الدنيـا بأجْمعهـا
هل راح منها بغير القطن والكفن؟!


إن كنت فقيرًا ففي الناس من هو أفقر منك، وإن كنت مريضًا ففيهم من هو أشد منك مرضًا، فلماذا ترفعُ رأسك لتنظر من هو فوقك ولا تخفضه لتبصَر من هو دونك؟!والطريقُ للقناعة والرضا بما قسم الله هو في قوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم((انظروا إلى من هو أسفل منكم،ولا تنظروا إلى من هو فوقكم،فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم))ونحن بمواجهة هذا الغلاء نحتاج إلى ثقافة للاستهلاك تعلمنا ما نحتاجُ فنشتريه وما لا نحتاج فنتركه فإن بينَ القناعة وحسن الاستهلاك علاقةً وثيقةً،تتمثلُ في عدم الاغترار بما تبثّه الشركات الإعلامية والمحلات التجارية ومراكزها من إغراءاتٍ تدعوا للشراء ولقد أثبتت الدراسات أثَر الإعلام والإعلان على أنماط الاستهلاك وهوس الشراء لكثير من الناس والنساء خاصة،فالإعلام يصور مقتنيات السوق على أنها لذّة الحياة التي تجلب المتعة بالحياةِ ولقد ذكرت الإحصاءات أن ثلث ما يتمّ وضعه في عربة المشتريات هو من الكماليات التي يمكن الاستغناء عنها ويكون مصيرها غالبًا إلى سلة النفايات..انظروا كسلعةٍ مهمة كالأرز مثلاً التي تضايق الناس من ارتفاع سعرها..هل تعلمون أن أكثر من ثلث الأرز المستخدم في الأطعمة والمناسبات يُرمى في النفايات أو كطعامٍ للحيوانات فإلى متى سيبقى بعض الناس عاجزًا عن تحديد الكمّيات المشتراة من الأغذية حسب حاجة أسرته الفعلية

أبصر أبو الدرداء رضي الله عنه حَبَّا منثورًا في غرفته فقالإنَّ من فقهِ الرجلِ رفقَه في معيشته)،وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (الخَرَقُ في المعيشة أخوف عندي عليكم من العوز،لا يقل شيء مع الإصلاح،ولا يبقى شيء مع الفساد)..انظروا كمثال إخوتي إلى كثرة المطاعم هل كثرتها هذه طبيعية؟وما الذي دعا إلى وجودها إنه إقبال كثير من الناس ترفاً عليها والكسل للنساء عن خدمة بيوتهم والأشد من ذلك أن لدينا أولاد لايحبون الأكل في بيوتهم بل دائماً أكلهم من هذه المطاعم التي تركوا لأجلها أفضل النعم في بيوتهم و يشترون بأغلى الأثمان ما قلَّت فائدته ويجلبُ المرض والسمنة يقول أحمد بن محمد البراثي:قال لي محمد بن بشر بن الحارث لما بلغه ما أُنفقَ من تركة أبينا:قد غمَّني ما أنفق عليكم من هذا المال، ألا فعليكم بالرفق والاقتصاد في النفقة،فلأن تبيتوا جياعًا ولكم مال أعجب إليّ من أن تبيتوا شباعًا وليس لكم مال:اقرئ والدتك السلام وقل لها:عليك بالرفق والاقتصاد في المعيشة..إن مسؤولية الآباء تكون في زرعِ ثقافةِ الاستهلاك لأسرته والغذاء الجيد.. كما أن،دورَ التجارِ إخوتي في هذه الأزمةِ التي تحيطُ بالمجتمعِ لا يخفى،فإما أن يكونوا معولَ هدمٍ يزيدُ من معاناة الفقراء والمحتاجين،بزيادة أرباحهم وإما أن يكونوا أداة بناء يسهمون في تخفيف الضراء عن المتضررين بالتنازل عن بعض الربح حين غلاء بعض المواد..
يا معشر التجار،بهذا النداء رفع المصطفى صلى الله عليه وسلم صوته،فاشرأبت إليه أعناقهم استجابة لندائه فقال((إن التجار يُبعثون يومَ القيامة فُجارًا،إلا من اتقى وبرَّ وصدق))
هذا هو طريق الكسب الحلال فهل يعلم التاجر الذي رفع أسعار بضاعته نهبًا وجشعًا بأنه يكاد يقتل أكثر من أسرة بالدَّين والهم والنكد؟!وهل يستشعر التاجر أن ضررَ إبقائه الأسعار مع انخفاض أرباحه السنوية،أقل ضرراً من رفع الأسعار التي تُسبِّبُ الديون والحرمان مما يكتوي به عدد من الأسر..قال صلى الله عليه وسلم ((من دخل في شيء من أسعار المسلمين ليغليه عليهم فإن حقًا على الله أن يقعده بعظم من النار يوم القيامة))أخرجه الإمام أحمد.
وليتذكر التاجر قوله صلى الله عليه وسلم(من يأخذ مالاً بحقه يبارك له فيه، ومن يأخذ مالاً بغير حقه فمثله كمثل الذي يأكل ولا يشبع ))رواه مسلم.

نقول ذلك وقد حدثنا البعض ممن يتعامل مع كبرى الشركات الغذائية أنهم يتلاعبون بالأسعار بالرغم من وجود البضائع مخزنة عندهم منذ مدة طويلة لاسيما مع ضعف الرقابة التجارية مع الأسف وهنا تكمن أهمية وجود نظام حكومي رقابي على التجار والرقابة على الأسعار ووضع العقوبات الصارمة والتشهير وأن لا يكون دور هذه الجهات الرقابية وهي لحماية المستهلك الفرجة على ما يفعله التجار من جشعٍ وطمعٍ ورفعٍ للأسعار أو لعبٍ وعبثٍ بعقول المستهلكين عبر إعلاناتهم قليلة المصداقية والإغراءات التي تُقدَّم لهم أو العروض والإغراء بلا تنظيم فإرخاص الأسعار على المسلمين ووضع الإجحاف بهم وترك استغلالهم كما يفعله بعض التجار ممن يبحث عن العدل والصدق فإنهم موعودون بالبركة في أرزاقهم والسعة في أموالهم والصحة في أبدانهم.
عباد الله،إن الواجب على من تولى أمر المسلمين من وزراء ومسؤولين أن يتدارك أمرهم في ظل هذه المعاناة من غلاء السلع وغيرها،وذلك بالبحث عن الأسباب الحقيقية للأزمة ووضع الحلول المناسبة لها،وإذا رأى الإمام تضرّر أكثر الناس بالغلاء وتعب الفقراء فإن الصحيح من أقوال العلماء جوازُ التسعير،وهو تحديد ثمن للسلع حتى لا يتغير في حال غلاء الأسعار وارتفاعها،وإذا أخذ ولي الأمر بالتسعير لمصلحة المسلمين وأمر أهل الأسواق أن لا يبيعوا إلا بسعر محدّد بلا زيادة ولا نقصان لم تجز مخالفته..
عباد الله..إننا في بلادنا نحمد الله على نعم حُرمها الكثيرون وهذا يستحق منا الشكر وحسن التصرف فإن النعم إذا شُكرت قرت وإذا كُفرت فرّت نسأل الله أن يديم علينا نعمه التي لا تعد ولا تحصى وأن يرزقنا شكرها ويكفينا شرَّ الإسراف فيها..وأن يكفينا شر الغلاء..ويبارك لنا فيما أعطانا((ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركاتٍ من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذهم بما كانوا يكسبون))..أقول ما تسمعون ...
الخطبة الثانية
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده وبعد..
عباد الله،إذا وُجد الغلاء وعجز الفقراء يتحمّل الناس ديونًا يعجزون عن أدائها،ويلجأ البعض إلى طرق غير مشروعة للحصول على المال وتوفير ما يحتاجون،وحينها لا يبالي ضعيف الإيمان أمن حلال أخذ المال أم من حرام،وتنشأ الأنانية والشحّ والبخل،وتوجد الطبقات وتضعف الروابط وتنقطع الصلات؛وتُوجدُ المشكلات حتى بتنا نسمع عن قضايا مقلقة وجرائم لم نكن نتوقعها من سرقةٍ و احتيال واختلاسٍ واستغلال وأصبح كثير من الآباء عاجزين عن توفير ما يريده الأولاد و وقع بعض النساء في الحرام لأجل البحث عن المال ولا حول ولا قوة إلا بالله..
أيها المسلمون،لاشك أننا بحمد الله أفضل حالاً من غيرنا ولئن ابتلينا بالزيادة في أسعارنا فإنّ العديد من البلدان حولنا ابتلوا بفقد طعامِهم وأمنهم واستقرارهم بسبب الفيضانات والحروب والفتن وتسلط الظلمة والطغاة عليهم..ولنحذر من المشتريات الزائدة والديون الفائضة عن الحاجة والصبر مفتاح الفرج،وبالاستغفار يعود الازدهار،وإن من أسباب تحويل المولى سبحانه الضراء إلى السراء أن نتفقد ـ وخاصة هذه الأيام ونحن مقبلون على أيام فاضلة ـ الفقراء من المسلمين هنا وهناك لأنهم في ازدياد وكثرة،وحاجتهم وفاقتهم أكثر،ولنتذكر ونحن نواسي أولئك قوله عز وجل(أنفق ـ يا ابن آدم ـ ينفق عليك))وقوله عليه الصلاة والسلام((ما نقصت صدقة من مال،بل تزده،بل تزده،بل تزده))
اللهم يا من يعلم السر وأخفى،يا من له الآخرة والأولى،نسألك باسمك الأعظم أن تدفع عنا الغلا والوبا والربا والزنا والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن،اللهم فرج هم المهمومين، ونفس كرب المكروبين،واقض الدين عن المدينين..وانصر عبادك الموحدين في كل أقطار الدنيا يارب العالمين..اللهم انصرهم في بلاد الشام..اللهم اجبر كسر إخواننا هناك وكن معهم ولياً ونصيراً ومؤيداً وظهيراً يارب العالمين..اللهم ارحم موتاهم..واشف مرضاهم..واحمي أموالهم وأعراضهم..وانصر اللهم جيشهم الحر..اللهم ثبتهم وأنزل السكينة عليهم وأيدهم بنصرٍ من عندك يا ذا الجلال والإكرام اللهم أننزل غضبك ورجسك إله الحق على الطغاة الظالمين من النصيرية الحاقدين..اللهم عليك بهم فإنهم لايعجزونك..اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك..وشديد سطوتك..وعظيم بأسك يا قويُّ يا عزيز..اللهم أرنا فيهم يوماً عصيبا..يشفي غليلنا ويذهب غيظ صدورنا.. إلهنا وربنا..طال ليل الظالمين..واشتدت اللواء على إخواننا اللهم إنا نستودعك دينهم وأعراضهم يامن لاتضيع ودائعه..اللهم لا إله إلا أنت ربي سبحانك إني كنت من الظالمين..

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،،،،،

 0  0  891
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 04:19 صباحًا الثلاثاء 6 محرم 1447 / 1 يوليو 2025.

Powered by Dimofinf cms Version 4.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Ltd.