الحمد لله رب العالمين ، و العاقبة للمتقين ، و لا عدوان إلا على الظالمين ، و أشهد ألا إله إلا الله و حده لا شريك له ، و أشهد أن محمداً عبده و رسوله سيد الخلق أجمعين صلى الله عليه و على آله و أصحابه و التابعين و من تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين و سلم تسليماً ..أما بعد
فيا عباد الله اتقوا الله تعالى و توبوا إليه .
أيها الإخوة المؤمنون ..
حديثُنا اليوم حديث العقل للعقل ..نداءٌ للعاطفة المتوقدة إيماناً و لكنها دعوة إلى محاسبةٍ جادة ، و وقفةٍ صادقةٍ مع أنفسنا ..نستثير كوامن الخير فيها و ندفعها إلى الإيمان الصادق و الفهم الواعي ، و نبذ التعصب و الجدال العقيم نتحدّثُ اليومَ عن القنواتِ الفضائية و غزوها المباشر لديننا و أمتنا و خلقنا مع غفلة كثير منا عن خطرها ..
أيها الأحبة..
الكلمةُ منبعُ التأثير..و تحولت الكلمة من قصيدةٍ لشاعرٍ أو خطبة لناثر إلى وسائلَ حديثةٍ حلَّت مكانَها وَ أخذتْ دورها فأصبحت الكلمةُ مقروءةً و مسموعةً و مرئيةً و مصوَّرة فاختُرعَت وسائلُ الإعلامِ المتنوعةِ لإِيصالِ الكلمةِ إلى الناسِ ..و معَ مُرورِ الزمنِ استمرت الطريقةُ و تغَّير الهدف إلى توجيهِ عقولِ الناسِ ..وَ جذبِ اِهتماهِم وَ تَغيير عَادَاتِهم ..و مع ضعفِ المسلمينَ كَان قوة وَ سائِلِ الإِعلامِ لِصَالحِ أَعداءِ الإسلام ، فَفرضوا مِن خِلالِ تِلكَ الوَسائِلِ وَ عَبر القَنواتِ تَأثيرهم عَليها نشروا ثقافتهم و فسادهم ..و لبعدِ المسلمينَ عَن دِينهِم أَقبلوا على هَذهِ القَنواتِ وَ الوَسائِل فَكَانَ الأَثرُ بَارزِاً وَ الجرحُ غَائِراً ..و تكالبت علينا الأُمم في إعلامها ، ليسَ من قِلتنا بل نحن كثير وَ لكنهُ الضعفُ و الهوان ..
إنه ليحزُّ في النفسِ وَ يَملؤُها أَلماً وَ أَسىً وَ حزناً ، أَنَّ كَثيراً مِن المسلمينَ بِتعددُ فئاتهم لاقت تِلكَ القَنواتِ الفَضَائِيةِ لديهم بِكُلِّ بَرامِجهَا المتنوعةِ رِضَىً وَ قُبولاً فَأسلَمَت لها قيادَها بعد أنْ سَلَّمتْهَا سلاحَها وَ جوادَها ..وَ أَعطتَهَا حبَّها و فؤادَهَا ..لَقد دَاهمت القَنواتُ الفَضَائيةُ المختلفةُ عَقلَ المسلمِ وَ سَمعهُ وَ بَصره ..لتعملَ مِن خِلالِ الكلمةِ المؤثِرةِ وَ الصُورةِ المثيرةِ وَ الأُغنيةِ المبتَذلةِ عَلى اِقتلاعِ الفَردِ المسلِمِ مِن دِينهِ وَ عَقيدتَهِ وَ سُلوكِهِ وَ ثَقافَتِهِ وَ عَادَتِهِ لِينتهي إِلى اِفتقادِهِ الغِيرةَ وَ التَحَاكُمَ إلى الدينِ وَ السلوكِ إلى ضوابطَ لا تعتمدُ الدينَ مَرجَِاً و لا الإسلام حكماً و لا العلماء حاكمين مرشدين ..و لتنشر الفكر الضال و المنحرف و تسوق للبدعة و الخرافة و تشوه الدين و شريعة رب العالمين.
إن تلك القنوات الفضائية ببرامجها تجوس خلال الأمة بأفكارٍ تدميرية ثائرةٍ تجأر بالتطاول على الدين و الخلق و بعضها من الذكاء و المكر بحيث لا تؤتي ثمارها المرة ..و تربيتها البائسة و لا يتبين خطرها إلا عندما يقبل مستقبلها كل نتاجها المر بعد أن أدمن النظر إليها و اعتاد متابعتها و مما يضاعف خطرها و يراكم سلبياتها تراجع التوجيه الإسلامي الذي ابتعد و أُبعد عن وعظ الناس و إرشادهم
و مما يضاعف خطر تلك القنوات ضعف الإعلام البديل المسلم ..الذي يقدم للبيت المسلم المنفعة و الفائدة ..و إن كنا محاولات قليلة جادة و مخلصة تحاول وسط هذا الركام الضخم من الفساد أن تنشر الوعي و الفائدة و الترفيه المباح .
أخي المؤمن ..
ألا ترى أن تلك القنوات الفضائية يحركها في الغالب الهاجس المادي بالحرص على أن تدر عليها برامجها أكبر عائد مادي يمكن بغض الطرف عن جانب الحلال و الحرام فيها و انظروا إلى كثرة المسابقات التي تدعوا لللاتصالات و بذل الأموال و نشر الفساد ، كما أن أكثر مخططي هذه القنوات يتطلعون بفسادهم من خلال ما يقدمونه إلى إيجاد عالم تتهاوى فيه الحواجز الشرعية و تتراجع فيه الفوارق العقدية ..عالم تقوده عقولٌ مشبوهةٌ ، تستعر فيه الشهوات ..ليقضى على كلمات مثل العفة و الزواج و الستر و الحياء و الولاء و البراء..و بالرغم من أن بعض تلك القنوات نسبتها إلى رجال مسلمين فإن من المؤلم أن تعيش تلك القنوات ببرامجها و ما تقدمه للأمة تبعيَّة قاتلة لا يرجى فيها تحصين فكر و لا حفظ دين ..بل إنها لمسكينة هزيلةٌ مهزومةٌ قتلها اللهاث وراء ما يسمونه المنافسة الإعلامية ..و المنافسة في فهمهم المنهزم أن يدخلوا معهم جحر الضب الخرب ..و يسيروا خلفهم حذوا القذة بالقذة ..تنافس بائس في بث الفكر المنحرف و نقل الثقافة الغربية بحذافيرها فباتت أكثر برامج تلك القنوات مترجمة أو مدبلجة أو مقلدة لها فانعكس ذلك في عقول و أخلاق أجيالنا و الحاضر شاهد ..
أخي الكريم ..
ليست خطورة تلك القنوات الشديدة في تقديم الصورة شبه العارية فحسب ، بل انظر لللإطار الذي يقدم فيه هذا الانحلال ، حين يقدم على أنه فن جميل ، ورقيٌّ و تقدمٌ و حضارة بل ما تلبث بعض تلك القنوات أن تقدم البرامج الشرعية في ثنايا فسادها أو استغلالاً للمناسبات الشرعية و كأنها لا تعارض بينها و بين ذلك الانحلال ..
إخوة الدين و العقيدة ..
إننا إذا أردنا أن نعرف أسباب الانحراف الخلقي في مجتمعنا و ننظر في دوافعه و ما يغذيه و غفلة كثير من الناس عن الدين و ضعفه في قلوبهم و عقولهم و زعزعة قيمة الأخلاق ، و الترويج لأنواع السلوك المنحرف أو الدعوة إلى عادت مشينة لا يقرها ديننا و لا تتفق مع قيمنا و أخلاقنا ، فسنجده فيما يعرض في برامج هذه القنوات فانتقلت من عرض الأخبار و الأحوال إلى الفساد و الإفساد فأصبح ضررها أكبر ، و خطرها أعظم ..فكثير مما يعرض بها نتاج مجتمعات دينها غير ديننا ، و أخلاقها غير أخلاقنا و فكرها و عاداتها غير فكرنا و عاداتنا ،إنه نتاج مجتمعات كافرةٍ أو مسلمةٍ جاهلةٍ بدينها مقلدةٍ انحدرت في مهاوي الضياع و الانحراف ، و ألفت الفساد و الإجرام فأصبح جزأً من واقعها ، فنتج من ذلك خواءٌ روحي و ضياعٌ فكري و ذهاب روابط الخلق بينهم فصارت حياتهم بحياة الأنعام أشبه إلا من رحم الله من بقايا المحافظين على دينهم و أخلاقهم ..
لقد تخصصت القنوات الفضائية لتنقل إلينا هذه التعاسة ..أو لتنقلنا إليها و تغرينا بها ..لقد غزتنا إخوتي تلك القنوات بأشكال مختلفة و أنماط متنوعة و بتطور محموم و انتشار كبير و دعاية عظيمة فرأينا فئاماً من الناس يقبلون عليها متأثرين بها ..و يتسابقون إليها مغشوشين في البداية بالولع بالأخبار و الثقافة و الرياضة و الحوار و الدراما و التاريخ و هم يغفلون في الوقت نفسه عن السم الزعاف الذي يسري في نفوس المتلقين لمثل تلك البرامج ..فضلاً عن تأثر غيرهم من أفراد الأسرة ..
قد يتهمني البعض إخوتي- بالمبالغة و التهويل ناسياً أو متناسياً الأثر الكبير لما يعرض في تلك القنوات ..اعتذر أخوتي لأسماعكم و لكن انظروا إلى كثرة المسلسلات العربية و الأجنبية
و التركية و المكسيكية ..انظروا إلى الأغاني المبتذلة و مسابقات و الجمال و الأفلام و الرقص ، حتى الرياضة صار يصاحبها هذا الفساد ..حتى الحجاب حرفوه و غيروه و ضيقوه و فتحوه حتى ضاع هدفه السامي للمرأة المحجبة ..
إن من المؤسف أن نرى مثل هذا الفساد منتشراً في بيوت و استراحات إخواننا المسلمين .. و أصبح اقتناء أجهزتها أمراً طبيعياً مألوفاً ..يوصم منكره بالتخلف و التشدد و ضيق الأفق .. و إن مراجعةً يسيرةً صادقةً و متابعةً دقيقةً لأكثر ما يعرض بها كفيل بأن يقنعنا بضررها و يحذرنا خطرها و حاجتنا الكبرى للرقابة عليها و الانتباه لخطرها .
أليست تعرض تلك القنوات ما حرم على نسائنا كالتبرج و السفور و مخالطة الرجال الأجانب على أن ذلك أمر لا بأس به ؟! ..أليست ترينا معاشرة المرأة للرجل قبل الزواج ..والخروج معه و مبادلته الحب على أنه الطريق الصحيح لنجاح الزواج و مباركة الأهل هي المحمودة ، أما معارضتهم فهو الوقوف و القهر في وجه الأحبة ..و أسرنا كل ليلةٍ تتربى على مثل هذه الترهات
كيف نربيهم و يعلمهم الإسلام أن تبرج المرأة عورة ..و أن خلوتها بالأجنبي حرام و نحن نجلب لهم ما يعرض هذا و أكثر على أنه حلال لا لوم في فعله ..ما يسمى بالمسلسلات المدبلجة التركية و غيرها المعروضة بشكل دائم في تلك القنوات تعرض محرمات يندى لها الجبين كاللبس الفاضح و الخيانة الزوجية الغير المنكرة و الإثارة الفاضحة و كأنهم لا يريدون لنا أن نعرف من تركيا المسلمة و دولتها الرائدة و تاريخها الإسلامي إلا هذه الترهات ..أليست تسوق للشذوذ و تريد تلك القنوات تأنيسه ؟ لكيلا ينكره الناس عياذاً بالله ) إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (إن إنكار تأثير ما يعرض في هذه القنوات أحبتي على ديننا و خلقنا و أبنائنا و بناتنا مكابرة يدفعها الواقع المر لتلك البرامج فهانحن نرى مثلاً الشباب و الأطفال بل و النساء بعد رؤيتهم لبعض مما يعرض في هذه القنوات يسارعون بتقليدها بالملابس و التقليعات و الأخلاق و العادات..
ها نحن نرى وهن الدين في القلوب و قلة الخشوع ، و ضعف الأخلاق في النفوس ، ها نحن نرى صوراً من الانحراف الخلقي الذي لم نكن نعهده من المعاكسات الجريئة و الألبسة الغربية الفاضحة و الأفكار المنحلة..ها نحن نرى حوادث أمنيةٍ كانتشار السرقات و التسويق للمخدرات تغزو بلدنا لنصبح من أكثر بلدان العالم في ترويج المخدرات حسب الإحصاءات ..و ما ذلك إلا ضررٌ أمني من جراء ما يعرض في تلك القنوات من استهتار بالقيم و الأخلاق .. إن كل ذلك نتاجٌ و تطبيق عملي لما نراه في القنوات الفضائية ..من أين دخل علينا الإرهاب و كيف سوّغه أصحابه ؟! كيف انتشرت فوضى الفتاوى و التلاعب بالدين و الاستهزاء بأهله و عدم احترام علمائه ؟!
أي حصانة للدين و الفكر و الخلق للمجتمعات و هم لا يبثون و لا يكتبون إلا ما يثير الفتن في تفسيراتٍ مغرضة للأحداث من خلال التحليلات الإخبارية و التعليقات الإعلامية مما يوّلد البلبلة و القلق و يغرس الوساوس و المخاوف في الصدور و يبث الفرقة و الانقسام بين طبقات الأمة و يدعو للعصبية القبلية من خلال مسابقات الشعر و تجد العرض المشوه للأحداث في العالم الإسلامي بينما تجد النقيض و الصدق فيما يحصل للأمم الغربية يهوديةٍ أو نصرانية و حينما تتبصر في مقابلاتهم و ندواتهم السياسية و الثقافية تراها دائرةً بين مجاملات لمن يحبون و محاكمات لمن يكرهون فاقدة للمصداقية محكومة بالهوى و المذهبية و التوجهات السياسية أللأخلاقية و النفع القليل لا يوازي ما سبق من فساد لا هدف له و نتيجة إلا بإيجاد أجيالٍ منقطعة الصلة بدينها و أمتها مستنقصةً لتراثها و حضاراتها ، ملتصقةً بالعدوا الكافر الذي لا يرضى و لن يرضى إلا أن تكون الأجيال أداةً لتنفيذ كل المآرب ..
إضافةً إلى إشاعة الفاحشة و بث الرذيلة و نشر الإباحية و ترويج العنف و الجريمة و التعود على رؤية المنكرات و عدم التفكير في إنكارها و تفجير للغرائز و عرض للمفاتن في مسلسلات إجرام و خيانة و عنف و إفلات من العقاب ..مع معارضة صريحة لحجاب المرأة المسلمة و تحسين التأخر في الزواج و محاربة التعدد المشروع ..و ذهاب الغيرة عبر الأغنية المائعة المبثوثة ليلاً و نهاراً و التي تخصصت بها بعض تلك القنوات ..فهل هذه المفاسد جمعاء تساوي لنا أن نغض الطرف عنها و نتساهل بها في بيوتنا ؟!..
أي تناقض نعيشه إخوتي و يقع فيه أبناؤنا و بناتنا و هم يسمعون من آبائهم و مدرسيهم النصائح و التوجيهات ثم يرون في هذه القنوات عكس ذلك ..و نجلب لهم بأجهزة الاستقبال ما يناقض ذلك فما فائدة نصيحة الأب المشفق ، و تعليم المعلم و موعظة الخطيب و هذه القنوات تناقض ما أبرموه و تسفه ما قالوه ، و تُكذِّبُ ما قرَّروه ، و تصحح ما خطأوه ، و تهدم ما بنوه و أسسوه .
متى يبلـغ البنيان يـوماً تمامه ** إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم
أيها المسلمون ..
إن تلك القنوات تبرز لجيل الأمة أناساً تمدحهم و تجعلهم في نظر المتابع لها في القمة و السعادة و تعطيهم الأوسمة و الجوائز ..و تعقد لهم الندوات و المقابلات و هم لا يعدون أن يكونوا من ركام الأمة المنحط كأبطال الفن من غناءٍ و تمثيلٍ و غيره ..
ثم تجد بعد ذلك قلوب الناشئة و النساء معلقة بهذه الرموز الكاذبة ..تحفظ أسماءها ، و تاريخ حياتها و غناءها و ملبسهم و مأكلهم ، و التقليد الكامل لتصرفاتهم و نهج حياتهم ..
أيها الإخوة ..
إننا أمة التوحيد و أمة رسالة .هي أعظم الرسالات و دين هو أعظم الأديان و أقبلها عند الله بهذا تُّميزنا و لهذا إخلاصنا و اتبعانا و بذلك نُطهر شخصيتنا الإسلامية العظيمة و ننطلق بها إلى الناس و نفخر بها من خلال مبادئ الدين و تعاليمه لا من خلال غيره ..و كم في قنواتنا الإسلامية الجادة من برامج تبعث الأمل و تحي في نفوسنا العاطفة و تدعم التوحيد و تحارب أهل البدع و تفضحهم و قد ملأوا الدنيا ضجيجاً بقنواتهم الضالة ..
إخوة الإيمان ..
إذا كان العالم بأجمعه متضرراً من هذا الإعلام الفاسد كما يقول عقلاؤه فإن العالم الإسلامي مستهدفٌ لسموم البث المباشر بشكل أخطر لاسيما البلاد المحافظ فإنه يراد لهم الإفساد بشكل أعظم لأنهم يمثلون بأخلاقهم و تمسكهم في الغالب صحوةً إسلاميةً تقف سداً منيعاً أمام اجتياح معاقل الإسلام الذين أقاموا شعائر الدين و نساءٌ ارتضين الحجاب ستراً و الحياء خلقاً و نبذ الاختلاط سلوكاً ..فغدون مشاعل هداية في عالم تخسر المرأة فيه كلَّ يوم عفتها و تماسكها و تدينها فيريدون صرف مسيرتها ..تريد هذه القنوات تشويه دور المسجد و تعطيل حلقات القرآن و العلم و الغريب أنها تمول من أناس مسلمين و بأسماء مسلمة ينشرون الفساد بقنواتهم و أموالهم التي حباهم الله إياها و بعضنا يدعمهم بماله أو اتصاله (فسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ)
بارك الله لي و لكم في الفرقان العظيم و نفعني و إياكم بما فيه من الايات و الذكر الحكيم
الخطبة الثانية ..
الحمد لله و حده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده و بعد ..أما بعد فاتقوا الله عباد الله ..
بالرغم من العودة للدين و الخلق في كثيرٍ من أوساط المسلمين و وجود الخير و العاطفة للدين إلا أن كل ذلك بات مهدداً و جوداً و عملاً بهذه القنوات التي لا تهدف إلا إلى مسخ العقول و القلوب و نسخ خطوط الخير ، و نسج خطوط الشر ليصبح المسلم كباقي قطعان العالم تقيده القومية و تحده الوطنية و تلغي من حسن من العادات و طاب من الأخلاق ، و لست بذلك أنفي الخير فهو موجود منتشرٌ في بلاد المسلمين لكنها ثروةٌ معنويةٌ و أرصدةٌ إسلامية ..وكنوز إيمانيةٌ ستكون مهددةً أمام هجمات البث المباشر ..و مشوهة بذلك الغبش الإعلامي..ومسؤوليتنا حماية أسرنا و مجتمعنا ..
) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ
شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ و قال كلكم راع و كلكم مسئولٌ عن رعيته i أخرجه البخاري و مسلم ..
أيها الإخوة المؤمنون ..
إن و قفةً جادةً عظيمة هي ما تنبغي لنا بعد ما سمعناه الآن ..إنها وقفةٌ لكل غيور خائف على دينه و خلقه و مجتمعه فضلاً عن دين أسرته و خلقهم الذي يراد لهما الفناء و الزوال من خلال برامج القنوات الفضائية ..و إذا ابتليت بهذه الأجهزة فاحرص على تلافي الخبث فيها و استفد من النافع و لا تهملها ..نسأل الله أن يحمي بلادنا من الشرور و الفتن .. و أن يحفظنا بحفظه من كلِّ شر يراد بنا و أن يحفظ شبابنا و نساءنا من كل فتنة إنه سميع مجيب ..
و صلوا و سلموا على خير البرية و سيد البشرية نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين ..