• ×

06:11 مساءً , الجمعة 9 ذو القعدة 1445 / 17 مايو 2024

مروءة ووقار وحشمة وقرار

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
الحمد لله دلنا على التوحيد والخير والرفعة ونهانا عن الشرك والتفريط والغفلة وأشهد ألا إله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله أرشدنا للمروءة والوقار والحشمة صلى الله عليه وعلى آله وصحبه تسليماً أما بعد فاتقوا الله عباد الله واعلموا أنَّ هَذَا الدِّينَ مَتِينٌ عَظِيمٌ،يَجِدُ فِيهِ كُلُّ ذِي خُلُقٍ نَبِيلٍ بُغْيَتَهُ،يَرْوِي غَلِيلَهُ،وَيَشْفِي عَلِيلَهُ،والاهتمامُ به وتطبيقُ توجيهاتِه مصلحةٌ للدنيا وفوز بالآخرة..
الإسلامُ دينُ خلقٍ وسلوكٍ ومُعاملةٍ وأعظم مقاصِدِ بِعثته صلى الله عليه وآله وسلم أن يُتمِّمَ مكارِمَ الأخلاق وصالِحَ الآداب،ليُنشِئَ نماذجَ أخلاقيَّةً راقِيَة،ويَسُنَّ مُثلاً وآدابَ سامِيَة تَكفَلُ حياةً كريمةً وسعادةً عظيمةً،وعزَّةً للفرد والأمة..الأخلاقُ الراقِيَةُ كثيرةٌ مُتشعِّبةٌ،وهي تجتمِعُ في أصولٍ عظيمةٍ،كالمروءةِ والوقارِ دلَّ عليها الإسلامُ،وَطبقها خَيْرُ الْأَنَامِ صلى الله عليه وسلم،وهي رمزٌ للعقل وذوي الأفهامَ فالمروءةُ حين يبتعدُ الإنسانُ عن فعل ما يعيبه به الناس وأما الوقارُ فبالتزامِ العقلِ والحكمةِ في التصرفات..وكذلك أمرَ الإسلامُ النساءَ بالحشمةِ في كل فعل وتجنب السفورِ والتبرجِ في الملبسِ والمظهرِ والتصرفاتِ وأمر الله النساء أيضاً بالقرار بالبيوت والتقليل من الخروج لغير حاجة دفعاً للفتنة ولأنه أسلَمُ للمرأةِ قرارها في بيتها..
وضِدُّ الْوَقَاحَةِ وَالْقَبَاحَةِ الحياء والحشمة،مما عَدَّه صلى الله عليه وسلم مِنَ الْإِيمَانِ،لِأَنَّه يَمْنَعُ صَاحِبَهُ عَنِ الْمَعَاصِي،وَيَحْجِزُهُ عَنْهَا وهو(ولَا يَأْتِي إِلَّا بِخَيْر)وَمَنْ تَحَلَّى بِالْحَيَاءِ والمروءة والوقار والحشمةِ وبالمنزل قرار وَضَعَ حَاجِزًا صُلْبًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْفُجُورِ،وَارْتِكَابِ الْمَحَارِمِ،والترفعِ عن الدنايا وسفاسِفِ الأمور فالمتصفُ بالمروءةِ والوقار يزدان عند الناس ويرتقي ولو كان قليل المال والمنصب وكذلك المرأةُ المحتشمةُ ترتفعُ بأعينِ الجميعِ رُقيّاً واحْتِراماً..وهي فطرةٌ للإنسان السويِّ وأصلُ كُلِّ خيرٍ وفلاح وترك ذلك سببُ ذمٍّ وخسارة..
إنِّي لتُطرِبُني الخِلالُ كريمةً *** طرَبَ الغريبِ بأَوبَةٍ وتَلاقِي
وتهُزُّنِي ذِكرَى المُروءة والنَّدَى *** بين الشمائِلِ هزَّةَ المُشتاقِ
أيها الإخوة..المتطلّعُ اليومَ لكثيرٍ من المجتمعات مع تسارع وسائل اتصال وتواصل واستمراءِ كثيرٍ من الأمور السيئة غياباً عظيماً لجانبِ مُروءةِ الإنسان وفقداً لما يُسمى بالتصرُّفِ المُعيب فيفعلونه ولا يستترون بل يصوّرونه وينشرونه مُهملين وقارَهم وكذلك النساءُ أصبحَ بعضُهنَّ لا يُبالي بالحشمةِ والتزامِ الحياء الذي يمنعها من فعل ما لا يليق في لُبْسِها وكلَامها وتصرفاتِها نازعةً للحياء وبتنا نرى من يُجاهرنَ بذلك ولا يُبالين بإظهاره في الشوارع والقنوات..وعند السفر وفي المقاهي والمحلات ومع الأقرباء والصديقات ولبس ما لا يَليقُ ذكره في الزواجات في جرأةٍ كُلٌّ يَستَغْرِبُها ومسارعةٌ نحو الانحلال في اللبس والتصرفات الجميعُ يستنكرها مما لا يليقُ بمسلمةٍ عاقلة..أما قرار المرأة في بيتها فأصبح مُستغرباً بل يَعِيبهُ البعضُ مع الأسف فيصفُونَ المرأةَ في بيتِها تُربِّي أولادها قعيدةً عاطلةً لأنه لا وظيفة لديها مع أن ذلك أمرُ الله لها وهي تؤجر عليه ويَعدِلُ فعلَ الجهادِ والعمرةِ للرجال(وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى)إلا إن خرجت لحاجة.. أما الأمرُ المؤلم فغيابُ دورِ الوالدين الكامل عن التوجيه والرعاية والاهتمام بأولادهم وعدم إلزامهم بخلقٍ مروءةٍ ووقار وحشمةٍ وحياءٍ واستقرار بالمنزل..هذا الغيابُ لدور الوالدين مؤشرٌ خطير باتت تشكو منه الجهات الرقابية والأمنية بوقوع حوادثَ وجرائمَ مع تَصرُّفاتٍ تُخالفُ الدينَ والقيمَ وتُؤثّرُ على أمنِ المجتمعِ كُلِّه..وهذا الغيابُ وضعفُ الرقابةِ أولُ سببٌ لها بعد ضعف وازع الدين والخلق أما الأخطرُ من ذلك حين ترى وَالديْن فقدوا الغيرةَ وضَعُفَ الدينُ في نفوسهم فلا يُبالون بتصرفاتِ أولادهم وأخلاقهم ولباسهم وأشكالهم ترى الوالديْن يرافقونَهم في سفر أو تسوّق والبناتُ مُتبرجاتٍ.. وأبناؤه يُسيئون التصرفات أو يحضرُ معَهم حفلات..وأماكنَ مختلطةً سيئةً ولا حولَ ولا قوة إلا بالله(رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ)
أخي..لباسُك ومظهرُك وفعلك وتصرفك وألفاظك وتعاملك يدل على شخصيتِك وجديتها ودينِها ومروءتِها ومحافظتك على الذوق العام أليسَ عيباً؟ألبسةٌ ومظاهرُ لشبابٍ لا تمتُّ لمجتمعاتهم ولا قيمهم بصلة..يُسيئون لدينِهم وأوطانِهم؟!تقليدٌ للشواذ؟!قَصَّاتُ شعورٍ غريبةٍ وتصرُّفاتٍ مُريبةٍ وجنونُ سياراتٍ ومُخالفةُ أنظمةِ واستهتارٌ بالذوق وألفاظٌ لا تليقُ وإيذاءٌ للمارة ومعاكسات وإفسادٌ للبيئة ورميٌّ للنفايات..وغيرُ ذلك من تصرفات هداهم الله ثم أنت يا بنتي المسلمة أين الحشمةُ في تصرفاتِك والقرارُ في بيتك عن كثرة خروج غير مفيدة؟!وليتَكِ إذا خَرَجْتي تهتميّ بالآداب العامة..بعضُ البنات تتصرَّفُ بالأسواقِ والمَقاهي ومع البائعين وكأنها في بيتها وليست في مكان عام أين أنتن يا بنات ممن(جَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ)يُثني اللهُ عَلى َتِلْكَ الْمَرْأَةِ الطَّاهِرَةِ الْعَفِيفَةِ لأنها كَانَتْ فِيْ حَيَاءٍ عَظِيمٍ، فَهِيَ سَتُخَاطِبُ رَجُلًا غَرِيبًا عَلَيْهَا،فَأَتَتْ مِنْ غَيْرِ تَبَذُّلٍ، وَلَا تَبَرُّجٍ، وَلَا سُفُورٍ، وَكَمَا قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي وَصْفِهَا..(فَأَقْبَلَتْ إِلَيْهِ لَيْسَتْ بِسَلْفَعٍ مِنَ النِّسَاءِ، لَا خَرَّاجَةٌ وَلَا وَلَّاجَةٌ، وَاضِعَةً ثَوْبَهَا عَلَى وَجْهِهَا)أَيْ لَيْسَتْ سَلِيطَةً، وَلَا جَرِيئَةً فِي خِطَابِهَا الرِّجَالَ..
ألا ينظْرنَ البنات لحَيَاءِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تقول(وَكُنْتُ أَدْخُلُ بَيْتِي، الَّذِي دُفِنَ فِيهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي، فَأَضَعُ ثَوْبِي أقول..إِنَّمَا هُوَ زَوْجِي وَأَبِي، فَلَمَّا دُفِنَ عُمَرُ مَعَهُمَا،فَوَاللَّهِ مَا دَخَلْتُ إِلَّا وَأَنَا مَشْدُودَةٌ عَلَيَّ ثِيَابِي،حَيَاءً مِنْ عُمَرَ)رَوَاهُ أَحَمْدُ وَغَيْرُهُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ،حياءٌ وحشمة مِنْ رَجُلٍ مَيِّتٍ مَدْفُونٍ فِي الْأَرْضِ،جُبِلَتْ عَلَيْه،بتربيةٍ صالحة نَشَأَتْ عَلَيْهَا وجَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ عُتْبَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تُبَايِعُه صلى الله عليه وسلم ومع نساء فَأَخَذَ عَلَيْهَن أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَزْنِينَ،فَوَضَعَتْ يَدَهَا عَلَى رَأْسِهَا حَيَاءً،من كلمة يَزْنِينَ فتعْجَّبَ صلى الله عليه وسلم من حيائها،فَقَالَتْ لها عَائِشَةُ.. أَقِرِّي أَيَّتُهَا الْمَرْأَةُ فَوَاللَّهِ مَا بَايَعْنَا إِلَّا عَلَى هَذَا،قَالَتْ..نَعَمْ إِذًا فَبَايَعَهَا بِالْآيَةِ)رَوَاهُ أَحَمْدُ وَغَيْرُهُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ،كانت مذهولةً مُستغربةً مستحية من ذكْر الزنا وهي حديثة عهد بإسلام!!تقول عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا(يَرْحَمُ اللَّهُ النِسَاءَ الْأُوَلَ لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ شَقَّقْنَ مُرُوطَهُنَّ فَاخْتَمَرْنَ بِهَا)رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.وَمِنْ حِرْصِ الْإِسْلَامِ عَلَى عِفَّةِ الْمَرْأَةِ وحشمتها وَمُحَافَظَتِهِ عَلَى سَلَامَةِ الْمُجْتَمَعِ أَنَّهُ قَالَ صلى الله عليه وسلم لِلْنِسَاء اسْتَأْخِرْنَ،فَإِنَّه لَيْسَ لَكُنَّ أَنْ تَحْقُقْنَ الطَّرِيقَ،عَلَيكُنَّ بِحَافَّاتِ الطَّرِيقِ فَكَانَتِ الْمَرْأَةُ تَلْتَصِقُ بِالْجِدَارِ حَتَّى إِنَّ ثَوْبَهَا لَيَتَعَلَّقُ بِالْجِدَارِ مِنْ لُصُوقِهَا بِهِ) أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَحَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيُّ..حيَاءٌ وَحِشْمَةٌ وَاحْتِيَاطٌ وَالْتِزَامٌ بِأَمْرِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ.
عِبَادَ اللَّهِ، إِنَّ الْأَصْلَ فِي أَهْلِ الْإِسْلَامِ المروءة والوقار وَالْحِشْمَةُ،والحياء للرجال وَلَكِنَّهُ بِحَقِّ الْمَرْأَةِ أَكْثَرُ، لِأَنَّ السِّتْرَ سِمَةٌ مِنْ سِمَاتِهَا، وَصِفَةٌ مِنْ صِفَاتِهَا النَّبِيلَةِ،أعوذ بالله من الشيطان الرجيم(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ) أقول ما تسمعون..
الخطبة الثانية ..الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده..وبعد..
المروءة إخوتي سببٌ لتصديق الحديث والحشمةُ للمرأة صفةُ جمال بل الإسلامُ حثَّ كما في الحديث على التسامح مع أهلِ المروءة وإقالتهم عن عثراتهم لمروءتهم..وأصحابُ المروءةِ والوقارِ والحشمةِ مُلتزمون بدينهم يحترمونَ أنفسَهم وغيرَهم بتعاملهم وأخلاقهم ومظاهرهم وأشكالهم والقرآنُ يشتملُ على آيات مُحكماتٍ تَحُثُّ على ذلك فيقولُ الله(خُذْ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ)ومن صفات عباد الرحمن أنهم (يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمْ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً)مُعرضين عن اللغو والكذب لايشركون بالله ملتزمين الصراطَ المستقيمَ لا يُخلفونَ عُرفاً ولا نِظاماً كرماءُ من غير إسراف عُقلاءُ من غيرِ بُخلٍ يلتزمون الوسطيةَ من غير غلوٍّ ولا إفراطَ ولا تفريط..وليست المروءةُ والوقار إخوتي ليس أن يكونَ الإنسانُ جاداً عابساً في حياته وشؤونه دوماً ويترك التبسط والممازحةَ مع أهله وصحبه بل ويستمتع بالحياة وبما أعطاه الهر من إسراف ولا مَخْيلةٍ ولا مما يُفسد سمعته وكذلك الحشمةُ للزوجة ليست بالتقصيرِ في حقِّ زوجِها وعدم قيامها بما يُصلح شأنها معه مما يُزينها في عينه ويُلبيِّ حاجتهما الطبيعية فهذا فهم خاطئ بل حسن تبعلها لزوجها من حسن إيمانها وخدمتها وقرارها قي بيتها خير لها فبعض الأزواج اليوم خاصة الشباب باتوا يشكون من كثرة خروج زوجاتهم حتى ولو كانت لأهلها بل يُعدُّ مؤخراً أحد أسباب الطلاق إذاً إخوتي أفضل الأمور الوسط والعقل والمروءة والعدل فالزموا(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)استغلوا شهركم هذا شعبان بالصيام كما وردة أفضيلته في الحديث النبوي وكذلك لمن عليه قضاء من رمضان الماضي يبادر بالصيام خاصةً النساء أوصوهن بذلك..نسأل الهن أن يتقبل منا ومنكم ويبلغنا شهر الصيام والقيام..






 0  0  558

Powered by Dimofinf cms Version 4.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Ltd.