• ×

06:54 صباحًا , الخميس 23 شوال 1445 / 2 مايو 2024

حقوق المصطفى عليه الصلاة والسلام

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
الحمد لله وحده،أحمده سبحانه وأشكره وأتوب إليه وأستغفره،وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله،صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً أما بعد..فاتقوا الله عباد الله..
يا خير من جاء الوجود تحية
من مرسلين إلى الهدى بك جاؤوا

بك بشر اللـه السماء فزينت
وتضوعت مسكا بـك الغـبراء

يا أيـها الأمـي حسـبك رتـبة
في العـلم أن دانـت بك العـلماء

المصلحون أصابع جمعت يداً
هي أنت بل أنت اليد البيضاء

أيها المسلمون..كثيريون يدعون محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم..كثيرون يتذكرون مولده عليه الصلاة والسلام ويبتدعون حفلاته ولكن هل عرفنا وعرفوا كلهم حقوقه عليه الصلاة والسلام التي تجب عليهم مع زعمنا لمحبته صلى الله عليه وسلم..
عباد الله..لقد خصَّ الله رَسولَه صلى الله عليه وسلم بالمقامَاتِ العالِيَة،وأنالَه من الكمالات البشريّة أعلاها،فقد كان عليه الصلاة والسلام علَى غايةٍ مِن كمالِ الخِلقة وقوّة العقل واعتدال الطبع وشرفِ النسب والحسب،والكمالُ في الآداب والأخلاق،يكفيه قولُه تعالى(وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ))..
يا مَن لَهُ الأَخلاقُ ما تَهوى العُلا
مِنها وَما يَتَعَشَّقُ الكُبَراءُ

لَو لَم تُقِم دينًا لَقامَت وَحدَها
دينًا تُضيءُ بِنورِهِ الآناءُ

زانَتكَ في الخُلُقِ العَظيمِ شَمائِلٌ
يُغرى بِهِنَّ وَيولَعُ الكُرَماءُ

كل ذلك لمنزلةٍ عظيمة ومهمةٍ جسيمة خلقَه الله تعالى لها،وهي الرسالةُ والبلاغ عن ربِّ العالمين،((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا*وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا)) هذا البشير النذير،والسراج المنير،لا يضره والله نيل من سنته أو استهزاءً به فهو صلى الله عليه وسلم أعلى وأسمى من كل ذلك لكنها تذكرةٌ لنا نحن لنتذكره وندافع عنه ونتبع سنته وهذا هو الرد البين على من حاول النيل منه ولأجل ذلك جعَل الله تعالى لنبيِّه حقوقًا على هذهِ الأُمّة، يجب عليهم القيامُ بها،ومقصِدُ جميع هذه الحقوقِ هو تحقيق العبادةِ لله ربِّ العالمين وحدَه لا شريك له.
أيّها المسلمون..إذا أردنا أن نتحدث عن جنابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم عن سيرَتِه وكراماتِه فإنَّ مِن أولى ما ينبغي طرحُه هو تنبيه الناس للقيام بحقوقِه،ومنها ميثاق أخذَه الله تعالى على الأنبياء أنفسهم أن يؤمِنوا به وأن يتبعوه إن هم أدركوه((وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنْ الشَّاهِدِينَ))ومن أعظم حقوقه الإيمانُ به وتصديقُه،ولا يمكِن أن يكونَ مُسلِمًا من لم يقِرَّ بذلك جازمًا غيرَ متردِّد ولا شاكّ((فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا)) وقال سبحانه(فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ))وفي صحيحِ مسلمٍ أنَّه صلى الله عليه وسلم قال(أُمِرتُ أن أُقاتل الناسَ حتى يشهَدوا أن لا إله إلاّ الله ويؤمِنوا بي وبما جِئتُ به))،وفي الصحيح أنَّه صلى الله عليه وسلم قال(والّذي نفسي بيه،لا يسمعُ بي رجل من هذه الأمّة ولا يهودي ولا نصراني ثم لم يؤمن بي إلاّ كان من أهل النار))ويندرجُ تحتَه الإتباعُ والقَبولُ والإيمان به والتصديقِ المقتضي للعَمَل،وإلاّ فإن دعاوى اللسان لا بدَّ لها من برهانٍ،وهذا هو عمَلُ الأركان.
ومنه يُعلَم أنَّ من حقوق النبيِّ صلى الله عليه وسلم طاعته،والتي هي من خصائِصِه،وليست لأحدٍ من البشر سواه عليه الصلاة والسلام(وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِينًا))وقد قرَنَ الله تعالى طاعَةَ رسوله بطاعته سبحانه في آياتٍ كثيرة((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ))ويقول(مَنْ يُطِعْ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ))وحقّه أيضاً،هو كمالُ الإتباع،وهو مقتَضَى شهادة أنّ محمّدًا رسول الله،طاعته فيما أمر،وتصديقُه فيما أخبر،واجتناب ما نهى عنه وزَجَر،وأن لاَ يُعبَد الله إلاَّ بما شَرَع،فما لم يشرَعْه صلى الله عليه وسلم مبلِّغًا عن ربِّه فلا نتعبَّد الله به،بل هو مردودٌ كما في الصحيحين أنَّه صلى الله عليه وسلم قال(من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردٌّ))وكلُ أمرٍ مُحدَثٍ في الدين بدعةً،وجعلهَا ضلالاً في النّار،كَما كان يكرر في خطبَتِه(إنَّ خير الحديث كتاب الله،وخيرَ الهُدى هدى محمد،وشرّ الأمور محدثاتها،وكلَّ بدعةٍ ضلالة))رواه مسلم.ويقول تعالى(وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا))وقال صلى الله عليه وسلم(عليكم بسنّتي وسنة الخلفاء المهديِّين الراشدين،تمسَّكوا بها،وعضُّوا عليها بالنواجذ،وإيّاكم ومحدثاتِ الأمور))رواه أبو داود.قال بعض السلف:"من أمَّر السنّةَ على نفسِه قولا وفِعلا نطق بالحكمةِ،ومن أمَّر الهوى على نفسه نطق بالبدعة".
كما أنَّ أتباعه صلى الله عليه وسلم هم من يرِد عليه الحوضَ،وغيرُهم يُطردون،قال صلى الله عليه وسلم حين وصَف أمّته قال(فليُذَادَنّ رجالٌ عن حوضي كما يُذاد البعير الضال، فأناديهم:ألاَ هلمّ،فيقال:إنهم قد بدَّلوا بعدك،فأقول:سُحقًا سحقًا))رواه مسلم.
إنَّ إتباع النبيِّ صلى الله عليه وسلم-أيها الأحبة-يقتَضي وجوبَ التزام شرعِه وهَديِه،وأن لا يُبتَغَى الفلاح إلاّ من طريقه((وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنْ الْحَقِّ))ومِنه يُعلَم ضَلالُ من يتخَوّضون في دينِ الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم بالهوى والعَقل،ويكيِّفون الدينَ والشرع على المصالح المتوهَّمة ومسايَرَة الغالب ولو كان باطلاً أو ينفون سنته وحديثه الثابت عنه.
إنَّ الإتباع الحقيقيَّ له صلى الله عليه وسلم باطِّراح الهوى وتربيةِ النفس على لزوم السنّة وإتباعها والرجوع إلى الحقّ وإخلاص النّية والتجرُّد لله رب العالمين.
ومِن حقوقه صلى الله عليه وسلم محبّتُه،قال البخاري رحمه الله:"بابٌ:حبُّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم من الإيمان"،ثم روى حديثه عليه الصلاة والسلام(والذي نفسي بيده،لا يؤمنُ أحدكم حتى أكون أحبَّ إليه من والده وولدِه والناس أجمعين))وفي الصحيحَين أنَّه صلى الله عليه وسلم قال(ثلاثٌ من كنَّ فيه وجد حلاوة الإيمان:أن يكون الله ورسولُه أحبَّ إليه مما سواهما))الحديث اللهم إنا نشهدك ونشهد ملائكتك على حبنا لرسولك صلى الله عليه وسلم اللهم فارزقنا محبته وإتباعه ظاهراً وباطناً وارزقنا صحبته في الجنة وعلى الحوض..
عباد الله..لَقد كان الصحابةُ رضي الله تعالى عنهم أشدُّ الناس حبًّا له،فعظَّموه ووقَّروه،وكان مِلءَ أسماعِهم وأبصارهم،وخالَطَ حبُّه شغافَ قلوبهم،فقدَّموه على أنفسهم وأهليهم،وفدَوه بأرواحهم،وقدَّموا صدورهم دِرعًا حاميةً عن آذاه وعن قتله صلى الله عليه وسلم..حتى النساء من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتونها بعد أحد إمراءةً من بني دينار فيقولون لها:مات أبوكي مات أخوكي مات زوجكي وهي تسألهم ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!قالوا:هذا هو يا أم فلان فلما رأته قالت:كُلُّ مصيبةً بعدك جلل تعني أنها هينة..
إنَّ محبّتهم له صلى الله عليه وسلم لم تكن محبّةَ عِشقٍ وهيام كما يتغنى بها صوفية غلاة مخرفة ويدعون أنهم يحبونه ثم يبتدعون في دينه،بل هي محبّةُ مودّة وولاءٍ وإتباع وطاعةٍ،لقد كانت محبّةً أثمرتِ إتباع السنّةِ والطاعَة وكمالَ الإيمان وتقديم أمر الله ورسولِه على شهوات النفسِ وحظوظها((قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ*قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ))وإنَّك لتأسَفُ ممّن يتاجِرُ بهذه المحبّةِ ليبتَدِع في دين الله ما لم يكن منه باسم محبته صلى الله عليه وسلم فيصدَعُ السّنَن،وينشُرُ البدَعَ،ويلبِّس على العَوامِّ باسمِ المحبّة،وكذلك يشرك مع الله من يدعون أنهم من الأولياء،كمن يتاجِرُ بمحبّةِ آلِ بيت النبيِّ صلى الله عليه وسلم،فيقَعُون بالشّركِ،وتقديس الأولياء،والرفض وسبَّ الصحابة ثم يكونون خِنجراً في خاصرة الأمة وسفكاً لدماء أهل السنة وهم أولئك الرافضة،لا يُبقون من الدّين إلا هذه المحبة المزعومة،ولو كانت حقًّا وصدقًا لأثمرتِ الطاعةَ والإتباع وجمع شمل الأمة،نعوذ بالله من الخذلان..
أيها المسلمون..من حقوقه صلى الله عليه وسلم تعظيمُه وتعظيم أمرِه وتوقِيره،وعدَمُ التقدُّم بين يديه عدم رفع الصوت فوقَ صوته((لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ))وهكذا كان الصحابَة رضي الله عنهم،يجلّونه غايةَ الإجلال،يطرِقون بأبصارهم عنده من الأدب،حتى قال أحدهم:ما ملأت عيني مِن رسول الله صلى الله عليه وسلم مَهابةً له وإجلالاً واحترامًا وحياءً.ومع ذلك الحب والإجلال فلم يُؤثَر أَبدًا عن أحدٍ منهم أنه أعطاه شيئًا من خصائص الأولوهية،فلم يدعوه،لم يستغِيثوا أو يحلفوا به،لم ينسِبوا له علمَ الغيب ولا شيئًا من خصائصِ الرّبِّ سبحانه ولم يقيموا لا هم ولا التابعين بعدهم احتفالاً لمولده وهم يعظمونه..((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ))فلا يجوز التقدُّم عليه بأيِّ صورةٍ،كسَبقِه بالكلام أو تقديم الآراء والأقوالِ على رأيه أو قوله،ثم قال الله(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ))ففيه تحريمُ رفعِ الصّوتِ عنده وعدم ذكره باسمه المجرَّد((لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا))،بالقول يا رسول الله،يا نبيَّ الله،وإذا كان مجرّدُ رفع الصوتِ قد يحبِط العمل فما ظنُّك بالاستهزاء بسنّته أو الاستخفاف بشريعته وتقديم الآراء على قوله عياذاً بالله؟!
مُـحَـمَّـدٌ خاتَمُ الرُسلِ الَّذي خَضَعَت
لـهُ الـبَـرِيَّـةُ مِن عُربٍ وَمِن عَجَمِ

سَـمـيـرُ وَحيٍ وَمَجنى حِكمَةٍ وَنَدى
سَـمـاحَـةٍ وَقِـرى عافٍ وَرِيُّ ظَـمِ

نسأل الله تعالى أن يرزقَنا محبّةَ رسوله صلى الله عليه وسلم وإتباعه وطاعته..بارك الله لي ولكم ...
الخطبة الثانية الحمد لله وحده.......
أيها المسلمون..من حقوقِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم نصرتَه والذبَّ عنه،وهذا مِن المسلَّمَاتِ،وممّا أجمع عليه المسلمون((فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ))بل توعَّد الله تعالى بالعذابِ الأليم من لم ينصُره صلى الله عليه وسلم،فقال(إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ))إنَّ نصرَه صلى الله عليه وسلم واجب في حياته وبعد مماتِه،ويشمل نصرَ دينه ونشر سنّته والدفاعَ عنه وعن سنّته،وقد أجمعتِ الأمة على أنَّ مَن سبَّه صلى الله عليه وسلم أو عابَه أو حقّره أو ذمَّه أو ذم سنته بأيِّ طريقٍ فأنَّه يُقتَل لكفره بل اختلف في توبته عياذاً بالله،((قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ*لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ))ومِن حقوقِه صلى الله عليه وسلم حِفظُه في قَرابَتِه وأزواجِه وأهلِ بيته الّذين أكرَمَهم الله تعالى وأذهَبَ عنهم الرجسَ وطهَّرهم تطهيرًا،وقد قال صلى الله عليه وسلم(أنشدُكم اللهَ في أهلِ بَيتي))،وفي صحيح مسلم(أذكِّركم الله في أهلِ بيتي))،وفي البخاريّ أنَّ أبا بكر رضي الله عنه قال(ارقُبُوا محمّدًا في أهل بيته))ولا شكَّ أنَّ حبَّ آل البيتِ مِن الإيمان،وأنَّ مودَّتهم قربةٌ وطاعةٌ وإتباعهم سنة ولذلك نصلي على نبينا محمد وعلى آل محمد معه..
ومن حقوقه صلى الله عليه وسلم توقيرُ صحابته رضي الله عنهم ومحبّتُهم والثناءُ عليهم وقد مدحهم ربُّ العزة والجلال في كتابه في آياتٍ عديدة،ومحبتهم بالإمساك عن الخوضِ فيما شجر بينهم،والدفاع عمن يحاول النيل منهم قال صلى الله عليه وسلم قال(لا تسبّوا أصحابي،فلو أنفق أحدكم مثلَ أحُدٍ ذهبًا ما بلَغ مُدّ أحدِهم ولا نَصيفَه)) رواه مسلم،وعند الترمذيّ بسندٍ حسن(اللهَ اللهَ في أصحابي،لا تتَّخذوهم غرضًا من بعدي،فمن أحبَّهم فبحبي أحبَّهم،ومن أبغضَهم فببُغضِي أبغضَهم،ومن آذاهُم فقد آذَاني)) الحديث.
ويكفي أن نعلَمَ عقلاً ونظرًا أنَّ الذي نقَل لنا الدين والقرآن والسنّة هم صحابته رضي الله عنهم، فلو أُسقِطَت عدالتُهم وقُدِح فيهم فهذا يعني إبطالَ الدّينِ والتشكيكَ في الكتابِ والسنّة وفي ثبوتهما؛ ولهذا عدَّ العلماءُ مَن قصد إسقاطَ عدالة الصحابة أنَّه زِندِيق يُريدُ إسقاطَ الدين أصلاً. ومِن حقوقه صلى الله عليه وسلم كثرة الصلاةُ والسلام عليه((إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا))إنها دعاء ورحمة وثناءٌ وتشريف،وهي واجِبَة في الجملة،ومستحبَّة ومرغَّب فيها في كلّ وقت،وعندَ ذكره صلى الله عليه وسلم اللّهمّ صلِّ على محمّد وعلى آل محمّد كما صلّيتَ على آل إبراهيم،وبارك على محمّد وعلى آل محمّد كما باركتَ على آل إبراهيم في العالمين،إنّك حميد مجيد قال صلى الله عليه وسلم(إذا سمعتُم المؤذّنَ فقولوا مثلَ ما يقول،ثم صلّوا عليَّ؛فإنه من صلّى عليَّ صلاة واحدة صلّى الله عليه بها عشرًا،ثمّ سلُوا الله لي الوسيلةَ،فإنها منزلةٌ في الجنّة لا تنبغي إلا لعبدٍ من عباد الله،وأرجو أن أكونَ أنا هو،فمَن سأل الله ليَ الوسيلةَ حَلَّت له الشفاعة)).فاللّهمّ ارزُقنا شفاعَتَه،ووفِّقنا لإتباعه،ارزقنا مرافقَتَه في الجنّة...

 0  0  1089

Powered by Dimofinf cms Version 4.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Ltd.