• ×

02:26 صباحًا , الثلاثاء 6 محرم 1447 / 1 يوليو 2025

العدل في ميزان الإسلام

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
الحمد لله شمل الأنام بواسع رحمته،وببالغ حكمته،وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له في ربوبيته وأشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله الصادق في عبوديته صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً..أما بعد فاتقوا الله عباد الله ..
أيها الإخوة..ونحن نتابع ما يحدث في بلداننا المسلمة وما يحصل فيها من فتن وتعدٍ وطغيان وكيف تحركت شعوبُها تحت ضغط الجوع والبطالة وانتزاع قيم العدل والمساواة،بعد أزمانٍ من الظلم والفساد لكن العافية تحتاج وقتاً وإدراكاً،ورغبة الإصلاح ستخضع لحروب فلول كانت مرتزقة من الفساد.. إلا أنه لا يمكن أن ينجح نظام أو تُبنى دولة إلا على أمر شرعي مهم،ألا وهو العدل الذي نحتاجه في جميع أمورنا..العدل الذي تحترمه الأمم،وتقيم له الضمانات،من أجل أن يرسخ ويستقرَّ.. عدل الإنسان الذي به حياته..عدل لا يفرق بين أحد بالعطاء أو الجزاء.. وإن الحضارات الإنسانية لا تبلغ أوج عزها،ولا ترقى إلى عز مجدها إلا حينَ يعلو العدلُ تاجَها..العدل الذي تواطأت على حسنه الشرائع الإلهية،والعقول الحكيمة، والفطر السوية،وهو دعامةُ بقاء الأمم،ومستقرُّ أساسات الدول،وباسطُ ظلال الأمن،ورافعُ أبنية العزِّ والمجد وهو غاية الرسالات السماوية((لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِٱلْبَيّنَـٰتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ ٱلْكِتَـٰبَ وَٱلْمِيزَانَ لِيَقُومَ ٱلنَّاسُ بِٱلْقِسْطِ))ويمكن أن تكون قبضة الحديد والنار الظالمة موجودة ولو لعشرات السنين لكنها ليست دائمة..فبالعدل قامت السموات والأرض،وللظلم يهتز عرش الرحمن..العدل جامع الكلمة،ومؤلف القلوب.إذا قام في البلاد عمَّر،وإذا ارتفع عن الديار دمَّر..حكم عمر بن عبد العزيز سنتين بالعدل ولازلنا نتكلم عن عدله وغنى الناس وأمنهم في خلافته.لأنه فهم حقيقة العدل بتمكين صاحب الحق ليأخذ حقه..في أجواء العدل يكون الناس في الحق سواء لا تمايز بينهم ولا تفاضل،بالعدل يشتد أزرُ الضعيف ويقوى رجاؤه،وبالعدل يهون أمر القوي وينقطع طمعه((لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ))وأمة الإسلام هي..أمة الحق والعدل والخيرِ والوسط،نصَّبها ربُّها قوَّامةً على الأمم في الدنيا،شاهدةً عليهم في الآخرة،خيرُ أمةٍ أخرجت للناس،يهدون بالحق وبه يعدلون.
أمةٌ أمرها ربها بإقامة العدل((إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ ٱلامَـٰنَـٰتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ ٱلنَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِٱلْعَدْلِ)) ((يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِٱلْقِسْطِ شُهَدَاء للَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ ٱلْوٰلِدَيْنِ وَٱلاْقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقَيراً فَٱللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ ٱلْهَوَىٰ أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً))فالوعيد الأكيد والتهديد لمن أعرض عن إقامة العدل الذي قامت عليه السموات والأرض..
أيها المسلمون..هذه الحياة قائمة على العدل وبدونه لا تستقيم ولا تهدأ النفوس،ولا تسكن القلوب، فبالعدل يَسعدُ الراعي والرعية،وبالعدل تُعَمرُ الأسبابُ الدنيوية،نحارب الفساد ونقيم الإصلاح،وبالظلم وعدم استماع النصح خراب الديار وفسادها،وفتح أبواب الفتن وطلابها،وحصول العداوات والبغضاء،إذ كيف يهنأ بالعيش من يحترق كمدا من أجل مظلمة أصابته؟وكيف ينام قرير العين من غُصبَ له مال ولم يجد دخلاً ولا أكلاً،أو خُدع في تجارة؟وكيف يقر القرار للعامل المسكين الذي تغرب عن بلده ويهدأ له بال وصاحبه قد سلبه حقه ورزقه؟بل كيف يعيش الإنسان ودينه الذي ولد عليه وفطرته فيه يضيّق عليه فيه ولا يؤدي عبادته كما يريد؟!لا يستطيع الصلاة بالمساجد،ولا تتحجب المرأة،ولا يرفع الآذان كما حصل في بعض البلدان..
إن إقامة العدل في الأرض من غايات إرسال الرسل وإنزال الكتاب،ولا يتم العدل إلا حين تتجرد النفوس لله،وابتغاءُ مرضاته،ولا أعدل ولا أصدق ولا أوفى من عدل شريعة الله فهي مبنية على المصالح العامة وبعيدةٌ عن أهواء الأمم وعوائد الضلال،إنها لمصالح البشر كلهم((فَلِذَلِكَ فَٱدْعُ وَٱسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَقُلْ ءامَنتُ بِمَا أَنزَلَ ٱللَّهُ مِن كِتَـٰبٍ وَأُمِرْتُ لأَِعْدِلَ بَيْنَكُمُ ٱللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَـٰلُنَا وَلَكُمْ أَعْمَـٰلُكُمْ لاَ حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ ٱللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ ٱلْمَصِيرُ))
إن الإسلام صدقٌ كله،خيره وحكمه((وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لاَّ مُبَدّلِ لِكَلِمَـٰتِهِ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ))عدل الإسلام يسع الأصدقاء والأعداء،والأقرباء والغرباء،والأقوياء والضعفاء، والمرؤوسين والرؤساء عدلٌ يُنظِّمُ الحياةَ في الدولة والقضاء،والراعي والرعية،والأولاد والأهلين عدلٌ في حق الله،وعدل في حقوق العباد في الأبدان والأموال،والأقوال والأعمال،عدلٌ في العطاء والمنع،والأكل والشرب يُحقُّ الحقَّ ويمنع البغي في الأرض وفي البشر و عكس ذلك كله الظلم.
قال صلى الله عليه وسلم(ما من أحد يكون على شيء من أمور هذه الأمة فلم يعدل فيهم إلا كبَّه الله في النار))أخرجه الحاكم..وإن من أولى ما يجب العدل فيه من الحق حق الله سبحانه في توحيده وعبادته،وإخلاص الدين له كما شرع خضوعًا وتذللاً،ورضًا بحكمه وقدره،وإيمانًا بأسمائه وصفاته. وأظلم الظلم الشرك بالله عز وجل،وأعظم الذنب أن تجعل لله ندًا وهو خلقك..ثم العدل في حقوق العباد تُؤدَّى كاملةً موفورةً..يؤدي كلُّ والٍ ما عليه ثم نواب الحاكم في القضاء والأعمال في كل ناحية أو مرفق.قال صلى الله عليه وسلم(إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن-وكلتا يديه يمين-الذين يعدلون في حكمهم وفي أهلهم وما ولوا))أخرجه مسلم إن ولاةَ أمور المسلمين حقٌّ عليهم أن يُقيمُوا العدلَ في الناس والدين في الحكم والصلاح في النظام والمال العام.. حكمُ الإسلامِ كلُّه عدلٌ ورحمةٌ..إنصافٌ للمظلوم،ونصرةٌ للمهضوم،وردعٌ للظلوم،ورفعُ المظالمِ عن كواهل المقروحة أكبادهم،وردِّ الاعتبارِ لمن أذلَّهم أو آذاهم الباغيُ اللئيم،لا تأخذُهم في الحقِّ لومة لائم،وإن حدًا من حدود الله يقام في الأرض خير من أن يُمطروا أربعين صباحًا..وفي مثل هذا صح الخبر عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال(أهل الجنة ثلاثة:ذو سلطان مقسطٌ متصدق موفَّق،ورجلٌ رحيمٌ رقيق القلب لكلِّ ذي قربى،ومسلمٌ عفيفٌ متعففٌ ذُو عيال))والإمامُ العادلُ مع سبعةٍ يُظلُّهم اللهُ في ظلهِ يومَ لا ظلَّ إلا ظلُّه..قال ابن تيمية رحمه الله:[إن أمور الناس تستقيم في الدنيا مع العدل..ولو كان هناك إثم أكثر مما تستقيم مع الظلم في الحقوق بلا آثامٍ أخرى وإن الله يقيم الدولة العادلة ولو كانت كافرة,ولا يقيم الدولة الظالمة ولو كانت مسلمة..فالدنيا تدوم مع العدل والكفر ولا تدوم مع الظلم والتسمي بالإسلام]..
أما نزاهة القضاء ونقاءُ ضمائِر القُضاةِ فهو العدل والقِسطُ،ليطمئنّ صاحبُ الحق ويشعرَ بالأمان في أروقة المحاكم،ولأن يخطئُ القاضي في العفوِ خَيرٌ من أن يُخطئَ في العُقوبةِ،القاضي العادل يواسي الناسَ بِلحظهِ ولفظهِ،وفي وَجههِ ومَجلسهِ،لا يَطمعُ شريفٌ في حَيفهِ،وَلا ييأسُ ضَعيفٌ من عَدلهِ،لا يَميلُ مَع هوىً،ولا يتأثرُ بودٍّ،ولا ينفعلُ مع بُغض،لا تتبدل التعاملاتِ عندَهُ مُجَاراةً لنسبٍ،ولا لقوةٍ أَو ضَعفٍ،يزن بالقسطاس،جاء عنه صلى الله عليه وسلم(إن الله مع القاضي ما لم يجر فإذا جار تخلى الله عنه ولزمه الشيطان))أخرجه الترمذي..والدول العادلة هي التي تحترم القضاء وأنظمته وأحكامه ولا تتوانى في تطبيقيها ولا تحتج عليها إلا بالأصول التي تحترمه فهذا حكم القضاء..
عباد الله..إن في قَصَصِ سَلفِنَا الصَالِحِ مِن لَدن سَيّدنا محمد عليه الصلاةُ والسلام إلى خلفائه وأَصَحابِهِ الكِرام تَرى عَجباً مِن تَمكينِ أَنفسهم لِلقَضَاءِ وَاستجابتهم له ولو كانَ حُكماً عليهم..هذا هو العدل الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم وهو ((وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ))عدلٌ في كل ميدان،وقسط يكفل الحق للناس كلهم ولو كان من غير المسلمين والأعداء المناوئين(يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ للَّهِ شُهَدَاء بِٱلْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَانُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ ٱعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ))رأينا أن الظلم لا يمكن أن يستمر مع السنين ولو كانت مظاهر الحياة العامة قائمة فالأمن استمراره مرتبط بالحكم بشرع الله((الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمْ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ))
ولقد رأينا كيف أن أُمماً آتاها الله بسطة في القوة والسيطرة فما أقامت عدلاً،ولا حفظت حقاً يُطفِّفُون وإذا اكتالوا لأنفسهم يستوفون،وإذا كالوا لغيرهم أو وزنوهم يخسرون فما لبثت أن هرب رئيسها أو قُتل زعيمها أو حوكم نظامها ولكن هديه صلى الله عليه وسلم يأبى إلا الحق((وَقُلْ ءامَنتُ بِمَا أَنزَلَ ٱللَّهُ مِن كِتَـٰبٍ وَأُمِرْتُ لأَِعْدِلَ بَيْنَكُمُ))إن الأمة لا تصل إلى هذا القدر من السمو ونصب ميزان العدل إلا حينما تكون قائمةً بالقسط لله خالصةً مخلصة، قد تلبست بلباس التقوى((ٱعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ))
والفئة الباغية إذا فاءت إلى أمر الله ودخلت في الطاعة فإنها وإن كانت باغية فحقها في العدل محفوظ(فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا بِٱلْعَدْلِ وَأَقْسِطُواْ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُقْسِطِينَ))والعدل ـ إخوتي ـ كما يكون في الأعمال والأموال فهو مطلوب في الأقوال والألفاظ(وَإِذَا قُلْتُمْ فَٱعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ ))ولعل العدل في الأقوال أدق وأشق فكثيراً ما نتهم الناس في أعمالهم وأموالهم وأماناتهم وأخلاقهم وهم من ذلك براء..وصاحب اللسان العدل يعلم أن الله يحب الكلام بعلم وعدل،ويكره الكلام بجهلٍ وظلم((وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ))لقد حرص صلى الله عليه وسلم على العدل بعدما أرسله الله للعالمين وأقامه بين أصحابه،وجعله شِرعة ومنهاجًا يسألونه الرجوع عن حدِّ قطع يد المخزوميَّةِ فيقول[إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ،وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ، وَأيْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا]الله أكبر أين ذلك من ممارسات فساد تهلك الناس وتذهب المال العام وتنهب الأراضي باسم القرابة والمكانة خلافاً لحكم الإسلام..
يُرْسِلُ صلى الله عليه وسلم عبد الله بن رواحة رضي الله عنه إلى يهود خيبر؛للخراج والجزية فيحاولون رشوته ليخفف عنهم الخراج،فقال لهم:[والله لقد جئتكم من عند أحب الناس إليَّ،ولأنتم أبغض الناس إلي ولا يحملني بغضي إياكم وحبي إياه على أن لا أعدل معكم]وذلك عمر بن الخطاب كانت خلافته عدلاً ومثالاً للقسط بين الناس..وهذا علي رضي الله عنه يقاتل من خرج عليه،فلما سئل عنهم: أمشركون هم أم منافقون؟قال:[هم إخواننا بغوا علينا فقاتلناهم ببغيهم]فهل بعد هذا الإنصاف من إنصاف؟!
أيها الأخوة..إذا ساد العدل حُفظت الحقوق،ونصر المظلوم وولت الهموم،وأدبرت الغموم أما حينما يتجافى الناس عن العدل ويقعون في حمئة الظلم ينبت فيهم الحقد والقطيعة والفرقة وذهاب الريح والفتن والفوضى والثورات..وينقلب الحال في يوم و ليلة نسأل الله السلامة و العافية ..يتسلَّط المنافقون وفلولهم على الناس وهم(وَإِذَا دُعُواْ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مّنْهُمْ مُّعْرِضُونَ*وَإِن يَكُنْ لَّهُمُ ٱلْحَقُّ يَأْتُواْ إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ))ألسنا نرى قنواتهم جانبت العدل وتثير ضدَّ أي حكم للإسلام ولو وقفوا مع الصليبيين ضد المسلمين..
إن الحَيْف وإيثار القربات وسلب الحقوق وإهدار الكرامات مبعثُ الشقاء ومثار الفتن..إن قومًا يفشو فيهم الظلم والتظالم،وينحسر عنهم الحق والعدل إما أن يذهبوا أو يتسلط عليهم جبروت الأمم يسومونهم سوء العذاب،فيذوقون من مرارة العبودية والاستذلال ما هو أشد من مرارة الانقراض والزوال..
ترى رؤساء أصبحوا أذلةً بعد عزٍ وهناءٍ خالطه ظلم للبؤساء وذلك خراب العمران،عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال:قال صلى الله عليه وسلم(إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته))متفق عليه نسأل الله السلامة من العدوان،والعافية من الظلم..
عباد الله..إننا نحتكم في بلدنا إلى شرع الله وذاك ما نحمد الله عليه وهو ما قامت عليه دولتنا،واجتمعت عليه كلمتنا وأعلنه قادتنا،فمن العدل أن نحرص على اجتماع الكلمة،ونبذ الفرقة،وألا ننال من قضاء عادل ونقيم حكمه ولو خالف هوانا ونتحمل الناصحين الآمرين بالمعروف الناهين عن المنكر ونواجه من يريد حرف مسيرتنا نحو الفساد والضلال فلقد رأينا عاقبة ذلك،وأن نحذر من فكرٍ ضال متطرف يريدُ إثارة الفتن والفوضى والإسلام بريء منه ..
ألا فاتقوا الله يا مسلمون والعدل العدل في شؤون حياتكم،وإياكم والظلم فالظلم ظلمات يوم القيامة،وكل نفس بما كسبت رهينة و ليس من ذنبٍ أسرع عقوبة من البغي و قطيعة الرحم.
لا تظلمن إذا ما كنت مقتدراً
فالظلم آخره يأتيك بالنـدم

نامت عيونك والمظلوم منتبه
يدعو عليك وعين الله لم تنم

اللهم إنا نسألك خشيتك في الغيب والشهادة،وكلمة الحق في الغضب والرضا،ونسألك القصد في الفقر والغني،ونسألك الرضا بعد القضاء،ونسألك برد العيش بعد الموت ونسألك لذة النظر إلى وجهك الكريم في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة،أقول قولي..
الخطبة الثانية ((عن العدل مع الأولاد و الزوجات))
الحمد لله وحده و الصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد ..
العدلُ كما يكون في الأبعدين فهو في الأهلين والأقربين حق وحتم.وأحق الناس بالعدل أولادك.فمن ابتغى برهم في حياته وبعد مماته فليتق الله وليقم العدل فيما بينهم،في العطية والمعاملة والنظرة والقبلة والابتسامة.وعدم العدل ظلمٌ،والوصية به وصية ظلم وحيف،تقوم به الخصومات،وتثور به الأحقاد،وتقع به المظالم،وتتقطع به الأرحام.
قال صلى الله عليه وسلم لأحد الصحابة((أيسرك أن يكونوا إليك في البر سواء؟ قال:بلى.قال:فاعدل بينهم))والعدل في المعاملات الزوجية فرضٌ وحقٌ واجبٌ في النفقة والكسوة والمعاملة والعشرة كما يفعل الكرماء من ذوي العقل والدين والمروءة والكمال.واحذروا سوء العشرة والتعدي على حق الزوجة والعنف معها ومع الأولاد..
أيها الإخوة..إذا تشَّرّبت النفوسُ العدلَ واتصفت به فإنه يقودها إلى محاسن الأخلاق ومكارم المروءات،وسط بين الإفراط والتفريط،وكل تعاملٍ فَقَدَ العدل فهو ضرر وإضرار،وفساد وإفساد ((وَلاَ تَبْخَسُواْ ٱلنَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تَعْثَوْاْ في ٱلاْرْضِ مُفْسِدِينَ))نسأل الله جلًّ و علا أن يرزقنا العدل والإحسان..ويجنبنا الكفر والفسوق والعصيان..اللهم إنا نسألك أن تنصر إخواننا في سوريا ومالي وبورما وتجمع كلمة إخواننا ومصر وتونس واليمن على الحق والدين وتؤلف ما بينهم،وتكفيهم شر مؤامرات السوء والفتنة هم وسائر بلدان المسلمين..اللهم و فق ولي أمرنا لما تحب وترضى وخذ بناصيته للبر والتقوى وأدم علينا النعمة واجتماع الكلمة وجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن..

الاستغاثة..

 0  0  942
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 02:26 صباحًا الثلاثاء 6 محرم 1447 / 1 يوليو 2025.

Powered by Dimofinf cms Version 4.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Ltd.