• ×

09:02 صباحًا , الثلاثاء 13 ذو القعدة 1445 / 21 مايو 2024

وماقدروا الله حق قدره

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
الحمدُ للهِ خَالِقِ كُلِ شَيءٍ،ورازقِ كُلِّ حَيٍّ،أَحمدهُ وأَشكُرهُ وأَستَغفِرهُ وأَتوبُ إِليهِ،وأَشهدُ أَلا إِلهَ إِلا اللهُ المعبودُ،وأَشهدُ أَن سَيدنا ونَبيَّنا مُحَمِداً عَبدهُ ورسُولهُ صَلى اللهُ وسَلّمَ صاحب الحوضِ المورود وبَاركَ عَليهِ وعَلى آلهِ وصَحبهِ وسَلَّمَ تَسلِّيماً أَما بَعد..عباد الله فاتقوا الله تعالى وتُوبوا إِليهِ ..ومع كلِّ ما يحصل ليس لكَ إلا الأمل لوجه الله..
في هذا الزمان ومع جرأة البعض على محارم الله..ما أحوجنا لوقفاتٍ خَاشعةٍ وتفكّرٍ وتأَملٍ في توحيد الله جل وعلا وتَدبّرٍ في ملكوت الله..فالكَونُ الذي نَعيشهُ،ونتقلَّبُ في نعمِه،للهِ في كُلِّ شيءٍ مِنهُ آيةٌ تدلُّ على وحدانِيتهِ وكَمالِ رُبوبيتِهِ وكَمالِ قُدرتهِ وعَظمَتِهِ،وكَمَالِ حِكْمَتِه ورحمتهِ(يَخلُقُ ما يَشآءُ ويَختَار)،(وما كانَ ليُعجِزَهُ شيءٌ في الأَرضِ ولا في السماء)وكِتَابُ اللهِ العَزيزِ يُقرِرُّ ذلكَ بِكُلِ وضُوحٍ وجَلاءٍ ويدعو لتوحيدِ الله والحديث عن مخلوقاته..والإعجازُ في آياته وفي خلق السماوات والأرض ظاهر لأولي الألباب والله تفضّل على العباد في خلق هذه المخلوقات وتنوّعها لنا..ولن يعجزه شيء لا ظالم ولا طاغية..
عباد الله.تعالوا بنا نُؤمنُ ساعةً..فاالله عليٌ بذاتِه كَاملٌ في صِفاتِه..قديرٌ خَلقَ السَمواتِ والأَرْضَ وما بينهُما في ستةِ أَيامٍ ما ناله تعبٌ ولا لُغوب،إِنَّما أَمرُهُ إذا أَرادَ شَيئاً أَن يَقولَ لهُ كُن فيكون..ذلكم اللهُ لا يعجزه شَيءٌ في السَمواتِ ولا في الأرضِ إنه كان عَليماً قديراً..فتأمَّلوا بَعضاً من صِفاتِه جَلَّ وعَلا ومَخلوقاتِه وتدبَّروا قُدرتَه في خَلقِه لتزدادُوا إيماناً فذلكَ ذِكرى للغافلينَ اللاهين عَلَّهم يَستَيقظِون فَيقْدُّرُونَ اللهَ حَقَ قَدرهِ..وعِلمٌ باللهِ يَقودُ إلى خَشيتهِ ومَحبتِهِ فمن كان به أَعلم كانَ له أخشى(وَمِنْ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ)(وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَك فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)كِتابُ اللهِ جَلَّ وعَلا يَرتادُ آفاقَ السَماءِ ويَجولُ في جنباتِ الأرضِ يَفتحُ البَصر والبصيرة على إتقانٍ ليسَ لهُ مثيلْ ويُريكَ عَظَمةَ اللهِ وقُدرتَهُ في المخلوقاتِ ليسألك الله(أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ)حَديثٌ يَتكرَّرُ في القُرآنِ تُحَرِّكُهُ المشَاعِرُ وتَستَجيبُ لهُ الفِطَرُ المستَقيمةُ ويُنبِهُ الغَافلينَ ليَذَّكَروا(إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَات وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنْ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)لا تَرى في السَمواتِ على عِظَمها خَلَلاً ولا فُطُوراً،رَفعهَا بِغيرِ عَمدٍ وأَمسكَها كي لاتَقعَ على الأرض(أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ* وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ)نجومٌ وكَواكِبُ سَيَّارة في نظِامٍ بديعٍ وملايين السنين الضوئية،وتوازنٌ أَذْهَلَ كُلَّ من عَرَفهُ واطلَّع عليهِ مِنْ علماء وبشر مُسلِمٍ وكَافِر..وأقسمَ اللهُ بِمواقِعِها(فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ)في السَماءِ مَلائِكةٌ لا يُحصِيهمُ إلا الله فَما مِنْ مَوضعِ أَربَعِ أَصَابعٍ إِلا وفيهِ مَلكٌ قَائِمٌ للهِ تعالى راكعٌ أو سَاجدٌ يَطوفُ مِنهُمُ كُلَّ يَومٍ بالبيتِ المعمورِ في السَماءِ سَبعونَ أَلفاً لا يَعودُونَ إِليهِ إِلى يومِ القيامةِ كما في الحديث الصحيح وفي الأَرضِ أَنواعُ دوابٍّ لا يُحصيهِا إِلا اللهُ تَعالى وهي تُسَبِحُ لله(وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ)ومِنْ قُوتِه وعَظَمتهِ سُبحانَهُ أَن الأَرضَ وما فِيهَا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه..خطب صلى الله عليه وسلم فقال..(يَقبضُ اللهَ الأرضَ ويَطويّ السَماءَ بِيمينهِ ثم يقولُ أَنا الملكُ فأَينَ مُلوكُ الأرض ثم قرأ عليه الصلاة والسلام على المنبر..(وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ)فذكر تَمجيدَ الرّب لِنفسِهِ وأَنهُ يَقولُ.. أَنا الجَبارُ أَنا المتكبرُّ أَنا الملكُ أَنا العزيزُ الكَريمُ فيقول ابن عمر فَجَعلَ المنبرَ يَرجُفُ بِرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَعظِيماً للربِ حتى أَني لأَقولُ أَسَاقِطٌ بِرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم)أخرجه البخاري مِنبرٌ يرجف وهو جماد مِنْ عَظَمَةِ اللهِ وكَثيرٌ مِنْ النَاسِ عَن هَذهِ الآيَاتِ مُعرِضُون بل أَكثَرَهُم غافلون وللمنكرات يمارسون..
أيها المؤمنون..السماءُ مِنْ بِالكَواكِب زَينَهَا..والجِبَالُ مَنْ نَصَبَهَا..والأَرضُ مَنْ سَطَحَهَا وذَلَلَّها وقال..(فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا)من خَلقكَ يا بن آدم..من صورك وشق سمعك وبصرك ؟!..من سَواكَ فَعدلك؟!من أَطعمكَ ورَزَقكَ مَن آواكَ و نَصرك ؟!إنه الله..إنه الله..الذي أَحسنَ كُلَّ شَيءٍ خَلقه..لا إِله إلا هو(صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ)
للهِ فــــي الآفاقِ آيــــاتٌ لَعَلَّ
أَقلَّـها هــو مـــا إليه هداكـا
والكونُ مشحونُ بأَســرارٍ إذا حَاولـتَ تفســـــيراً لها أَعياكــا

قُل للطبيـبِ تَخطفتهُ يـد الـــردى من يا طبيبُ بطبــــِّـــه أرداكـا

قُل للصحيحِ يـَموتُ لا من عِلـــــةٍ
مَـن بالـمنايا يا صَحيحُ دهاكـــــا

قُل للجَنينِ َيعيشُ مَــعزولاً بـــــلا
رَاع ٍ ومَـرعَى مــا الذي ير عـاكــا

واسأل بطون النحل كيف تقاطرت شهداً وقل للشهد من حلاكا
ستجيب ما في الكون من آياته عجبٌ عُجابٌ لو ترى عيناكا
يا أيها الإنسان مهلاً ما الذي بالله جلَّ جلاله أغراكا
واللهُ في كلِّ العجائبِ ماثلٌ إن لم تكن تراه فهو يراكا
آياتٌ عَظِيمةٌ وضعها اللهُ لخلقهِ دَلالاتْ..وآياتٌ بيناتٌ في الأَنفُسِ والأَراضينَ والسموات(لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ )فالقرآنُ معجزٌ في كلامه عجيبٌ في ألفاظه أَعجَزَ العَربَ بِلُغَاتِه وأَنزلَ فِيهِ أَحكَامَهُ،يسمعه عربيٌّ جاهل لأول وهلةٍ فيُؤمن ويدخلُ في الإسلام..وما يَزالُ النَاسُ في عَجَبٍ مِنْ آياتَه،لأنه كلامُ اللهِ،لا ينفد ولو كَانت الشَجَرُ في الأرض كُلِّهُا أَقلامٌ(وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)آياتٌ بيناتٌ بَالِغةٌ دَالةٌ عَلى عَظَمَةِ اللهِ سُبحَانه وتَعَالى وعَلى أَحقِيَتِه بالعبَادَةِ لا شَريك له ،فَما مِنْ دَقَيقٍ ولا جَليلٍ ولا خَفيٍ ولاجَلِّيٍّ في الأرضَ ولا في السماءِ إلا وقد أَحاطَ اللهُ بِهِ عِلماً(وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ)كَيفَ سَخَّرَ اللهُ الشَمسَ والقَمرَ دَائِبينِ لمصَالِحِ النَاسِ بانتِظَامٍ بَديعٍ وسَيرٍ سَريعٍ لا يَخرُجَانِ عَن فَلَكَيهِمَا قَدرَ أَنمُلة،لا يَرتَفعانِ ولا يَنخَفِضَان حتى يأذن الله بِخَرابِ العالم..قال صلى الله عليه وسلم لأبي ذرٍّ حِينَ غَربت الشَمسُ..أَتدري أَن تَذهب؟قال..اللهُ ورسولهُ أَعلم فقال له..فِإنَها تَذهبُ حتى تَسجُد تَحتَ العَرشِ فَتَستَأَذِنُ فَيُؤُذَنُ لها،و يُوشِكُ أَن تَسُجدَ فلا يُقبَلُ مِنهَا،وتَستَأَذِنُ فَلا يُؤذَنُ لها يُقَالُ لها..ارجعي من حيثُ جِئتِ فَتَطلُع مِنْ مَغرِبِها..فذلك قوله تعالى(وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ)متفق عليه..اختلافُ الليلِ والنَهارِ طُولاً وقَصراً وبَرداً وحَراً..يُعزُّ اللهُ ويَهدي فيها مَنْ يَشاءُ..ويُذِلُ ويضلُّ مَنْ يَشاءُ(هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ)..
خَلقُ الإنسانِ..ذكَرهُ الله بالقُرآنُ قَبلَ اكتِشَافِه مِن نُطَفَةٍ ثُمَ عَلقَة ثم مضغة فَيكسو العظامَ لحمَاً حتى يصبح جنيناً في بطنِ أُمهِ فَتَبَاركَ اللهُ أَحسُنُ الخَالقين..يَتَأَثَرُ الجنينُ بِصِحَتِهَا ومَرَضِهَا(وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمْ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)هدانا الله لصنع فلكٍ تسيرُ في البحر(وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِي فِي الْبَحْرِ كَالأَعْلامِ*إِنْ يَشَأْ يُسْكِنْ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ)والبَحرُ بما فِيهِ من مخلوقات عجيبة وحياةٍ عظيمة في أعماقه(وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً وَحِجْراً مَحْجُوراً)ينُزل الله المطرَ عَلى أَرضٍ قَاحِلةٍ فَتصبحُ مُخضُرةً رَابيةً بِزهورٍ يانعةٍ. إِن الذي أَحياها لمحَي الموتَى وهو عَلى كُلِّ شَيءٍ قَدير..تأَمَّلْ كَيفَ يُحركُ اللهِ الريحَ فتكون رَخَاءً وبُشرىً بينَ يَديّ رَحمتهِ ولواقحَ وذاريات أو يحرِّكها فَيَجعَلُهُا عَذاباً قَاصِفاً في البَحرِ وعَقيماً صرصراً في البر(هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلْ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ)أين أولئك الذين يعظمون بشراً في القبور من دون الله؟!يحلفون بهؤلاء ويتقربون إليه من ميت وحي يطلبون منهم الصحة والولد..وويلٌ للقاسية قلوبهم عن ذكر الله فهم يجاهرون بمعصيته ويتطاولون فأين هم من الله سبحانه وتعالى الذي أرسل رسلَه وأوجد آياتِه؟!فمن آياته سَحَابٌ مسخَّرٌ بين السماءِ والأَرضِ ويُرسِلُ الصَواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَن يَشاءُ من عِبادِهِ يُنشِئُهُ اللهُ إذا أَرادَ ويُفَرِقُهُ في وقتٍ قَصير(وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنْ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)أَودعَ اللهُ في الأَرضِ كُنوزاً عَظِيمَةً سَخَرهَا لبني آدمَ(وفي الأَرضِ آياتُ للموقِنين)(وفي الأَرضِ قِطَعٌ مُتَجَاورِاتٌ)ذَهَبٌ وفِضَةٌ وحَدِيدٍ ونِفطٍ ونُحاس وألماس..زُرُوعٌ تنبت تُسقَى بِماءٍ واحدٍ وفي أَرضٍ واحدةٍ فَتَختَلِفُ أَلوانُها وأَشكَالهُا وطُعُومُها ومَنَافِعُهَا ونُفَضِلُ بَعضَهَا على بَعضٍ في الأُكل فَتَبَاركَ اللهُ أَحسنُ الخَالِقين ..
هذهِ الدوابُّ صَغيرُهَا وكَبيرُهَا فِيهِا القَويُ والضَعِيفُ والضَارُ والنافِعُ مَخلُوقَاتٌ مِن جِنسٍ واحدٍ وهي مُتَباينَةٌ لكن خَالِقْهَا واحدٌ سُبحَانه(وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) وعلى صِغَرِ تلك الدواب وتنوعها فاللهُ يرى عُروقَ النَملَةِ السَودَاءَ على الصَخرةِ الصماءِ في الليلةِ الظَلمَاءِ،لا تُدِرِكُهُ الأَبصارُ وهو يُدرِكُ الأَبصَارَ وهو اللطيفُ الخبير..فكَم للهِ مِنْ آيةٍ مِمَا يُبصرهُ العِبادُ ومالا يبصرونه وتفنى الأَعَمَارُ دونَ الإِحاطةِ بِجَميعِ تَفَاصِيلها آمن بِها الحيوانُ والشجرُ والماءُ والصخرُ فالجبل خاشعٌ مُتَصَدِعٌ مِنْ خَشيةِ اللهِ وكُلُّ شَيءٍ يُسبِحُ بِحمد الله،وكُلُّ الكونِ بِكائِنَاتِهِ يُوحِد ويَنقَادُ لله(ذَلِكُمْ اللَّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ)فَكَيفَ إِذن يُجَادِلُ الإنسانُ في اللهِ –عياذاً بالله-وهو شَدِيدُ المحال؟!وكيف يأتي مجاهر بمنكراته ليفسد البلاد والعباد يظنُّ الله غافلاً عنه وأية عقول لمن يُلحد ويُنكر وجود الله ويتعامى عن آياته تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً كيفَ يَبقى الإنسانُ في هذا الكونِ وهو ظلوم مبين؟! (أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ)تَعجبُ لكثيرٍ مِمن تعمى أَبصَارُهم عن الحقِ فَيُكَذِبُونَ الرِسَالةَ ويكابرونَ ليَكُونُوا حَرباً على تَعالِيمِ الإسلامِ ودُعَاتِه..عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال أَقبَلنا مَعَ رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حتى دفَعنا إلى حَائِطِ بني النجارِ فإذا جَمَلٌ هَائِجٌ لا يَدخُلُ الحَائِطَ أَحدٌ إِلا شَدّ عَليهِ فَذكروا ذَلكَ للنّبيَ صلى الله عليه وسلم فأَتَاهُ فدعاهُ فجاءَ الجملُ واضعِاً مِشفرهُ على الأَرضِ حتى بَركَ بَين يديه صلى الله عليه وسلم فقال لهم..هَاتوا خُطَاماً فَخَطَمَهُ ثم دَفعهُ إلى صَاحِبهِ ثُمَّ التَفَت فقال..(إنهُ ليسَ شَيءٌ بَينَ السَماءِ والأَرضِ إِلا ويَعلَمُ أَني رسولُ اللهِ إِلا عَاصِي الجِنِ و الإنس)رواه البخاري..فَسُبحَانَ من هدى الكَائِنَاتِ للإِيمانِ يومَ ضَلَّ بَعضُ بني الإِنسان..الكونُ بِكَائِنَاتِهِ يُسبحِ اللهَ ويُمَجِدهُ فَسبَحَانَ اللهِ وبِحَمدهِ عَددَ خَلقِهِ ورضى نفسهِ وزِنةِ عَرشهِ ومِدَادَ كَلِمَاتِهِ..(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ)قال صلى الله عليه وسلم..(ما تستقل الشمس فيبقى شيء من خلق الله إلا سبح الله بحمده إلا ما كان من الشياطين و أغبياء بني آدم)رواه الطبراني.
يا مُدركَ الأَبصَارِ والأَبصارُ لا
تدري لهُ ولكنْهُ إدراكا

إن لم تكن عــيني تراك فإنني في كل شيء أستبين علاكا
تدبَّروا آيَ الكِتابِ الحكِيمِ واقرأوا القرآن وتدبروا خلق الله لتعرفوا نعمةَ الله وتوحيده ومحبته جلَّ وعلا وتعظيمه لتزدادوا إيماناً وتستيقظوا من رقدة الغفلة..اللَّهم اجعَلَنَا مِنْ المعتَبرينَ بآياتك..الواصِلينَ بِها إِلى مَرضَاتِكَ..المؤمنين بك الموحدين لك وغير المشركين بك يارب العالمين..وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه..
الخطبة الثانية..الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده..وبعد..
عباد الله..إن قوة الإيمان بالله في الإنسان سببٌ لصحّة دينه وعبادته وسلامة قلبه ونيته وحسن خلقه وسعادته..والإيمان إذا وقر في القلب تابعته الجوارح في العمل وفعل الأمر واجتنب النهي وبالشعور بأن الله يراقبه فيخشاه في السرٍّ والعلن..قوة الإيمان كما أنها تتحقق بالتأمل في خلق الله وصنعه وتدبيره فهي تأتي أيضاً بالإيمان به وبملائكته ورسله وكتبه وتؤمن بالغيب واليوم الآخر وتؤمن بأن الله هو مقدر الأكوان بما فيها من خيرٍ وشر..إننا نحتاج للإيمان أحبتي مع غفلتنا وتقصيرنا في هذه الدنيا..فأنت الرقيب على نفسك وأسرتك في تقوية إيمانهم وحفظ دينهم وقيمهم بالتربية والقدوة والدعاء اللهم اجعلنا مؤمنين بك متوكلين عليك قائمين بشرعك ملتزمين بنهيك فلا حول ولا قوة لنا إلا بك أنت وحدك المستعان وعليك التكلان يا أرحم الراحمين..اللههم احفظ شباب المسلمين



 0  0  920

Powered by Dimofinf cms Version 4.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Ltd.