أما بعد:فأوصيكم ـ أيها الناس ـ ونفسي بتقوى اللهفاتقوا الله رحمكم الله
أيّها المسلمون..الحديثُ عن الحريةِ والإصلاحِ حديثٌ ذو شُجون،والبحثُ عن الإبداع همُّ الأوطانِ وجهدُ بني الإنسان،وميادينُ الإصلاح والإبداع كثيرةٌ؛في إصلاحِ الفرد وإصلاحِ المجتمَع الدين والدنيا،في شؤونِ الاقتصادِ والاجتماعِ والسياسةِ والتعليم والعِلم والعملِ والرِّجال والنساء والأُسَر والبيوت ويحمّلُ همَّ الإصلاحِ والإبداع الرجالُ المجتهدون الذين يحرصون على نماء المجتمع.وإنَّ أهمَّ بوَّاباتِ الإصلاح وأوسعِها وأعظمِها أثرًا بوّابةُ الحوارِ والنقاشِ والنقد البناء،وما يتداولهُ الناس مما أطلقوا عليه: "حريّةُ الكلمة" و"حريةُ التعبير"و"الانفتاح"، لكنهم يفسرونها بغيرِ معناها ويستخدمون تلك الحرية بغير مقتضاها وخالية من ضوابطها التي تحميها فتصبحُ تلك الحريةُ المزعومةُ فوضى وانفلاتاً من القيودِ المستقيمة ونيلٌ من مقدساتِ الشريعة،فنسمعُ اليومَ باسمِ حريةِ الكلمةِ من يتحدَّثُ باسم الإصلاح،وهو يدعوا إلى الفتنة والفساد بكلامه أو مقاله وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ(11)أَلا إِنَّهُمْ هُمْ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ
الكلمة-إخوتي- مهمة وعليها ينعقد الكثير ويبنى على قولها الشيءُ العظيم وتدورُ عليها مصائِرُ أُمَمٍ وبناءُ بيوتٍ ودول..ومن هنا نتبين أهميةَ صدورِها من قائِلها ووزنِها قبلَ إخراجِها..
لسانُ الفتى نصفٌ ونصفٌ فؤادُه
فلم يبقَ إلا صورةُ اللحمِ والدمِ
أخصُّ خصائصِ الإنسان عباد الله..أنّه وحدَه المخلوقُ الناطق،فهو ينفرِدُ بالنطق،ويتميّز بصوتِ الكلمة،والكلمة هي لَبوسُ المعنى وقالَبُه،والإنسانُ هو المخلوقُ الفريدُ القادِرُ على التعبيرِ عمّا بداخلِه من عواطفَ وانفعالاتٍ ورغبات وإرادات،يعبِّر عنها بالقولِ وبالكتابةِ، باللّسانِ وبالقلمِ وبالشعرِ وبالمشاعرِ ولذلك تفضّلَ الله عليه، أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ
عبادَ الله..ليسَ من المبالغة إذا قيلَ:إنَّ الحياة البشرية بناؤُها على الكلمةِ، وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الإِنسَانَ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ وآدمُ تلقَّى من ربِّه كلماتٍ فتابَ عليه،وابتَلى إبراهيمَ ربّهُ بكلمات فأتمهنّ، وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا وعيسى رسولُ الله وكلمتُه ألقاها إلى مريم وروحٌ منه،ومحمّدٌ أُوتي جوامعَ الكَلِم واختُصِر له الكلامُ اختصارًا،وما نطَق عن الهوى، إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى كلمة لتوحيدِ الله كلمةُ التوحيد لا إله إلا الله..فالإسلامُ قامَ على الكلمةِ وأُسِّس عليها،استَقبَلَ الكلِمةَ من السماء بأمانة، وأرسَلها إلى الناس بالحقّ. الرسالة والدعوةُ والتبليغ بالكلِمة مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى والقرآن الذي تنزَّل على قلبِ محمد هو كلام الله عز وجل وكتابُه،كتابٌ عزيز، لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ
أيّها المسلمون..بكلمةِ الحقّ الصادقة النزيهة تُبنى العقول وتُشاد الأوطان،وهي عِماد التربية، إن صلُحت الكلمة صلُحَ المجتمعُ كلُّه،والصدقُ يهدي إلى البرّ،وللكلمةِ قوّةُ السيفِ في البناءِ والتغييرِ والإصلاحِ فإن من البيانِ لسحراً والعاقلُ من الناسِ لا يتكلّمُ إلا لحقٍّ يبيِّنه أو باطلٍ يَدحَضُه أو علمٍ ينشرُه أو خيرٍ يذكرُه أو فضلٍ يشكرُه،وتركُ الفضولِ من كمالِ العقول.بكلمة الحقِّ يظهر البيانُ..والكلمةُ تنبِئ عن الضمير وتفصِلُ في القضاء وتشفَعُ في الحوائج وتعِظُ عندَ القبيح..الكلمةُ تفرِح وتحزِن،وتجمَع وتفرِّق،وتبني وتهدِم..كلمةٌ تنشرح بها الصدور،وأخرى تنقبِض منها النفوس.بالكلمةِ تكون التربية والتعليم،وتنتشِرُ الدعوةُ والفضيلة،ولقد كان دعاء موسى الكليم: وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي ومن اتَّقى الله ولزم القولَ السديد أصلح الله عملَه وغفر ذنبَه، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وعن أبي هريرة>أنه قال

{ويقول معاذ:يا رسولَ الله وإنا لمؤاخذون بما نقول؟!فيقول له:ثكلتك أمك يا معاذ،وهل يكبُّ الناسَ على وجوههِم في جهنم إلا حصادُ ألسنتهم}
والرابطُ بين بني والإنسانِ هو الحوارُ وتبادلُ الكلام،ومن تكلَّم وحدَه أو خاطب نفسَه عُدّ من الحمقى وناقصِي العقول،إن لم يكن من المجانين وفاقدِي الأهليّة. والمرء حين يتكلَّم ليسمِعَ الآخرين ويسمَع منه الآخرون،يتكلّم ثم ينصِت،أو يتكلّم بعد أن ينصت للبناءِ والتفاهم، وليس للمواجهة والتصادُم.
زيادةُ القولِ تحكي النقصَ في العملِ
ومنطقُ المرء يهديه للزللِ
إن اللسانَ صغيرٌ جُرمُه وله
جُرمٌ كبيرٌ كما قد قيلَ في المثلِ
بكلمةٍ تنشأُ الحروبَ وبها تنتهي..بالكلمةِ تعقدُ الأنكحة..وتطلَّقُ المرأةُ بكلمةِ..بالكلمةِ تذهبُ الأعناق وبالكلمةِ يحدث الشقاق..وبالكلمة يتصالح الأفراد..وبها يفضح الناس..بكلمة لا إله إلا الله يدخل الإنسان الإسلام وبكلمة كفرٍّ أو استهزاءٍ يخرجُ منه من أجلِ هذا كلِّه فإنَّ الكلمةَ هي عنوانُ العقلِ وترجمَانُ النفسِ لها مكانتُها،وأثرُها وخطرُها.ومن أجلِ هذا فيجب أن تكونَ لها حرّيّتُها، كما يجِب أن تضبط حرّيّتها؛ فالحرية مسؤوليةٌ.
احفظ لسانَك أن تقولَ فتُبتلى
إن البلاءَ موكَّلٌ بالمنطقِ
أيّها المسلمون..إذا كانت هذه أهمية الكلمة فكيفَ تكونُ حرّيّتُها؟وكيف تُفهَم حريةُ التعبير؟التي هي مسؤوليةٌ،والأصل أن الإنسانَ حُرٌّ بأقوالهِ وأفعالِه بل الإنسانُ هو المخلوقُ الوحيد الذي يطلِقُ الحرّيّاتِ ويكبِتها بعدلٍ أو بظلم،كمال قال الفاروق

والغايةُ من تلك الحرية الإصلاحُ والبناء وليس الهدمُ والإفساد،وإثارةُ البلبلة..والتعاونُ والتفاهم وليس الشّقَاقُ والتّصادم.حرّيةُ التعبير وحرّيَّة الكلمة والكَلمةُ الحرّة قِيَمٌ حضاريّةٌ عالية،بل إنها مُنجَزٌ عظيمٌ للبشرية وإذا كانت موجودة وُجد معها الإبداع،وحسنُ الاختراع..وإذا غابت الحريةُ ووُجدَ الكبتُ والقهرُ تولّدَ سوءُ الظنِّ والمصائبُ،ومنَ المعلوم لدى العقلاء أن الإنسان يوزَنُ بكلامِه،ويحكَمُ عليه من لسانِه،فالساكتُ مَوضِعَ الكلام محاسَب،والمتكلِّمُ في موضعِ السكوتِ محاسَب،والساكتُ عن الحقِّ شيطانٌ أخرَس،وكلامُ الزور إثمٌ وفجور،والكذِب يهدي إلى النار،وكفَى بالمرء إثما أن يحدِّث بكلّ ما سمِع،وكَم من كلمةٍ قالت لصاحبها:دَعني.
عبادَ الله..إذا فلا بدَّ لهذه الحرّيّة في النقد والكلمة من ضوابط، ليكون نقداً بنَّاءً وإصلاحاً،ولا بدَّ لهذه المسؤوليّة من معايير،وبغيرِ الضوابطِ والمعايير لحرية الكلمة الهادفة تنبُت الفوضى العَمياء التي تُعلِي شأنَ الظلم والظالمين،وتزيِّفَ الحقائق،وتنالُ من الشرائع وتنشرُ الفساد وتقودُ إلى النتائجِ العكسيّة،فتموتُ الحرية..وتصبحُ الكلمة حينذاك بلبلةً تُحدثُ الفوضى ولا تجلبُ الحريةَ المنضبطة..
وهذا ما رأيناه مؤخراً مع تقدّمِ وسائل الاتصال وغياب رقابة الإنسان لما يصدر عنه من كلامٍ فأصبحَ حين يهرف كل إنسان بما لا يعرف،وينالُ من هذا وذاك،ويُجدّف ولا يراعي ديناً ولا خلقاً،ولا وطناً ولا عالماً،ولا صدقاً ولا نصحاً،تجد من يجلس خلف جهاز حاسوبه،أو بجواله ليتلكم بالدين وشريعة ربِّ العالمين فيكفر وهو لا يدري أو يدري أو من ينال من أعراض الناس ثم يسمّون ذلك حرية الكلمة ومن ينتقد ذلك يُضّيقُ على الإبداع،وكأنهم بنيلهم من المقدسات واتهامهم للأعراض لم يأتوا جُرماً،أو ينتهكوا حُرمة فهل هذه حرية للكلمة نطمح إليها؟كلا والله..والعجيب أن من يدعي الشجاعة بحرية كلمته التي ينال بها من الدين،تراه يجبنُ عن أن يتكلمَ عن الفسادِ والظلمِ والطغيان،بل قد يجاملُ وينافقُ ويمارسُ الفسادَ والفجور وهو يدّعي الحرية واللبرالية..ثم يدافع عمَّن ينال من الدين في غفلةٍ عن محاسبةِ مثله..
مما ينبغي مراعاته في ضوابطِ حريّةِ التعبيرِ والكلمة الإخلاصُ وقصدُ الحق وقدسيةُ الدين ورجاِله وعلمائِه،وتاريخِه إلا بنقدٍ هادف بناء،وكذلك التجرّدُ من نوازِعِ الهوى وحُظوظِ النفس والحذَرَ من توظيف الكلمةِ للانتصارِ للنفس والعصبيّة لفئةٍ أو لقبيلةٍ أو صديقٍ أو مذهب أو فكرة،فهذا بغيٌ وظلم.
إن اللسان إذا حَللتَ عِقاله
ألقاك في شنعاءَ ليس تُقالُ
وقال آخر:
وقد يرجى لجرح السيف برءٌ
ولا برءٌ لما جرح اللسانُ
وجرح السيف تدمله فيبرا
ويبقي الدهر ما جرح اللسان
يجِب مراعاةُ ظروفِ الزمان والمكان والأحوال في الحوارات والمناقشات والردود وخطاب الناس..
تتأكَّدُ أهمية الكلمة ودقّةُ اختيارها في الحوادثِ والمناقشاتِ والردودِ وخطابِ الناس..
تتأكّد أهمية الكلمة ودقَّةُ اختيارها ورعايةُ أدب الخلاف وأصولِ الحوار،فلا يتكلَّم متكلّمٌ إلا بدينٍ وإخلاص وعِلم.يراعِي أحوالَ المخاطَبين عِلمًا وثقافةً وخَوفًا وأمنا،قال علي بن أبي طالب>{حدِّثوا الناس بما يعقلون أتريدون أن يُكذَّبَ اللهُ ورسوله؟}تُراعى بالكلمة أجواءُ الفِتن وأحوالُ الاضطراب والحِفاظ على الأمة والوطن في اجتماعِ الكلمة وهدوئِها والحِفاظ على الجمَاعة والوحدة وأمن الدولة..
لابدَّ من نشرِ ثقافة الحوار الصريح في بيوتنا ومساجدِنا وأوطانِنا وتقبلِ الرأي الآخر مادامَ في إطارِ الحق والنصح،وإنما يولدُ الإرهاب وينتشرُ الضلال حين ينعدمُ الحوارُ الحرُّ وبسطُ الحق وتوضيحُه للناسِ فحينذاك يخرجُ لنا من شبابِنا من لا يعرفُ معروفاً،ولا ينكرُ منكراًَ ولا يُقدّسُ ديناً،ولا يراعي حُرمةً ثم يدَّعي حريةَ الكلمة،ولذلك فلا غرابة أن ينهض المجتمع بأكمله للإنكار على من تطاول على الدين وأراد إحداث الفتنة،ونشر الجرأة على دين الله ونبيه صلى الله عليه وسلم وحين تتخذُ الدولةُ القراراتُ الرادعةُ لمثل هؤلاء فهذا واجبها في حماية ديننا وأمننا،ويجب على المجتمعِ بأكمله
يجب تخفيف أجواءِ التوتُّر والكبتِ وبسطُ ثقافةِ التعاوُنِ والمحبَّة وحُسن الظنّ وابتغاء الحقّ والتجرّد له وقَبوله ممن جاءَ به وحقّ الاختلاف،واللجوء إلى القضاء عند الاختلاف وقبول أحكامه مع التأكيدِ واليقين أن هذا لا يتعارض مع حقِّ الدفاع عن القناعاتِ والردّ على المخالف بأدبٍ وسلامة قصدٍ وتلمُّسٍ للحقِّ في علمٍ وبصيرة وهُدى..
ينتبهُ لضبط الكلمة من يقعدُ في برامجِه وقنواته يناقش موضوعاته..يراعي الكلمة الشاعرُ في قصيدتِه حتى لا يكون غاوياً..ويصْدُقُ في الكلمةِ والخبر الصحفيُّ الذي يبحث عن الإثارة بنشر الكذب والإشاعة يهتمَّ بالكلمة العالمُ والمفتي والمسؤول،فكلُّهم محاسب على كلامِه ونتائجه في المجتمع..
فالكلمةُ البناءةُ الناقدةُ لإصلاح المجتمع والجهات هي التي لا تتجاهلُ الفضائلَ ولا تخفي الحسنات،ولا تُحمِّل النيات ما لا تحتمل،ولا تجرحُ في الأشخاص ولا تستسلمُ للأهواء،وتصلح الفساد وتنكر المنكر وتأمر بالمعروف،الكلمةُ الحرةُ المفيدة هي بحثٌ عن الإصلاح وتضعُ الحلول وتترفَّعُ عن تناولِ الأشخاص بأسمائهم،وتتناولُ الأفكارَ وأعمالَهم فهذا هو النقد الهادف البناء الذي ينبغي أن نتقبله برحابة صدر ولا يتضايق من النقد أحد فإن في نشر ثقافته الإصلاح بل وينبغي أن تتفرغ جهات حكومية وعلمية عالية لوضع أسسه ونشر هدفه،وهي الكلمة الطيبة التي تؤتي ثمرتها..
أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ اللهم لا تجعلنا نقول إلا حقآ،ولا نتكلم إلا صدقاً،ولا نقول زوراً أو نغشى فجورا..ارزقنا طيب الكلام،وحسن الختام ..أقول ما تسمعون ..
الخطبة الثانية
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده وبعد..
أما بعد:أيها المسلمون..كلمة الصّدق والحقِّ مطلوبة،وكلمة الباطل منهيٌّ عنها ومذمومة،و((من كان يؤمن بالله واليوم والآخر فليقل خيرًا أو ليصمت))..فإذا أردت التكلّم فزن الكلمة قبل قولها.
فضبطُ الكلام ووَزن الحديث من سمات أهل العَقل والعِلم والإيمان، وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمْ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ
وبالنظرِ إلى الأثر والمآلات فقد تجوز الكلمةُ الباطلة تحقيقًا لمصلحة راجِحة أو درءًا لمفسدةٍ متحقِّقة أو حِفظا للنفس أو صيانةً للعرض أو جمعًا للكلمة، فيجوز النطقُ بكلمة الكفر في حال الإكراهِ مع اطمئنان القلب بالإيمان،ومع ذلك ففي جميع الأحوال لا تجوز السخريةُ بالناس ولا الاستهزاءُ بهم ولا التطاولُ على الحقّ والدين فهذه ليست حرية تعبيرٍ ولا حريةَ رأي،ولكنها فوضَى وهمجيّة، بل سلوك لا يلِجُه مَن يحترم نفسَه ويحترم الآخرين.ألا فاتقوا الله رحمكم الله، وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ
اللهم إنا نسألُك خشيتَك..في الغـيب والشهادة..ونسألُك كلمةَ الحـقِّ في الغـضبِ والرضى ونسألُك القـصدَ في الفقر والغـنى..ونسألُك نعـيمًا لا ينفـد ونسألُك قرة عين لا تنقطع .. ونسألك الرضى بعـد القـضاء..ونسألك برد العـيش بعـد الموت..ونسألك لذة النظر إلى وجهك الكريم والشوق إلى لقائك..في غـير ضراء مضرة..ولا فـتنة مضلة..اللهم زينا بزينة الايمان .. واجعـلنا هداة مهتدين
لا إله إلا الله الحنان المنان ،بديع السماوات والأرض،ذا الجلال والإكرام ،اللهم انصر إخواننا على أرض سوريا،اشف مريضهم تقبل شهيدهم،واجمع كلمتهم..نسألك اللهم أن تجعل لأهل سوريا فرجا ومخرجا،واحقن دماءهم،واحفظ أعراضهم،وآمنهم في وطنهم،اللهم واكشف عنهم البلاء..اللهم و قاتل الظلمة المتجبرين،يا جبار يا قهار عليك ببشار وأمنه وجنده..اللهم خذهم أخذ عزيز مقتدر،وأرح البلاد والعباد منهم يا عزيز،يا قهار واشف صدور قومٍ مؤمنين بنصر الإسلام وعزة المسلمين والتوفيق لولاة أمور المسلمين أجمعين برحتك يا أرحم الراحمين..
..وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ،،،