يقول تعالى

شبابٌ ذلَّلُوا سُبلَ المعالي
و ما عرفُوا سوى الإسلامَ دينا
علي بن أبي طالب وعبد الله بن عمر،وعبد الله بن عباس،وعبد الله بن الزبير، وأسامة بن زيد كلُّهم من تربيةِ مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم التي نتعرف شيئاً منها اليوم..روى مسلم عن أنس رضي الله عنه قال:ما رأيت أحداً كان أَرحم بالعيالِ من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن أنس رضي الله عنه قال:كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أفكه الناس مع الصبي.
أيها الإخوة..اهتم الإسلام بأن يكونَ الأبُ في موضع القدوةِ من ولدهِ..فالقدوةُ الصالحةُ من أكبرِ العواملِ في التأثيرِ على القلوبِ والنفوسِ،وما أجدرَ الجيلَ المسلمَ اليومَ أن يفهمُوا هذه الحقيقة،ليكون أولادُهم دعاةَ خيرٍ وحقٍ،منذ تسميتهم وسماعهم للآذان بعد ولادتهم.
عوِّد بنيك على الآداب في الصغر
كيما تَقَرَّ بهم عــيناك في الكِبَرِ
فإنما مثلُ الآداب تجمعــــها
في عنفوان الصبا كالنقش في الحجر
روى أبو داود و البيهقي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ



هذا هديه صلى الله عليه وسلم في غرس العدل في قلوب الآباء من حوله،لأن الظلم سبب للخصومات،والأحقاد وضياع الأولاد والأمثلة موجودة..
من قصصه صلى الله عليه وسلم مع الشباب والمراهقين وعبثهم ما رواه ابن عبد البر رحمه الله بسنده،عن أبي محذورة،أوس بن معبر رضي الله عنه قال


وكان صلى الله عليه وسلم مثلا مجسدا للرحمة بالأولاد،روى الترمذي وغيره عن عبدا لله بن بريدة عن أبيه رضي الله عنهما قال


لقد ترك صلى الله عليه وسلم الخطبة و نزل تنبيهاً للناس إلى أهمية الرحمة بالأولاد،وروى النسائي والحاكم بينما كان صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس،إذ جاءه الحسين،فركب عنقه وهو ساجد فأطال السجود بالناس،حتى ظنوا أنه قد حدث أمر،فلما قضى صلاته،قالوا:قد أطلت السجود يا رسول الله،حتى ظننا أنه حدث أمر،فقال:إن ابني قد ارتحلني أي صعد على ظهري،فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته أي ينزل عن ظهري))وجاء في الإصابة أنه صلى الله عليه وسلم كان يداعب الحسن والحسين رضي الله عنهما فيمشي على يديه وركبتيه ويتعلقان به من الجانبين فيمشي بهما،ويقول: ((نعم الجمل جملكما،ونعم العدلان أنتما)) وفي الصحيحين عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال

هذه نماذج من رحمته عليه الصلاة و السلام بالأولاد،كان عليه الصلاة والسلام يفعلها ولم تشغله مشاغله الكثيرة،وأعباء الدعوة وهمومها عن كل ذلك،فأي رحمة أعظم من هذه الرحمة فعلها عليه الصلاة والسلام وهو يعلم أثرها في تربية الولد ومحبته،ولم تمنعه رحمته هذه من تأديب الولد وحضه على حسن الخلق فقد روى الترمذي أنه عليه الصلاة والسلام قال






أيها الإخوة المؤمنون:وأما هديه عليه الصلاة والسلام وصحابته في تربية البنات فهم أشد اهتماماً ورحمة وإعداداً للأم الصالحة،في تعويدهن على الحياء،وعدم مخالطة الرجال وحرصهن على العلم والعبادة،والورع والتربية للأولاد..فسيرة فاطمة رضي الله عنها بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسماء بنت أبي بكر،وأمامة بنت أبي العاص،وغيرهن من الصحابيات رضوان الله عليهن دليل على ذلك،نقول هذا لمن أهمل بناته برعاية أخلاقهن ولباسهن وحجابهن أو أساء معاملتهن وضيع حقوقهن..وهي مسئولية على عاتق كل أب أو أم بل هو تكليف رباني حمّله الله للمسؤول عن الأبناء والبنات و إن كان الأب مشغولاً أو لا يحسن التربية يمكن أن يستعين بمن يثق به لتربية أولاده وتأديبهم من الثقات والمربين..والسنة النبوية غنيةٌ بدروس التربية .
عباد الله..إن المتطلع لمجتمعنا اليوم يرى أحوالاً لأولادنا ما كنا نعرفها قبلُ،ولا توافق ما قرأناه من نماذج رائعة،الميوعة الزائدة والتفنن بأنواع الملابس وتزيين السيارات وعدم الالتزام بقوانين المرور والاستعراض وإيذاء الغير بها و السهر وممارسة الفوضى..كل ذلك بل أشد أصبحت طابعاً لبعض الشباب وأشبهوا ببعضها البنات وكذلك بناتنا اللاتي أصبحن وأمسين يتعلقن بالأسواق والموضات أو ما هبط من المجلات والقنوات..وهي أحوال مؤسفة ليست اللائمة على الأب والأم وحدهما..لكنني أوجه اللوم أيضا إلى بعض وسائل الإعلام،كالقنوات الفضائية التي اشتركت معنا في تربية أولادنا وهدم كيان الأسرة.
إن نظرة واحدة لقنوات العهر والفجور من أغان هابطة ومسلسلات هادمة تركيةٍ و عربيةٍ وأجنبية ، وما يعرض فيها من تضييع للأخلاق،وتعليم للمساوئ،وتعويد على أخلاق وعادات الغير،كل ذلك كافٍ حتى نعلم مدى الخطر الكبير الذي يؤثر على التربية،وهكذا ضاع توجيه الأب والأم ونصح المدرس المربي،ومن ثم جاء ما يسمى بالانترنت ومقاهية ورسائل الجوال ومقاطعة وكيف غزانا في قعر بيوتنا وأدخل الفساد في بعض استخداماته السيئة لأولادنا وسبب الإدمان المرضي لأولادنا تلك الأجهزة الالكترونية وألعابها..
أحبتي..إن هموم شبابنا بعيدة كل البعد عن الجدّية فهموم شباب صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسؤولية عظيمة عليك أيها الأب ولو قلبت في أحوالك وأمورك لوجدت أنك مقصر كثيرا تجاه بيتك وأسرتك ، أليس من العيب مثلا أن ترى بعض الآباء يسافرون طويلاً ويسهرون إلى أواخر الليل كل يوم في استراحة أو مجلس أمام ورقة يقتلون فيها الوقت،أو جلسة قيل وقال،أو أمام قنوات يقلبها مهملاً بيته و أولاده..ثم أليس من العيب والخطر أن ترى بعض الآباء يهملون تربية أولادهم ويدلّلونهم ولايحاسبونهم على الخطأ والإيذاء ولو عرفوه، كل ذلك بدعوى عدم تخويف الولد وتعقيد نفسيته ، ثم يستفحل الأمر بعد ذلك ولات حين مندم ، أليس من الخطأ إخوتي أن نرى أبناءنا وبناتنا يصاحبون من هب ودب ، ولا ننبههم إلى ذلك .
ليس اليتيم من انتهى أبواه من
هم الحياة و خلفاه ذليلا
إن اليتيم هو الذي تلقى له
أمَّاً تخلّت أو أباً مشغولاً
إن كثيراً من المشاكل التي يقع فيها أولادنا يجد المتأمل فيها أن صديق و صديقة السوء خلفها..وإذا لم نقم بمراقبتهم وتربيتهم تربية صالحة فمن الذي يقوم عليها؟هل يقوم عليها أباعد الناس؟أو يترك هؤلاء الأولاد والأغصان الغضة تعصف بها رياح الأفكار المضللة والاتجاهات المنحرفة والأخلاق الهدامة ؟ فينشأ من هؤلاء جيل فاسد لا يرعى لله ولا للناس حرمة،ولا حقوقا،جيل فوضوي متهور لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا،متحرر من كل رق إلا من رق الشيطان ، منطلق من كل قيد إلا قيد الشهوة والطغيان((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ))بارك الله لي و لكم
الخطبة الثانية الحمد لله وحد ه و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده أما بعد ..
إن بعض الناس يقول معتذرا أنا لا أستطيع تربية أولادي فهم كبروا أو تمردوا علي و قد تجد أنه من أسباب ذهاب هيبته واحترامه في نفوسهم لأنه أضاع أمر الله فيهم في أول أمرهم،فأضعتهم و لم تسأل عن أحوالهم ولا تأنس بالاجتماع إليهم،على طعام أو نزهة فتقع الجفوة بينك و بينهم و تحصل النفرة فكيف ينقادوا لك أو يأخذوا بتوجيهاتك و إلى من يلجئون عند المشكلة أو المصيبة فلا بد إذاً من بذل الجهد في تربيتهم والدعاء لهم مع التوكل على الله وحينذاك نعذر أمام الله ..وتقوى الله أولاً و أخيراً تصلح الدنيا والدين((وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ))اللهم أصلح لنا الذرية و اجعلهم قرة عين لوالديهم،وجنبهم الكفر و الفسوق و العصيان((رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاما))
اللهم يامن عز وارتفع وذل لعظمته كل شيء وخضع نسألك نصراً عاجلاً مؤزراً لإخواننا في سوريا على عدوك وعدوهم يارب العالمين..اللهم ارحم ضعفهم وتول أمرهم..واجمع شملهم واحفظ عليهم دينهم وأموالهم وأعراضهم..كن لهم مؤيداً ونصيراً ومعيناً وظهيراً..اللهم احفظ بلادنا وبلاد المسلمين من كل بلاء وفتنة..ومن شر كل ذي شر يا ذا الجلال والإكرام..
التبرعات الخاصة بسوريا(هيئة الإغاثة)
الاستغاثة ..