• ×

02:12 صباحًا , الثلاثاء 13 ذو القعدة 1445 / 21 مايو 2024

يَوْمٌ مَشْهُودٌ وَأُضْحِيَّةٌ .

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
الحمد لله أكمل لنا الدين، وأتم علينا النعمة،وأشهد أن لا إله إلا الله هدانا للإسلام دينًا وقيَمًا ومِلّة، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله،صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً،أما بعد فاتقوا الله عباد الله. واعلموا أنكم تعيشون أياماً عظيمة العمل الصالح بها من أحب الأعمال إلى الله وفيها يومٌ عظيم يوم عرفة وسبب تسمية المكانِ عَرَفَةَ اخْتَلَفَ فيه أَهْلُ الْعِلْمِ؛ فقالوا..أنه لما تعرّف آدم بحواء في الأرض على جَبَلِ عَرَفَةَ. وَقِيلَ.. إِنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يُعَلِّمُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِما السَّلَامُ مَنَاسِكَ الْحَجِّ، وَكُلَّمَا عَلَّمَهُ مَنْسَكًا سَأَلَهُ.. أَعَرَفْتَ أَعَرَفْتَ؟ فَيَرُدُّ.. نَعَمْ عَرَفْتُ. وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. وهو أفضل الأيام قال صلى الله عليه وسلم(خيرُ يومٍ طَلَعت عليه الشمس)وهو اليوم المشهود الذي أقسم به الله بقوله (وشاهدٍ ومشهود) كما في الحديث وفيه نزل قول الله(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا(إنه يوم عرفة أخذ الله فيه الميثاق على ذرية آدم بتوحيده سبحانه وتعالى،يقول صلى الله عليه وسلم إن الله أخذ الميثاق من ظهر آدم بنُعْمَان يوم عرفه،وأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها، فنثرهم بين يديه، كالذر، ثم كلمهم، فقال..( أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ) ولذلك كانت خطبتُه صلى الله عليه وسلم في عرفة خطبةً عظيمة مشهودةً جمعت تعاليم الإسلام وكان صلى الله عليه وسلم عند كل حكمٍ يُشهدُ اللهَ على الناس بالبلاغ..وفي عرفة يُباهي الله عز وجل ملائكته بأهل عرفة ويقول سبحانه عن أهل الموقف.. "انظروا إلى عبادي أَتَوْنِي شُعْثًا غُبْرًا أشهدكم أني قد غفرت لهم) وهو يوم العتق من النار؛ قال صلى الله عليه وسلم..ما من يوم أكثرُ من أن يُعتِق الله فيه عبداً أو أمَةً من النار من يوم عرفة.. وهو يوم الدعاء كما قال عليه الصلاة والسلام (أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة، وأفضل ما قلت والنبيين من قبلي.. "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير".)والدعاء فيه ليس خاصاً بالحجاج بل لكل مسلم بالأرض. ولكُلِّ هذه الفضائل فما رُئي إبليس في يومٍ أحقرُ منه ولا أغيظُ منه في يوم عرفة لما يَرى من تنزّلِ الرحمات نسأل الله واسعَ فضلِه ومغفرتِه ورحمته. فعظِّموا ذلك اليوم،رحمكم الله بالأعمال الصالحة،والقربات النافعة،واحرصوا على صيامه،وتصويم أهليكم وأولادكم؛ وصومُه شرع لمشاركة أهل الموقف طاعةً لله وقربةً ففضل ذلك عظيم،يقول صلى الله عليه وسلم عن صيام عرفة..إني لأحتسب على الله أن يُكِّفرَ السنةَ الماضية، والسنة اللاحقة"وأكثروا في هذه الأيام وفي يوم عرفة من التوبة النصوح،والاستغفار والتهليل،والتكبير والتحميد، تضرَّعوا بالدعاء إلى رب الأرض والسماء واجتهدوا فيما بقي من أيام العشر ولياليه، وبخاصة يوم عرفة، ويوم النحر،ونوّعوا في الأعمال الصالحة حسب التيسير لكم من صدقةٍ وصيامٍ وقرآن وصلة أرحامٍ وتفريج كُربات والدعاء..وذكرٍ لله،وتكبير،وتهليل، وتسبيح وتحميد، وتضرعوا إلى ربكم عز وجل بقلوب خاشعة، واثقة بكرم الله سبحانه، وادعوا ربكم وأنتم موقنون بالإجابة، ادعوا لأنفسكم ولأهليكم وأولادكم صلاحاً وقوةً في الإيمان، وحسن خاتمة، وتوفيقاً للتوبة والأعمال الصالح، والقربات النافعة، ادعوا الله أن يرفع البأساء والضراء ويدفع الوباء والغلاء عنا وعن جميع المسلمين عن المستضعفين من عباد الله وأن يردَّ كيد أعداء المسلمين والمنافقين في نحورهم..خُصُّوا المرضى بدعائكم وكذلك الوالدين والأولاد وإصلاح البلاد والعباد..واجتهدوا في هذه الأدعية الخاصة، والأدعية العامة، لعلكم توافقون ساعة إجابة، فيَكتبُ اللهُ الخيرَ لكم، ولأهليكم، ولسائر المسلمين..اللهم استجب الدعوات ولا تحرمنا أجرها وبلِّغنا ياألله فضل يوم عرفة بمغفرتك ورحمتك والعتق من النار انك سميع مجيب أقول قولي هذا..
الخطبة الثانية..الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد..
أما بعدُ..فاتَّقوا اللهَ يا مُؤمنونَ واشكروهُ على نِعَمِهِ وفَضلِهِ, فقد تفضَّل الله علينا بالتَّقرُّبِ إليهِ بِذبْحِ الأَضَاحِي فَقَالَ..(فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ).فَذَبْحُهَا مِن أَعْظَمِ شَعَائِرِ الدِّينِ, وأَحبِّها إلى اللهِ تَعَالَى ولَمَّا سُئِلَ رَسُولُنا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ..عن الأَضَاحِي قَالَ..«سُنَّةُ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ» رواه أحمد والترمذي قالَ بوجوبِها عَدَدٌ من العلماءِ للقادر من أرباب الأسر لقولِ الرَّسولِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ..«مَنْ كَانَ لَهُ سَعَةٌ وَلَمْ يُضَحِّ, فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا». رواه أحمد وابن ماجه و صححه الحاكم أَمَّا الْمَدِينُ فإنَّه لا تَلزَمُهُ الأُضحِيَةُ بل يَبدَأُ بالدَّين قبلَ الأضحية وكذلك الفقير..وليحذر البعض من التذمر من مبلغ الأضحية ويتثاقلها فإنك تُقَدمُها لله فلتكن راضياً ممتناً لمن أنعم عليك وأنت لو جاءك ضيوف أعزاء لذبحت لهم مسروراً فكيف ما تقدمه لله. وكذلك لنحذر من تبادل النكات عبر الوسائل حول هذه الشعيرة..
عِبَادَ اللهِ.. لِلأضاحِي أَحْكَامٌ وَحِكَمٌ..فَالأَصْلُ أَنَّهَا عَن الأَحْيَاءِ وَيَجُوزُ أَنْ يُشرِكَ مَعَهُ مَنْ أَرَادَ أَحْيَاءً وَمَيِّتِينَ, وَالأَضاحي تكونَ فقط من بَهيمةِ الأَنعامِ الإبلُ والبَقَرُ وَالغَنَمُ,وَأَنْ تَبلُغَ السِّنَّ المُعتَبَرَ شَرعَاً,وَأَنْ تَكُونَ سَالِمَةً مِن العُيوبِ فَقَد سُئل رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ..مَاذَا يُتَّقَى مِن الأَضاحِي فَأَشَارَ بِيدِه فَقَالَ..«أَرْبَعَاً الْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ ظَلْعُهَا وَالْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا وَالْعَجْفَاءُ الَّتِي لاَ تُنْقِي» وأَنْ يَكُونَ الذَّبحُ مِنْ بعدِ صلاةِ العيدِ إلى آخِرِ أيَّامِ التَّشريقِ,قَال رَسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.. «إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ بِهِ فِي يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا وَمَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ عَجَّلَهُ لأَهْلِهِ لَيْسَ مِنَ النُّسُكَ فِي شيءٍ».
إخوانِي..طِيبُوا بِالأُضْحِيَةِ نَفْسَاً واستطيبوها واستسمنوها وأَخْلِصُوا بِهَا للهِ..«فإنَّ اللهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إلاَّ طيبا" فالله غنيٌ عن ذبحنا وعن اللحوم لكنه يختبر تقوانا له (لن ينالَ اللهَ لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم كذلك سخّرها لكم لتكبِّروا اللهَ على ماهداكم وبشر المحسنين) وكان المشركون اذا ذبحوا وضعوا دماءها على الأوثان عياذاً بالله أما المسلم فيُسمِّي اللهَ عند الذبح ويقول اللهم منك وإليك ويأكل منها ويُطعم ويتصدّقُ للفقير في مشروع تكافلي عظيم بين المسلمين من خلال شعيرة الأضاحي. وهناك جمعيات رسمية تستقبل صدقاتكم لتوزيعها وبواقيكم من الأضاحي ليُتسفاد منها ولا تُرمى..
واشهدوا إخوتي صلاة العِيدَ وحثّوا ألادكم عليها فَحُضُورُهُا عِبَادَةٌ أوجبها بعض أهل العلم, وَيُسَنُّ لَنَا الاغتِسَالُ والتَّطيُّبُ ولُبسُ أَحْسَنِ مَا نَجِدُ,أَمَّا النِّساءُ فَيَخرُجنَ مُحتَشِمَاتٍ غيرَ مُتَطَيِّبَاتٍ, والسُّنةُ أن نَذْهَبَ مَشْيَاً على الأَقدَامِ وَأنْ نَرْفَعَ أصْوَاتَنَا بالتَّكْبِير فقد كانَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَخرَجُ في العيدِ رَافِعَا صوتَهُ بالتكبير ولا نَأكُلُ شَيئَاً قَبلَ الصَلاة لنَأكُلَ من الأُضحيةِ وأنْ نَذهبَ من طَريقٍ ونَعودَ من آخرَ, وَمِنْ فَضْلِ اللهِ علينا أنَّهُ سيجتَمعُ لَنَا عيدُ الأَضحى ويومُ الجُمُعَةِ, وَسَتُقَامُ صَلاةُ العِيد هُنا في هذا الجامع بإذن الله ودخولُ الإمام الساعة الخامِسَةِ وَخَمْسٍ وَأربَعِينَ,فَاللهم اغفر لنا ولوالدينا والمسلمين أجمعينَ..وتقبل منا الطاعات والأعمال الصالحة واجعلها في ميزان الحسنات..وَوَفِّقْ وُلاتَنا لِما تُحبُّ وترضى, وأعنهم على البر والعدلِ والتقوى,اللهم مَن أرادنا وَدِيننا وَأمننا وبلادنا بسوء فأشغلهُ بنفسه, اللهم انصر جُنُودَنا واحفظ حُدُودَنا والمسلمين أجمعينَ.ربنا آتنا في الدنيا حسنة،وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.عباد الله..اذكروا الله الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر،والله يعلم ما تصنعون.




 0  0  252

Powered by Dimofinf cms Version 4.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Ltd.