• ×

10:08 صباحًا , الثلاثاء 13 ذو القعدة 1445 / 21 مايو 2024

رحمةٌ للعالمين

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
الحمد لله ميَّز أهل السنة بالاتباع والتسليم وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أمرنا بالاقتداء بسيد المرسلين وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله،دعا للحق والهدى والدين القويم..صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً إلى يوم الدين .. أما بعد –فاتقوا الله عباد الله..
مُحمدٌ رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوةُ نبيِّنا إبراهيم(رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ)وبشارةُ عيسى برسولٍ يأتي من بعده؟!وخاتمُ النبيِّين..استبشرت الدنيا كلها بقدومه صلى الله عليه وسلم؟ ودعوتُه التي أنقذتهم من الضلالة إلى الهدى وإلى النور بعد العمى بتوحيدٍ للهِ خالصٍ من الشركِ وبإيمانٍ وإحسان..
سَرَت بَشائِرُ باِلهادي وَمَولِدِهِ
في الشَرقِ وَالغَربِ مَسرى النورِ في الظُلَم
أَتَيتَ وَالناسُ فَوضى لا تَمُرُّ بِهِمْ
إِلا عَلى صَنَمٍ قَد هامَ في صَنَمِ
وَالأَرضُ مَملوءَةٌ جَورًا مُسَخَّرَةٌ
لِكُلِّ طاغِيَةٍ في الخَلقِ مُحتَكِمِ
مُسَيطِرُ الفُرسِ يَبغي في رَعِيَّتِهِ
وَقَيصَرُ الرومِ مِن كِبرٍ أَصَمُّ عَمِ
جَاءت دعوتُه عليه الصلاة والسلام سِراجاً منيراً..استنارتْ بِه الأرضُ بعد ظُلمتِها،وصراطاً مستقيماً جمعَ اللهُ عليه الأمةَ بعد شَتَاتِها،واهتدتَ بِه البشريةُ بعد حيرتها..

لما أَطَـــلَّ مُحَمدٌ زَكت الرُبى واخضرَّ فيِّ البستانِ كُلُ هَشيمِ

بمبعثِهِ صلى الله عليه وسلم بالتوحيد وُلِدتِ الحياةُ..وارتوى الناسُ بعد الظمأ فدخلوا في دينِ اللهِ أفواجاً. وأَحَبوهُ فاتبعوا منهجَهُ وقاموا بِرسالتِه وطبَّقوا أَوامِرَهُ واجتنبوا نواهِيهِ فالمحبة للرسول عندهم اتِّباعٌ وليس ابتداع فهناك من يتغنَّى بسيرته ويُضَيِّعُ شريعتَهُ ويحرِّف معنى مَحَبَتِهِ بل يُشركُ بها..والحديث عنه صلى الله عليه وسلم عن توحيده ودعوتِه وخُلقه..فكان رحمةَ اللهِ للعالمين كلِّهم بلا استثناء وجاء بمِلِّةٍ عظيمةٍ أظلَّت جزيرةَ العربِ خاصةً والعالمَ عامةً بِما حملتُه من قيمٍ عظيمةٍ..نزل عليه الوحي بالقرآن..واهتمَّ برفعة الإنسان. ولن تدركَ الأمّةُ مهما فعلت فضْلَه بأبي هو وأمي رسول الله..لقد نقلَ النَّاسَ بدعوتِه من التفكيرِ بِنَصْبِ الخِيَمِ إلى بِناءِ القيم..ومن تواصُلِ الحروبِ و سَفكِ الدماءِ إلى سلامٍ قائِمٍ على الحقِّ والواجب وبدعوةٍ وإِخوّةٍ شَمِلَت الناس..ضحّى وحاربَ صلى الله عليه وسلم لنشرِ الدينِ رغم ما لقِي وواجه..وأَنشأَ حضارةً عظيمةً بَشراً وحَجراً وشَجراً..ودينه للناسِ كآفة(إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ)
بعثتُه صلى الله عليه وسلم نعمةٌ كُبرى ومِنَّةٌ عُظمى بالهدى ودينِ الحق؛ليُخرجَ الناسَ من الظلماتِ إلى النورِ، ويهديهم بِه سُبلَ السلام،ويَضعُ عنهم آصارَ وأغلالَ،بالخير والفضيلة والبعد عن الشر والرذيلة. وليُسعدَهم بتوفيق الله في الدنيا والآخرة رحمةً للخلقِ كَافةً ونِعمةً على البَشرِ قَاطبةً)وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ(يُربِّي صحابتَه رضي الله عنهم أجمعين ممن عاش جاهليةً فكانوا من عجائب الدهر ديناً وخلقاً وعلماً..أَخرجَهُم من عِبَادةِ العِبادِ لعِبادِة ربِ العباد ومن ضيقِ الدنيا لسِعَةِ الآخرةِ،فكانوا أَبَرَّ الناس قلوباً،وأَعمقَهم عِلماً. يقولُ عروةُ بن مسعود رضي الله عنه[والله لقد وفدت على كسرى وقيصر والملوك،فما رأيتُ أحداً يُعظِّمه أصحابه كما يُعظِّمُ أَصحابُ محمّدٍ محمّدًا،واللهِ ما يُحدِّونَ النظرَ إليهِ تعظيمًا له..وإذا تكلَّم كأَنَّ على رؤوسهم الطير] أتى رجلٌ لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم فقال..والله إنك لأَحبُّ إليَّ من نفسي ومن أَهلي وولدي وإني لأكونُ في البيتِ فأَذكُركَ فَما أَصبر حتى آتيكَ فأَنظر إليكَ،وإذا ذَكرتُ موتي وموتَك عرفتُ أَنك إذا دَخلتَ الجَنةَ رُفعتَ مع النَبيِّين،وإذا دَخلتَ الجنةَ خَشيتُ أن لا أراكَ،فلم يَردَّ صلى الله عليه وسلم فنزلَ قوله تعالى(وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا)ففرحَ الصحابةُ بهذه البشرى..وآخرُ يقول..يا رسول الله،الرجلُ يُحب القوم ولماَّ يلحق بهم؟قال عليه الصلاة والسلام..(المرء مع من أحب)رواه البخاري.هَكذا كانَ حُب صحابتهِ له ترجموه بإتِّباع سُنتهِ وفعلِ أَوامِره واجتنابِ نواهيهُ،لم يجعلوا حُبهَّم له صلى الله عليه وسلم تعظيماً بدعياً فكان يُعلِّمهم أنه بشرٌ مثلهم،وكلما اشتد الجهلُ والغفلةُ والادِّعاءِ وُجدَ الغلوُّ والانحرافُ مما حذر منه صلى الله عليه وسلم، قال صلى الله عليه وسلم(لا تُطروني كما أطرت النصارى ابن مريم،فإنما أنا عبد،فقولوا..عبدالله ورسوله)أخرجه البخاري لقد أصبح حبُّ النبي صلوات ربي وسلامه عليه زائفاً ومُحرِّفاً عند البعض وتكاسلاً عن الدفاع عنه وعن سنته وشرعه لدى آخرين..
عباد الله..إنَّ صِدقَ محبة الرسول صلى الله عليه وسلم بمتابعةِ طريقتهِ والاقتداء بسيرته وكيف عاش عليه الصلاة والسلام للدعوةِ وسَخّر لها حَياتَهُ، حامياً لها منافحاً عنها والله جلَّ جلاله وضح محَبته صلى الله عليه وسلم(قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)محبةٌ تقتضي الإتباعَ والإبداع وليسَ الإحداثَ والابتداعَ، وإتباعُه صلى الله عليه وسلم في أقوالهِ وأفعالهِ أَحدُ ركائزِ دينِ الإسلامِ وأساسياتهِ ومن أعظم مُسلماتِ الشريعةِ والأَمورِ المعلومةِ منها بالضرورة)وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)وإذا كنا ننكر الغلو بالمحبّة لرسول الله فإننا نستنكرُ أيضاً الجفاءَ في محبته صلى الله عليه وسلم بحيثُ لا يُعظّمُ ولايُكثرُ البعض من ذِكْرِ سيرتِه والغفلةِ عن كثرة الصلاة عليه وذكر مآثره. نستَنكرُ أن يُنالَ من عِرضه و تشويهِ صورتهِ عليه الصلاة و السلام ثم لا تجدُ من يدافعُ عنه و يُبينُ فضله خطأٌ عدم تربية الأجيال وتعليمها بأن هذا النبي صلى الله عليه وسلم رؤوف رحيم بالمؤمنينَ،هداهم إلى الصراطِ المستقيمِ، ولم يترك سَبيلاً لهدايتهم إلا سلكه،ولا عِلمًا إلا بذله،فصلوات ربي وسلامه عليه..ومعرفةُ حَقِّه واجبٌ على كل مسلم والدفاعُ عَنهُ وعن عرضِه واجبٌ عظيم، لا ينبغي تركه وإهماله(وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)
أَيُّها الإخوة الكرام ..تمجيدُ الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم والثناءُ العاطر بإعلاء قَدْره، وأن تكون له المكانة السامية على جميع الأنبياء والمرسلين، ورفع ذكره في الأرض وفي السماء ..

أَغَـرُّ عليـه للنبوّة خـاتَمٌ من الله مشهودٌ يلـوح ويُشْهدُ

وضمّ الإلهُ اسمَ النبيِّ إلى اسمهِ إذا قال في الخمسِ المؤذنُ أَشْهدُ

فكلما ذُكرَ اللهُ تعالى ذُكِرَ معه في الأذان والإقامة والتشهد، وفي يومِ الجمعة على المنابر ولو أن رجلاً عبدَ اللهَ جل ثناؤه وصدّقَ بالجنة والنار وبكل شيء ولم يشهد أن محمدًا رسولُ الله لم ينتفع بشيء وكان كافرًا..فاعرفوا يا عباد الله مقامَه وآمنوا به وعَزِّرُوهُ وانصرُوه ووقّروه وعظموه واتّبِعُوا النورَ الذي أنزل معه،وإياكم والغلو فإنّ الانتسابَ الحقَ لدين الله والحبَ الصادقَ لمحمد صلى الله عليه وسلم بالتأسِّي به وتحكيمِ شرعه والتزامِ واتباع سنته،ومن فَرّطَ في ذلك وتنصّلَ وقصرَ فقد انقطع بالرسولِ سبَبُه ولو قال المدائحَ وأقام الموالد ونمّق الكلمات,اللهم اجعلنا قائمين بتوحيدك متبعين لنبيك صلى الله عليه وسلم وملتزمين بهديه وفائزين بشفاعته واحشرنا في زُمرتهِ واسقنا من حوضهِ الشريف شربةً لا نظمأ بعدها أبدا..أقول ما تسمعون .....

الخطبة الثانية الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده وبعد ..

والله ثمَّ والله ثمَّ والله إنَّ مكانةَ رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ربِّه ثُمَّ في قلوب أمته لن يستطيع أن ينال منها أحد وذلك التاريخ النيّر والسيرة العطرة لن يُلوِّثُها حاقدٌ مهما فعلوا واستهزأوا أليس الله يقول(إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) و(إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ)فطيبوا يا عباد الله نفساً واطمئنوا أنَّ أياً كان مقامه ومكانته ودولته لن يستطيعوا النيلَ من مُحَمدٍ رسول الله عليه أزكى الصلاة والسلام ..والحمد لله أنَّ هذه الأمة بغالبها دُولاً وشُعوباً تنتفضُ دوماً لنصرتهِ والذبِّ عنه وعِقاب من حاول التطاول عليه بأبي هو وأمي هو رسول الله ومهما كُنَّا مُقصّرين باتباعِ منهجِه تأتي مثل هذه الأزمات لتبين للنِّاس كُلّهم أهميَّة الاقتداء بدينه والالتزام بسنَّته والدفاع عنه صلى الله عليه وسلم وقد رأينا ولله الحمد ما يَسرُّ الخاطر ويُشجِّعُ الهمم لنُصرته عليه الصلاة والسلام أمام من نالَ منهُ فترقبوا عقوبةَ الله لهم فالله عزيزٌ ذو انتقام..

اللهم انتصر لنبيّك ودينك وأعلِ كلمة الإسلام وانصر المسلمين وأذلَّ وأهلك كل من حاول إيذاء نبيّك أو دينك وشريعتك وأرنا فيهم عجائب قدرتك يارب العالمين..

أيها الإخوة..وردنا تنبيه بأهمية الحصول على لُقاح الانفلونزا الموسمية والمتوفر بحمد لله مجاناً في المستوصفات الحكوميّة للمواطن والمقيم..نسأل الله أن يحميَنا جميعاً من كلِّ سوءٍ ومرضٍ ويديم علينا الصحة والعافية ..اللهم وفق ولا أمورنا وانصر جنودنا واحم حدودنا وجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن..الاستغاثة ..


















 0  0  273

Powered by Dimofinf cms Version 4.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Ltd.