• ×

03:58 صباحًا , الثلاثاء 6 محرم 1447 / 1 يوليو 2025

رسالة لكل صاحب نعمة.....احذر

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
الحمد لله جعلَ المالَ عمادَ الحياة،وحذَّرنا من التبذير والإسراف،في غير ما يُحبُّه ويرضاه،وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له وأشهدُ أن سيدنا محمداً عبده ورسولُه الرحمةُ المهداةُ صلى الله وسلم عليه،وعلى آله وأصحابه الهداة وسلَّم تسليماً أما بعد..فاتقوا الله عباد الله
كانت أرضاً للخوف والجوع والفقر..خوفٌ يحيطُ بِالسفرِ خارجَ القُرى والمدن..جوعٌ يؤرّخ بالسنواتِ ويُهلك الحرث والنسل..وفَقرٌ جعلَ الرجالَ يُسافرون شَرقاً وغَرباً والنساءَ يعملْن خادماتٍ أو شبَه خادمات..كانت الأرضُ مذأبةً يغيُر فيها القويُّ على الضعيف يسلبُ مالَه ويريقُ دمَه..كانت الأسرُ الثلاث والأربع يعيشُون في بيتٍ واحدٍ لا يتجاوزُ ستون أو سبعون متراً..الملابس رثة..الشوارعُ ضيقةٌُ وموحلة..والمراكبُ راجلة أو على حيواناتٍ شبهُ نافقه..إِذا نزلَ المطر خَرّت البيوتُ من فوقهم..وإذا أصابَهم القحطُ ولَّوا هرباً من أرضِهم..يَكادُ الطعام لا يكفيهم فيتناوبون عليه..ويقضي المرضُ على كَثيرٍ من مواليدهم..ولا يُعمّرُ كبيرهم..
لستُ إخوتي أصفُ لكم حالَ الفقراءِ في آسيا وأفريقيا بل أُكلِّمكُم عن هذه الجزيرة التي تجمعُنا وبلادِ نجدٍ التي نعيشُ فيها..وكبارُنا هنا يعرفون هذا الجوعَ والمسغبة..لكنَّ ذلكَ الحالَ والخوفَ والفقرَ كان قبل عقودٍ من الزمن..فَأذن الله لهذهِ الأرض أن يتبدَّلَ حالُها وتُخرجَ كُنوزَها وأن تعرفَ تاريخاً من فَيضِ المال لم يعرفْه تاريخُها أبداً عبرَ الزمن..فتغيَّر الحال..وأَصبحت الجزيرةُ العربيةُ مهوى الأفئدةِ للعملِ والتجارةِ..وصارت غنيّةً على مستوى عالم اليوم..وأصبح الحفاةُ رعاةُ الشاء يتطاولون في البنيان وعالي الأبراج على مستوى العالم..
ينامون أغنياء..يستيقظون أغنياء..ويعيشون أغنياء مقارنةً بغيرهم..يؤثِّرون على اقتصادِ العالم..يستهلكُون طاقتَه وبضاعتَه..يُجبى إليها ثمراتُ كلِّ شيءٍ صيفاً وشتاءً..أصبحت رايةٌ للتوحيد واحدةً بعد أن كانت راياتٍ متعدِّدَة،واجتمعت الكلمةُ وتوحَّدت القيادةُ في وطنٍ واحدٍ .
إنَّها نعمة من الله وأيُّ نعمةٍ أن ترى هذه النعم المسداة..فهل أدّوْا شكْرَها ورعْوها حقَّ رعايتها؟!سؤالٌ يطرحُ نفسَه إخوتي ونحن نرى مشاهد مؤثرة من الإسرافِ والتبذيرِ وكفرِ النعمةِ بين ظهرانينا ومن خلال المناسبات والمهرجانات حتى أن من يرى هذا الإسراف وكفرَ النعمة لا يُصدّقُ أن هؤلاء وآباءهم قبل عقودٍ من الزمن كانوا يستجدونَ اللقمة..ويتقاتلون على الفتات..ويهاجرون لطلب الرزق..
أيُّها الإخوة..لا تزالُ حوادثُ التاريخِ مُنذ بدأِ الخليقةِ إلى زماننا هذا تصبُّ في سمعِ الدنيا من أنباءِ القرى التي فُتحت عليها النعم فما رعوْها حق رعايتها فقُطفت في يناعِ زهوِها واستكمال بهجتِهَا.. أَتاها أمرُ الله لتذهبَ عنها النعم وهذه الأُممُ أشدُّ ما تكونُ وثوقاً بها وافتتاناً بزهرتِها وكلُّ شيءٍ لهم على بالٍ إلا أن تزولَ هذه النعم أو تتحّول:
حسَّنت ظنّك بالأيام إذ حُسُنت
وغابَ عنك الذي يأتي به القدر

وسالمتك الليالي فاغترَرْتَ بها
وعندَ صفوِ الليالي يحدثُ الكدرُ

لقد حكمَ الله أَيَّما أُمةٍ كفرت نِعَمَه إلا أذاقها الجوعَ والخوف وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ وتستمرُ آيات القرآن واعظةً للذين ركنوا إلى نعم الحياة) لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ(15)فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَى أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ(16)ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلاَّ الْكَفُورَ (وهو جزاء من شكر نعم الله أو من جحد بها..ونحن بهذه النعم من الله أحوجُ ما نكونُ إلى المحافظة عليها بشكر رازِقها وألا نتعامى عن النذر والآيات التي أصابها الله لأقوامٍ كفروا نعمتَه وجحدُوا فضْلَه فأزالها الله عنهم.
إذا كنت في نعمة فارعها
فإن المعاصي تزيل النعم

وحُطْهَا بطاعة رب العباد
فرب العباد سريع النقمْ

إن ما نراه من مناسباتٍ ومهرجاناتٍ لمزايين الإبل وغيرها من المهرجانات تحوي كثيراً من المخالفات،وتُحييَ العصبيات..ويتفاخرُ أصحابُها بإهدار الملايين بالمخيمات على ما لا يَعْقِل من الحيوانات..وفي الناس حولَهم من يعيشُ على الفُتات..وفي البلدان المجاورة من فقدُوا الأمن وتسلَّط عليهم الطغاة..ونحن نلهوا بمزايين الإبل والغنم والشعر وحفلات الغناء والتفاهات..وغير ذلك مما لايساهم برقي الأوطان ونهضة البلاد..وبناء الحضارات..
نرى في أرضِنا المطرَ انقطعَ إلا قليلاً..الأموالُ قلَّت بركتها..والفقرُ يحيطُ ببعضِ أهلها..وكثيرٌ ممن حباهم الله المال يتفاخرون بالتافه من الهوايات..ويبذلُ أحدهم الملايين ليفوقَ غيرَه بالمشتريات والإسرافِ بالولائم والحفلات ليس للإكرام وإنما للمباهات..وإذا أسرفَ بدأ يبحثُ لنفسه إن كان خيّراً عمن ينقذُه من إسرافهِ ذاك..وإلا فمصير هذه النعمة التراب..نعوذ بالله من هذا الفساد.. كي لا تكونَ النعمةُ كالسراب..
أينَ نحنُ من سوريا وحال أهلها؟!وأفريقيا وجوعها؟!وآسيا وزلازلها وفيضاناتها؟!هل نحن في مأمنٍ من أن يُبدَّلَ اللهُ لدينا الحال؟!فُتفقدُ النعمة؟!هل بيننا وبين الله نسب لنكون بمنجاةٍ عن العذاب ؟!
مابين غمضة عين وانتباهتها
يغيير الله من حالٍ إلى حال

غفلةٌ لأغنيائنا مذهلةٌ..وعددٌ من فقرائنا يحاولون المنافسة..فزاد الصرف وقلة البركة..كانت الأندلس في نعمة وهناء فأصبحت في بؤسٍ وشقاء،كانوا يظنون الحال دائم فإذا هو للفناء ..
لِـكُلِّ شَـيءٍ إِذا مـا تَمّ نُقـــصانُ
فَـلا يُـغَرَّ بِـطيبِ العَيشِ إِنـــسان

هِـيَ الأُمُـورُ كَما شاهَدتُها دُوَلٌ
مَـن سَـرّهُ زَمَـن سـاءَتهُ أَزمـــانُ

وَهَـذِهِ الـدارُ لا تُبقي عَلى أَحَـــدٍ
وَلا يَـدُومُ عَـلى حـالٍ لَها شـــانُ

أَتـى عَـلى الـكُلِّ أَمرٌ لا مَرَدّ لـــَهُ
حَـتّى قَضوا فَكَأنّ القَوم ما كـــانُوا

أين أغنياؤُنا من المعتمدِ بن عباد أمير أشبيليةَ في الأندلس كان يعيشُ حياةً مترفةً غايةً في النعيم واللذة،طيباتُ الدنيا تجلبُ له..ذاتَ يومٍ اشتهت زوجتُه كعادةِ المترفين بحب التغيير والملل أن تخوضَ في الطين فكيف حققَّ طلبها؟!نثرَ الطين في ساحةِ القصر ثم عجنَه بماءِ الورد لتخوضَ به هي وبناتُها فدارت الدائرةُ عليه،فإذا هو مصفدٌ بالأغلال بسجنٍ في المغرب واستُذلَّت بناتُه وعادَ مرحوماً بعد أن كان محسوداً..بينما هو مسجونٌ دخلَت عليه بناتُه يومَ العيدِ في ملابسَ رثةٍ معهنَّ المغازلَ يغزلْن الثيابَ للناسِ لجلب القوت فقال متحسراً:
فيما مضى كنت بالأعياد مسروراً
فساءك العيدُ في أغمات مأسورا

ترى بناتِك في الأطمار جائعةً
يغزلْن للناس لا يملكن قطميرا

يطأن بالطين والأقدامُ حافيةٌ
كأنها لم تطأ مسكاً وكافوراً

من باتَ بعدَك في ملكٍ يسرُّ به
فإنما بات بالأحلامِ مغروراً

كم من أمةٍ اليوم وكم من شعبٍ ودولةٍ كان مساؤُها نعيماً مترفاً ولذةً وحديثاً لاهياً وغنى مطغياً،ثم كان صبحُها عذاباً وتشريداً وفتكاًوَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ هذه النعم عباد الله ابتلاءٌ من الله ليرى منا أداء حقِّها بالزكاة وشكْرَها وعدمَ الإسرافِ بها..
قد يُنعم الله بالبلوى وإن عظمت
ويبتلي الله بعضَ القومِ بالنعم

الإٍسرافُ عندنا ليس بمزايين الإبلِ فقط أو حفلاتِ الزواجِ..وفاره السيارات والثياب بل أصبح الإسرافُ والترفُ سمةً للحياةِ عندنا..رجالنا ونساؤنا..وحتى تصرفات أولادنا..
عباد الله..إِن هذه الدنيا لا يغترُّ بها إلا غافل،ولا يركنُ إليها إلا جاهل..فكم ذكَّر الناصحون السادرين فما تذكَّروا؟!،وكم توالت على أهلِها النذرُ فلم ينتبهوا؟!،ثم أفاقوا على أمرٍ جاء بلا نذرٍ سابقةٍ ولا دلائل منذرة ) فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ(أفاقوا على أموالهم فإذا هي سليبة..وعلى نِعمهم فإذا هي ذكرى..وعلى بهجتهم فإذا هي أماني..سلوا بغداد كيف كان أهلُها في رغدٍ من العيش فماذا فعل بهم التتار؟!،سلوا دمشق عما فعل بها الصليبيون؟!وسلوا الأندلس ونعيمها وبهجتها،سلوا الكويت قبلَ سنواتٍ قريبة سلوا العراق وسوريا ومصر واليمن الآن..وستنطق لكم الأيامُ بأفصح لسان..وحوادثُها بأبلغ بيان لتخبركم أن الحوادثَ جاءت عندما نُسي شكرُ الربِّ المتفضل المنان ..والاغترار بالدنيا والمجاهرةِ بالعصيان)وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون(
الواجبُ علينا أن نعتبرَ قبل أن نكونَ عبرة وأن نتذكَّر قبل أن نكون ذكرى والحوادثُ من حولنا تترى،تقولُ لنا إن من نسيَ الله وفضْلَه نسيَه الله ومن عصيَ الله وهو يعرفُه سلَّط عليه من لا يعرفه،ومن أوتي النعمة فلم يشكرْها سلبَهَا اللهُ منه {إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ(96) وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوْا الْعَذَابَ الأَلِيمَ}
أمام كلِّ ما نراه من ممارساتٍ بالإسراف بالنعم والتباهي بالأموال الذي يمارسُه أغنياؤنا والناسُ يُتخطَّفون من حولنا ونحن آمنون في أرضنا وهو ما لم يتوفر لغيرنا فلا بد لنا أن نفيق من سباتٍ طالما استغرقْنا فيه،أن نستفيق من لهوٍ طالما سدْرنا فيه..ومن لم توقظه هذه القوارع فمتى يستيقظ؟ ومن لم توجعْه الحوادث فمتى يرجع؟أما نخشى الله ونحن نقرأ ) وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ( إن دفع البلاء مرهونٌ بالإيمان بالله وشكر النعماء {فَلَوْلا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ}(وتحقيقُ الإيمان باللجوء إلى الله بالدعاء) فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (
إن شكرَ اللهِ على نعمِه ليس بالأقوال فقط وإنما بالأعمال التي تُصدقها..ويقينُنا باللهِ أعظمُ من كلِّ يقين..وحينما نتعلّقُ بغيرِ الله نخسرُ ولا نربح.
إن اعتمادَنا على الله يكفي بلادنا شرَّ المغرضين والحاقدين والشقاق الذي يُحدثُه المرجفون وسيبارك الله لنا بالأموال ويكفينَا شرّ الأزمات..فلنكنْ أعظمَ وعياً وأشدَّ إيماناً وأفضل شكراً لهذه النعم التي نتبوأها وبذلك وحده نحافظُ على هذه النعم..ونسخِّرُها في خدمةِ ديننِا وأمتِنا وعلمائِنا الصادقين و أوليائنا الناصحين..ولا يغرّن هؤلاء المسرفين إمهال الله لهم وهذه المفاخرة عندهم ..
) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ (فاللهم لا تؤخذنا بما فعل السفهاء منا..وارزقنا شكر نعمتك،وزوال نقمتك،وآمنَّا من تحوِّل عافيتك ومن جميعِ سخطك..أقول ما تسمعون ..
الخطبة الثانية الحمد لله وحده والصلاة و السلام على من لا نبي بعده وبعد..
عباد الله..مع ما نعيشه من نعم الله فنحن منشغلون فيما بيننا بالخلافات على أتفه الأسباب هذا ينال من عالم وهذا يريد تحرير المرأة واختلاطها وذاك يدعو إلى ضلال..ومن يتعدى على المال العام..وآخرُ في قنواته ينشرُ الفساد وتبذيرٌ وإسراف واقتتالٌ على مباريات الكرة لتخلف قتلى بالعشرات وعصبية القبائل فإلى متى الحال؟!أين نحن من حال إخوانِنا في سوريا وهم يموتون يومياً بالعشرات ولا منقذ ولا معين إلا رفع أيديهم الضارعة إلى ربِّ العالمين؟!أين نساؤنا وهنَّ بهذا الإسراف والتبذير واللهو والتبرج والسفور؟!أين هن من حال أخواتنا المسلمات في أرض سوريا؟! المرأة المسلمة ليس لها حرمة..وليس لحجابها احترام..أو لعرضها صيانة..
تَـبكِي الحَنيفِيَّةُ البَيضَاءُ مِن أَسَــــفٍ
كَـما بَـكى لِفِراقِ الإِلفِ هَيمَانُ

حَـتّى المَحاريبُ تَبكي وَهيَ جامــــِدَةٌ
حَـتّى الـمَنابِرُ تَـبكي وَهيَ عيدَانُ

وَأَيـنَ حـمصٌ وَما تَحويِهِ مِن نــــُزَهٍ
وَنَـهرُها الـعَذبُ فَـيّاضٌ وَمَلآنُ

كَم يَستَغيثُ بِنا المُستَضعَفُونَ وَهــــُم
قَـتلى وَأَسـرى فَـما يَهتَزَّ إِنســانُ

يـا رُبَّ أمٍّ وَطِـفلٍ حـيلَ بينهُما
كَـمـا تُـفَرَّقُ أَرواحٌ وَأَبــــدانُ

لِـمثلِ هَذا يذوب القَلبُ مِن كَمـــَدٍ
إِن كـانَ فـي القَلبِ إِسلامٌ وَإِيمانُ

أُختنا المسلمة يذبحُ أولادُها وينتهكٌ عرضٌها وتهانُ كرامتها..أمام الشاشات..أليس لها حق؟ّ!أيُّ سماءٍ تظلُّنا؟!وأيُّ أرضٍ تقلّنا؟!وأيُّ ثيابٍ تلفنا..وأيُّ حياءٍ يُعفُّنا وأختنا بلا سماء..بلا شراب.. بلا غطاء..ولا طعام ولا دواء؟!من عينها سلبوا الضياء..يا أختنا لمن النداء..أنَّاتُ شيخٍ قالها قبل ثلاثين سنة عن سوريا في أحداث حماة وحمص وإبادة عشرات الألوف حينذاك..ولا زال الحال يتجددَّ اليوم فنحن المسرفون المبذرون..نعيش لا هين بالنعماء..فنحن جدار الصامتين..أختنا بالشام عيونها تحيّرت..دموعها تحدّرت..دماؤها تفجرت..آناتها تحسّرت..جيوشنا جَبُنت عن نصرة هؤلاء الضعفاء..هممنا تقاعست حتى عن القنوت والدعاء..أموالُنا بخلنا بها لإخواننا لكننا نبذلها لسرف الولائم أو لبعيرٍ له رغاءُ..وللتافه من الشعراء..وللكبر والخيلاء..وهم يعانون الضرّاء..
إنهم يستغيثون ولا مغيث..الدماء تراق..السجون امتلأت والأعراض انتهكت..والمآذن هُدّمت.. لم يرعوا حرمةً لمسجدٍ أو مدرسةٍ..ونحن لا هون سادرون بغفلتنا والنعماء..فهل نقول مات عهد الرجال؟!وأصبح الكلُّ نساء..ولا حولَ ولا قوةَ إلا بربِّ الأرض والسماء..وعذراً يا حمص ويا حماة ويا أرض الشام..اللهم إنا أشكو إليك ضعف قوتنا،وقلَّة حيلتنا..وهوانَنا على الناس يارب العالمين،أنت رب المستضعفين إن لم يكن بك غضبٌ علينا فلا نبالي،ولكن عافيتَك أوسعُ لنا نسألك بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن يحل بنا سخطك أو ينزل علينا عذابك لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا باك..اللهم ارزقنا شكر نعمتك..وأسعفنا يا الله بقوتك وحولك..انصر إخواننا في سوريا وجيشهم الحرّ يوم قلّ الناصر.. لا ناصر لهم إلا أنت..أعلِ رايتهم..اجمع كلمتهم..وحَّد صفهم..سدَّد رميهم..تقبل شهيدهم..اشف مريضهم..فكَّ حصارهم هيئ المسلمين قادةً وشعوباً لنصرتهم والدفاع عنهم أجمعين..أنت المعين..أنت المغيث..أنت الجبار..أنت المنتقم..يا من لا يعجزه شيءٌ في الأرض ولا في السماء..إخواننا ضاق بهم الحال وصعب المنال إلا بالرجاء بك يا ذا الجلال..انتقم لهم من كل الطغاة أهلك بشارَ وأعوانه وزلزل أركانه..واهدم بنيانه واجعل الدائرة عليه وعلى جيشه وأمنه وكل طاغيةٍ وجبار يا عزيز يا غفار يا رب العالمين..
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين...


 0  0  905
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 03:58 صباحًا الثلاثاء 6 محرم 1447 / 1 يوليو 2025.

Powered by Dimofinf cms Version 4.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Ltd.