• ×

05:00 مساءً , الجمعة 9 ذو القعدة 1445 / 17 مايو 2024

بَعْثٌ وَنُشُورٌ

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
الحمد لله خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً وهو العزيز الغفور وأشهد ألا إله إلا الله يُجدِّدُ الأيامَ والشهور،ويصرِّفُ الأعوامَ والدهور،وأشهد أن محمداً عبده ورسوله،الشافعُ المشَّفعُ يومَ النشور،صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه بإحسان إلى يوم الدين أما بعد..فاتقوا الله عباد الله ..((وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ))أتى العاصُ بنُ وائلٍ السهمي رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بعظمٍ قديم ففتَّه بينَ يديه فقال..يا محمد أتزعمُ أنَّ هذا العظمَ يُبعثُ بعدَما أرِم فقال عليه الصلاة والسلام..نعم يبعثُ اللهُ هذا ويُميتُك ثم يُحيك ثم يدخلُك النار(وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيم قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ)ومن ينكرون البعث تكلم عنهم القرآن الذي امتلأ بإثبات البعث والنشور..
إلى الله نشكو قسوة قلوبِنا وفي كل يومٍ واعظ الموت يندبُ
كم من أَقوامٍ أَمَّلوُا طويلاً وعاشوا قصيراً؟!منظرُ جنائز رهيبٍ..ومشهدٌ مهيب..تقشعرُّ منه الأبدان،وترتَجِفُ له القلوب..فهل نعتبر؟! وسَرْعَان ما يطْغَى على النفوسِ لهوُ الحياةِ فتسهى ثم تنسى،وتذهلُ ثم تغفل..فهل الموتُ نهايةُ الحياة؟!وهل سعيُ العالمين نهايتُه التراب؟!ذلكم هو ظنُّ الذين كفروا(وَقَالُوا مَا هِيَ إِلا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلا يَظُنُّونَ)..
حديثُنا عبادَ الله..عن ركن من أركان الإيمان،وبرهن عليه القرآن،وبلَّغه الرسلُ عنه..ونتحدث عن البعث والنشور موعظةً للقلوب وذكرى للنفوس..فاستحضروا قلوباً خاشعةً لتجدّدوا إيمانكم..فحديثنا اليومِ الآخر..حيث الخروجُ من الأجداثِ والقبور،والوقوفُ بين يدي الكبير المتعال للحسابِ والجزاءِ(فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا مَتَاعُ الْغُرُورِ)وهو رسالة لكل طاغيةٍ جبار ومخالف ويعصي بمجاهرة واستهتار ولاهٍ غافل بالليل والنهار..انتبه فوراءك بعث وحساب،وما من شيء في دعوة الرسل عبر التاريخ استبعدهُ الكفارُ وأنكرْه الملاحدةُ واستهزَأَ به الزنادقةُ أشدُّ من إنكارِهم لليومِ الآخر أتدرون لماذا؟!لأنهم بزعمهم يمارسون ما يشتهون ويفسدون كما يريدون والله من ورائهم محيط(وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ)(وَإِن تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَءذَا كُنَّا تُرَابًا أَءنَّا لَفِى خَلْقٍ جَدِيدٍ)هذا افتراؤهم وهذا عجبهم!!فيتولَّى القرآنُ الردَّ والبرهان،(وَيَقُولُ الأِنْسَانُ أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيّاً أَوَلا يَذْكُرُ الإنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً)(فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيّاً)اللهُ خلقَ آدمَ من عدم،وخَلَق حوَّاء من غيرِ أم،وخلقَ عيسى بكلمةٍ ألقاها إلى مريمَ وروحٌ منه،وقالَ له..كن فيكون..مسكينٌ واللهِ من يتبع الهوى ويعطل العقل فينكر ذلك(بَلْ يُرِيدُ الأِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ)فهل من العقل أن قومًا أحسنُوا وأصلحوا وأنفقوا وجاهدُوا ثم لا ينالون أجرَ ما قدَّموا؟!!((فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى))وهل من ظلم وطغى وتجبر وآذى واضطهدَ وأفسد يبقى في أمنٍ من سوء العاقبة؟!لابد من يومٍ يُجازى فيه المحسنُ والمسيءُ،هذا هو نهجُ العقلِ والإيمانِ،والعلمُ والحكمةُ برهان(أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ*وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ))فالحكمة تقتضي الجزاء على العمل..


ولو أنا إذا مُتنا تُركّنا لكانَ المَوْتُ غايةَ كُلِّ حَيِّ
ولكنا إذا متنا بُعثنا ونُسألُ بعدَه عن كلِّ شي
مساكين!!ينكرون أو يستغربون عجائب يومِ القيامة لمخالفتِه قياسَ عقولهم وإدراكهم ثم يُصدّقون عجائبَ الدنيا وتقنيات العصر التي ما كانوا يتصورونها..وقد قيل للكفار والمنكرين(قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيداً أَوْ خَلْقاً مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً)إن حياةَ مُنكري البعث بؤسٌ وشقاء لا أملَ لهم ولا رجاءَ،لا يرجون عدلاً في الجزاء ولا عِوَضًا عما يلاقونَ في الدنيا من عناء..نظرهم قاصر لمتعهم بالدنيا،فهم في ضيقٍ وبؤس بما نسُوا يومَ الحساب(إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)أما المصدِّقُون بيومِ الدينِ،والذين هم مِنْ عذاب ربهم مشفقون،فيحملهُم إيمانهم باليوم الآخر والتصديقِ بلقاءِ ربِّهم على الصبرِ،والبذلِ والإحسانِ(يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُوراً إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً) يومُ البعثِ أَيُّهَا المسلمون يومٌ مشهود تعدَّدَتْ أسماؤُه لعظيمِ أهوالهِ وأعمالهِ فهوَ يومُ الحشرِ والنشور،ويومُ الفصلِ والقيامة،ويومُ الدينِ والحساب،ويوم ترجفُ الراجفة،تتبعهَا الرادفة،حينَ تحِقُّ الحاَّقةُ،وتقَع الواقعةُ والقارعةُ،وتجيءُ الصاخَّةُ والطامَّةُ،يومُ الآزفةِ إذ القلوبُ لدى الحناجرِ كاظمين، ذلكَ يومُ الخروج،يومَ تُبْلَى السرائرُ،وتتكشَّفُ خبيئاتُ الضمائر(لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ)فكلُّ إنسانٍ حسيبُ نفسِهِ ورقيبُ عملهِ(اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً)تشهدُ عليه صحائفُه،وتحكمُ عليه أعمالُه وتنطقُ عليه جوارحه(حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)يومٌ يجمعُ اللهُ فيه الأولين والآخرين في صعيدٍ واحدٍ أجسامُهم عاريةٌ وأقدامُهم حافيةٌ وقلوبُهم وَجِلَةٌ خائِفَةً مُهطعين إلى الداعِ يقولُ الكافرون..هذا يومٌ عسر قال صلى الله عليه وسلم يقولُ الله..يَا آدَمُ قُمْ فَابْعَثْ بَعْثَ النَّارِ،فَيَقُولُ..لبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ،وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ،وَمَا بَعْثُ النَّارِ؟قَالَ..فَيَقُولُ اللَّهُ..مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَمِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ،قَالَ..فَحِينَئِذٍ يَشِيبُ الْمَوْلُودُ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ قَالَ..الصحابة..وَأَيُّنَا الْوَاحِدُ؟فَقَالَ صلى الله عليه وسلم.."تِسْعَمِائَةً وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ مِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ،وَمِنْكُمْ وَاحِدٌ "قَالَ النَّاسُ..اللَّهُ أَكْبَرُ،فرد عليهم"إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا رُبُعَ أَهْلِ الْجَنَّةِ،وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا نِصْفَ أَهْلِ الْجَنَّةِ"وأنتم يَوْمَئِذٍ كَالشَّعْرَةِ الْبَيْضَاءِ فِي الثَّوْرِ الْأَسْوَدِ))متفق عليه..يارب ارحمنا برحمتك بواسع رحمتك..يومٌ تكونُ فيه السماءُ كالمُهل والجبالُ كالعهن ولا يسألُ حميمٌ حميماً!!بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس إذ ضَحِكَ حتى بدت ثناياه فقال عمر..ما أضحكك يا رسول الله بأبي أنت وأمي؟فقال صلى الله عليه وسلم..رجلان من أمتي جثيا بين يدي ربِّ العزة فقال أحدُهما..ياربِّ خذ لي مظلمتي من أخي فقال الله..أعطِ أخاك مظلمته قال..يارب لم يبقْ من حسناتي شيء؟قال..يارب فليحملْ من أوزاري..ففاضت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبكاء ثم قال.."إن ذلك ليومٌ عظيمٌ يحتاج الناس أن يُحمَلَ عنْهُم أوزارُهم)أخرجه الحاكم وصححه..
يومُ الحسابِ إخوتي كلُّنا نُؤمنُ به غيرَ أنَّنا لانستعدَّ له..غافلون بدنيانا الدنيئةِ وبلذائِذها منغمسون..يومٌ توضعُ فيه الموازينُ لأعمالِ العبادِ من خيرٍ وشرٍ..تدنُو فيه الشمسُ مقدارَ ميلٍ فيُظلُّ الله من يشاءُ بظلِّه يومَ لا ظلَّ إلا ظلُّه..الصراطُ أدقُّ من الشعرة..وأحدُّ من السيف ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم يقول..يا ربِّ سلِّم سلِّم فيكونُ أوَّلَ من يجوزُ عليه ثم أمته وحافَّتُه كلاليبُ تنزِعُ الناسَ فمخدوشٌ ناج ومكردسٌ في النار عياذاً بالله..قال صلى الله عليه وسلم(يحشر الناس يوم القيامة حفاةً عراةً!قالت عائشة يا رسول الله رجالٌ ونساءٌ ينظر بعضهم بعضاً فقال..يا عائشة الأمر أشد من ذلك)متفق عليه..يوم يعطشُ فيه الناس فيرِدُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الحوضَ المورود..يشربون شربة لايظمأون بعدها..يوم الحسنى وزيادة برؤية ربنا الكريم كالقمر ليلة البدر لاتمارون في رؤيته نسأل الله من فضله..والله يا عباَد الله لو أدركَ كلُّ واحدٍ منا أهميةَ البعث والنشور لأعدَّ العدّة ولما طغى وتجبر إن كان فيه إيمان(كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ)لو أدركنا حقيقة اليوم الآخر لما ظلمنا ولا اعتدينا أو تجاوزنا!!

واذكـرْ مناقشـةَ الحسـابِ فـإنـه لابَدَّ يُحصـي مـا جنيـتَ ويَكتُـبُ
لـم ينسَـهُ الملَكـانِ حيـنَ نسيتَـهُ بـل أثبـتـاهُ وأنــتَ لاهٍ تلـعـبُ


فاتقوا الله عباد الله،واتقوا يومًا ترجعون فيه إلى الله،يومئذٍ تعرضون لا تخفى منكم خافية،يوم ينفخُ في الصورِ فتأتون أفواجًا حُفَاةً عُراةً غرلاً،في موقف يُذيبُ هولهُ الأكباد،تذهلُ فيه كلُّ مرضعةٍ عما أرضعت،وتضعُ كل ذاتِ حملٍ حملها،وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد،يجمعُ الله الأولينَ والآخرين في صعيد واحد يُسمعهم الداعي،ويُنفِذُهم البصرَ،يجمعُ الله فيه بين كلِّ عاملٍ وعملَه،وبين كل نبيٍّ وأمَّتهَ،ومظلوم ومظلمتَه(الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ)الأبصارُ شاخصةٌ،في يومٍ كخمسينَ ألفِ سنة،يفرُّ المرء من أخيه،وأمِّه وأبيه،وصاحبته وبنيه،لكلِّ امرئٍ منهم يومئذٍ شأنٌ يغنيه،أهوالٌ شداد،وأحوالٌ عظام.. يوم القيامة تُبدَّل الأرض غير الأرض والسموات،فالسماءُ فُرجت وكُشطت وانشقَّت،وفُتحت فكانت أبوابًا،والشمس كُوِّرَت وخَسَفَ القَمر وجُمِعَ الشمسُ والقمرُ والنجومُ انكَدَرت،وطُمست أما الأرض فسُجِّرت البحار ودُكت الجبال ونُسفَت وسُيَّرت فكانت سرَابًا،وزُلزِلَت الأرضُ زلزالَها،وأَخرجت أثقالها،وألَّقت ما فيها وتخلَّت..قالت عائشةُ رضي الله عنها رسول الله(أينَ يكونُ الناسُ يومَ تُبدّلُ الأرض غيرَ الأرض والسموات؟قال.."على الصراط)وحينئذٍ يحشرُ المتقون إلى الرحمن وفدًا فنعم المُوفِدُ ونعم الوافدون،ويساقُ المجرمون إلى جهنَّم ظمأى عطشى،يتمثَّلُ لهم السرابُ كالماء وما هو إلا الحرُّ والسعير،والنارُ والزفير،عياذًا بالله من غضبه وأليم عقابه..فمتى يستفيقُ الغافل ومتى التوبة وواعظ الموت كل يوم!!ومتى نحاسب أنفسَنا قبل القيامة؟!(أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَات وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ*إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ*فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)ربنا لا تؤاخذنا بذنوبنا وغفلتنا..اللهم اختم لنا بخاتمة الإيمان والصفح والغفران..واسترنا يوم العرض وآمنا يوم البعث النشور أقول ..
الخطبة الثانية .. الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده ..أما بعد
ألا فاتقوا الله رحمكم الله،وأعِّدوا ليومِ العرضِ والحسابِ وقراءةِ الكتاب،وجواز الصراط،وإثقالِ الميزان فالساعةُ آتية لا ريبَ فيها لا تأتيكم إلا بغتة،ولا يُجلِّيها لوقتها إلا الله جل جلاله..وهو عسيرُ على الكافرين وعلى عظم أهواله يسيرٌ على المؤمنين إن العبد سينصلح حاله إذا تذكّر الآخرة والبعث والنشور والجزاء والعقاب فهل يسرّك يا عبد الله أن تأتيك قيامتك وأنت قائم على المعصية..أنت أيها العاق بوالديه ويا من تنشر المعصية أو تشارك بها وبمجاهرتها ويا قاطع الرحم ويا من تأكل حق الغير..تذكَّرْ الموت والبعث والنشور فهو خير واعظ قبل دخول القبور..اللهمَّ فاطرَ السمواتِ والأرضِ عالمَ الغيبِ والشهادة لا إله إلا أنت يا حي يا قيوم خَفِّفْ عنا أهوالَ القيامة وخفف حسابنا وثقل بالخير ميزاننا واجعلنا فيها من السعداء الناجين..وألحقنا ووالدينا وذرياتنا بالصالحين يارب العالمين..اللهم لا تجعلنا من أهل الفضائح والنكبات،وأهل البوار والخسارات برحمتك ربَّ الأرض والسموات..


 0  0  330

Powered by Dimofinf cms Version 4.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Ltd.