• ×

06:14 صباحًا , الخميس 23 شوال 1445 / 2 مايو 2024

دين سماحة ووسط

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
الحمدُ لله جعل السماحة منهجاً للأنام،ولا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك العلام،وأشهد أنَّ محمَّدًا عبدُه ورسوله سيد الأنام،صلِّى الله وسلَّم عليه وعلى آله وصحبه الأعلام،وسلّم تسليما..أما بعد فاتقوا الله عباد الله..واعلموا أن شريعةَ الإسلام خيرٌ ورحمةٌ وعدل ومنفَعةٌ للبشريّة في الدنيا والآخِرة لمن آمَن بها والتزَمَها،(أيسرُ الدّين الحنيفيّةُ السّمحة)والإسلام دينُ سماحةٍ ووسطيّة ونبيّنا صلى الله عليه وسلم أُرسلَ رحمةً للعالمين(لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)رفَع الله ببِعثتِه الآصارَ والأغلال(وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ)
عباد الله..الوسطية ضدّ التطرف وهي سمةٌ للإسلام بتطبيق تعاليمه من غير إفراطٍ بالغلوِّ والشدةِ ولاتفريط بتضييع أحكامه وإهمالها ويصحبُ ذلك خلقٌ عظيم قلَّ في الناسِ اليوم وهو خُلُقُ السَّمَاحَةِ،ما اتَّصَفَ به امرُؤٌ إِلاَّ أَجَلَّهُ الناسُ وقدَّرُوهُ وارتاحوا لِلتَّعَامُلِ مَعَهُ وَأَحَبُّوهُ،وما خلا منه أحدٌ إِلاَّ تحاشوه وَتَبَرَّمُوا مِنَ التَّعَامُلِ مَعَهُ وَكَرِهُوهُ، بالوسطيّة والسماحة تُحقِّقُ الكثير وبدونها نخسر السمح الهيّن الليّن من يَتَنَازَلُ عَن حَظِّ نَفسِهِ أَو جُزءٍ مِن حَقِّهِ لِيَحُلَّ مُشكِلَةً أَو لِيَطوِيَ صَفحَةَ خلافٍ أَو لِيَتَأَلَّفَ قلوباً ويستطيبَ نفوساً لا يَتَعَدَّى على حَقِّ أَحَدٍ وليس مِلحاحاً بِحُقُوقِهِ والصعب العسير يُعَانِدُ وَيُخَاصِمُ وَيُمَارِي وَيُجَادِلُ وَيُفَاصِلُ وَيَتَعَدَّى على حُقُوقِ الآخَرِينَ ولا يُحسِنُ في أَخذِ حَقِّهِ
أهميةُ السماحة إخوتي نراها كيف أن الله رفع الحرجَ عن هذهِ الأمّة في الدين فما بالكم بالتعامل إذن(وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)ومنهج الشرع(يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ)والمُتأمَّلُ لتيسير الشريعةِ يرى السماحةَ جليّة فيما أمر الله به ونهى عنه فإن لم تجد الماء للوضوء فتيمم وتقصر الصلاة بالسفر وعند الحاجة تجمع، وجُعلت الأرض كلها مسجدً وطهوراً وإن لم تستطع الصلاة قائماً فاقعد..والمسلمُ إذا نوى الخيرَ وعجزَ عنه فالله يثيبه على قدرِ نيّته، في الحديث..(إذا مرِض العبدُ أو سافر كتَب الله له ما كان يعمَله صحيحًا مقيما)،والصيام أبيح للمريضِ والمسافِرِ الفطرَ مع القضاء أو الإطعام لغير القادر((يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ)) وفَرضُ الحجِّ على المسلم في عُمره مرّةً،وأشهرُ فتاواه صلى الله عليه وسلم في الحج[افعل ولا حرج]إذاً فالتيسيرُ والسماحةُ أصلٌ في شريعة الإسلام فالله لا يريد الحرج لنا وهذا الدين يسر[ولن يشادّ الدين أحدٌ إلا غلبه]والسماحة والوسطية تقويةٌ للإيمان وجمعٌ للكلمة،فتكون المحبّةُ والمودّة سائدةً في المجتمع وهذا من أعظم مقاصد الشريعة..لقَد دَعَا صلى الله عليه وسلم للرفق في الدين والوسطية في الفهم والسماحة في التعامل فاللهَ يُبغِضُ الأَلَدَّ الخَصِمَ، ووصف أمةَ الإسلام بالوسط..(وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ)وقال عليه الصلاةُ والسلامُ(رَحِمَ اللهُ عَبدًا سمحا إِذَا بَاعَ،سمحًا إِذَا اشتَرَى،سمحًا إِذَا قَضَى سمحًا إِذَا اقتَضَى)وقال..(حُرِّمَ عَلى النَّارِ كُلُّ هَينٍ لَينٍ سَهلٍ قَرِيبٍ مِنَ النَّاسِ)والبيع والشراء نموذجُ للمعاملات وإلا فَالسَّمَاحَةُ مَطلُوبَةٌ في كُلِّ أَمرٍ وَتَعَامُلٍ وَممدُوحةٌ مَعَ كُلِّ أَحَدٍ وعلى كُلِّ حالٍ.
أيها المسلمون،الإنسان السمح يرفع الحرج عن الناس ويحرص على مصلحة غيره وإسعادهم وجلب الخير لهم والتسامح معهم..أخبرنا نبيّنا صلى الله عليه وسلم أنَّ عبدًا من عبادِ الله أوقفَه الله بين يدَيه،سأله عن حسناتِه فلم يكن إلاَّ قوله.. إني كنتُ أقرض الناس وآمُر غِلماني أن ييسِّروا على الموسِر ويُنظِروا المعسِر،فقال الله.. أنا أحقُّ بالتجاوز منك، فتجاوَز الله عنه لأن ربنا هو أكرمُ الأكرمين وأجوَدُ الأجودين..اقتَرَض نبينا صلى الله عليه وسلم من رجلٍ بَكرَة صغيرةً، فلما جاء ليستوفيَ المقرِضُ حقَّه قالوا..ما وجَدنا إلاَّ رباعًا خيارًا،أي أفضل منها فقال..(أعطوه إيّاه، فإنَّ خيرَكم أحسنُكم قضاءً)وأنس خادِم محمّد صلى الله عليه وسلم،خدمه عشرَ سنين،وإذا قرِّب له الطّعام إن أعجَبَه أكَل،وإن لم يعجِبه لم يعِب ذلك الطعامَ،ولكن قال..((لا أشتهيه))فما في خُلقِه فضاضةٌ ولا فُحشٌ ولا سوءُ خلُق صلوات الله وسلامه عليه.يقدِّم ربيعةُ الأسلميّ له وضوءَه فيقول..((يا ربيعة، سلني حاجتَك))،لأنّه قدّم له وضوءَه، فقال.. أسألُك مرافقتَك في الجنّة،فيقول..((يا ربيعة،أعِنِّي على نفسِك بكثرة السجود))يدخل مكّةَ فاتحًا منتصِرًا عاليَ الرأس بنصرِ الله وتأييده، وتجتمع قريش الذين آذوه في الحرم ينتظرون مصيرَهم،فيقول..((يا معشر قريش،اذهَبوا فأنتُم الطلقاء))وفي مُسنَدِ أَحمدَ أَنَّ عُثمَانَ رضي اللهُ عنه اشتَرى مِن رَجُلٍ أَرضًا فَأَبطَأَ عَلَيهِ، فَلقِيَهُ فَقَالَ له.. مَا مَنَعَكَ مِن قَبضِ مَالِكَ؟قال..إِنَّكَ غَبَنتَني؛فَمَا أَلقَى مِنَ النَّاسِ أَحَدًا إِلاَّ وَهُوَ يَلُومُني،قال..أَوَذَلِكَ يَمنَعُكَ؟قال.. نَعَمْ، قَال..فَاختَر بَينَ أَرضِكَ وَمَالِكَ!سمعتُ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول..((أَدخَلَ اللهُ عز وجل الجَنَّةَ رَجُلاً كان سَهلاً مُشتَرِيًا وَبَائِعًا وَقَاضِيًا وَمُقتَضِيًا))،وفي صحيحِ مُسلِمٍ أَنَّ صَحَابِيًا يُدعَى أَبَا اليُسرِ أصرّ على مستدين منه بالسداد وكان يختفي منه فلما التقى به قال له..مَا حَمَلَكَ عَلى أَنِ تختبئ مِنِّي؟قال..خَشِيتُ وَاللهِ أَن أُحَدِّثَكَ فَأَكذِبَكَ، وَأَن أَعِدَكَ فَأُخلِفَكَ،وَكُنتَ صَاحِبَ رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم،وَكُنتُ وَاللهِ مُعسِرًا، قال..قُلتُ..آللهِ، فَأَتَى بِصَحِيفَتِهِ فَمَحَاهَا بِيَدِهِ، فَقَال.. إِنْ وَجَدتَ قَضَاءً فَاقضِني، وَإِلاَّ أَنتَ في حِلٍّ، ثم ذَكَرَ أَنَّهُ شَهِدَ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وهو يَقُولُ..((مَن أَنظَرَ مُعسِرًا أَو وَضَعَ عَنهُ أَظَلَّهُ اللهُ في ظِلِّهِ)) رواه البخاري..إنها صُوَرٌ للسَّمَاحَةِ،في ذلك الجيل وحتى وقتٍ قريب كان الناس يتفاخرون بخلق السماحة فيما بينهم وفي تعاملاتهم حتى أن القاضي في المجلس الواحد أو في طريقه ماشياً يحلُّ قضايا كثيرة بينما اليوم تأخذ قضايا الناس سنواتٍ بلا حل من شدة الخصومة والتلاعب وإشغال المحاكم بالدعاوى الباطلة أو تجد من همّهم الاعتراض على كل شيءٍ ومبادرين بالشكوى وتعطيل الأعمال أو يتخاصم مع كل أحد من الأقارب والجيران والمسجد والعمل حتى يخشاه الناس خوفاً منه واتقاء شرّه..والمشكلة أن البعض يصفونه رجلاً ناجحاً يأخذ حقّه في حين أنه يؤذي ويذهب عمره في المطالبات والاعتراضات خلافاً للسماحة!!وصفة المنافق أنه إذا خاصم فجر قال عليه الصلاةُ والسلامُ(وَمَن خَاصَمَ في بَاطِلٍ وَهُوَ يَعلَمُ لم يَزَلْ في سَخَطِ اللهِ حتى يَنزِعَ)رواه أحمد.. وَكم تُحرَمُ الأُمَّةُ كَثِيرًا مِنَ الخَيرَاتِ وتُرفَعُ عَنها البرَكَاتِ حِينَ يَكثُرُ فِيهَا الخُصُومَاتُ،خَرَجَ صلى الله عليه وسلم على أَصحَابِهِ فَقَال..(خَرَجتُ لأُخبِرَكُم بِلَيلَةِ القَدرِ،فَتَلاحَى فُلانٌ وَفُلانٌ فَرُفِعَت)،وأعظم التسامح بعد الحقوق ما يكون بحواراتنا بيننا بتقبلّ الرأي ومناقشته بهدوء وترك الجدل العقيم واتخاذ الوسطية والعدل في رؤيتنا خاصة ببيوتنا وأوطاننا..

وكنْ رجلًا على الأهوالِ جلدًا وشيمتُكَ السَّمَاحَةُ والوفاءُ

وإن كثرت عيوبُكَ في البرايا وسَرَّك أَنْ يَكونَ لها غِطَاءُ

تَسَتَّر بالسَّخَاءِ فكُلُّ عَيْبٍ يُغطِّيه كما قيلَ السَّخاءُ

ولا ترجُ السَّمَاحَةَ مِن بخيلٍ فَما في النَّارِ لِلظْمآنِ مَاءُ
أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ أيها المسلمون، وَلْنُوَفِّرْ أَوقَاتَنَا التي تَضِيعُ بمُخَاصَمَاتٍ وَمُنَازَعَاتٍ،وَلْنَحفَظْ أُخُوَّتَنَا وَطَيِّبَ علاقاتِنا بِتَعمِيمِ رُوحِ السَّمَاحَةِ فِيمَا بَينَنَا، وَلْنُكنْ لَينِينَ سَهلِينَ مَعَ إِخوانِنا إِيثَارًا لِمَا هُوَ أَغَلى وأبقى عِندَ رَبِّنَا، وَلْنَصبرْ على ذَلِكَ، وَلْنُجَاهِدْ أَنفُسَنَا، فَقَد صَحَّ عَنهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ.. (الإِيمَانُ بالصَّبرِ وَالسَّمَاحَةِ)،فَالصَّبرُ على طاعة الله وأقداره،وَالسَّمَاحَةُ بعلاقةِ العَبدِ بِأَخِيهِ؛والصبر عليها فلنتمثَّل عباد الله السماحة والوسطيةَ في رؤيتنا وأخلاقنا وتعاملاتنا فالإسلام ليس مظاهر وشعاراتٍ وإنما دينٌ ومعاملة..وَإِنَّ مِن الخطأ وصف المُتَسَامِحَ بِالعَجزِ عَن أَخذِ حَقِّهِ،وبِالخَوفِ مِنَ النَّاسِ وَخَشيَةِ شَرِّهِم،من القَوِيُّ الصَّابِرُ وَاثِقٌ بِأَنَّ مَا عِندَ اللهِ خَيرٌ وَأَبقَى فمنهم يختَارُ مَا عِندَ اللهِ، وَيَتَسَامَحُ مَعَ عِبَادِ اللهِ((ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ))ألا فَاتَّقُوا اللهَ أَيُّها المسلمون،وتحلَّوا بِالسَّمَاحَةِ،وَجَاهِدُوا أَنفُسَكُم على الاتِّصافِ بها،أقول ما تسمعون...
الخطبة الثانية الحمد لله وحده والصلاة و السلام على من لا نبي بعده وبعد....
عباد الله..التيسير في الدين والوسطية والسماحة مبدأٌ عظيم وفهم كبير لا يتقنه إلا العلماء الراسخون الذين فهموه وعرفوه فالعالم الراسخ يطرح القول الفقهي من خلال هذا المبدأ العظيم ويختاره من النصوص التي يعرفها ولا يلجأ للشدّة إلا من كانت بضاعته بالعلم ضعيفة،بل يضلُّ بعضهم بالتحريم والتبديع والتضليل،بل والتكفير عياذاً بالله..وهذا غلوٌ في الدين وتشويهٌ لوسطيّته..وهو مما بلينا به اليوم حتى استهانوا بالفتن والدماء وأفسدوا الأمن في الأوطان وعلى النقيض منهم من ضيّعوا أحكام الدين وميّعوا عقيدته وفرّطوا في قوته إنما ليُسايروا ركاب الغير!!إن الدين وتعاليمه وأحكامه إخوتي ليس خاضعاَ للأهواء والأمزجة فيجب أن نفرق بين قول صحيح يدعمه الدليل وبين قولٍ آخر ليس له دليل قويٌّ يدعمه..فلا نطلق على حكمٍ شرعيٍّ بالشدّة والدليل من القرآن والسنة يؤيده فهذا لا يجوز وفيه اعتراض على حكم الله وسنة رسول الله.. ومن السماحة أيضاً احترامُ آراء المذاهب الأخرى وأقوال علمائهم ولانُسفّهها لأننا نخالفها..والمؤمن الصادق يتبعُ الحق أنّى وجده ويتعامل مع مخالفه باللين والسماحة وليس بالضعف والتنازل..أما أولئك من يتعامل مع الناس بالشدّة ومع العصاة بالغلظة،ويرون ذلك قوّةً في الدين ويرون أن اللين معهم ضعفٌ فإن تعاليم الدين لاتؤيدهم وفعلُ رسولنا صلى الله عليه وسلم وعلماؤنا الأجلاء يُخالفهم وبعضهم يشوّه الدين بتعامله فيُشدّد في أمرٍ واسعٍ ويُضيّقُ على الناس،ألا ترون نتائج الرفق واللين والسماحة كيف تسبق بقوّة وتؤثر في هداية الناس أكثر بكثيرٍ من شدّةٍ تنفر،ألسنا حتى الآن وسيرة العلامة ابن سعدي وسماحته رحمه الله تطرب لها الألسنة..الشيخ عبد الله القرعاوي يذهب للجنوب داعية فيعامل الناس بالحسنى فيؤثّر بهم تأثيراً عظيماً،وكذلك رأينا تعاملاً عظيماً لابن باز وابن عثيمين بأخلاقهم وزهدهم وسماحتهم.. كلّ هؤلاء وغيرهم كان لهم دورٌ عظيم بالأمة رحمهم الله جميعاً.. ومن قبلهم قدوتنا صلى الله عليه وسلم ومن بعده في سماحةٍ ورفقٍ وتيسيرٍ نريد أن تكون شعاراً لنا في فهمنا للدين وتعاملاتنا مع بعضنا..نسأل الله أن يجعلنا من عباده الوسط السمحين المتسامحين المتحابين المتعاونين المتكاتفين في السراء والضراء.. ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم..

 0  0  398

Powered by Dimofinf cms Version 4.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Ltd.