• ×

03:19 صباحًا , الأحد 11 ذو القعدة 1445 / 19 مايو 2024

لنعرف قدر النعم

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
الحمد لله رب العالمين خلق الإنسان في أحسن تقويم،وخصه بالإنعام والتكريم،وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك يسبح له ما في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم..وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أثنى الله عليه بقوله ((وإنك لعلى خلقٍ عظيم))..صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين جاهدوا تحت رايته وتمسكوا بسنته وكانوا على صراطٍ مستقيم ..وسلم تسليماً كثيراً ..أنا بعد..
فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى وتوبوا إليه ..
كم من أمةٍ..وكم من شعبٍ ودولةٍ كان مساؤها نَعيماً مترفاً ولذةً وحَديثاً لاهياً وغِنىً مُطغياً،ثم كان صبحُها عذاباً وتشريداً وفتكاً..وآيات الكتابة شاهدة وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَويقول تعالى) وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ( ولا تزال حوادثُ التاريخِ مُنذ بدأ الخليقة إلى زماننا هذا تصب في سمع الدنيا من أنباء القرى التي فتحت عليها النعم فما رعوها حق رعايتها فقُطفت في يناع زهوها واستكمال بهجتها أتاها أمر الله لتذهب عنها النعم وهذه الأمم أشد ما تكون وثوقاً بها وافتتنا بزهرتها وكلُّ شيءٍ لهم على بالٍ إلا أن تزول هذه النعم أو تتحول:
حسَّنت ظنّك بالأيام إذ حُسنت
وغابَ عنك الذي يأتي به القدر

وسالمتك الليالي فاغتررت بها
وعند صفو الليالي يحدث الكدر

كم من النعم التي من خلال جائحة كورونا عرف أكثرنا أثر فقدها فقد أصبحت العودة للعمل الذي كنا نظنه متعباً حِلْماً والرجوعُ لمقاعد الدراسة التي مَلَّها بعضُ أولادنا أصبح أملاً ..والخروج من المنزل ولقاء الأقارب بل صلاة الجماعة والتراويح والمساجد حُرمنا منه احترازاً وكذلك صلاة العيد واجتماعاته ومصافحة الأقارب ممنوعاً والأحباب وتباعدٌ بدلَ التقارب وعدم سفرٍ ولاتنقّل وغير ذلك من نعمٍ عُظمى لم يُدرك الجميع أثرها وفضلها إلا بعد فقدها وفي كل ذلك عبرة وذكرى وهكذا غيرها من النعم كلما عرف الإنسان تفضّل الله المنعم بها فشكره وحمده عليها ثم أدرك فضلها فعرفه وقابل ذلك بعدم الإسراف بها فإنها تدوم النعم فنحن عباد الله وقد حبانا الله بنعمٍ عظيمةٍ وآلاءٍ جزيلةٍ أحوج ما نكون إلى معرفة قدرها وأثر فقدها وأن نحافظ عليها بالشكر لمن رزقنا إياها وأن لا نتعامى عن النذر و الآيات التي أصابها الله لأقوامٍ أنعم عليها فكفرت بأنعمه وجحدت فضله بارتكاب معاصيه والمجاهرة بها فألبسهم الله ثوب الجوع والخوف والنقص؟!وهذه الدنيا لا يغتر بها إلا غافل،ولا يركن إليها إلا جاهل..فكم ذكَّر الناصحون السادرين فما تذكروا؟!،وكم توالت على أهلها النذر فلم ينتبهوا؟!،ثم أفاقوا على أمرٍ جاء بلا نذرٍ سابقة ولا دلائل منذرة ) فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (أفاقوا على نعمهم فإذا هي سليبة،أفاقوا على نعمهم فإذا هي ذكرى على بهجتهم فإذا هي أماني وجاءت العقوبات عندما نُسي شكر الربِّ المتفضل بحلول المعاصي ويزداد البلاء ويحدث الوباء وينتشر الغلاء ويتعمق الجرح حين تجد من تعمى أبصارهم عن حقيقة هذا البلاء فيتعلَّقون بأسباب ماديةٍ منها يبدأون وإليها يعودون وبها لمصيرهم ومصالحهم يؤوِّلوُن،( إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ*وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوْا الْعَذَابَ الأَلِيمَ )
إخوة الإيمان..إن دفعَ البلاءِ مرهونٌ بصدق العودة إلى الله وشكر نعمه و تحقيق الإيمان به( فَلَوْلا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ )وإن خير وسيلةٍ لتحقيق ذلك الإيمان اللجوء إلى الله بالدعاء والتضرع والشكر يقول تعالى(فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)إن شكر الله على نعمه لا يكفي بالأقوال فقط وإنما بالأعمال التي تصدق تلك الأقوال..إن علينا أن نلوذ بالله موقنين وأن ندعوه واثقين وأن تكون ثقتنا بربنا أعظم من ثقتنا بكلِّ قوةٍ ويقيننا بالله أعظم من كل يقين وشكرنا لله وحده وإننا حينما نتعلّقُ بغير الله نخسر ولانربح واعتمادنا على الله وجمع الكلمة بيننا يكفينا شر المغرضين والحاقدين والمرجفين وقد تكون الخسارة في شيءٍ لا يعوض ولات حين مناص..فهناك من يسعون بكل ما أتوا من قوة لنشر إرجافهم وحقدهم بل وكفرهم وجحودهم يجاهرون في مجتمعاتنا المسلمة وكأن الآيات المخوفة من الله لا تخيفهم بل تزيدهم طغياناً كبيراً فلنكن أعظم وعياً وأشدَّ إيماناً وأفضل شكراً لهذه النعم التي نتبوأها بحمد الله فنحن لا زلنا بخير في ديننا وأمننا ونعمنا المتعددة إننا بذلك وحده نستطيع الحفاظ على هذه النعم..وتسخيرها في خدمة ديننا وأمتنا وعلمائنا الصادقين وأوليائنا الناصحين..أعوذ بالله( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ )أكثروا من الحمد والشكر لله فلا كاشف للغمَّة إلا هو سبحانه (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ )أقول قولي
الخطبة الثانية مختصرة
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ،،،،

 0  0  352

Powered by Dimofinf cms Version 4.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Ltd.