مَعَ اِستِمرَارِ مَصَائِبِ إِخوَانِنَا فِي أَرضِ الشَامِ وَغيرِهَا بِالمجَازِرِ وَمِئَاتِ القَتْلَى وَآلافِ المصَابِينَ وَاللاجِئِينَ وَالانْتِهَاكَاتِ للحقوق وموت الآلاف الذي يصيبنا بالحزن..فَلا عَزَاءَ وَلا مُوَاسَاةَ..نَعَم لَن أُعَزِيَكُم فِي مَوتِ هَؤُلاءِ الأَبْطَالِ الذينَ أَعلَنُوا عَدَمَ سُكُوتِهِم عَن الظُلمِ وَالطُغيَانِ..الذينَ بَذَلُوا دِمَاءَهُم رَخِيصَةً فِي سبيلِ اللهِ أَمَامَ نِظَامٍ نُصَيرِيٍّ ظَاِلمٍ..نَعم لا عَزَاءَ لَكِنَّهَا تَهنِئَةٌ وَغِبْطَةٌ تَهنِئَةٌ بِهَذِهِ البُطُولاتِ التي نَرَاهَا وَالتَضحِيَاتِ التي يُقَدِمُونَهَا وَالصُعُوبَاتِ التي يُلاقُونَها طَلبَاً لِحُريَةٍ طَالَمَا تَمنوهَا وَطَلَبُوهَا وَنُصرَةً للإِسلامِ يُقَدِمُونَهَا وغِبْطَةً برَبيعٍ عَرَبِيٌّ بِهِ بِدَايَةُ نِصرٍ لِلإِسلامِ وَالمسلمينَ فَأَيُّ كَلامٍ يُقَالُ يُمْكِنُ أَن يُحِيطَ بِهَذِهِ الهِمَمِ العَالِيَةِ..وَأَيُّ وَصفٍ يَسْتَطِيعُ أَن يُجَسِدَ لَنَا هَذِهِ التَضحِيَات.
نُعَزِي أَنفُسَنَا إَذَا كان رَأَيُنَا عَدمَ التدخل وَشِعَارَاتُنَا تُحييّ الفَنَّ وَالرِيَاضَةَ وَالغِنَاءَ ويُهَنَئ المنَاضِلِونَ حِينَ يَكُونُ شِعَارُهُم يا ألله ما لنا غيرك يا ألله معتمدين على ربهم الذي يرون بشائرَ تأييده لهم بنصرهم إياهم..سئم القصيد وجفت الأقلام
سئم القصيد وجفت الأقلام
ما عاد يجدي بالفصيح كلام
ما عاد يجدي أن نريقَ دموعَنـــا
أو أن تُذيبَ قلوبنـــــــا الآلامُ
نحكي الهوان على شواطئ لهوانا
وأمامنا يتقاذف الإسلام
نبني من الأقوال صرحاً شامخاً
والفعل دون الشامخات ركام!
اللَّهُمَ أَنتَ وَحْدَكَ المستَعَانُ وَعَليكَ التُكْلانِ..وَبِكَ النَّجَاةُ مِن الهَوَانِ..مع كل هذه التضحيات والدماء والمجازر فلا عزاء..أَمَّا إِذَا كُنْتُم تُرِيدُونَ العَزَاءَ والحُزنَ وَالمُوَاسَاةَ فَلَيسَ فِي هَؤُلاءِ الأَبْطَالِ بِالشَامِ وَغَيرهَا مِمن رَفَعُوا رُؤُوسَنَا بِتَضْحِيَاتِهِم وَلكن اِقْبَلُوا العَزَاءَ فِي أَنْفُسِنَا وَأُمَتِنَا..نعم أُعَزِيكُم لَمَا كُنَّا أُمَّةً مُهَانَةً ذَلِيلَةً تُدَاسُ كَرَامَتُهَا وَتُرَاقُ دِمَاءُهَا رَخِيصَةً..أُعَزِيكُم بِفَقْدِ الحَمِيَّةِ لِنُصرَةِ المُسْتَضعَفِينَ..أُعَزِيكُم لِفَقْدِ الغَيَرَةِ مِن البَعضِ عَلى أَعْرَاضِ المُسْلِمِينَ..أُعَزّيكُم بِجِهَادٍ حُورِبَ وَعُطِلَ وَشُوّهَتُهُ فِئَاتٌ تَدّعِي الانْتِسَابَ إِليهِ بِالتَكْفِيرِ وَالتْفجِيرِ وَالعَبَثِ بِالأَمنِ وَالأَوطَانِ..أُعَزِيكُم بِالوَلاءِ والبَراءِ الذي ضَعُفَ فِي نُفُوسِ الكَثِيرِينَ..أُعَزِيكُم بِبَعضِ قِيَادَاتِ المُسلِمِينَ من تُمْضِي عُمُرَهَا مُتَمَرِغَةً عَلى أَعتَابِ صَلَيبِيينَ أَو رُوسٍ أَو رَافِضَةٍ يُقَدِمُونَ لَهُم وَلاءَاتِهِم عَلى حِسَابِ أَوطَانِهِم وَيَطْلُبُونَ نُصْرَتَهُم وَالسُكُوتَ عن جَرَائِمِهِم وَيَبحَثُونَ عَن الحُلُولِ عِنْدَهُم ولا حل..أُعَزِيكُم بِجُيُوشٍ وَقِيَادَاتٍ كَانت تَدّعِي المُقَاوَمَةَ وَتَزعُمُ الحِمَايَةَ فَإِذَا بِهَا تَنْقَلِبُ عَلَى شُعُوبِهَا تُبِيدُهُم وَتَقْصِفُهُم بِأَنواعِ الإِبَادَةِ..نَستَقِبِلُ العَزَاءَ لِمن يُعَلِقُونَ آمالَهُم لإِنقَاذِ البَشَرِ بِالشَامِ،وَإِيقَافِ الإِبَادَةِ بِبُورمَا وَغَيرهَا عَلى مُنَظَمَاتٍ عَالَمِيَةٍ وَجِهَاتٍ دَولِيَةٍ يَتَوَقَعُونَ مِنَهَا نُصرَةً وَحِمَايَةً..أُعَزِيكُم حِينَ يُوجَدُ بَينَنَا مَن لا يَسْتَطِيعُ حَبْسَ غُثَاءِ لِسَانِهِ وَسُمَّ قَلَمِهِ مِن التّهَجُّمِ عَلى هَؤُلاءِ الأَبطَالِ وَلا يَتَوَرّعُ عَن اِتِهَامِهِم ظُلمَاً مِن لَدُن أَنفُسِهِم..أُعَزِيكُم بِالمُقَدَسَاتِ التي تُحرَقُ وَتُهدَمُ وَتُهَانُ وَلا تُحَرِكُ سَاكِنَاً..أُعَزِيكُم بِهَذا الجُبنِ في النُفُوسِ وَالغَرامِ بِالمُتَعِ الرّخِيصَةِ فِي أَحلَكِ الأَيامِ وافْتِتَانٍ بِالمَلاهِي وَالمَعَازِفِ فِي أَشدِ المِحَنِ..أُعَزِيكُم بِذُّلِ حُبِّ الدُنْيَا وَكَرَاهِيَةِ المَوتِ والجُبْنِ عَن الإِقْدَامِ وَنَزِعِ المَهَابَةِ..أُعَزِيكُم بِإعلامٍ يُسَاهِمُ فِي جِرَاحِنَا بِالرقْصِ عَليهَا وَالعَبَثِ بِتَارِيخِنَا وَنشرِ الرّذِيلَةِ وَتَقْويضِ الفَضِيلَةِ وَبِشَبَابٍ يَتَسَابَقُونَ فِي قَتْلِ أَنفُسِهِم بِالعَبَثِ بِالسَيَارَاتِ وَإِزْهَاقِ الأَروَاحِ وَالتَطَاوُلِ عَلى أَمنِ البِلاد..وَيَعْكُفُونَ عَلى القَنَوَاتِ وَيُسَارِعُونَ إِلى الاتصالاتِ لِلتَصويتِ للِمُبْطِلاتِ..أُعَزِيكُم بِأَغْنِيَاءَ بَخِلُوا بِأَموَلِهِم عَن إِخْوَانِهم المُسلِمِينَ المُحْتَاجِينَ..وَبِعُلَمَاءَ اِنشَغَلُوا عَن قَضَايَا أُمتِهِم بِالاخْتِلافَاتٍ،َبِمُتَعَجِلِينَ وأصحاب غلوّ أَرَادُوا بِاسمِ الجِهَادِ وَفكرٍ ضَالٍ زَجَّ أُمْتِهِم فِي أُتُونِ حَربٍ لَم تَسْتَعِدَ لَهَا وَفِتَنٍ لا طَاقَةَ لَهَا..أُعَزِيكُم بِصَحَافَةٍ تُحَارِبُ الإِصلاحَ وَتُسَوِّقُ للنِّفَاقِ وَالمُجَامَلَةِ والإفساد..أُعَزِيكُم بِمن يَرى نَفسَهُ مُثَقَفَاً وَمُفَكِراً لَكِنَّهُ يَنَالُ مِن الدِينِ والشَرعِ الحَكَيمِ وَيَتَعَدى على الثَوَابِت وَيَتَخِذُ مِن البَرَامِجِ الفَضَائِيَةِ مَجَالاً لإِصطِيَادٍ عَكرٍ لإِفسَادِ المَرأَةِ وَالمُجْتَمَعِ..أُعَزِيكُم بِفَسَادٍ وَرَشْوَةٍ وَسُوءِ أَخلاقٍ أَزكمت رَائِحَتُهُ الأُنُوفَ..أُعَزِيكُم بِانْتِشَارِ سُوقِ المُجَامَلَةِ والنَّفِاقِ وَالسُكُوتِ عَن أَسوأَ الأَخلاقِ وَاِسْتِمرَائِهَا..أُعَزِيكُم بِأُمَّةٍ بُلِيَت بِتَفرِيقِ الكَلِمَةِ وَتَصَارُعِ الأَهواءِ..أُمَّةٌ حُجِبَت بِالجهلِ وَالكَبْتِ عَن مَعرِفَةِ أَحوالِ عَدُوِّهِم وَصَنَائِعِهِم..أُمَّةٌ اِسْتَسلَمت لِلمُحتَلِ الغَاصِبِ وَسَيطَرَ عَليهَا الوَهنُ وَعَبثَ بِهَا الوَهم..أُعَزِيكُم بِضَعفِ الأَمرِ بِالمَعرُوفِ والنَّهيِ عَن المُنكَرِ والاحْتِسَابِ لأَجلِهِ لَدى الكَثيرِ مِن النَّاسِ..أَنعِي لَكُم الأَمنَ الذي تُحَاوِّلُ زَعْزَعَتَهُ فِئَاتٌ غَيرُ مُنْضَبِطَةٌ فِي المُجْتَمَعِ لا شَرعَ يَدعَمُهَا وَلا عَقْلَ يَضْبِطُهَا وَتُقَوِّضَ مَشَارِيعِ الخَيرِ..فَأَحسَنَ الله عَزَاءَكُم بِمَعَالِمِ الدِينِ التي ضَعُفَت فِي النَّفُوسِ..أَحسَنَ الله عَزَاءَكُم بِالإِنسَانِ وَهُوَ حَيٌّ..وَبالنَّخْوَةِ وَهِيَ أَصلُ..وَبالأَرضِ وَالعَرضِ وَهُمَا يُدَنِسَانِ..أَحسَنَ الله عَزَاءَكُم فِينَا نَحنُ الأَحياءَ..وَهَنِيئَاً لأُولَئِكِ الشُرَفَاء الذين يُدَافِعُونَ عَن حُريَتِهِم وَأَرضِهِم وَيَتَسَابَقُونَ بِالبُطُولاتِ وَهُم الذينَ كَانُوا وَلازَالُوا غُصَةً فِي حَلقِ الأَعدَاءِ..إذاً فَأَيُّ الفَرِيقَينِ أَحَقُّ بِالعَزَاءِ ومن له الفخر؟!..أَهُم مَن نَحَسَبُ أَنَّهُم بِإذنِ اللهِ أَحيَاءٌ عِندَ رَبِّهِم يُرْزَقُونَ وَسَيُحَقِقُ اللهَ لَهُم بِإِذنِ اللهِ بِتَضْحِيَاتِهِم مَا يَطْلُبُونَ؟أَمَن هُم عَن مُصَابِهِم غَافِلُونَ ؟ أَهُم الأبطالُ الذينَ تَسَامَت هِمَمُهُم فِي العَوَالِي؟وَبَذَلُوا الدِمَاءَ وَالأَطفَال وَالمَجَازِرِ يَومِيَاً بِالمِئَات..أَم هَذَا الحُطَامُ الذي هُوَ فِي الأُمَّةِ سَارِي؟!أَهم من اِسْتَوفَاهُ الله وَهُوَ مُرَابِطٌ فِي بِلادِ المُسلِمِينَ يَحمِي المُقَدَسَات فِي الشام و فِلِسطِين ويُدَافِعُ عَن الثُغُورِ وَيُطَالِبُ بِأَبسَطِ الحُقُوقِ مِن حُرِيَةٍ وَكَرَامَةٍ وَعَدلٍ وَسِيَادَةٍ.أَم مَن رَكَنُوا إِلى لَهوِّ الحَيَاةِ الدُنيَا وَتَرَكُوا عَزَائِمِ الأُمُورِ وَخَذَلُوا إِخوَانَهُم..ذَلِكُم المُصَاب الحَقِيقي الذي يُسْتَحَقُ لأَجِلِّهِ العَزَاءَ فَمنَ الميتُ حقاً ومن الحي؟
يا شام إن جراحي لا ضفاف لـــــها
فمسحي عن جبيني الحزن والتعبا
يا رُب حي ترابُ مسكنه
ورب ميت على أقدامه انتصبا
يا بن الوليد ألا سيف تؤجره
فكل أسيافنا قد أصبحت حبشاً
أَمَّا كَيفَ وَصَلَ بِنَا الحَالُ إِلى هَذا المُصَاب؟لِمَاذَا تَأَخرنَا وَنَحنُ المقْدِمُونَ؟كَيفَ تَخَاذَلنَا وَإِخَوانُنَا يُهَانُونَ وَبِالآلافِ يُبَادُونَ؟فَإِنَّ مُقَارَنَةً سَرِيعَةً يَقُومُ بِهَا أَيُّ اِمرئٍ عَاقَلٍ بَينَ وَاقعِ الفَردِ المُسلِمِ اليَوم وَبينَ تَارِيخِنَا فِي صَدرِ الإِسلامِ الأَولِ يظهر لَنَا فرقاً كبيراً بَينَ الوَاقِعِينَ.
نعم..أَيُّهَا المُسلِمُونَ..قَد نَرَى كَثيراً مِن المُسلِمينَ اليَومَ أَفخرَمَلبَسَاً وَأدسَمَ مَطْعَمَاً أَو أَرفَهَ مَركَبَاً وَلَكِنَّهُ في دينه أَقلَّ فُؤَادَاً وَأَضْعَفَ وَازِعَاً..أقلَّ نُصرَةً وَأَضعَفَ جُنداً وَقُولُوا مِثل ذَلكَ عِبَادَ الله- فِي مُقَارَنَةٍ بَينَ المُجْتَمَعَاتِ المُسلِمَةِ قَدِيمَاً وَحَدِيثَاً فَأُمَتُنَا كَانت قَائِدَةً لا مُنقَادَةً،مَتْبُوعَة لا تَابِعة،يَدُهَا هِيَ العُليَّا وَليست السُفلَى تولّى أمرها رجالٌ كَأَبِي بِكرٍ وعُمر..فكَانت أُمَّةَ العَدلِ وَالقِسطِ لَهَا أَلَقَاب خِلافة وَدَولَة قَد وضعت موضعها،ولم تكن يوماً ما كالهِرِّ يَحكي اِنتِفَاخَاً صَولَةَ الأَسدِ،لا هَدف وَاضح وَلا قُوة..تَسلَّطَ الرُوَيبِضَة وَعَبِثَ بِهَا العَجُول الذي يُثيرُ الفِتَن..وَأَصَابَهَا الذُلُّ وَالوَهَن..فَأُصِيبت بِسَائِر المِحن..ونُكِّئَت جِراحُهَا،حَتَى اُستُبِيحت حُرُمَاتُهَا،فَتَجَرعت مُجْتَمعَاتُها الجِرَاح وَقُذِفَ فِي قُلُوبِ بَنِيهَا الرُّعب،وَسَيطَرَ الظُلمُ حَتَى أَصبَحَ وَاقِعَاً ،حَتَى الشَجَّب وَالإِدَانة والاسْتِنكَار بَاتت مَواقِف مَفقُودَة نَتَرحَمُ عَليهَا وَهَذَا كُلُّهُ لَم يَكن بِلا مُقَدِمَاتٍ،وَإِنَّمَا هُوَ ثَمَرةُ خَلَلٍّ وفُتُوقٍ،بَحت بِإِيضَاحِهِ فِيهم أَصواتُ النَّاصِحِينَ وَالمُنذِرِينَ العُقُلاءِ غَيرَ أَنَّ أُمَّةَ الإِسلامِ لَم تَستَبِن النُّصحَ وَلَم تهتَدِ إِلى السببِ الرَئِيسِ لِكُلِّ هَذِهِ البَلايَا((أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)) وإذا كان يقيناً نصرُ الله (( كَتَبَ اللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ))ويقول

أيها المسلمون إننا في أيام عصيبة يموج بعضها في بعض،وفتنٍ تتلاطم كموج بحر لجي تمثلت في تضيق الخناق على الإسلام والمسلمين من قبل أعدائهم ومنافقيهم ومن العقل والحكمة توطين النفس بالموقف الثابت المستمد من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم تجاه هذه الفتن..نقف أمامها بشجاعة وأقدام وقناعة بهذا الدين القويم ونصرة المستضعفين في المحن ولا نتخلى عن ثوابتها أو تتنازل عن مبادئ دينها فتخسر وتنهزم ((وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ))..الأمة تكون قوية في نفسها..حين ترفع الحق وتقيمُ العدل وتنبذ الفساد وتنصر المظلوم.إنها قوة تقيم بين الناس موازين القسط،وتبسط بينهم العدل وتعيد الحق وترفع الظلم{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمْ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ}
نقول ذلك ونحن نرى قوة شعوب كأهل الشام انتفضت لمحاربة الظلم فوقفت أمة الإسلام معهم عندهم تضحية في سبيل الله على قلة عتادهم لكنهم باعوا أنفسهم لله أمام ظالم نصيري يطغى عليهم

وَإِذَا كَانَ هَؤُلاءِ الطُغَاةُ ظَفُرُوا بِظُلمٍ أَقرّوُهُ عشرات السنين مِن طُغيَانِ الأَثَرَةِ وَاستِبدَادِ الظُلمِ وَاِنفِلاتِ مَوازِينِ الحقِّ وَالعَدلِ فَإِنَّ بَذرَة الخيرِ في الأُمَةِ سَتُعِيدُ الحقَّ إِلى مَكَانِهِ بِالإِسلامِ حَتى وَلَو تَدَاعت الأُمَمُ عَلى المسلمينَ نُصرةً لِلظَالِمِ وَخُذلانَاً لِلضَعِيفِ وَوهنَاً مِن المسلمين بحب الدنيا وكراهية الموت.هَذا هُوَ مَبعثُ الوَهنِ وَسِرُ الضَعفِ المهينِ أَن تَخْلُدَ الأُمَّةُ إِلى دُنيَاهَا وَمتَاعِهَا،فَتَعِيشَ أَسِيرَةً لأَوضَاعِهَا الرَتِيبَةِ،مُتَعَلِقَةً بِشَهَوَاتِهَا،لا هَمَّ لَهَا إِلا الرغَائِبَ المادية وَحُبُ الدُنيَا وَذَلِكَ يَجعَلُ الهُمامَ ضَعِيفَاً خَوَارَاً كَراهِيَةُ الموتِ وَضَعفُ الهويَةِ الإسلامية تجعلُ الأَفرادَ وَالجمَاعَاتَ يُؤَثِرُونَ حَيَاةً ذَلِيلَةً عَلى الموتِ الكَريمِ كَمَا هُوَ حَالُ الكَثِيرِينَ مِمَن نُعَزّى بِهم.. نُفُوسُنا تَحَلَلَت بِالمعَاصِي،وَاِنْحَلت بِالإِسرَافِ،وحَيِنَئِذٍ يَتَقّوَى الظَالِمُونَ وَيَنتَصِرُ الكَافِرُونَ،وَيَنتَفِشُ المبطِلُونَ إِذا قُتلَ يَهُودِيٌ واحدٌ قَامَ العَالم ولم يَقْعُد وَمِئَاتُ المسلمينَ يُبَادُونَ يَومِيّاً بِالشَامِ وَفِي بُورمَا وَالعَالَم يَجْتَمِعُ وَيَجْتِمِعُ لَكِنَّهُ يَصمُت ويَتَخَاذَل المسلمون ذُلاً ومَهَانة..
أَيُّهَا المسلمونَ:إنَّ المسلمَ لا يُقِيمُ العَزَاءَ عَلى شَيءٍ فَاتَهُ،ولا يَنْدُبُ حَظَّهُ لأَمرٍ نَزَلَ بِهِ،وَلَكِنَّهُ يَنظُرُ وَيَتَأَملُ سُنَنَ اللهِ يَبْحَثُ فِي أَسبَابِ النَّصرِ وَالهزِيمةِ فَالانتِصَارُ وَالهزيمةُ لَيست حُظُوظَاً عَميَاءَ،ولا هيَّ خبط عشواء فالطغاةُ الظالمونَ والأَعداءُ الغَاضِبُونَ مَا تقوّوا إِلا بِضَعفِ كَثيرٍ مِن القُلُوبِ في إِيمانِهَا، وَاِفْتِقَار الصُفُوفِ إِلى الوِحدَةِ وَالتَلاحُم بَينَ القَادَةِ وَشُعُوبِهَا..إِنَّ المتَأَمِلَ في هَزَائِم الأُمَّةِ،وَصِرَاعِهَا مَعَ أَعدَائِهَا يُدرِكُ أَن الجهودَ الماكرةِ لأَعداءِ في مَيَادِينِ التَربيةِ والتعليمِ والإعلامِ،قد آتت كثيراً مِن أُكُلِّهَا،والمرّ مِن ثِمَارِهَا..في ذُود الأَجيالِ عن القُرآنِ الكَريم وتجهيلهم بدينهم وهم عن ذلك غافلونَ..
إِنَّ الانتصارَ عَلى الأَعداءِ وَلَو طَالَ الزَمَان لا يَتَطَلّبُ إِلا سِلاحَ مُحَمَدٍ صلى الله عليه وسلم بالإيمانِ بِاللهِ وَإِخلاصِ التَوحيدِ والعِبَادَةِ والعَمَلِ بِالإِسلامِ وَالانطلاق مِن منهجهِ..ذَلِكُم هُوَ مَصدرُ الطَاقَةِ وَهُو الرايةُ التي إِذَا اِرتفعت تحققت الغايةُ كمَا رأيناه هنا وهناك،بالتزام الشورى منهجاً وعدم التعجل مبدأً والسعيَ لِحِمَايَةِ الأَوطانِ مِن الفِتَنِ وَتَوحيدِ الكَلَمة وَرأب الصَدعِ فَالتَنَازع سَبَبٌ لِلفَشَلِ..وَالخيرُ مَحفُوظٌ لِهَذِهِ الأُمَّةِ مَا اِستَقَامت على الطريقةِ وأَصلَحَت المسيرةَ وقَامَ كُلٌّ مِنَا بِدورِهِ فِي رَفعِ مُصَابِ الأُمَّةِ وَلِنَعلَمَ أَنَّنَا بِتَكَاتُفِنَا واِجتِمَاعِنَا قَادَةً وَشُعُوبَاً لِغَرَضِ المنَاصَحَةِ لا المواجهة والتعاونِ والتَرابُطِ وَليسَ الحقد والتباغض ولإقامةِ العلومِ المفيدةِ والتربيةِ الصحيحةِ فَإِنَّنَا بِإِذِنِ الله مَنصُورُونَ((أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمْ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ)) أقول ما تسمعون....
الخطبة الثانية
..الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده وبعد..
في الوقت الذي يصاب فيه المسلمون لما يطالبون به من حرية وحقوق ويتسلط عليهم الظالمون ويسكت عن نصرتهم المتخاذلون نرى فئاتٍ ضالة تنطلق من مناهج باطلة تريد الفساد في الأخلاق والإفساد في الأمن هنا وفي بلاد المسلمين بنشر الطائفية والضلال والفكر الضال..بمؤامرات ومخططات وعمالة لدول أجنبية فأصبحوا بأفعالهم خنجراً في خاصرة الأمة يحققون بأفعالهم ما يرغب به الكفار في بلاد المسلمين من عدم الاستقرار في الأوطان والعبث بخاتم الأديان وهو دين الإسلام وعبث بنعمة الأمن في البلدان وإهمال لمبدأ الحوار والعدل والمناصحة ونشر لصفة النفاق وفساد المال والمجاملة وبهذا تنهزم الأمم وتفقد نعمة الأمن والاستقرار وهذا ما ينبغي منه الحذر..
اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا..ارزقنا شكر نعمتك..ودوام عافيتك..واجمعنا على الحق وجنبنا ا لباطل..اللهم مجري السحاب منزل الكتاب هازم الأحزاب انصروا إخواننا في أرض الشام وبورما وفلسطين بنصرٍ من عندك تعلي به رايتهم وتحفظ أولادهم وأعراضهم..اللهم وتقبل شهيدهم واشف مريضهم وأوي مشردهم..اللهم من أراد ديننا وأمتنا وبلادنا ونساءنا بسوء فأشغله بنفسه و أكفنا شره اللهم أحفظ نعمة الأمن و الإيمان واكفنا شر الفتن التي تحيط ببلادنا ما ظهر منها وما بطن و أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه ظاهراً وباطنا وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه وحرر المسجد الأقصى من اليهود الغاصبين وصلى على محمد وعلى اله وصحبه أجمعين