من نعم الله علينا أن فَضَّلَ نبينا على سائر الأنبياء والمرسلين،وخصه بخصائص لم ينلها أحد من البشر،ولن يصل إليها أحد ممن تقدم أو تأخر،منها حادثة الإسراءِ والمعراج له صلى الله عليه وسلم التي حصلت في وقتٍ تكالبت عليه المحن في مكة حيث توفي في عامٍ واحدٍ زوجته خديجة وعمه أبي طالب،فذهب إلى الطائف طلباً للنصرة لكنهم خذلوه وآذوه،وأدموا عقبيه فكان الإسراء والمعراج بمثابة الإرضاء والتثبيت له صلى الله عليه وسلم
حين أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى،الذي تدنسه اليوم صهيون وتبني فيه معابدها وتمارس فيه طقوسها و تسعى لهدمه،والأمة غافلة لاهية..وهو مسرى نبينا صلى الله عليه وسلم وثالث المسجدين،ولكن إلى الله المشتكى من ضعف المسلمين وقلة حيلتهم وهوانهم على الناس،فنحن في زمان استأسدت فيه النعاج علوجها وروافضها..والمعراج حيث عرج به صلى الله عليه وسلم إلى سماء تلو سماء، حتى وصل إلى مكان سمع فيه صريف الأقلام..وخبرُ الإسراء والمعراج الوارد في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم بينما كان نائماً في الحِجْر في الكعبة أتاه آت،فشق ما بين ثغرة ونحره إلى أسفل بطنه،ثم استخرج قلبه فملأه حكمة وإيمانًا؛ تهيئة لما سيقوم به،ثم أُتي بدابة بيضاء يقال لها:البراق،يضع خطوه عند منتهى طرفه،فركبه صلى الله عليه وسلم وبصحبته جبريل الأمين، حتى وصل بيت المقدس،فنزل هناك وصلى بالأنبياء إمامًا يصلون خلفه؛ ليتبين بذلك فضله وشرفه وأنه الإمام المتبوع ثم قال


ثم رُفع صلى الله عليه وسلم فجاوز منزلة إبراهيم الخليل وغيره من الأنبياء، فسمع صريف الأقلام أقلام القدر بما هو كائن إلى قيام الساعة، ورأى سدرة المنتهى، فغشيها من أمر الله من البهاء والحسن ما غشيها حتى لا يستطيع أحد أن يصفها من حسنها وإذا وَرَقها كآذان الفيلة، وإذا ثمرها كالقِلال، وهي إناء من فخار يحمل فيه الماء، فهي شجرة عظيمة، أوراقها واسعة، وثمارها ضخمة، ورأى هناك جبريل على صورته وله ستمائة جناح، ورأى رفرفًا أخضر قد سد الأفق، ورأى الجنة والنار، فأدخل الجنة فإذا فيها قباب اللؤلؤ وإذا ترابها المسك.
ثم فرض الله عليه الصلاة خمسين صلاة كل يوم وليلة، فرضي بذلك وسلم، ثم نزل فلما مر على موسى قال: ما فرض ربك على أمتك؟قال


ودروس حادثة الإسراء و المعراج كثيرة منها تسليته صلى الله عليه وسلم بعدما أصابه الحزن بوفاة أقربائه وظلم وتكذيب عشيرته فكانت الرحلة تثبيتاً وتطميناً .
من فوائد الإسراء والمعراج أن هذه الأرض التي نعيش عليها جزء من عونٍ عظيم لا تعدو أن تكون كرتنا الأرضية مثل حبة رمل في كثبانٍ رملية، والشمس بكواكبها التسعة عنقود صغير في مَجَرة تضم ملايين الشموس، وأضعافها من الكواكب والأقمار، والمجرة جزء من نظام كوني يعج بملايين المجرات، كل واحدة في مجراها، وكل نجم منها في مداره، ((كُلٌّ فِى فَلَكٍ يَسْبَحُونَ)) وهذه النجوم والمجرات هي الجزء المُكتشَف من السماء الدنيا التي تلينا، يقول الله تعالى: ((وَزَيَّنَّا ٱلسَّمَاء ٱلدُّنْيَا بِمَصَـٰبِيحَ)) والسماء الدنيا إلى السماوات السبع مثل خاتم يلقى في الصحراء فسبحان مدبر الكون و خالقه و صانعه،فسبحانه الذي أسرى بعبده إلى بيت المقدس، وعرج به إلى السماوات السبع في جزء من الليلة.
فسبحانَ منْ لا يعرفُ الخلق قدره و من هو فوق العرش فردٌ موحد
هو الله بارئ الخلق و الخلق كلهم إماءٌ له طوعاً جميعاً و أعبــدُ
ومن دروس الإسراء أن الهداية بيد الله،وأن من حجبها الله عنه فلن تجد له هاديًا ونصيرًا،قال صلى الله عليه وسلم

من دروس الإسراء والمعراج قبحُ الغيبةِ وعقوبة أهلها،قال صلى الله عليه وسلم

وقد اختلف العلماء في تأريخ الإسراء والمعراج اختلافًا عظيمًا وأنه ليس في رجب كما يعتقده بعض من يحتفل بذكراه ويجعلونه إجازة لكنهم لا يقفون عند معانيه العظيمة التي تعتبر هي العبرة والعظة في هذه الحادثة..اللهم ارزقنا الإيمان بك والإتباع لسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم
((وَهُوَ بِالأُفُقِ الأَعْلَى ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى ))
أقول ماتسعمون..
الخطبة الثانية
الحمد لله و حده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده و بعد..
أمتي كم غصة دامية *** خنقت نجوى علاك في فمي
كيف أغضيت على الذل ولم *** ولم تنفضي عنك غبار التهم ؟
أو ما كنت إذا البغي اعتدى *** موجة من لهب أو دم ؟
اسمعي نوح الحزانى واطربي *** وانظري دم اليتامى وابسمي
لك الحق ـ أيها المسلم ـ أن تتساءل بحِيرة:ما تفسير الحال الذي نحن المسلمين اليوم فيه؟! مدنٌ إسلاميّة بالشام تُقصف بأفتكِ أنواع الأسلحة، ويُهجّر أهلها، ويخرجون من ديارهم وأموالهم، وتُحرق زروعهم وثمارهم،وكل ذلك مصوّر وموثق والعالم شاهد يتفرّج مع شيء من الإنكار، ولا أحد يملك الجُرأة على عون المظلومين ونصرتهم إلا على استحياء أو ضعف لئلا يُتَّهم بدعم الإرهاب، في وقت ترى الرافضة بدولهم وأحزابهم يتداعون على إخواننا ونحن ليس بيدنا حيلة لنصرة إخواننا حتى بالمال تجدُ من يُخذل عنهم ويُضيق عليهم..بعض النفوس الضعيفة يُخَّيل إليها أن للكرامة ضريبة باهظة لا تطاق، فتختار الذل والمهانة، هربًا من التكاليف الثقال، فتعيش عِيشة رخيصة، مفزعة قلِقة، تخاف حتى من ظِلّها وصداها،((يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ))يحسب المسلمون أنهم مقابل المهانة التي يبذلونها ينالون قربى كبار الدول وإدراجهم في محافل الأمم،ولكن كم من مجاملات عبر التاريخ انكشفت عن نبذهم واستصغارهم، كم مرة خضع العرب والمسلمون وخنعوا للغرب والشرق، وضحّوا بكل ما لديهم من موارد ومن قيم ومُثُل لم تعرف البشرية مثلها، ثم في النهاية هم رخيصون هينون في عيون سادتهم الذين طالما لهثوا في إثرهم..أليس في قدرات المسلمين عموماً شعوباً وقادةً أن يصونوا أمانة الله التي حمَّلهم إياها، ويحافظوا على ثروة القرآن الذي شرفهم الله تعالى به على العالمين، لكنهم بدلوا والتفتوا يمينًا ويسارًا،وركنوا إلى دنيا يصيبونها أو قضايا تافهة يختلفون بينهم لأجلها وتملصوا مما كُلِّفوا به من ربهم، وتركوا عزائم الأمور وجدِّية المواقف ونصرة المظلوم وإغاثة الملهوف لينشغلوا باللهو والهوان ومع تكاثر العظات والتجارب فإننا ما نزال نشهد كل يوم ضحية؛ ضحية تؤدي ضريبة الذل كاملة حين هربت الأمة من دين الله،ضحية تبادو وتقصف من آثار الذل والهوان ليست أولها فلسطين وليس آخرها القصير ومدن الشام ومايصيبها من ذُلٍّ وهوان.
في وسع المسلمين أن يكونوا أحرارًا، لكنهم اختاروا العبودية، وفي طاقتهم أن يكونوا أقوياء، لكنهم اختاروا التخاذل، وفي إمكانهم أن يكونوا مرهوبي الجانب، ولكنهم اختاروا الجُبْن والمهانة، يهربون من العزة كي لا تكلفهم درهمًا وهم يؤدون للذل دينارًا وقنطارًا، يرتكبون كل كبيرة ليُرضوا الأمم المتحدة ومجلس الأمن ويستظلوا بجاههم وهم يملكون أن ترهبهم تلك الأمم، يُشفقون من تكاليف الحرية مرة فيظلون يؤدون ضرائب العبودية مرات.
أيها المؤمنون، لا بد من ضريبة يؤديها الأفراد، وتؤديها الدول، وتؤديها الشعوب، فإما أن تُؤدَّى هذه الضريبة للعزة والكرامة والحرية، وإما أن تُؤدى للذلة والمهانة والعبودية، والتجارب والواقع كلها تنطق بهذه الحقيقة.فأن ضريبة الذل أفدح من ضريبة الكرامة، وإن تكاليف الحرية أقل من تكاليف العبودية، والذين يطلبون الموت توهب لهم الحياة، فلا نامت أعين الجبناء، والأذلاء الذين باعوا الدين والأمانات وخذلوا الحقّ وتمرغوا في التراب،((فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمْ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ)) ومواقف الأبطال من علماء وقادةٍ عاشوا كرماء وخلَّد التاريخ مواقفهم..
أيها المسلمون..لاشك أن محنة القصير والشام منحة والفرج يأتي من الله بعد الشدة والله لايصلح عمل المفسدين والفأل قائم،كم انغشت شعوب الأمة بمشروع المقاومة الرافضي لحزب الشيطان ودول المقاومة وإيران المجوسية فإذا هم خنجر في خاصرة الأمة وحربهم علينا كما هو تاريخهم وعقيدتهم للثأر من السنة..
من الفأل وألمنح الربانية أن الأمة يُعاد صياغتها ليميز الله الخبيث من الطيب وليتنادى المسلمون لإحياء روح الجهاد الذي شُوه والنصرة التي فقدت والهوان الذي سيطر والله ثم والله إن القصير وبلاد الشام الآن يكتب أهلها ومجاهدوها سطوراً من العزة والجهاد يعجز القلم والبيان عن حصرها لكنها كذلك بينت مدى خذلان أمة الإسلام لبعضها وتعلّقها بغيرها ذلة ومهانة..
المهم قبل سقوط القصير سقوط كثير من أمة الإسلام في حفرة الذلة والمهانة التي لاينصر فيها مظلوم ولاتحمي الأعراض للنساء والأطفال والمقدسات إلا بمؤتمرات أقوال لا أفعال وتنديد وشجب واستنكار بلا طعمٍ ولالونٍ ولا رائحة..
إن مآسي القصير وحمص والشام وبورما وغيرها تسجل تاريخاً من الذلة والمهانة يمرُّ بأمة الإسلام بالتخاذل عن نصرة الأبطال وبروز أبطال ومواهب الغناء والرقص على جراحنا والذي تتميز قنواتنا العربية بإظهاره وإشهاره وإعلانه شبه يومياً فعذراً من مآسينا وجراحنا عذراً إن قصرت الآيادي بالدعم المالي وألسنتنا عن القنوت والدعاء والله المستعان ..
أزرى بنا الإخلاد حتى لم يعد
لرماحنا مثل الرماح نصال
أبطال ملحمة القصير كأنني
بالشام تكسر دونه الأغلال
أبطال ملحمة القصير مقامكم
أعلى وإن صال البغاة وجالوا
اللهم فارج الهم،كاشف الغم،مجيب دعوة المضطرين،رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما،اجعل لأهل سوريا من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا , ومن كل بلاء عافية..
اللهم انتقم لهم من بشار الظالم الطاغية..وانتقم من كل من والاه أو شايعه أو أعانه من حزب الشيطان وإيران وروسيا ..اللهم خذه أخذ عزيز مقتدر..
و صلى الله و سلم و بارك على سيد الأنبياء و المرسلين و الحمد لله رب العالمين ..