• ×

03:05 صباحًا , الثلاثاء 6 محرم 1447 / 1 يوليو 2025

غزوة مؤتة دروس وعبر

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
الحمد لله الواحدِ الأحد الفرد الصمد،وأشهد أن لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريكَ له لم يلد ولم يولد وأشهدُ أنّ محمَّدًا عبدُ الله ورسوله خيرُ من للهِ تعبَّد صلى الله وسلِّم عليه و على آلهِ وأصحابهِ الرُكِّعِ السجَّد وسلَّم تسليماً ..أما بعدُ فاتقوا الله عبادَ الله وتوبوا إليه ..
سيرة المصطفى صلواتُ ربِّي وسلامُه عليه والعودُ أحمد،نستلهم منها العبرَ والدروسَ فبعدَ صلحِ الحديبية تفرّغ النبيُّ صلى الله عليه وسلم لدعوتهِ ومخاطبةِ المجاورين بالإسلام، فبعث الرسلَ إلى الملوكِ والولاةِ في شمالِ الجزيرةِ وغربِها،وجنوبِها وشرقِها،يدعوهم إلى الإسلام للهِ ربِّ العالمين لا شريكَ له،وتركِ العبادِ الذينَ تحتَ أيديهم ليُسلِمُوا للهِ ويتَّبعُوا رسولَه ويَخْرُجُوا من الظلماتِ إلى النور وذلك فالدعوة إلى دين الله واجبة بنشر الإسلام وتوحيده وصفائه في كل أصقاء المعمورة..المسلمون مطالبون بذلك..
كان ممن أرسلهم عليه الصلاة والسلام الحارثُ بن عمير الأزدي رضي الله عنه بعثه صلى الله عليه وسلم بكتابه إلى هرقل ملك الروم بالشام فلما نزل مؤتة في شمال الجزيرة عرض له عامل قيصر شرحبيل بن عمرو الغساني فأوثقه رباطا ثم قدمه فضرب عنقه ليموت شهيداً رضي الله عنه وبلغ الخبر رسول الله صلى الهض عليه وسلم فأصابه هم عظيم لقتل رسوله اذ كان الحارث الرسولَ الوحيدَ من بين رسله الذي تعرَّض للقتلِ والأَذى وكانت الرسلُ لا تُقتل.فجمع المسلمين وأخبَرهم،ثمَّ جهَّز جيشاً قِوامُه ثلاثةُ آلافِ مقاتلٍ لغزوِ مؤتة في مثل هذا الشهر جمادى الأولى من السنة السابعة من الهجرة.ولما تجهّزَ الجيشُ وعزمَ على الرحيلِ قام فيهم خطيباً صلى الله عليه وسلم وعقد لهم لواءً أبيضاً ودفعه إلى زيد بن حارثة رضي الله عنه على هذا الجيش ثم قال..((إن أصيبَ زيدٌ فجعفرُ بن أبي طالب على الناس،فإن أصيبَ جعفرُ فعبدُ الله بنُ رواحة على الناس)).وأوصاهم عليه السلام أن يأتُوا مقتلَ الحارثِ بنَ عمير وأن يدْعُوا مَنْ هُنالِكَ إلى الإسلام،فإن أجابُوا وإلا استعانُوا عليهم بالله وقاتلوهم.
ثم قال صلى الله عليه وسلم..((اغُزوا بسم الله في سبيلِ الله مَنْ كَفَر بالله،لا تغدُرُوا ولا تُغيروا ولا تَقْتلوا وليداً ولا امرأةً ولا كبيراً ولا فانياً ولا مُنعزلاً بصوَمعةٍ،ولا تَقْطَعُوا نَخْلاً ولا شجرةً ولا تهدِمُوا بناءً)).
وهذه تعاليمُ الحروب في الإسلام فإن القتال إنما شُرعَ لنصرةِ المستضعفين والدعوةِ إلى الله تعالى بالحكمةِ والموعظةِ الحسنة،لا إلى التخريب والاعتداء.ولما تهيَّأَ الجيشُ للخروجِ حضرَ الناسُ يودِّعون أَمراءَ جيشِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ويُسلّمون عليهم،فبكى عبدُ الله بنُ رواحة رضي الله عنه فقالوا..ما يُبكيك يا ابنَ رواحة؟فقال..أما والله ما بي حبُّ الدنيا،ولا صبابةٌ بكم،ولكنِّي سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ آيةً من كتاب الله تعالى يذكرُ فيها النار..(( وَإِن مّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً))فلست أدري والله كيفَ لي بالصدرِ بعدَ الورود.ثم قال..
لكنّنــي أسـأل الله مغفـرةً
وضربةً ذات فرع تقذفُ الزَّبدَا

أو طعنةً بيـديْ حرّانَ مُجهـِزةً
بحربـةٍ تُنفِـذُ الأحشاءَ والكبدا

حتى يُقالَ إذا مرّوا على جَدثـي
أرشدَ اللهُ مـن غـازٍ وقد رَشدا

وخرجَ الجيشُ من المدينة،ومعهم المصطفى صلى الله عليه وسلم في مجموعةٍ من أصحابه رضي الله عنهم مشيّعاً لهم حتى بَلَغ ثنيّةَ الوداع،يُودِّعُه عبدُ الله بنُ رواحة،مُجهَشاً بالبكاء وهو يقول..
فثبّـت الله ما آتـاك من حَسَـنٍ
تثبيتَ موسى ونَصْراً كالذي نُصروا

إني تفرّسـت فيك الخيـر أعرفه
والله يعلـم أن مـا خانني البصـر

أنت النبي ومـن يُحـرم شفاعتَه
والوجه منك فقد أزرى بـه القـدر

فقال صلى الله عليه وسلم..((وأنتَ فثبّتكَ اللهُ يا ابنَ رواحة)).قال هشامُ بن عروة رحمه الله..فثبّته الله عزَّ وجل أحسنَ الثبات فقُتل شهيداً وفُتحت له الجنة فدخلَهَا..
ثم خرجَ القومُ،في اتجاهِ الشام حتى نزلوا بمعان،عندَها نقلَت إليهم الأخبارُ بأنَّ هرقل نازلٌ بمابْ من أرضِ البلقاء في مائةِ ألفٍ من الروم، وانضمَّ إليهم من لُخمَ وجُذَام وبَلْقين وبَهراء وبلي مائةُ ألف.
حينها وقفَ المسلمون دهشين،لم يكنْ في حسابِهم لقاءَ مثلِ هذا الجيش العرمرم الذي لقوه بغتةً في أرضٍ غريبة بعيدة..اجتمعَ المسلمون وتشاوروا في أمرِهم،وأقاموا ليلتين وهم يفكّرون في الأمر،ثم قالوا..نكتبُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ونخبرُه بعدد عدوّنا وما أعدوا لنا،فإمّا أن يُمدِّنا بمددٍ من عنده،وإمّا أن يأمرَنا بأمره فنمضي له.فقامَ عبد الله بنُ رواحة رضي الله عنه يشجعُ الناسَ ثم قال..(أيُّها الناس!والله إن التي تكرهون للَّتي خرجتُم تطلبون ـ يعني الشهادةَـ وما نقاتلُ الناسَ بعددٍ ولا قوةٍ ولا كثرةٍ،ما نقاتلُهم إلاّ بهذا الدين الذي أكرَمنا اللهُ به،فانطلقُوا فإنما هي إحدى الحسنيين..إما ظهورٌ وإما شهادة).
نعم..المسلمون لايقاتلون بعددٍ ولا قوةٍ ولا كثرةٍ،وإنما بهذا الدين،وهي رسالةٌ إلى أهلِ الإسلامِ والحقِّ الداعين إليه،المرابطين على ثغورِ الكلمة ونشرِ المبدأِ،الساعين لإعادةِ الأمةِ إلى مجدهِا وعزِّها و المطالبةِ بالحقوقِ ورفضِ الظلمِ و الطغيانِ،ما نقاتلُ الناسَ بعددٍ ولا قوةٍ ولا كثرة، ما نقاتلهُم إلا بهذا الدين الحكيم رغم كيد الكائدين وعمل المنافقين مجاهرة الفاسقين.
وأخيرًا استقرَّ الرأيُ على ما دعَا إليه البطلُ ابنُ رواحة رضي الله عنه وبعد أن قضى الجيشُ الإسلامي ليلتين في معان تحرّكُوا،حتى لقيتْهم جموعُ هرقل بقريةِ مشارِفْ من قُرى البلقاء،ثم دنا العدوُّ،وانحازَ المسلمون إلى مؤتة،فعْسكرُوا هناك وفي مؤتة التقى الفريقان في معركةٍ اختلفت فيها كلُّ المقاييسِ الأرضيّة،ثلاثةُ آلاف رجلٍ يواجهون هجماتِ مائتي ألف مقاتل،مدججين بالسلاح والعتاد
أخذَ الرايةَ زيدُ بنُ حارثة حِبُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعل يقاتل بضراوةٍ بالغة،وبسالةٍ لا تَحِقُّ إلا لِمثل زيد،فلم يزلْ يُقَاتلُ ويُقاتلُ ويخترقُ الصفوفَ صفًا صفًا،والقومُ أمامَه بين صريعٍ وقتيل،إذ شاطَ في رماحِ العدو، حتى خرَّ صريعًا..وحينئذٍ أَخَذ الرايةَ جعفرٌ بن أبي طالب،وطَفق يقاتلُ قتالاً منقطع النظير،حتى إذا أرهقه القتال نزل عن فرسه الشقراء وعقرها قائلاً.
يا حبـّذا الجنَّةَ واقترابُها
طيبـةً بـارداً شـرابُها

والروم رومٌ قد دنَا عذابُها
كافـرةً بعيـدةً أنسـابُها

علـيّ إذ لاقيتهُـا ضِـرابها

ثم قاتل فقُطعت يمينه،فأخذَ الرايةَ بشمالِه،ولم يزل بها حتى قُطعت شماله،فاحتضنها بعضديه رافعًا إياها حتى قُتلَ بضربة روميِّ قطعتْه نصفين،فأبدلَه الله بهما جناحين يطير بهما في الجنة،فكان يُسمَّى بعدَ ذلك جعفرُ الطيار.روى البخاريُّ عن ابنِ عمر رضي الله عنهما قال.."كنتُ فيهم في تلكَ الغزوةِ، فالتمسنا جعفرَ بنَ أبي طالب فوجدناه في القتلى،ووجدنا في جسده بضعًا وتسعين من طعنة ورمية كلُّها فيما أقبلَ من جسده" ثم أخذ الرايةَ عبدُ الله بنُ رواحة وتقدَّم وهو على فرسِه فجعلَ يستنزلُ نَفْسَه،ويتردَّدُ بعضَ التردُّدِ حتى حادَ حَيْدَةً وقالَ..


أقسمتُ يا نفـسُ لتنزلنـَّـه

كارهـةً أو لتُطـاوعِنـه


إن أجلب الناس وشدوا الرنة


مالي أراك تكرهين الجنة

ثم نزلَ،فأتاه ابنُ عمٍ له بعْرقِ لحمٍ،فقال..شُدَّ بهذا صُلبَك فإنك قد لقيتَ في أيامِك هذه ما لقيت، فأخذَه من يدهِ فانتهسَ منه نهسةً،أعطاه إياه وأخذَ سيفَه فتقدَّم، فقاتلَ حتى قُتلَ.
عندَها تقَّدمَ رجلٌ من بني عجلان يقال له ثابتُ بنُ أرقم فأخذَ الرايةَ وقال..يا معشرَ المسلمين، اصطَلِحُوا على رجلٍ منكم،قالوا.. أنت.قال.. ما أنا بفاعل، فاصطلح الناسُ على خالدِ بن الوليدِ، فلما أخذَ الراية قاتلَ قتالاً مريرًا روى البخاري عن خالِدِ بن الوليد قال..لقد انقطعتَ في يدي يومَ مؤتة تسعةُ أسياف، فما بَقي في يدي إلا صفحةٌ يمانية..وقد قالَ صلى الله عليه وسلم يومَ مؤتة كما أخرج البخاري في صحيحه،مُخَبرًا بالوحي،قبل أن يأتي إلى الناسِ الخبر من ساحة القتال..((أخذَ الرايةَ زيدُ فأصيب،ثم أخذَها جعفرُ فأصيب،ثم أخذ ابن رواحة فأصيب وعيناه تذرفان حتى أخذ الراية سيفٌ من سيوف الله،حتى فتح الله عليهم))الله أكبر ((وعيناه تذرفان)) عاش صلى الله عليه وسلم لأمتهِ تفاعلَ مع قضاياها همًا وغمًا،ألمًا وأملاً، فرحًا وحزنًا فيا من تحمل في قلبك لا إله إلا الله،وحملتَ على عاتقِك همَّ دينكِ وأمتكِ سعيًا في إصلاحها وصلاحها، أين أنت من قضاياها في مشارق الأرض ومغاربها..
كم نفرح للدنيا وملذاتها وشهواتها،ونحزن لفواتها وانقطاعها أو انتقالها،ولا نحرك ساكنًا بل ونبخل بالألم والدمعة،على مصاب المسلمين فإلى الله المشتكى.
ونجح خالدٌ رضي الله عنه في الصمود بجيشه أمام جيش الرومان طوال النهار،وكان لابدَّ من مكيدة حربية، تُلْقِى الرعب في قلوب الرومان،حتى ينجح في الانحياز بالمسلمين وينجو من مطاردة الرومان لجيشه،على كثرتهم وقبل أن ينكشف المسلمون.ولما أصبح في اليوم الثاني، غيَّر أوضاع الجيش،وعبأه من جديد،فقلب مقدمة الجيش ساقته وميمنته وميسرة،والعكس، فلما رآهم الأعداء أنكروا حالهم.وقالوا.. جاءهم مدد فرعبوا،وصار خالدٌ بعد أن ترآى الجيشان،وتناوشا ساعة يتأخر بالمسلمين قليلاً قليلاً،محافظًا على نظام الجيش فلم يتبعهم الرومان خوفًا من مكيدة يدبرها المسلمون فحافظ على جيشه وعاد الرومان إلى بلادهم خائبين..عن عروة بن الزبير.قال لما دنوا من حول المدينة تلقاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون.قال..ولقيهم الصبيان يشتدون ورسول الله صلى الله عليه وسلم مقبل مع القوم على دابة فقال..«خذوا الصبيان فاحملوهم،وأعطوني ابن جعفر.فأتي بعبد الله فأخذه فحمله بين يديه.قال..وجعل الناس يحثون على الجيش التراب ويقولون يا فرار فررتم في سبيل الله فقال صلى الله عليه وسلم ليسوا بالفرار ولكنهم الكرار إن شاء الله تعالى»وهكذا عاد المسلمون لم يلقوا ضررًا، واستشهد منهم اثنا عشر رجلاً فقط، ولا يعلم عدد قتلى الرومان لكثرتهم أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ((وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنْ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً))بارك الله لي ولكم في الفرقان العظيم ..ونفعني وإياكم ...
الخطبة الثانية
الحمد لله وحده والسلام و السلام على من لا نبي بعده وبعد..
فاتقوا الله أيها الناس وتوبوا إليه ..أيها الأحبة فإن الغزوة دروسٌ مهمة ..
-منها أن النظرة المادية المجردة من التوكل على الله ومن تأييد الله بعيدة كل البعد عن الواقعية والفهم العميق للحياة ، إذ الوقائع تشهد، والأحداث على مر العصور تبرهن بأنه ((كَم مّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةٍ كَثِيرَةً بِإِذْنِ ٱللَّهِ ))فالأمر لله من قبل ومن بعد.
كذلك فإن الإيمان في قلوب أهله، أقوى من قوى العالم وإن اجتمعت،فكم من مجاهد أعزل من السلاح يرفع إصبع السبابة يناجي ربه،وكم من دعوة في جنح الظلام تفتح لها أبواب السماء، تفعل الأفاعيل في الأعداء بل هي أشد عليهم من آلاف المقاتلين فالأمة تربي أبناءه على حب دينهم واعتزازهم به وبأوطانهم والشعور بالفخر والنصر والعلو ((ولاتهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين)) ونشر سير أولئك الأفذاذ من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتباعهم يرسم للأبناء سير الأجداد منهجًا للحياة ودستورًا للواقع.
وبعد غزوة مؤته،دُهش العرب كلهم فقد كانت الروم أكبر وأعظم قوة على وجه الأرض لا يستطيع أحدٌ الصمود أمامها، كيف وقد عاد جيش صغير بدون خسائر تذكر، فأحدث هذا سمعة للمسلمين بلغت المشرق والمغرب..وأضحت تلك الغزوة الخطوات الأولى لفتح بلاد الروم واحتلال المسلمين أقاصي الأرض.
لقد قامت غزوة مؤتة انتصاراً لمسلم واحدٍ قتله الأعداء في سبيل الله،لأن دم المسلم في الإسلام غالٍ ونفيس، بل إن زوال الدنيا بأسرها وهدم الكعبة أهون على الله تعالى من قتل امرئٍ مسلم..وهكذا كانت الغزوات في الإسلام انتصاراً للمسلمين والمستضعفين،واليوم نرى ماذا يفعل يُفعل بالمسلمين في الروهينجا نرى هوان دم المسلم اليوم في تلك البلاد لكن باتت أعز الحقوق التي لا يستطيعون تحصيلها فإلى الله المشتكى..
وصلى الله و سلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله و صحبه أجمعين .


 0  0  3964
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 03:05 صباحًا الثلاثاء 6 محرم 1447 / 1 يوليو 2025.

Powered by Dimofinf cms Version 4.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Ltd.