فَاتقُوا اَللهَ عِبادَ اَللهِ وَاعلَمُوا أَنَّ الحديثَ عَن سِيرَةِ خُلَفَاءِ رَسُولِ اَللهِ وَمَا سَطَّرُوهُ مِن عَظَمَةٍ و عدلٍ و إصلاح وَاجِبٌ فِي هَذَا العَصرِ الذي نَرى فِيهِ تَسَاقُطَ الأَنظِمَةِ الظَالِمَةِ،وَنَرى لُغَةَ الطُغيانِ قَائِمَةً وَقَهر الشُعُوبِ وقَتلَهَا،وَطُمُوحَ النَاسِ لِلعَدَالَةِ وَالحُريَةِ وَالكَرَامَةِ التي يُنَادُونَ بِهَا وَقد قَرَّرَهَا الإِسلامُ ،وَطَبَقَّهَا صَحَابَةُُ رَسُولِ اللهِ العِظَامِ..نَتَحَدَّثُ فِي زَمِنٍ المظالم عَن عَدَالَةِ عُمْر.. الذي قَالَ فِيهِ النَّبُيُّ

قــف أيها التاريخ سجّل صفحةً
غــراءَ تنطق بالخلود الكاملِ
حرِّك بسيرتهِ القلوبَ وقـد قسـت
وغـدَت بقسوتِها كصمِّ جنادلِ
عَن جَابِرٍ بِن عَبدِ اَللهِ tقَالَ رَسُولِ اَلله


إِنَّهُ عُمَرْ بن الخطَابِ الذي كَانَ يَدْعُو أَنَ يُعِزَّ اَللهُ بِهِ الإِسلام،فَاستَجَابَ اَللهُ دُعَاءَهُ.أَسلَمَ بَعد أَنَ سَمِعَ القُرآنَ فِي بَيتِ أُختِهِ..يَقُولُ اِبن مَسعُودٍ


أيها المسلمون..بِمَاذَا نَتَحَدَّثُ عَن سِيرةِ عُمر؟!عَن دِينهِ وَعِلمِهِ،أَم عَن زُهْدِهِ وَوَرَعِهِ وَتقواهُ؟! أَو عَن حُكمِهِ وَسِيَاسَتِهِ وَعَدلِهِ.
إن جاع في شدة قـومٌ شركتَهُم
في الجوعِ أو تنجلي عنهم غواشيها
جـوعُ الخليفة والدنيا بقبضتهِ
في الزهد ِمنزلةٌٌ سـبحانَ موليهـا
فمن يباري أبا حفصٍ وسـيرتَه
أو من يحاولُ للفـاروقِ تشبيهًـا
كَانَ بَارِعَاً بِالخِلافَةِ وَ السِيَاسَةِ ساعياً فيها للإصلاح..يَكفي مِن تَجدِيدِ حُكْمِهِ وَإِصلاحَاتِهِ أَنَّهُ أَولُ مَن سُمِّيَ بِأَمِيرِ المؤُمِنينَ وَهُوَ أَولُ مَن كَتَبَ التَارِيخ،كَتَبَهُ مِن هِجرَةِ النَّبِيِّ إِلى المدينة،وَهُوَ أَوَلُ مَن جَمَعَ القُرآن فِي المصحَف،وَهُوَ أَوَلُ مَن جَمَعَ النَّاسَ عَلى قِيامِ شَهرِ رَمَضَان..وَهُوَ أَولُ مَن ضَربَ فِي الخمرِ ثَمَانِينَ،وَهُوَ أَوَلُ مَن عَسَّ فِي عَمَلهِ بِالمدينةِ،وَهُوَ أَولُ مَن فَتَحَ الفُتُوحَ؛فَتَحَ العِراقَ كُلَّهُ وَأَذَرْبِجَانَ وَفَارِسَ وَالشَامِ وَمِصرَ،وَهُوَ أَولُ مَن وَضَعَ الخراجَ عَلى الأَرضِ وَالجِزيَّةِ عَلى جَمَاجِمِ أَهلِّ الذِّمَةِ،وَهُوَ أَوَلُ مَن مَصّر الأَمصَارَ:الكُوفَةَ وَالبَصرة وَالموصِل،وَأَنزَلَهَا العَرَبُ،وَهُوَ أَوَلُ مَن اِستَقضَى القُضَاةَ فيها و جعلها مدناً..وَأَوَلُ مَن دَوَّنَ الدَوَاوين،وَكَتَبَ لِلنَّاسِ عَلى قَبَائِلِهِم،وَهُوَ الذي أَخرجَ اليَهُودَ مِن جَزِيرَةِ العَرَبِ وَ فَتَحَ بَيتَ المقدِسِ،وَوَسَّعَ مَسجِدَ رَسُولِ اَللهِ وَفَرَشَهُ بِالحصَى. تَولى عُمَرُ الخِلافَةَ وَاستَلَمَ الحكمَ فِي اليَومِ الذي تُوفِيَّ فِيهِ الصِديقُ،فَرأَى مِيراثَهُ القَليل فَقَالَ

قلبَ إمبراطوريةَ هرقل وكسرى، وجعل عاليهَا أسفلهَا،وغنمَ أموالَها،وهو لا يجدُ خبزَ الشعيرِ لِيأَكله..يقبلُ الليل وتهدأُ العيون وينام الناس فيأخذُ عمرُ دُرَّته ويجوبُ بها سِكَكَ المدينةِ علَّه يجدُ ضعيفاً يساعدُه أو فقيراً يُعطيه أو مُجرمًا يؤدِّبُه.
في يومٍ صائفٍ شديدِ الحر،يراه الأحنف يطلي بعيراً لأنه من إبلِ الصدقةِ فيه حقُّ اليتيمِ والأرملةِ والمسكينِ،وَ مَن ولي أَمر المسلمينَ يَجِبُ عَليهِ لهم النصيحة وأداء الأمانة.
ومع ما نسمعُهُ من المليارات التي نُهبت من ثرواتِ الأمة و الأموال المصادرة في عددٍ من الدول لمن تساقط من الزعماء فكم كان راتبُ عمرt؟!كان راتِبُه مقابلَ أن يتولَّى الخلافةَ درهمين كلَّ يَوم له ولعيالهِ،وربما احتاج أحيانًا لمزيد، فيأتي صاحبَ بيتِ المال فيستقرضُه،وربما أُعسر فيأتيه صاحبُ بيت المال يتقاضاه فيُلزمُه فيردُّه عمر، وربما أخرجَ عطاءهَ فقضاه.
مَرِضَ مرةً فَذُكر له العسل علاجاً،وكان في بيتِ المال شَيءٌ من العسل، فخرجَ حتى جاءَ المنبر وقال: إن أذنتم لي فيها أخذتُها، وإلا فهي علىّ حرام، فأذِنُوا له.
ويدخلُ عامُ الرمادةِ، فيقضي على الأخضر واليابس، ويموتُ الناسُ جُوعًا، فيحلفُ عمر أن لا يأكل حتى يرفعُ اللهُ الضائقةَ عن المسلمين، حتى عندما اشترت امرأته طعاماً و سألها من أين قالت هو من مالي و ليس منكَ فرفضَ أكله حتى يحيى الناس وضربَ لنفسِهِ خَيمةً مع المسلمين ليباشرَ بنفسهِ توزيعَ الطعَامِ عَليهم قَالَ أَسلم:كُنا نقول: لو لم يرفع الله سبحانهَ وتعالى الضائقةَ عامَ الرمادةِ لظننَّا أن عمرَ يَموتُ همًا بأمر المسلمين.
وقفَ على المنبر يومَ الجمعة يخطبُ الناسَ بِبردهِ المرقع،و والله لو أراد أن يبنيَ بَيته بِالذهبِ لاستطاع،وَلو أَرادَ أَن يَمشيَ من بيتهِ إِلى المسجدِ على الحريرِ لاستطاعَ فيُقرقرُ بَطنهُ مِن الجوعِ،فَيقولُ لِبطنهِ:قرقِرْ أو لا تُقرقر،والله لا تشبعْ حتى يشبعَ أطفالُ المسلمين.
أَما حالَهُ مع ولاتهِ فقد اشتكى رجلٌ من مصر ابنَ عمرو بن العاص بعد أن ضربَه لأنَّهُ سبقه قائلاً له :خذها و أنا ابنُ الأكرمين فما كان من عمرtإلا أن استدعى عمرواً وابنه وقال للرجل: خُذِ الدرّةَ فاضرب ابنَ الأكرمين، فلما انتهى قال: خذِ الدَّرةَ واضربْ بها عمروًا، فوالله ما ضربَك إِلا بفضل سلطانهِ،فقال الرجل: يا أميرَ المؤمنين،قد استوفيتُ حقِّي وضربتُ من ضربني، فقال عمرو:أما والله لو ضربتَه ما حُلْنَا بينك وبينه، ثم قال لعمرو، متى استعبدتُم الناسَ وقد ولدتْهُم أمهاتُهم أَحرارًا؟!مؤكدًاtعلى إعطاءِ الناسِ حُقوقهم وَإِقَامَةِ حدودِ اللهِ فيهم فأين هذا من الطغاة الذين يستأجرون المرتزقةَ و البلطجيةَ لقتلِ و ضربِ شُعوبهم؟وَ يتركون أولادَهم زوجاتِهم ليَعيثُوا فساداً ونهباً بِالأُمةِ وَ لا حَولَ وَ لا قُوَّة إِلا بالله .
ويكتبtإلى أبي موسى الأشعري:أما بعد،فإن أسعدَ الرعاةِ من سَعِدَت به رعيتُه،وَإن أشقاهم عندَ الله من شقيت به رعِّيتهُ،وإياكَ أن ترتعَ فيرتعُ عمّالُكُ..ويكتبُ إلى عتبةَ بن فرقد وكان قد ولاَّه على أذريبجان، فقال له:إنّ ما تأخذَهُ من بيتِ مالِ المسلمين ليسَ من كدِّ أبيك ولا من كدِّ أُمك:فأشبعِ المسلمين في رحالهِم مما تشبعُ منه في رْحلِك، وإياكَ والتنعَّمَ وزيَّ أهلِ الشركِ ولباسِ الحريرِ..وكان إِذا أَرادَ مَنعَ النَاسِ عَن شيء جمعَ أهله وأقاربَه وقال لهم: إني نهيتُ الناسَ عن كذا وكذا ولا أجدُ أحدًا منكم فعلَ ما نهيتُ عنه إلا أضعفتُ عليه العقوبة.
يخرجُtذاتَ مرةٍ إلى السوقِ فيرى إبلاً سمانًا فيسألُ عنها فيقولون: إبلُ عبدِ الله بن عُمر،فيسأله عنها فقال:إنها إبلٌ هزيلة اشتريتُها بمالي وبعثتُ بها إلى الحِمى لأرعاها، فقال له عمر:ويقول الناس حين يروْنها: ارعوا إبلَ ابنِ أمير المؤمنين واسقوها، وهكذا تسمن إبلك ويربو ربحك..يا عبد الله خذ رأس مالك الذي دفعته فيها،واجعل الربحَ في بيت مال المسلمين.
هذا هو عدلُ عمر،فالقرابةُ عندهَ لا تعني المحاباةَ وإلغاءَ القوانينَ وأكلَ أموالِ الناسِ،بل القرابة عند الفاروق تعني مزيداً من المتابعةِ والمسؤوليةِ والبعدِ عن كل شبهه ومطالبة ذويه بأن يكونوا على قدر من المسؤولية ويكونُوا عونًا على الواجب.
يأتيه يوماً الهرمزان مستشار كسرى لابسًا زينته إلى المدينة فيسألُ: أينَ قصرُ الخليفة؟ قالوا: ليس له قصر،قال:أين بيتُه؟ فذهبوا فأروه بيتًا من طين للخليفة فيطرقُ بابَه فيخرجُ ولده فسأله عنه فقال: التمسوه في المسجد أو في ضاحية من ضواحي المدينة، فذهبوا إلى المسجد فلم يجدوه، وبحثوا عنه فوجدوه نائمًا تحت شجرة، وقدْ وضعَ درَّته بجانبه، وعليه ثوبه المرقع وقد توسَّد ذراعه في أنعمِ نومةٍ عرفَهَا زعيمٌ لم يهرب في ليل..و لم يُجبْر على التنحي..و لم يَطْغِ أو يتجبَّر..و يقتل شعبَه.. فتعجَّبَ:الهُرمزان من هذا الذي فتح الدنيا و قال: حكمْتَ فعدَلتَ فأمِنْتَ فنِِمتَ يا عمر.
وراعَ صاحبَ كسرى أن رأى عُمَرًا
بين الرعيـة عُطلاً وهـو راعيهـا
فوق الثرى تحت ظلِّ الدوح مشتملاً
ببردةٍ كـاد َطـولُ العهد يُبليهـا
وعهـدُه بملـوك الفـرسِ أنَّ لهـا
سورًا من الجندِ والأحراسِ حاميها
فقال قولةَ حـقٍٍّ أصبحـت مثـلاًً
وصارَ الجيلُ بـعدَ الجيـلِ يحكيها
أمِنْتَ لما أقمـتَ العـدلَ بينهـمُ
فنِمتَ نومَ قـريرِ العـين هانيهـا
وكانtمن إحساسه بالمسؤوليةِ في خلافته يخافُ حتى على البهائم فيقول:و الله لو عثرت بغلةٌ في العراق لسألني الله عنها لم لم أسوِّ لها الطريق.خرج ذاتَ ليلةٍ إلى الحَرّة، ومعه مولاه أسلم، فإذا نار،فقال إن هؤلاءِ ركباً قَصُرَ بهم الليل والبرد،فلما وصلَ إذا بامرأةٍ معها صبيان، يتضاغون من الجوع، قد نَصَبت لهم قدرَ ماءٍ على النار تُسكتُهم به ليناموا،فطلبَ الإذنَ ثم سألَ عنها و عن الصبيةِ فقالت:يتضاغون من الجوع، قال فأيُّ شيء في هذا القدر؟ قالت:ماءٌ أُسكتُهم به،أوهمهُم أني أصنعُ طعاماً حتى ينامُوا،والله بيننَا وبينَ عمر و هي لا تعرفُه ، فقال: يرّحَمُكِ الله وما يُدري عمرَ بكم،قالت:أيتولَّى أمْرنا ويغفلُ عنَّا،فبكى عمرt،ورجعَ مُهْرولاً مهموماً ،فأتى بعدلٍ من دقيقٍ وجراب من شحم،وقال لأسلم: احملْهُ على ظهري، قال:أنا أحملُه عنك يا أمير المؤمنين،فقال: ثكلَتك أُمُّك أنت تحملُ عني وزري يومَ القيامةِ فَحمله حتى أَتى المرأةَ، فجعل يُصلح الطعامَ لها،وجعل ينفخُ تحتَ القدرِ والدخانُ يتخلَّل من لحيتهِ وهو يغرفُ لهم، حتى نَضِجَ الطعام، فأنزلَ القدَر وأفرغَ منه في صحفةٍ لها، فأكل الصبيةُ حتى شبعوا، فقالت المرأة:جزاك الله خيراً أنت أولى بهذا الأمر من عُمر،فقال لها عُمر قولي خيرا..ثم تنحَّى هو و أسلم جانباً و جلسَ يراقبُهُم حتى شبِعوا فَنامُوا و هو لا يتكَلَّم ثم قال :ما أسهَرهم إلا الجوعُ فلما ناموا نذهب..و يصحبُ عبد الرحمن بنَ عوف ذاتَ ليلةٍ في المدينةِ فيسمعونَ صَوتَ بُكاءِ صَبيٍّ و صراخَه فيسرعُ نحوَه فإذا هو بجوارِ والدته فقال لها:اتق الله و أحسني إلى صبيِّك ثم تركهم واستمرَّ الطفلُ يبكي،فرجعَ لها و قال:ويحك إنك لأمَّ سوءٍ ما لصبيِّك فقالت:-و هي لا تعرفه -يا عبدَ الله قد أضجرني فإني أحملُه على الفطام فيأبى،فسألها عمر و لم تحمليه على الفطام؟!قالت:لأن عمر لا يفرضُ العطاءَ إلا للفطيم وعمُره بضعةَ أشهر فقال:و يَحكِ لا تعجليه يقولُ عبدُ الرحمن :فَصلَّى بنا الفجر يومئذ وما يستبينُ الناسُ قراءتَه من غلبةِ البكاء ،فلما سلَّم قال: ((يا بؤساً لعمر! كم قتل من أولاد المسلمين ؟! ثم أمر منادياً يُنادي في المدينة ((لا تُعجِلوا صِبيانَكم على الفِطام فإنا نفرض من بيت المال لكل مولود)) ثم كتب بذلك إلى الأمصار.
أما عن إيمانهtفيمر ليلةً فيسمع قارئاً يقرأ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ (7) مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ فقال:قسمٌ حقٌ ورب الكعبة ثم نزل من حماره و استند على الجدار لا تحمله رجلاه حتى رجع إلى منزله فعاده الناس ثلاثة أيام لا يدرون ما مرضه ..هذا حاله مع آية من كتاب الله فما حالنا مع كتاب الله و نحن الهاجرون القساة .
عميٌ عن الذكر و الآيات تندبنا
لو كلّم الذكرُ جلمودا لأبكاه
هذا إيمان عمر الذي تميز به..و لا نستغرب مع إيمانه هذاما روي عن قيس بن الحجاج:أنه لما فُتحت مِصر أتى أهلُها عمرَو بن العاص لما دخل بؤنة و هو شهر من أشهر العجم فقالوا له:إن لنهر النيل عادة أنه لا يجري إلا إذا عمدنا إلى جاريةٍ بكر بين أبويها فأرضينا أباها و حملنا عليها من الثياب و الحلي ثم ألقيناها في النيل فقال عمروt:إن هذا لا يكون في الإسلام و منعهم عنها فأقاموا ثلاثة أشهر و النيل لا يجري منه قليل و لا كثير حتى هموا بالجلاء من مصر،فكتب إلى عمر بن الخطاب بذلك فأقره بأن فعلك صواباً و الإسلام يهدم ما كان قبله ثم كتب بطاقة داخل كتابه أمره بأن يلقيها بالنيل فلما قرأها عمرو إذا بها :من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى نيل مصر أما بعد ..فإن كنت تجري من قِبَلِك فلا تجري،و إن كان الله الواحد القهار هو الذي يجرّيك فنسأله تعالى أن يجريَك فألقوْها في النيل بعد أن استعدّوا للرحيل من مصر فلما أصبحوا فإذا بالله قد أجراه و ارتفع ستةَ عشر ذراعاً في ليلةٍ واحدةٍ فقطع الله عادة السوء تلك عن أهل مصر إلى اليوم ، و هذا حالُ من أطاع الله و صدق و أخلصَ مع الله طوَّع الله له كل شيء ..و أصلح له البلاد و العباد .
قد عشت عمرك زاهداً في كل ما جمع البشر أتعبت من سيجيء بعدك في الإمارة ياعمر
أيها الأحبة ..إن المسلم حين يستعرض هذه المواقف الجليلة ليأسى و يحزن يوم يرى حال المسلمين و الظلم الذي يطالهم و الإهمال الذي يلحقهم في عدد من بلدان المسلمين من قبل وُلاتهم و لا شك أن كلَّ ذلك مما يستحق النظر و التأمل اقتداءً بمثل هذه السيرة المباركة فلسنا نزعم أننا مثل رعية عمر ولكن الواجب أن نتأسى بهم و أن يعلم ولاة أمور المسلمين أن لشعوبهم من الحقوق والواجبات المهمة في حريتهم والعدالة بينهم،وتجنب ظلمهم والاهتمام بشؤونهم،ورعاية مصالحهم و تنفيذ مشاريعهم على الوجه الصحيح،فهذا واجبهم مقابل ذلك كما أن لهم من الحقوق السمع والطاعة لهم..نسأل الله أن يرزقنا العدل والإنصاف في جميع أمورنا ويجنبنا الظلم والعدوان،و ينصر إخواننا المستضعفين والمظلومين في سائر البلدان،ويديم نعمة الأمن والإيمان ، و يبعد عنا الفتن و الطغيان ..
أقول قولي هذا و أستغفر الله لي و لكم ....
الخطبة الثانية ..
الحمد لله و حده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده أما بعد فاتقوا الله عباد الله ..
أيها المسلمون: مع هذه السيرة العظيمة فإن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، قتل شهيداً في آخر شهر ذي الحجة من السنة الثالثة و العشرين من الهجرة، فقد خرج لصلاة الصبح، ثم تقدم فكبر،فما هو إلا أن كبر فطعنه غلام مجوسي يقال له أو لؤلؤة ، فتناول عمرtيد عبد الرحمن بن عوف،فقدمه في الصلاة و توفيtبعد ثلاثة أيام ،هذا عمر الذي نرى مع الأسف أن الشيعة الرافضة يتنالون قدحه و ذمه هداهم الله..بل و يضعون لأبي لؤلؤة المجوسي مقاماً يعظِّمُونه فيه لأنه قتله ..كل ذلك يفعله هؤلاء الفرس و يشوهون تاريخه لأنه أسقط مملكة فارس ثم يدعون الإسلام وهم يسبون صحابة رسول الله و يزعمون المقاومة للأعداء،و هم يثيرون الفتن..نسأل الله أن يهديهم و يكفينا شرهم ،فرضي الله عن عمر وجزاه عن الإسلام والمسلمين خيرا، لقد كان من خيرة الصحابة، الذين قال الله تعالى فيهم: والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم ..اللهم و قد حرمنا رؤيتهم في الدنيا اجمعنا بهم في الآخرة في جنات و نهر في مقعد صدقٍ عند مليكٍ مقتدر ،و احشرنا في زمرة النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين..اللهم أدم على إخواننا المسلمين في ليبيا بالأمن و الأمان و ذهاب الطغيان ،وجنبهم و بلادنا و بلاد المسلمين الفتن ما ظهر منها و ما بطن ..و أصلح ولاة أمور المسلمين ،و ارزقهم العدل و النصح و الإصلاح ..
الاستغاثة
و صلى الله و سلم و بارك على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين ..