• ×

08:48 مساءً , الخميس 23 شوال 1445 / 2 مايو 2024

تعال لتجرب

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
الحمد لله أباح الطيبات وحرم الخبائث والمُضرِّات وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،رب الأرض والسموات وأشهد أن محمدا عبده ورسوله هدانا إلى الخيرات صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليما..أما بعد فاتقوا الله عباد الله ..

آفتان عظيمتان أصبحتا قلقاً وهمّاً ووجعاً وأَلماً وشرَّاً وخوفاً..تهاون بهما الكثيرون..رغمَ عظم التحذيرات وكثرة التنبيهات..إنهما التدخين والمخدرات تبدأ كلاهما بقولهم تعال لتُجرّبْ وتعال لتستمتع فتُدخنُ وتشمُّ وتستنشق.. فكانت النتيجة الحتمية مرضٌ وفساد وضياع وإدمان.. وللأسرةِ خراب..وللمال والوقت ضياع..نسأل الله أن يحمينا جميعاً من الآفات ويُعافي من ابتُلي بها من إخوةٍ وأخوات ..نعم..حتى النساءُ المصُونات مع الأسف ابتلوا بالتدخين والمخدرات وبلادنا بالذات مستهدفة مما يُعظمُ المشكلة..والإحصاءاتُ في العالم عن المخدرات مُذهلة فالمتعاطون مليار إنسان وتجارتها 8 % من تجارات العالم وأعمالها..أما في المملكة فالإحصاءاتُ تشير لآلاف الأطنان من مخدرات وملايين الحبوب المُخدِّرة لتأثيراتها المتنوعة أُمسك بها كانت متجهةً لعقول وبطون أولادنا علماً أن ما قُبض عليه يُمثّلُ ثلث ما يدخل للبلاد فكيف إذن بما بقيَ ودخل ولا حول ولا قوة إلا بالله!!أما التدخين فهو آفة أخرى يتساهل بها البعض وتنتشر وتشهد عودةً عبر السجائر ومحلّاتها والشيشة ومقاهيها!!فعدد 7 ملايين مدخن رقم مذهل يجعل السعودية نسبةً لسكانها تحتلُّ الرابع عالمياً والعدد بازدياد ويستهلك التدخين لدينا 15 مليار ريال سنوياً 40% منهم رجال و10% نساء والمعضلة 15% مراهقون منهم 10% طلاب مدارس ما بين 13 إلى 15 سنة وكذلك الطالبات تقريباً وغير ذلك من إحصاءات مهولة لهاتين الآفتين بازدياد !!

إذاً إخوتي..كل ذلك لنحذر ونتحدث ونخطُب ونؤسس لجمعيات ونضعُ المعارض التوعوية..؟!لاسيما ونحن مقبلون بفترة امتحانات وإجازات وسفر وهي دواعي يستغلُّها المرّوجون للوقوع في هذه الآفات كما توضح ذلك دوماً إدارة مكافحة المخدرات..

أيها الإخوة فضّل الله الإنسان على الحيوان بعقله لفهم شريعته وتطبيقها برشده..ووجَّه المسلمَ للمحافظةِ على وعيه،وشددَّ على صيانةِ العقلِ وحمايتهِ مِمّا يُخِلُّ بِه..فهو مناط التكليف ومعرفةُ الخطأ من الصواب،ليسَهُلَ عليهِ القيامُ بما كُلِّفَ بِه،أما إذا أَهمَلَهُ وضَّيعه واسَتَعمَلَهُ فيما لا يَنفعُهُ فانحرافَهُ عن جادةِ الصوابِ قريبٌ،ووقوعُهُ في مزالقِ الرذيلةِ وشيكْ..فالعبثُ بالعَقلِ وإفسادُهُ جريمةٌ تُوصِلُ لأَفظَعِ الجرائِم!!

شَبابٌ يسهرونَ اللياليّ الطِوالَ و شبابٌ يتقاتلونَ فيما بينهم..شبابٌ يموتونَ في دوراتِ المياهِ وغُرفِ الفنادقِ..ويعتدون بالضرب على آبائهم وأمهاتهم وزوجاتهم وأخواتهم وشَبابٌ يُثقِلونَ كَواهِلَ أُسَرِهِم خاصةً بالامتحانات..استغلالٌ للبنين والبنات.. وغيرِ ذلكَ من قضايا ما كنا نتوقّعُها كل ذلك من إرهاب المخدرات ينبغي أن لا نتهاون بها فهي مُسوّقةٌ للفساد والإجرام وتجلبُ المال الحرام..الشيطان وأتباعه حريصون على تسويقها ونشرها لهدم كيان الأمم،وشَلِّ حَرَكَتِها، وإفسادِ شَبَابِها،ونَخرِ أجسَامِهم وعُقولِهم،وتدميرالمجتمعات دينيَّاً وأخلاقيّاً وأمناً واقتصاداً، فكم مزَّقت المخدراتُ والمسكرات من صِلاتٍ وعلاقاتٍ،وفرّقت من أُخُوَّةٍ وصداقاتٍ،وشتَّتتَ أُسرًا وجماعاتٍ، وأَشعلت أَحقَادًا وعداواتٍ(إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ؟)لقد ضَجّت البيوت بالشكوى منها ودوائرُ الأمن من ضررها واصطلى بنارِها من تَعَاطَاهَا، وأحالت حياتَه ومن مَعَه جحيمًا لا يُطاق، فوالدٌ يَشكي وأمٌّ تبكي وزوجةٌ حيرى وأَولادُ تائهونَ في ضيعةٍ كبرى، ومن عوفي فليحمدِ الله..تفسد العقل وتَجِلبُ الوساوسَ والهمومَ وأمراضًا عقليّةً وعضويّة ليسَ لها شفاءٌ، وتُردي صاحبَها أَسوَأ المهالك للحصول عليها،تفكّكتِ الأسَرُ من أَثرها،وتفشّتِ الجرائِمُ بَسبَبِها،ومع غَلائِها فمُروِّجُها أفَقِرُ الناسِ وأتعَسُهِم حَالاً، وأسوأهم خاتمة..أمّا مُتعاطِيها فلا تَزالُ تَستَنزِفُ مَالَهُ..فيضيقُ بالنفقةِ الواجبةِ على عياله،وتُصبحُ أُسرتُه على الناس عَالةً، وربّما باعَ أهلَه وعِرضَه مقابلَ جُرعَةِ مخدّرٍ..فهل من قلوبٍ تَعي أو عقولٍ تُفكّر..فَقدٌ للدينِ والخلق وضياعٌ للإيمانِ والمال، قال صلى الله عليه وسلم..(ولا يشربُ الخَمرَ حينَ يَشربُها وهو مؤمن)متفق عليه

أخي الشاب..قد تبدأُ المخدرات والمسكرات بالتدخين أوبإغراءِ تجربةِ مُخدّرٍ جديد أو مرافقة سفر مع رفقةِ سوءٍ تنتهي بك لإدمانها وعدم التخلُّصِ منها!! واسألوا من وقع بها كيف أدّت به لهاوية إدمان المخدرات أو التدخين.وأسبابُ انتشارها وتَعاطَيها ضعفُ الوازعِ الديني والتوجيهِ الإسلامي الصحيح وتوفُّرُ المادةِ والترف والفراغ مما يُؤدّيّ بصاحبهِ لكُلِّ شرٍ..مع غيابِ برامجَ مناسبة للشباب توجّههم وتشغلُ أوقاتهم!!انتشرت المخدرات لعدمِ وعي كثيرين بِها وضعفِ توعيةِ الناسِ عنها وقنواتٌ تعِرضُها بأساليبَ مغريةٍ في الأفلامِ والمسَلسَلاتِ كسبب للمتعة والسعادة في غَفلَةٍ من عينِ الرقيبِ والأب والأسرة.. فمجتمعُنا بالسعودية كمجتمع مُحافظ مُستهدف فقد أثبتت الإحصاءات هنا أن (70%)من متعاطي المخدرات هم أقل من٢٥سنة ومستشفيات الأمل عددها (20) تقريباً ب 2000سرير تستقبلُ يومياً(300) مدمن للعلاج من ضمنهم نساء!!بتكلفةِ أربعة مليارات ريال سنوياً

والسبب لوقوع كثير من الشباب بالمخدرات أو التدخين رفقةٌ سَارَ معهم فأوصلوهُ لها بدعوى التجربة!! يكلّمونك عن أبٍ أَطعمهُم وسَقاهُم وكسَاهُم وأَسكنهُم،لكنهُ غَفَلَ عَنهُم ولم يَسأَل عن حَالِهم،تَمضي الأيامُ وهو لا يراهم،بل يُسمحُ لهُم بسفرٍ يبيعُون فيه دينَهُم وصحّتهم وأخلاقَهُم بِلذاتِهم، وهم بعيدون عن اللهِ بغَفَلتِهم وإِعراضِهم عن دينهِم كَتَركِ الصلواتِ وعبادات تحفظه بإذن الله من الموبقات!!

أما التدخين فهو آفةٌ أخرى أكثرُ انتشاراً ويتهاون بها البعض!! مع أن ضررَها أكبرُ لأنه لايُكافحُ مثل المخدرات ويُباع بالمحلّات ورغم غلائه الآن يتساهلون به وضرره كبير صحيّاً ومادياً على صاحبه وأسرته وانظروا للإحصاءات فالتدخين يقتل أربعة ملايين شخص سنوياً كثاني سبب للموت بالعالم وهناك ضررٌ على من يُجالسه ولو لم يُدخّن خاصةً الأطفال وبالحديث((لا ضرر ولا ضرار)) ولا علاج له إلا عزيمةُ صاحبِه الصادقة ليحفظَ صحتَه ويحميَ أسرتَه فأمراض التدخين أصبحت واضحة للعيان لا يتغافل عنها إلا من يُلقي بنفسه للتهلكة ..وكذلك معه الشيشة أوما يُسمى بالمُعَسِّل وإدمانُها الذي ملأ الاستراحات شباباً وبناتاً وأصبح تابعاً للاحتفال والسعادة كما يزعمون!! واسمعوا الإحصاءات؟!مُدخّني المُعسّل 43% علماً أن شيشةً واحدة أكرمكم الله تعادلُ 15 سيجارة..الدخان الجانبي يحتوي على اثنان و سبعون ملجرام من أول أكسيد الكربون السام،وعادمُ السيارات الذي نكرهه به خمسة و أربعون ملجرام، ومبيد الحشرات به 55 ملجرام من هذا الغاز السام. وهذا يدلنا على أن ضرر الشيشة أشد من ضرر عادم السيارات والمبيدات الحشرية ومع ذلك فهو منتشر بتهاون بين الرجال والنساء ولاحول ولاقوة إلا بالله رغم أضرارٍ اجتماعيةٍ وماديةٍ أخرى وهنا يأتي دور الإعلام ووسائل التواصل فهي تبرز بطرحها دعايةً للتدخين مذهلةً وللتسويق مشوّقة فزادت آفة التدخين والشيشة عبر برامجها مما ينبغي الحذر عنه والتحذير منه.

أيها العقلاء،في الوقت الذي يتناقص عدد المدخنين في الدول المتقدمة وهي دول تنتجُ التبغَ كأمريكا وأوروبا وهم يُضيّقون بشدة على التدخين في الأماكن العامة ويمنع في المطاعم والمقاهي لأنهم عرفوا ضررها إلا إن معدلات استهلاك السجائر في الدول النامية في ارتفاع مستمر.. أما دراسات خطورة التدخين بالمملكة فتبين أن عدد الوفيات والتي التدخينُ من بين مسبِّباتها تقدر بنحو 25 ألف فرد في السنة، أي.. بمتوسط ٧٠ فردا يوميا أي ضعف حوادث السيارات ثلاث مرات و35% من سكان المملكة مدخنون كما أن آفة التدخين سبب للوقوع بالمخدرات..إنها إحصاءات مهولة تزداد سابقة ولاحقة تدعو للتأمل والتوقّف عن هذه الظاهرة والبحث عن كل سبب للعلاج والتأهيل والتوقّف عن ممارساتها فقد يختلف البعض في حرمة التدخين شرعاً لكنهم لا يختلفون في ضرره للصحة وإضراره بالمال وهذا الأمر نص الشرع على حرمته فيقول صلى الله عليه وسلم((لا ضرر ولا ضرار))،((من آذى مسلمًا فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله)).وكذلك نهى الإسلام عن إيذاء الغير حتى بريحة بصل وثومٍ ولايقرب المسجد مع وجوب صلاة الجماعة على الرجال لئلا يتأذّوا من رائحته حتى تزول مع أنها مباح فما بالكم بالدخان والجراك وغيرها؟!

عباد الله..لا بد من تكامل الأدوار في مكافحة المخدرات والتدخين من جميع المؤسسات الحكومية والأهلية، لحمايتنا من هذا الوباء الذي يدمّر أعزَّ ما نملك من شبابنا..ولذلك فنحن نحتاج لأحكام رادعة وأنظمة صارمة لمكافحة هاتين الآفتين فهما كالإرهاب أو أشد وعلى الإعلام والتعليم مسؤولية عظمى في مكافحتهما بعد ترويج الإعلام لها وإبراز نجومها على أنهم مدخّنون أو مدمنون مما أوقع بعض الشباب في وحل هذه البلية..

أيها الأحبة..ويا من ابتلي إن العلاج سهلٌ لمن وفقه الله لذلك والدولة عبر مستشفياتها للإدمان وعاداتها لمكافحة التدخين تفتح أبوابها لمن يريد العلاج والوقاية منطلقاً من رادعه الديني والنفسي وفهمه الصحيح وعزيمته الجادة وإشغال نفسه بالنافع المفيد والبعد عن صحبة سيئة تقوده للضرر والمرض ثم الاستعانة أولاً وأخيراً بالله جل جلاله للحماية والوقاية والشفاء هناك جمعيات للنقاء والأمان تدعوكم لزيارتها وتبذل لكم برامجها وتجتهد لأجلكم فاحرصوا على التعاون معها..اللهم احمنا واحم ذرياتنا وكل من نحب من كل آفة وبليّة واعتصمنا من الشرور والفتن ما ظهر منها وما بطن يا أرحم الراحمين ..أقول قولي هذا ....

الخطبة الثانية ..

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده وبعد..

عباد الله..هذه الآفة التي علمنا حجم ضررها علينا وهي تحيط بالمجتمع لا يمكن مقاومتها إلا بالتكاتف والتناصح والدعم الرسمي والجهد الاجتماعي ولذلك نشأت لدينا بحمد الله جمعية أمان لمكافحة التدخين والمخدرات لها جهود عظيمة في مكافحة هاتين الآفتين وجدير بنا دعمهما لتقويتهما فما سمعناه من إحصاءات عن أضرار ما يحصل على شبابنا ونسائنا ولديها طموحات عظيمة بإنشاء مراكز للعلاج من الإدمان والتوعية عن الأضرار ويضاف لجهودها جهد عظيم لإخواننا الأبطال في إدارة مكافحة المخدرات الذين يقومون بجهودٍ عظيمة أمنيةٍ وتوعويةٍ لمكافحة آفة المخدرات التي علمنا حجم انتشارها وآثار أضرارها على شبابنا نسأل الله أن يوفق الجميع ...



 0  0  723

Powered by Dimofinf cms Version 4.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Ltd.