• ×

03:49 صباحًا , الثلاثاء 6 محرم 1447 / 1 يوليو 2025

أهمية الحسبة ودعم المحتسبين

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
الحمد لله جعل الدنيا مزرعةً للآخرة،وميداناً للتسابق للأعمال الصالحة،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له حثَّ على اغتنام المهلة،والتزوّدِ من الأعمال الصالحة قبل النقلة،وأشهدُ أن محمداً عبده ورسوله..صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً..أما بعد فاتقوا الله عباد الله ..
أيها الإخوة..ليسَ الغريبُ أن يقعَ المنكرُ وفعلُ المحرم،في أي بلدٍ وموقعٍ وزمن لكنَّ المستغربَ حين يقعُ المنكرُ فلا ينكره أحد بل يؤيدْهُ ولا يستغربه..أو تجدُ من يقرُّه بنشرِه وتأييدِ أهلهِ ومحاربةِ جهاتِ الحسبةِ عليه في غيابٍ لمعاني العيبِ والخجلِ والحياءِ وإظهارٍ لمعاني الفسق والرشوةِ والفجورِ والرقص والغناء وسرقةِ المال العام كي يتقبلها المجتمع ولا ينكرها ويعيشُ ويمارسُها واقعاً وتراثاً..
يعيـشُ المرءُ ما استحيىَ بخيرٍ
ويبقى العودُ ما بقى اللِّحاءُ

فلا و الله مـا في العيشِ خيرٌ
ولا الدُّنيا إذا ذهـبَ الحياءُ

إذا لم تخشَ عــاقبةَ الليالي
ولم تستح فافـعل ما تشاءُ

في الصحيحين من حديثِ زينبَ بنتِ جحش رضي الله عنها أن النبي دخل عليها فزعاً يقول ((لا إله إلا الله،ويل للعرب من شرٍ قد اقترب،فتح من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه وحلق بأصبعه الإبهام والتي تليها-،فقالت:يا رسول الله،أنهلك وفينا الصالحون؟قال:نعم،إذا كثر الخبث))
إذا كثُر الخبث،فلا يُنكرُ المنكرُ،ولا يُؤمر بالمعروف،ويسري داء المنكرات في المجتمع سيرَ الهشيم عندَ ذلك ترى الحالَ التي تستوجبُ العقوبةَ والهلاك،فلا تدري الأمةُ أيصِّبحُها العذابُ أم يُمسِّيها..نسأل الله السلامة والعافية وألا يؤاخذنا بذنوبنا وبما فعله السفهاء منا..
إن قوماً جاءتهم اللعنة على لسان أنبياء الله تعالى،لما أنكروا المنكر ثم ما لبثوا أن أَلِفُوه عن عبد الله بن مسعودأن النبي قال(إن أولَ ما دخل النقصُ على بني إسرائيل أنه كان الرجلُ يَلْقَى الرجلُ فيقول:يا هذا اتق الله ودع ما تصنع،فإنه لا يحل لك،ثم يلقاه من الغد وهو على حاله فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيلَه وشريبَه وقعيدَه،فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض))،ثم تلا لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ(78)كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ(79)تَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ(80)وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ثم قال(كلا والله لتأمرنُّ بالمعروف ولتنهونَّ عن المنكر،ولتأخذُنَّ على يدِ الظالم،ولتأطرُنَّه على الحقِّ أطراً،ولتقصرنَّه على الحقِّ قصراً،أو ليضرِبَنَّ الله قلوبَ بعضِكم ببعض،ثم ليلعنُكُم كمَا لعنهم)).
والوعدُ الصادق بإجابةِ الدعاءِ،وفتح أبواب السماء له،لا يتحقَّقُ إذا عُطّلت شعيرةُ الأمر بالمعروفِ والنهي عن المنكر،قال(لتأمُرنَّ بالمعروف،ولتنهُونَّ عن المنكر،أو ليُوشَكَنَّ اللهُ أن يبعثَ عليكم عِقاباً منه،ثم تدعونه فلا يُستجابُ لكم))..فأي حرمان يعيشُه المجتمع،حين تحجبُ عنه أبواب الإجابة ويصابُ بالقحط والخوف والبلاء ونقص البركةِ والغلاء فلا يُرفعُ ولا حولَ ولا قوة إلا بالله الأمرُ بالمعروف والنهي عن المنكر ضمان للمجتمع من تلك العقوبات الإلهية،وصمامُ أمانٍ من انحدار المجتمع في مهاوي الردى..
لو كنتَ أخي تسكن في عمارة ذاتِ أدوار وأراد ساكنُ الدور الأسفل إقامةَ أعمالِ هدمٍ في نصيبهِ أكنتَ تتركُه بلا مراقبة ولا حساب..في البخاري أن النبيقال(مثلُ القائمِ على حدودِ اللهِ والواقعِ فيها،كمثلِ قومٍ استَهمُوا على سفينة،فصار بعضُهم أعلاها،وبعضُهم أسفلَها،فكان الذينَ في أسفِلها إذا استقوا من الماء مرَّوا على من فوقَهم،فقالوا:لو أنا خرقْنا في نصيبنا خرقاً ولم نؤذ من فوقَنا،فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً،وإن أخذَوا على أيديهم نجوْا ونجوا جميعاً))..
فتأمَّلوا هذا المثلَ العظيم،لتدرِكُوا أن أهلَ الباطل عندما يدكوا بمعاول باطلِهم سفينةَ النجاةِ التي يسير فيها المجتمع..فإن لم يؤخذْ بأيديهم وتكسرُ معاولُهم،فإن الغرق يهدِّدُ المجتمَع بأكمله..قال((إن الله لا يُعذِّبُ العامَّةَ بعملِ الخاصة حتى يروا المنكر بين ظهرانيهم وهم قادرون على أن يُنكرُوه فلا ينكروُه،فإذا فعلوا ذلك عذَّب اللهُ الخاصةَ والعامة))رواه أحمد ويقولُ((ما من قومٍ يُعملُ فيهم بالمعاصي ثم يقدِرُون على أن يُغيّروا إلّا يوشكُ أن يعمَّهم اللهُ بعقاب))رواه أبو داوود
فالنجاةُ من ذلكَ ثم بتحقيق تلك الشعيرة فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَوقال تعالى  فَلَوْلا كَانَ مِنْ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُوْلُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنْ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ (116) وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ ولم يقل صالحون .
أيها الأحبة في الله..إن الأمرَ بالمعروف والنهيَ عن المنكر،من أوجب واجبات الشرع،بل قد عدَّه بعضُ العلماءِ من أركانِ الإسلام،وقد فرضه الله تعالى على الأمة فقال سبحانه: وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ وليس هو مختصاً بجهةٍ حكومية إلا فقط من ناحيةٍ تنظيميةٍ ولحمايتهِ من الفوضى وإلا فإن التعاونَ عليه مصلحةٌ للجميع في إيقافِ الفسادِ والفجورِ والإرهاب قال:مخاطباً الجميع((من رأى منكم منكراً فليغيْره بيدهِ،فإن لم يستطعْ فبلسانِه،فإن لم يستطعْ فبقلبه،وذلك أضعفُ الإيمان)) رواه مسلم
وعن عبد الله بن مسعود عن النبي قال (ما من نبيٍّ بعثَه الله تعالى في أمة قبلي إلا كانَ له من أمتهِ حواريُّون وأصحابٌ يأخذُون بسنَّتِه ويقتدون بأمرِه،ثم إنه تخلَّف من بعدهِم خلوفٌ يقولون مالا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون،فمَنْ جاهدَهم بيدهِ فهو مؤمن،ومن جاهَدهم بلسانِه فهو مؤمن، ومن جاهدهَم بقلبهِ فهو مؤمن،وليس وراءَ ذلك من الإيمان حبة خردل.)) أخرجه مسلم
وبتحقيق تلك الشعيرة تتحقَّقُ الخيريةُ الموعودة بكتاب الله تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّه وفشوَّها في المجتمعِ دليلُ إيمانه ومعدَنِه النقي قال تعالى وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمْ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ .
إنَّ ضعفَ هذه الشعيرة في مجتمعٍ،ينتجُ عنه لا محالةَ قوةٌ في المنكر وإبرازُهُ،بل يصلُ الأمر إلى إلزام الناس به،وينتجُ عنه أيضاً حربٌ للمعروف وإيذاءٌ لأهلِه كما وصل إليه الحال في غير ما بلدٍ تمكن فيه المنكر وضعف المنكرون عليه وهكذا بقدر ما يكون الضعف يضعف المجتمع ويتقوى أصحاب المنكر الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمْ الْفَاسِقُونَ.
أيها الإخوة..إن النفوسَ الضعيفة عندما تنقطعُ عليها لذائذُها المحرمة بتحقيقِ تلك الشعيرة في المجتمع تسعى جهدَها لتهوينها،بإلقاءِ الشبهاتِ والآراءِ السفيهة حولها،كذلك في دفاعٍ ونفاقٍ لمن نشر الفساد في المجتمعِ والرشوةِ والسرقةِ ونهب المال والأراضي بلا وجه حق وهي كلُّها منكرات توجب الإنكار..
وهذه الأفكار وغيرها مع الأسف تجد مكاناً لها في صحفنا وقنواتنا اليوم بحجة حرية الرأي الجديدة مؤخراً في تناول كثيرٍ من شرائع الدين وجهات الحسبة وكأنها كلأٌ مُباحٌ لهؤلاء الكتَّاب ليسمِّمُوا عقولَنا بكتاباتِهم المهترئة في صحفنِا حتى وصلَ الأمرُ إلى مطالبةِ بَعضِهم بحريةِ من يتعدَّى بكلامِه على المقدسات..والتعدِّي على المحرمات وتغيير ما حَسُن من العاداتِ وعدم المساس به..والمبالغةُ إلى حدِّ الكذبِ في وصفِ تصرفاتِ هؤلاء المجتهدين بالاحتساب..ووصفهم بأفعالٍ لم تقع منهم وإنما ليوغر صدور الولاة عليهم..
ثم أين تلك الحريةُ المزعومةُ التي ينادون بها لماذا تضيق حينما يطالب البعضْ بإقامة شعائر الدين والأخذ على يد المفسدين يقول الصديق لهذه الشبهة:{يا أيها الناس إنكم تقرؤون هذه الآية}: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ وإني سمعتُ رسولَ الله يقول(إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمّهم الله بعقاب منه))رواه أبو داود والترمذي والنسائي.
إن أهلَّ الحق والعلمِ والدينِ مطالبون قبلَ غيرِهم بإقامةِ هذه الشعيرة وعدم المجاملة وانظرْ كيف برزَت سيرُ العلماءِ الصالحين المصلحين عبر التاريخ لأن دورهم في المجتمع كان إصلاحياً بارزاً بينما ذهب بعضهم في ركام التاريخ بالرغم من فضله علمه لأنه فقد دوره بإصلاح المجتمع..
عن أبي سعيد الخدري أن النبي قال في خطبته((ألا لا يمنعنَّ رجلاً هيبةَ الناسِ أن يقولَ بحقٍّ إذا علمَه))((فإنه لا يُقرِّبُ من أجلٍ ولا يُباعدُ من رزقٍ أن يُقالَ بحقٍ أو يُذكرَّ بعظيم))رواه الترمذي وفي أمثال هؤلاء يقولُ الإمامُ ابنُ القيم رحمه الله تعالىوأيُّ دينٍ وأيُّ خيرٍ فيمن يرى محارم الله تُنتَهكُ وحدودُه تُضَّيع،ودينه يترك،وسنة رسول اللهيُرغَّبُ عنْها وهو باردُ القلب!ساكتُ اللسان!شيطانٌ أخرس،كما أن المتكلِّم بالباطل شيطانٌ ناطق..وهل بليّةُ الدينِ إلا من هؤلاء الذين إذا سلِمَتْ لهم مآكلُهم ورياسُتهم فلا مبالاةَ بما جرى على الدين)أ.هـ..ونحن بحمد الله نعيشُ في بلدٍ يُقدَّرُ فيه الناصحون والمخلصون ويقبلُ كلامهم إذا قدَّموه بحكمة أما المجاملة فهي ضارةٌ للوطن والمسئول والمجتمع .
عباد الله..وإن من عظيم نعم الله تعالى علينا أن نرىَ بينَنا مشائخَ وشباباً حملوا على عاتقهم تحقيقَ هذه الشعيرة، فتراهم في جهودٍ تتوالى،قلَّ أن تغمضَ جفونُهم،أو تستريُح أبدانُهم،فكم من خيرٍ نشروه،وكم من منكر في مهدِه قتلوه،وكم من حرماتٍ كادت أن تُنتهك حالوا دون انتهاكها،وقطعُوا على الشيطانِ طريقَه فيها..ينبِّهون الناسَ وينصحونَهم ويَحمِلُون في قلوبِهم همَّاً لخدمةِ دينِهم ومجتمعهم..ويضحون بأوقاتهم وأموالهم ولو نيل من كراماتهم وحرياتهم..يتواصلون مع العالم ويستشيرونَه وينسقون مع المسؤول ويزورونَه ..فحُق لهم أن يُهدىَ لهم كلامُ الإمامِ أحمد في رسالةٍ له إلى مُسَدَّدِ بن مُسرْهد حيث يقولُالحمدُ لله الذي جعلَ في كلِّ زمانٍ بقايا من أهل العلم،والتقى،يدعون من ضل إلى الهدى،وينهوْن عن الفسادِ والردَى،ويُحيون بكتابِ الله الموتى،وبسنة رسول اللهأهلَ الجهالة والعمى،فكم من قتيل لإبليسَ أحيوْه،وكم من ضالٍ هدوه،فما أحسن أثرهم على الناس وما أشد أثر الناس عليهم ينفون عن دينِ الله تحريف الغالين،وانتحال المبطلين وأعمال المفسدين الذين عقدُوا ألوية البدعةِ وأطلقُوا أعنّة الفتنة) أ.هـ.
أيها المسلمون..وإن من نافلة القول أن يُتحدَّثَ عن عظيمِ الثغر الذي يسدُّه أولئك المرابطون،فإن ذلك أجلى من الشمس في ضحاها،وليس يخفَى إلا على من انطفأت بصيرتُه فانقلبت عندَه الموازين فبدأَ من خلالِ قناتِهِ وصحيفتهِ وموقعهِ يحاولُ تشويهَ صورتِهم لأنه وقفوا ضدَّ شهوتَه..
فلا عجبَ أن يسعى أهلُ الباطل بنفثِ سمومهم عليهم فيلصقون الأكاذيب،ويهوِّلُون الأخطاء،وكأنَّهم يريدونها طائفةً معصومةً عن كل خطأ،فسبحان الله.
من ذا الذي ما ساءَ قط
ومن له الحُسنى فَقَط

فلا تحلو المجالسُ لكثيرٍ إلا بالنيل من أمثالِ هؤلاء المحتسبين،فهذا يروي قصةً وهذه مقالة وذلك برنامج وتلك قناةٌ أو مذيعةٌ فاسدة،وهذا يزيد،وهذا ينقص،وما درَوْا أنَّهم انتهكُوا حرمةً عظَّم اللهُ قدْرَها في كتابه،وحقيقةُ استهزائِهم ليست للمحتسبين كأشخاصَ لذواتهم،ولكن لما يحملونَه على عاتقهم،من أمرٍ للمعروف ونهيٍّ عن المنكر..وهذا،لا يضير أولئك المحتسبين شيئاً،بل تلك سبيلٌ قديمة، أدركَها عميرُ بن حَبيب الصحابي الجليل حين قالَ لأولاده وصيةً لهم((إذا أرادَ أحدُكم أن يأمرَ الناسَ بالمعروفِ وينهاهم عن المنكر فليوطِّن نفسَه على الصبرِ والأذى وليوقِنْ بالثوابِ من الله،فإنه من يثقْ بالثواب من الله لا يجدُ مسَّ الأذى))
وهذا الإمام أحمد يخبر عُمَر بن صالح بمثلِ ذلك..فيقول:{يا أبا حفص يأتي على الناس زمان المؤمن بينهم مثل الجيفة،ويكون المنافق يشار إليه بالأصابع، فقلت: وكيف يشار إلى المنافق بالأصابع؟محتسبين قال:صيروا أمر اللهفضولاً وتدخلاً والمؤمن إذا رأى أمراً بمعروف أو نهياً عن منكر لم يصبر حتى يأمر وينهى،فقالوا هذا فضول.قال:كل شيء يراه قال بيده على أنفه،فيُقال:نَعَم،الرجلُ ليس بينه وبين الفضول عمل-أي لا يتدخل في شيء-}وإن من المشاكل التي نراها الآن منتشرة بين الناس عدم المشاركة في الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر حتى وهم يرون المنكرات في شوارعهم وأسواقهم وأحيائهم ومدنهم في سلبية خطيرة تستدعي التنبيه حتى لبعض أهل العلم والفضل والجاه الذي نرى منهم التقصير في هذا الأمر وهم من يُسمع لكلامهم وهذا يتطلب أن يشاركهم كلَّ أحد بالحكمة والموعظة الحسنة في إنكار المنكرات قال((لا يحقرُ أحدكم نفسه،قالوا يا رسول الله وكيف يحقر أحدنا نفسه؟قال:يرى أمراً لله عليه فيه ثم لا يقول فيه فيقول اللهله يوم القيامة:ما منعك أن تقول فيَّ كذا وكذا؟!فيقول خشية الناس فيقول الله جلَّ وعلا فإياي كنتَ أحق أن تخشى!))رواه ابن ماجة.. }كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمْ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمْ الْفَاسِقُونَ {أقول ما تسمعون ...
الخطبة الثانية
.. الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده .. وبعد..
أيها الأحبة في الله..وإن من أعظم التعاون على البر والتقوى التعاون على تحقيق هذه الشعيرة.. بدعم أهل الحسبة والاحتساب من الجهات الرسمية والتطوعية ويراد الدعاء لهم ومنا صحتهم عند الخطأ ودعمهم بالمال..والذب عن أعراضهم..وتبليغهم بما يحصل لإفساد البلد ممن يريد ديننا وأمننا وبلادنا وأخلاقنا بشر فهذا من أعظم الخير وقد منّ الله علينا بهذه البلاد بجهة رسمية ترعى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تدعمها الدولة وتقيم الدين وشعائره في ميزة لبلادنا على غيرها من البلاد
اللهم انصر من نصر دينك وكتابك وسنة نبيك وأيد بالحق من أراد وجهك ورضوانك..اللهم واخذل من خذل دينك وعادى أولياءك الداعين إلى الخير والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر..اللهم عليك بدعاة الفساد الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا،واحفظ بلادنا من كل سوء ووفق ولاة أمورنا للحكم بشريعتك وإقامة المعروف ونبذ المنكرات وأهلها إنك على كل شيءٍ قدير..
اللهم يا من عزَّ وارتفع وذل لعظمته كل شيءٍ وخضع..يا مالك الملك يا من تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعزُّ من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير وأنت على كل شيءٍ قدير..يا جبار.. يا قهار..يا منتقم نسألك اللهم النصر العاجل لإخواننا في سوريا..اللهم أيدهم بتأييدك وأمدهم بجند من جندك..واربط على قلوبهم وثبت أقدامهم واحفظهم بحفظك اللهم عليك بطاغوت سوريا وكل من دافع عنه،اللهم اقذف الرعب في قلبه،وصب عليه سوط عذاب ...
الاستغاثة
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

 0  0  944
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 03:49 صباحًا الثلاثاء 6 محرم 1447 / 1 يوليو 2025.

Powered by Dimofinf cms Version 4.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Ltd.