• ×

10:03 مساءً , الإثنين 5 محرم 1447 / 30 يونيو 2025

مراقبة الله للانسان

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
الحمد لله أهل الحمد ومستحقه لا إله غيرهُ وربَّ سواه،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له في علاه،وأشهد أن محمداً عبده ورسوله،صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن ولاه وسلم تسليماً أما بعد:
فيا عباد الله اتقوا الله وتوبوا إليه..
(( يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوء تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدَا بَعِيدًا))يوم يبعثر ما في القبور..ويحصل ما في الصدور((يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَعَصَوُاْ ٱلرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّىٰ بِهِمُ ٱلاْرْضُ وَلاَ يَكْتُمُونَ ٱللَّهَ حَدِيثاً))
عباد اللهِ..رقابةُ البشرِ على البشرِ مهما كانت فهي قاصرة،ويتساءل بعض الناس اليوم وهم يرون انتشارَ المنكرات والمجاهرة بها وتنوع وسائلها وانتشار قنواتها..كيف يحفظ الإنسانُ نفسَه فيها؟! كيف يحافظ على بيته وأولاده من الوقوع في براثنها؟! هل يراقبهم على مدار أربع وعشرين ساعة حتى يحفظهم من تلك المنكرات؟!كيف يحافظ على بيته وأولاده من الوقوع في براثن مساوئ وسائل الاتصال وأجهزتها؟!كيف نقضي على ممارساتٍ باطلة نقع فيها؟!إن الحلُّ الأكمل للنجاة والحفظ هو في زرع شعور الرقابة الذاتية على الإنسان من لدن نفسه ومن لدن ربِّه وخُلقِه أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك..البشرُ يغفل،والبشرُ يسهو،وينام،ويمرض،ويسافر،ويموت ويغيب..إذاً فلتسقطُ رقابة الكائنات جميعِها،وتبقى الرقابةُ الكاملة المطلقة وهي رقابةُ اللهِ جل وعلا التي تمنع الإنسان حقاً من الوقوع في الخطأ وتؤدي إلى نتيجةٍ أفضل من نظامٍ أو عقوبة وهي تريح الوالدين والمسؤول والنظام لإقامة الشرع وزرع الرقابة الذاتية للإنسان فكيف نقع في الغيبة والحسد ونحن لا نرضاه لأنفسنا؟كيف نظلم الغير ونقطع الرحم ونعق الوالدين؟!..الذين يسافرون فيقعون في كبائر الإثم.كلهم أغفلوا رقابة الله لا إله إلا هو في السر والعلن..نعم غفلوا عن ربِّ يعلم الظاهر والسرّ وما أخفى وتساهلنا بما نعمله وراءَ هذه الجدران؟نجهلُ منه الكثيرُ ولا نعلمه،لكن الله يعلم ذلك وما هو أعلى منه..((وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِى ظُلُمَـٰتِ ٱلأرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِى كِتَـٰبٍ مُّبِينٍ)) ((إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَخْفَىٰ عَلَيْهِ شَىْء فِي ٱلأرْضِ وَلاَ فِى ٱلسَّمَاء))..يعلمُ ما تُسرُّه الآنَ في سرائرنا ومن بجوارنا لا يعلمُ ذلك..يعلم ما ينطوي عليه قلبك بعد أعوام وأنت لا تعلم ما ينطوي عليه قلبك بعد دقائق أو ساعات..إنه العلم الكامل،المطلق علم الله السميع العليم،الخبير((يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ)) ((يَعْلَمُ خَائِنَةَ ٱلاْعْيُنِ وَمَا تُخْفِى ٱلصُّدُورُ)) يعلم ويسمع ويرى دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء.((مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ ثَلَـٰثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلاَ خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلاَ أَدْنَىٰ مِن ذَلِكَ وَلاَ أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُواْ ثُمَّ يُنَبّئُهُم بِمَا عَمِلُواْ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلّ شَىْء عَلِيمٌ))
كم تآمر المتآمرون في ظلام الليل،كم من عدو للإسلام وطاغيةٍ جلس يخطَّطُ لضرب الإسلام وحدَه أو مع غيره سراً،ويظنُّ أنه يتصرَّفُ كما يشاء،متناسياً أن الذي لا يخفى عليه شيءٌ يسمع ما يقولون ويبطل كيدَهم فيصبحوا على ما أسرُّوا في أنفسهم نادمين كم من صاحب سلطة يكتب تقرير ووشاية ويظنّ أن الله غافلٌ عن الظلم..(( وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ*مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ))
يا أيها العبدُ المؤمن:إذا لقيت عنتاً ومشقة وسخرية واستهزاء وإصراراً واستكباراً فلا تحزن ولا تأسَ إن الله يعلم ما يُقال لك قبل أن يقالُ،وإليه يرد كل شيء، لا إله إلا هو.
يا أيها الشاب..الذي وضع قدمَه على أول طريق للهداية،وترك المنكرات والأخطاء فسمع رجلاً يسخرُ منه،وآخر يهزأ به،أو يقاطعه،أو يدعوه للمعصية اثبت ولا تأسَ وأعلم علم اليقين أنك بين يدي الله يسمع ما تقول،ويسمع ما يقال لك، وسيجزي كل امرئٍ بما فعل..((لاَ يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِى ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَلاَ فِى ٱلأرْضِ وَلاَ أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَلاَ أَكْبَرُ إِلاَّ فِى كِتَـٰبٍ مُّبِينٍ ))
يا مرتكبَ المعاصي يا مختفياً عن أعينَ الخلق ما أنت واللهِ إلا أحدُ رجلين:إن كنتَ ظننتَ أن اللهَ لا يراك فقد كفرت.وإن كنت تعلمُ أنه يراك فلمَ تجترئُ عليه،وتجعلَه أهونَ الناظرينَ إليك؟أين نحن من تناقض كبير بين ما نؤمن به وما نفعله في الخلوات من قلة الخوف من الله..نسأل الله ألا يؤاخذنا بذنوبنا وأن يعفوا عنا((يَسْتَخْفُونَ مِنَ ٱلنَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ ٱللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيّتُونَ مَا لاَ يَرْضَىٰ مِنَ ٱلْقَوْلِ وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً))..
فيا منتهكاً حرماتِ الله في الظلمات،في الخلوات،في الخلوات بعيداً عن أعين المخلوقات،أين الله؟ هل سألت نفسكَ هذا السؤال.روى البخاري ومسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال(لأعلمنَ أقواماً من أمتي يومَ القيامةِ يأتون بحسناتٍ كأمثالِ الجبال بيضاً، يجعلُها اللهُ هباءً منثوراً قال ثوبان:صفهم لنا،جلّهم لنا أن لا نكون منهم يا رسول الله قال:أما إنهم إخوانُكم ومن جلدتِكم ويأخذون من الليلِ كما تأخذون،لكنهم إذا خلوا بمحارمِ اللهِ انتهكوها))نسأل الله السلامة والعافية وأن لا يؤاخذنا بذنوبنا ويستر علينا في الدين والدنيا والآخرة..فإلى من يملأ ليله وعينَه وأذنه ويضيعُ وقتَه حتى في ثُلث الليل الآخر، يملأ ذلك بمعاصي الله،أين الله؟ أين الله؟
وإذا خلوت بريبة في ظلمة والنفس داعية إلى العصيان
فاستحِ من نظر الإله وقل لها إن الذي خلق الظلام يراني
إن اللهَ لا يخفى عليه شيء فهلا اتقيتَه يا عبد الله..عمرُ بن الخطاب رضي الله تعالى عنه يعسُ ليلةً من الليالي في المدينة يتتبع أحوال الأمة،فتعب فاتكأ على جدارٍ ليستريح،فإذا بامرأة تقولُ لابنتها:اخلطي اللبنَ بالماءِ ليكثرَ عند البيع.فقالت البنت:ُإن عمرَ أمرَ مناديه أن ينادي أن لا يخلط اللبنَ بالماء..فقالتِ الأم:ُيا ابنتي قومي فإن عمر لا يرانا..فقالتِ البنتُ المستشعرةُ لرقابةَ الله والتي نحتاج إلى أن نزرعها في أولادنا من بنين وبناتٍ وأسر أن نزرع هذه الرقابة فقالت البنت:أي أماه فأين الله؟وللهِ ما كنتُ لأطيعَه في الملأ،وأعصيه في الخلاء.والله ما راقبت إلا الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء فإن كان عمر لا يرانا فإن رب عمر يرانا..أنعم بها من مراقبة وأنعم بها من امرأة.أما والله لو راقبنا الله حق المراقبة لصلح الحال،واستقامت الأمور..لو أننا طبقنا مبادئ ديننا وأخلاقنا على أنفسنا أولاً وكنا قدوات صالحة لاستقمنا جميعاً خوفاً من الله فيا أيها المؤمن،إن عينَ اللهِ تلاحقُك أين ما ذهبت،وفي أي مكان حللت،في ظلامِ الليل،فهل علمتَ ذلك،واستشعرتَ ذلك فاتقيتَ اللهَ ظاهراً وباطناً، فكانَ باطنُك خيرُ من ظاهرِك؟!يقول الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله:دخلت أحد مساجد بغداد فوجدت شيخاً كبيراً قد اتكأ على جدار فقلت لعله يروي لي حديثاً عن صحابي أو تابعي فقلت من أخ العرب فقال: أنا أبو نواز الشاعر المعروف قال:أنشدي شيئاً من شعرك في الزهد فقال أبو نواز .

خَلَوْتَ ولكِنْ قُلْ عَلَيَّ رَقِيبُ إذا ما خلوْتَ، الدّهرَ، يوْماً، فلا تَقُلْ
وَلا أنَ مَا يخفَى عَلَيْهِ يغيب ولاَ تحْسَبَنَّ اللهَ يغفُلُ ساعة
ذُنوبٌ على آثارهِنّ ذُنُوبُ لهَوْنَا، لَعَمرُ اللّهِ، حتى تَتابَعَتْ
ويأْذَنُ فِي تَوْباتِنَا فنتُوبُ فَيا لَيتَ أنّ اللّهَ يَغفِرُ ما مضَى
إن اللهَ هو الرقيب،هو الحسيب،لا ملجأ منه إلا إليه،هو الشهيدُ وكفى به شهيداً،ومن حكمتِه سبحانه أن جعل علينا شهوداً لإقامةِ الحجُةِ علينا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم شاهد ((وَكَذٰلِكَ جَعَلْنَـٰكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى ٱلنَّاسِ وَيَكُونَ ٱلرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا))الملائكةُ أيضاً يشهدون وكفى باللهِ شهيداً،((وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَـٰفِظِينَ*كِرَاماً كَـٰتِبِينَ*يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ)) الكتابُ سيشهد عليك. بين يدي الله((وَوُضِعَ ٱلْكِتَـٰبُ فَتَرَى ٱلْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يٰوَيْلَتَنَا مَا لِهَـٰذَا ٱلْكِتَـٰبِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ حَاضِرًا وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا))الأرضُ التي ذللها الله عز وجل ستشهدُ بما عملناه على ظهرها من خيرِ أو شر(إِذَا زُلْزِلَتِ ٱلاْرْضُ زِلْزَالَهَا*وَأَخْرَجَتِ ٱلارْضُ أَثْقَالَهَا*وَقَالَ ٱلإِنسَـٰنُ مَا لَهَا *يَوْمَئِذٍ تُحَدّثُ أَخْبَارَهَا *بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَىٰ لَهَا))ستحدث بما عُمل على ظهرها إذا مات المؤمن بكاه موضع سجوده،بكاه ممشاه إلى الصلاة،بكاه مصعد عمله إلى السماء.وأما الذين أجرموا وكفروا ونافقوا(فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ ٱلسَّمَاء وَٱلاْرْضُ وَمَا كَانُواْ مُنظَرِينَ))والخلقُ أيضا سيشهدون وكفى باللهِ شهيداً:لطالما تفكهُ الإنسانُ بين هؤلاءِ الخلقِ بالوقوعِ في أعراضِ المسلمينَ وذكرِ ما سترَه اللهُ عليه من المخالفة يقول سافرت إلى ذلك المكان وفعلت وفعلت يتفاخر أمام أصحابه بل إن بعضهم يصور فعله ذلك وينشره وما علم أن هؤلاء الخلق جميعاً الذين شاهدوه بمئات آلاف سيشهدون على ما فعل..
في الصحيح أن جنازة مرت على الرسول صلى الله عليه وسلم وهو جالسٌ في نفر من أصحابه فيثني عليها الناس خيراً فيقول صلى الله عليه وسلم: ((وجبت)).وتمر أخرى فيثني عليها الناس سوء فيقول صلى الله عليه وسلم: ((وجبت)).فيتساءل الصحابة؟فيقول صلى الله عليه وسلم: ((أثنيتم على الأولى بخير فوجبت لها الجنة،وعلى الثانية بسوء فوجبت لها النار،أنتم شهداء الله في أرضه،أنتم شهداء الله في أرضه)).وسيشهدُ ما هو أقربُ من هذا:ستشهدُ تلك الجوارحُ التي في جسدك ستشهد يدك وستشهد رجلك التي مشيت بها إلى الباطل وسيشهد عليك لسانك بما قلت وسيشهد علينا جلودنا ((ٱلْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَىٰ أَفْوٰهِهِمْ وَتُكَلّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ)) ((وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاء ٱللَّهِ إِلَى ٱلنَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ*حَتَّىٰ إِذَا مَا جَاءوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَـٰرُهُمْ وَجُلُودُهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ*وَقَالُواْ لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُواْ أَنطَقَنَا ٱللَّهُ ٱلَّذِى أَنطَقَ كُلَّ شَىْء وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ*وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلاَ أَبْصَـٰرُكُمْ وَلاَ جُلُودُكُمْ وَلَـٰكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ ٱللَّهَ لاَ يَعْلَمُ كَثِيراً مّمَّا تَعْمَلُونَ*وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ ٱلَّذِى ظَنَنتُم بِرَبّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مّنَ ٱلُخَـٰسِرِينَ*فَإِن يَصْبِرُواْ فَٱلنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ وَإِن يَسْتَعْتِبُواْ فَمَا هُم مّنَ ٱلْمُعْتَبِينَ))اللهم اجعلنا ممن حسنت عملهم ظاهراً وباطناً ورضيت عنهم أقول ...
الخطبة الثانية :
الحمد لله و حده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده ..
أيها الأحبة..إن مما نلمسه من ضعف الرقابة على النفس،وقلة الخوف من الله..هذا التناقض التي تعيشه مجتمعات المسلمين بين المبادئ التي يعرفونها والتصرفات التي يمارسونها فتجد بعضنا يطرح النظريات والقوانين لكننا نخالفها بتعاملنا ونبتعد عن مبادئ الدين الصريح والخلق الصحيح ليس هذا الأمر في ديننا فحسب بل حتى في تعاملنا ونظامنا انظروا مثلاً إلى كثرة انتشار الفساد المالي والإداري والذي مع الأسف الشديد في آخر إحصائية رأينا دولنا وعالما الإسلامي أكثر تلك الدول في ممارست الفساد أليس هذا تناقض صارخ بين ما نؤمن به وبين ما نفعله وأننا نترك رقابة الله أولاً ثم نخالف الأنظمة؟! انظروا مثلاً قلة النظافة كمبدأ عظيم في بلادنا وفي ديننا الإسلامي التي ابتلينا بها في مجتمعنا ومدارسنا بل حتى في مساجدنا تدلك على خطأ كبير في التصور والمفهوم إذا كانت ليس هناك رقابة ساهر قطعنا الإشارة وأسرعنا وغفلنا عن الرقابة الذاتية ما أسرعنا لمخالفة النظام وسلب الحقوق والاعتداء على الأراضي إذا لم يعلم بنا أحد نسأل الله أن يعفو عنا..وهذا لا شك خللٌ كبير وهو ما أدى إلى تأخر المسلمين وتخلفهم عن الركب فترانا نتعلم من قرأننا وسنة رسولنا صلى الله عليه وسلم وآثار علمائنا وآبائنا مبادئ عظيمة في الدين والأخلاق لكننا نخالفها بتصرفاتنا وسلوكنا وهذا تناقضٌ بين ما نؤمن به و ما نفعله..لا يعني هذا أن البشر خلقوا كاملين من الخطأ فكلنا خطاء وخير الخطائين التوابون و لكن التناقض أصبح يثمر نفاقاً اجتماعياً عاماً في كثر من المجتمعات ويورث ضرراً عظيماً على الأجيال الذين ينشأون من خلال مشاهداتهم لذلك التناقض بين القول والفعل حين يفتقدون القدوة الصالحة من آبائهم ومن حولهم لو أننا زرعنا في أنفسنا ومن حولنا الخوف العظيم من الله أولاً قبل العقوبة..وتربَّيْنا على أهمية الرقابة على النفس لأغنانا هذا عن كثير من المحاضرات والتعاليم التي تذكر وتخوف وتنذر وهي تذكرة وعظة لكل مخالف بأنّ شعور الرقابةِ على النفس والإيمان بالمبادئ العظيمة للدين الحنيف والخلق القويم أعظم ولا شك وسيستمر ذلك صلاحاً للأمة والمجتمع بإيجاد أناسٍ باطنها خير من ظاهرها وأكثر أثراً من نظام يعاقب..
نسأل الله جلَّ و علا أن يرزقنا الإيمان به في الظاهر والخلوات والخوف منه في السر والعلن والتوبة من الخطأ في كل ما نأتيه و نذر و أن يختم لنا بخاتمة الإيمان و يجنبنا الكفر و الفسوق و العصيان ..

 0  0  1275
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 10:03 مساءً الإثنين 5 محرم 1447 / 30 يونيو 2025.

Powered by Dimofinf cms Version 4.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Ltd.