وفي زمان الفتن لا بد من حديثٍ واضح لا مواربة فيه ولا مجاملة..وحوار صادق لا تطرف فيه ولا منابذة..وذلكم واجب الجميع.
في زمانِ الفتن لا بد من تجديد العودة الصادقة إلى كتاب الله وسنة نبيه ..و الاحتكام إلى شرعهما ونبذ ما خالفهما وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ
كانت دعوة أبينا إبراهيملهذه البلاد أن قال: رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً ونعمةُ الأمن لا يعد لها شيءً فقد امتنَّ اللهُ بها على ثمود قومِ صالح وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنْ الْجِبَالِ بُيُوتاً آمِنِينَ ويوسفُ يخاطبُ أبويه وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ وقال تعالى عن مكة وقريش أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ نعمةُ الأمن جعلَها اللهُ لأهل الجنة فقال: ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ ولنعمةِ الأمن صان الدينُ الأنفسَ والعقولَ والأموال والأعراض ومن هنا نستغربُ جميعاً استمرارَ مسلسلِ الإجرام والإرهاب لفئات لازالت تحاولُ نقضَ عُرى أمن هذه البلاد..جماعاتٍ ضالةٍ لا تعرفُ خطورةَ أعمالها وأن فعلها يصبُّ في صالح أعداء الإسلام و يفقدنا الأمن الذي ننعم به ونقيم الدين من خلاله..وهي تمارس أعمالاً لا تراعي ديناً ولا أمْناً وقد تكونُ تعملُ لصالح جهاتٍ تخريبية خارجية..تريدُ إثارةَ الفتنِ والخطفِ والتعدِّي على السفارات
عبادَ الله..في ظلِّ الأمن والأمان تحلو العبادة،ويصيرُ النومُ سُباتاً،والطعام هنيئاً،والشراب مريئاً،الأمن والأمان،هما عمادُ التنمية،وهدف المجتمعات على اختلاف مشاربها.
بل هو مطلبُ الشعوبِ كآفةً بلا استثناء،ويشتدُّ الأمرُ بخاصةٍ في المجتمعات المسلمة،التي إذا آمنت أمنت،وإذا أمنتِ نَمت؛فانبثقَ عنها أمنٌ وإيمان،بالأمن و الإيمان تتوحَّدُ النفوس ويقوم العلم الصحيح ويزدادُ الحبل الوثيق بين الأمة وعلمائها فلا مكان لفتوى متطرفة تُكفُّرُ بلا حقِّ وتُبدِّعُ بلا دليل..بالأمنِ والإيمانِ تتوثَّقُ الروابطُ بين أفراد المجتمع وتتوحَّدُ الكلمةُ ويأنسُ الجميعُ قادةً وشعباً ليكونُوا متعاونين على إقامةِ دينِ اللهِ وحمايةِ المجتمعِ من مثلِ هذه الأفكارِ..بالأمنِ تُقامُ الشعائرُ وتقامُ حدودُ الله وإذا اختلَّ الأمنُ يتبدلُ الحال وينتشرُ الفزع وتعاقُ سبلُ الدعوةِ وينقطعُ العلمُ والأرحام،ويئنُّ المريض فلا دواء وتُهجرُ الديارُ وتُفَارقُ الأوطانُ وتُنقضُ المواثيق وتبورُ التجارةُ وتتبدَّلُ طِباعُ الخلق..باختلالِ الأمن يفشو الجهل ويشيعُ الظلم وتكثرُ الفتن وتُسلبُ الممتلكات يقولُ معاوية>

عبادَ الله..يعجبُ المرءُ فعلاً ويحارُ لما يراه من استهانةٍ في النفوسِ المعصومةِ والدماءِ المهدرةِ وتدميرِ الممتلكات والإفسادِ في الأمن والأعظمُ من ذلك حينَ الإفساد في الدين وتشويه شريعة ربِّ العالمين و التأثير السيئِ في التعليمِ ومجالاتِ الدعوةِ والخيرِ وكل ذلك نتيجةٌ واضحةٌ لفسادٍ في التفكير وغلوٍ في التكفيرِ..ونهجٍ إلى التفجير ينفيه كلٌ صاحبِ عقلٍ وتدبير بل إنك تتساءل وأنت ترى تلك الأفعال هنا وهناك هل يُقصد من خلالها إشغالُ الأمةِ عن قضاياها الكبرى وعن قضايا شعوبٍ تقاومُ الظلمَ والطغيان في بلدانها..
ثم إذا أردنا أن نناقشَ مثل هذه الفئات ماذا يريدون أن يحقِّقُوا بأفعالِهم هذه ومؤامراتهم على أمن بلادِ المسلمين..وتتبَّعنا تاريخَهم رأينا آثاراً سيئةً على الإسلام والمسلمين..وعلى مشاريعِ نشر الدين وإغاثةِ المسلمين بسبب أفعال تنسبُ إلى الجهاد وهو منها براء..فأين الجهادُ من خطفِ الناسِ والتهديدِ بذبحهم..أين الجهادُ من قتل الأنفس البريئة..وإذا أرادوا الإصلاح فليسَ هكذا تُوردُ الإبل لستُ أدَّعي هنا الكمال لبلادِنا فنحن مثل غيرك على قصورٍ و أخطاءٍ يجب أن نتعاونَ جميعاً شعباً وقادةً على إصلاحهِا وتلافيها لكنْ بالحكمة والأسلوب الحسن والنصحِ والتعاون أما إثارةُ الفتنةِ والتكفيرِ والخطفُ التفجير وحملُ السلاح مظاهرُ إجراميةُ لا يُرادُ من خلالها إصلاحٌ أو جهادٌ مزعوم..إن المرءَ المسلمَ في فُسحةٍ من دينهِ،عن أن يَزُجَّ بنفسه في مهاوي الرذيلة ومحالِّ الريب.ومُزعزعُ الأمنِ ومُخلخلُه إنما هو يضرُّ نفسَه ووالديه وواقعهم شاهدٌ نسألُ الله أن يهديَهم ويردَّهم إلى الحق ويُعين أهاليهم..
كان منهجه واضحاً في التعامل مع أعداء الدين،فلم يلجأ في يوم من الأيام إلى قتل بعض المسلمين من أجل قتل عددٍ من المشركين وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً وهل أصبحت النفسُ المسلمةُ ورخيصة والرسول يقول:وهو يطوف بالكعبة{ما أعظمَك و ما أطيبَ ريحك والذي نفسُ محمدٍ بيدِه لدمُ المسلم أعظمُ و أطيبُ عندَ الله منك}ويقول {لا يزالُ المرءُ في فسحةٍ من دينهِ ما لم يُصبْ دماً حراماً}رواه البخاري..
إن دين الله قد جاء بمراعاة المصالح والمفاسد في الجهاد والعمل لنصرة هذا الدين،لأجل ذلك تركَ النبي قتلَ المنافقين الذي كفروا بعد إيمانهم والقرآنُ يتنزَّلُ بأفعالهم ومع ذلك لم يقتلهْم ورأى في دين الله فسحة أن يتركَ قْتلَهم حتى في زمان قوة دولته خشيةً من المفاسد المترتبة على هذا القتل وهي أن يتحدَّث الناسُ أن محمَّداً يقتلُ أصحابَه كما قال وإن مخالفةَ سنتهِ واتخاذَ غيرِه أسوةً لا يورِّثُ إلا الفتنةَ والعذاب فاَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
أيها المسلمون..من أجلِ استتبابِ الأمنِ في المجتمعات جاءت الشريعةُ الغراءُ بالعقوبات الصارمة،وحفِظت للأمةِ في قضاياها ما يتعلقُ بالحقِّ العام والحقِّ الخاص..وإقامة الحدود وعدم التهاون بها،فٌإقامة حدٍّ من حدود الله خيرٌ من أن تمطروا أربعينَ صباحاً كما قال ولابد من المحافظة على القضاء الشرعي بأصوله وضوابطه وتطويره وعدم محاباته لأحدٍ فذلك مطلبٌ للأمة وضمانٌ لها من الخطر والحيف..فحفظاً للأمن والأمان وكيان الدولة؛غضب على من شفع في حدٍّ من حدود الله بعدما صدر،وأكد على ذلك بقوله:{أتشفع في حدٍ من حدود الله وأيمُ الله،لو أن فاطمةَ بنتَ محمدٍ سرقت لقطعتُ يدها}
وما ذاك،إلا من بابِ سدِّ الذريعةِ المفضيةِ إلى التهاونِ بالحدودِ والتعزيرات،فلا تهاون أو محسوبية أو مجاملة في إقامةِ الأمنِ للناسِ والمجتمعاتِ والقضاءِ بينهم وليس هناك أحدٌ كبير أم صغير..أميرٌ أو فقيرُ يجامل ُ على حسابِ القضاء أو الأمنُ فالأمن كلٌ لا يتجزَّأ ومسؤوليتُه علينا جميعاً..
وإنَّه حينَ يَدبُّ في الأمةِ داءُ الخوفِ والفزع؛وتتساقطُ أو تضعفُ مكانةُ القضاء فإن أفرادَها بذلك ينقضون عرى مجتمعهم،ويدّمرون أنفسهم وأمّتهم ويُمكِّنون للأعداء والمنافقين ليعبثُوا بالأمةِ وتعليمها وإعلامِها وأخلاقها ونظامها.
وانظروا كيف تسلَّط الأعداء والمنافقون على أمَّتنا في السنواتِ الأخيرةِ وزادَ إجرامهم وظهرت صفاقتهم جليةً باسمِ مكافحةِ الإرهابِ الذي اتهموا فيه جميعَ المسلمين ومؤسساتهم والمحسنين منهم وجمعياتهم ومساجدهم فزاد احتلالُ البلدان وكثُر سَجْنُ المسلمين وهم يدّعون إقامةَ حقوقِ الإنسانِ والحمايةَ من الإرهاب فإذا بهم يضايقون المسلمين والجمعيات الخيرية ويسفّهون أحكامَ الشريعة،فوصفت إقامةُ الحدودِ بالقسوة والغلظة حتى تشك أنهم ربّما هم من دعموا واختَرقُوا هذه الفئات الضالة بأعمالها ليحقِّقوا لهم مآربهم..
إخوتي..إن هذا الإجرام الذي حصلَ مؤخراً تحاربُه مناهجُ التعليم لدينا ويحاربُه علماءُ هذه البلاد وقادتها،ويحاربُه مجتمعُنا ككل،والمناهجُ الدينية لدينا مبنيةٌ على القرآن والسنة وهي خيرٌ للبشرية،ولا يترتب عليه باطل،و إذا شذ في الخطأ شاذٌ فشذوذه على نفسه،كما هي القاعدة في الإسلام وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى فأين أشباه المنافقين من هذا العدل الذي رأيناهم جانبوه في كتاباتهم و تقييمهم؟فما أن تحدُثَ مثل هذه الأحداث إلا ويمارسُون نوعاً آخر من التطرف والإرهاب لا بد من علاجه والأخذ على يده حين يعممون أخطاء الفئة الضالة على مبادئ الدين ومحاولة إفساد مناهج التعليم والمرأة وتغيير الأنظمة لمصلحة المفسدين ولاحول ولا قوة إلا بالله..
فلا بد أن نعلمَ أن العلاج الأمني على أهميته ليس كافياً في علاج الإجرام بل لا بدَّ من التكاتفِ وإقامةِ شرعِ الله وتجنبِ منكراتِ الأخلاق ومناقشة تلك الأفكار بإيضاح ففي ذلك النجاح..وأمنُ البلادِ واجبٌ شرعي وعقلي يلزم الجميع إقامته..واجب أن نهتم بمصاب المسلمين الذي يحدث للضعفاء هنا وهناك بالدعاء لهم..
نسألُ الله أن يصلحَ أحوال المسلمين،وأن يدفع عنا سوء الفتن ما ظهر منها وما بطن،وأن يهيئ لشباب الإسلام دعوة رشيدة وأفكاراً سديدة،تنوَّرَت بنور الوحي،وانضبطت بقيود الشرع،وانطلقتَ في نصرةِ هذا الدين،حتى يُحقِّقَ الله لهذه الأمة ما تصبُوا إليه نصر وعزة ورفع راية الإسلام وحماية أوطان المسلمين من كل معتدٍ أثيم..وأن يوفق ولاة أمور المسلمين لنصرة الضعفاء وإقامة الحق والدين..ونسأله أن يحمي بلاد المسلمين من كل تطرف و وطغيان يراد به إثارة الفتن وأن يديم علينا الأمن و الإيمان و السلامة والاطمئنان الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمْ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ أقول ما تسمعون
الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده .. وبعد....
أيها الناس اتقوا الله وتوبوا إليه واعلمُوا أنَّ ما أصابكم من مصيبةٍ فبما كسَبت أيديكم فتسلّطُ الأعداءِ ونشوءُ الأفكار الضالة واهتزازُ الأمن في البلدان ووجودُ البطالة و إعلاء النفاق لرأسه وتأثر النعم وانقطاع الغيث والغلاء والوباء كل ذلك من أسبابِ هذه المعاصي التي باتَ يُعلنُ عنها أصحابُها وتنتشر في الفضائيات وعدد من الأماكن..فواجبٌ على أهل العلم والبصيرة الرجوعَ إلى كتاب الله والتحذير من معاصيه فإن عذاب الله إذا حلَّ فلا منجاة وقد أنذر الله تعالى بهذه الآيات تخويفاً ودعانا للرجوع إلى كتابه واقتفاء سنة نبيه ..
لابد أن نعلم أن مؤسساتنا الشرعية ومراكزنا الدعوية الصيفية وحلقاتُنا من أسباب حماية الشباب من مثل هذه الأفكارِ الضالة المنحرفة التي لا تنشأُ ويُسوّقُ لها إلا من خلال الكواليس المظلمة في مواقع الانترنت أو عبرَ صحبةٍ فاسدةٍ تحملُ مثلَ هذا الفكرِ فلا بدَّ من الحذرِ أيُّها الأولياء من مثل هذه الأمور لأولادكم وإنشاؤهم على العلم الصحيح من منابعه الموثوقة ومراكز الخير وحلقات العلم التي تُشغلُ فراغَهم وترد على تساؤلاتهم وتزيل شبههم وتوجههم لخدمة مجتمعهم ووطنهم وأن لا نلتفت لبعض التشويه الذي يرد هنا وهناك تحت أي مسمى لهذه الجهات العلمية والخيرية الدعوية المحتسبة.
اللهم أدم الأمن والإيمان على بلادنا وسائر بلاد المسلمين..ووفق ولاة أمور المسلمين للحكم بشريعتك..واتباع سنتك..نسألك يا ألله بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة النصر المؤزر لإخواننا في سوريا طال بهم الكرب وامتدّ بهم الخطب ولا ناصر لهم إلا أنت..اللهم أعلِ رايتهم..اجمع كلمتهم..تقبل شهيدهم..اشف مريضهم..أوي مشرَّدهم..واجبر ثكلاهم وارحم ضعفهم..اللهم عليك بجيش بشار وأعوانه..خالف بين قلوبهم وأضعف شوكتهم..اجعل الدائرة تدور عليهم..أرنا فيهم عجائب قدرتك..وبأس قوتك..واشف صدورنا وصدور قومٍ مؤمنين ولا عدوان إلا على الظالمين..الاستغاثة..